علي بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي الحنبلي الظفري أبي الوفاء

ابن عقيل علي

تاريخ الولادة431 هـ
تاريخ الوفاة513 هـ
العمر82 سنة
أماكن الإقامة
  • بغداد - العراق

نبذة

الإِمَامُ العَلاَّمَةُ البَحْرُ، شَيْخُ الحنَابلَة، أَبُو الوَفَاء عَلِيُّ بنُ عَقِيْل بن مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيّ، الظَّفَرِيّ، الحَنْبَلِيّ، المُتَكَلِّم، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، كَانَ يَسكن الظَّفَرِيَة، وَمَسجِدُه بِهَا مشهور. وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ. وَسَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ بنَ بِشْرَان، وَأَبَا الفَتْح بن شيطَا، وَأَبَا مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيّ، وَالحَسَنَ بنَ غَالِبٍ المُقْرِئ، وَالقَاضِي أَبَا يَعْلَى بنَ الفَرَّاءِ، وَتَفَقَّهَ عَلَيْهِ. وَتَلاَ بِالعَشرِ عَلَى: أَبِي الفَتْحِ بن شِيطَا. وَأَخَذَ العَرَبِيَّة عَنْ: أَبِي القَاسِمِ بنِ بَرْهَان. وَأَخَذَ عِلْمَ العَقْلِيَّات عَنْ شَيْخَي الاعتزَال: أبي علي بن الوليد، وأبي القاسم بن التَّبَّانِ صَاحِبَي أَبِي الحُسَيْنِ البَصْرِيِّ، فَانْحَرَفَ عَنِ السنة.

الترجمة

الإِمَامُ العَلاَّمَةُ البَحْرُ، شَيْخُ الحنَابلَة، أَبُو الوَفَاء عَلِيُّ بنُ عَقِيْل بن مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيّ، الظَّفَرِيّ، الحَنْبَلِيّ، المُتَكَلِّم، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، كَانَ يَسكن الظَّفَرِيَة، وَمَسجِدُه بِهَا مشهور.
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ بنَ بِشْرَان، وَأَبَا الفَتْح بن شيطَا، وَأَبَا مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيّ، وَالحَسَنَ بنَ غَالِبٍ المُقْرِئ، وَالقَاضِي أَبَا يَعْلَى بنَ الفَرَّاءِ، وَتَفَقَّهَ عَلَيْهِ. وَتَلاَ بِالعَشرِ عَلَى: أَبِي الفَتْحِ بن شِيطَا. وَأَخَذَ العَرَبِيَّة عَنْ: أَبِي القَاسِمِ بنِ بَرْهَان. وَأَخَذَ عِلْمَ العَقْلِيَّات عَنْ شَيْخَي الاعتزَال: أبي علي بن الوليد، وأبي القاسم بن التَّبَّانِ صَاحِبَي أَبِي الحُسَيْنِ البَصْرِيِّ، فَانْحَرَفَ عَنِ السنة.
وَكَانَ يَتوَقَّدُ ذكَاءً، وَكَانَ بحرَ معَارِفَ، وَكنزَ فَضَائِل، لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي زَمَانِهِ نَظير عَلَى بدعته، وَعَلَّق كِتَاب "الفُنُوْنِ"، وَهُوَ أَزْيَدُ مِنْ أَرْبَع مائَة مُجلَّد، حشد فِيْهِ كُلَّ مَا كَانَ يَجرِي لَهُ مَعَ الفُضَلاَء وَالتَّلاَمذَة، وَمَا يَسْنَحُ لَهُ مِنَ الدَّقَائِق وَالغَوَامِضِ، وَمَا يسمعه من العجائب والحوادث.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَفْصٍ المغَازلِي، وَأَبُو المُعَمَّر الأَنْصَارِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ السِّنْجِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ السَّمْعَانِيّ، وَأَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ خطيبُ المَوْصِل، وَابْنُ نَاصر، وَآخَرُوْنَ.
أَنبؤونَا عَنْ حَمَّادٍ الحَرَّانِيّ، سَمِعَ السِّلَفِيّ يَقُوْلُ: مَا رَأَتْ عَيْنِي مِثْلَ أَبِي الوَفَاء بن عَقِيْل الفَقِيْه، مَا كَانَ أَحَدٌ يَقدِرُ أَنْ يَتَكَلَّم مَعَهُ لِغزَارَة عِلْمه، وَحُسن إِيرَاده، وَبَلاغَةِ كَلاَمِه، وَقُوَّة حجَّته، تَكَلَّمَ يَوْماً مَعَ شيخنَا إِلْكِيَا أَبِي الحَسَنِ، فَقَالَ لَهُ إِلكيَا: هَذَا لَيْسَ مَذْهَبك. فَقَالَ: أَكُوْنُ مِثْل أَبِي عَلِيٍّ الجُبَّائِي، وَفُلاَن وَفُلاَن لاَ أَعْلَمُ شَيْئاً؟! أَنَا لِي اجْتِهَاد مَتَى مَا طَالبنِي خصمٌ بِالحُجَّة، كَانَ عِنْدِي مَا أَدفع بِهِ عَنْ نَفْسِي وَأَقومُ لَهُ بِحجتِي. فَقَالَ إِلكيَا: كَذَاكَ الظَّنُّ بِكَ.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيْلٍ: عصمنِي اللهُ فِي شبَابِي بِأَنْوَاعٍ مِنَ العِصْمَة، وَقَصَرَ مَحَبَّتِي عَلَى العِلْم، وَمَا خَالطتُ لَعَّاباً قَطُّ، وَلاَ عَاشرتُ إِلاَّ أَمثَالِي مِنْ طَلبَةِ العِلْم، وَأَنَا فِي عَشْرِ الثَّمَانِيْنَ أَجِدُ مِنَ الحِرْصِ عَلَى العِلْم أَشدّ مِمَّا كُنْتُ أَجده وَأَنَا ابْنُ عِشْرِيْنَ، وَبلغتُ لاِثْنَتَيْ عشرة سنة، وأنا اليوم لاَ أَرَى نَقصاً فِي الخَاطر وَالفِكرِ وَالحِفْظ، وَحدَّةِ النَّظَر بِالعين لرُؤْيَة الأَهلَةِ الخفِيَة إلَّا أَنَّ القوَّة ضَعِيْفَة.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: كَانَ ابْنُ عَقِيْلٍ ديناً، حَافِظاً لِلْحُدُوْدِ، تُوُفِّيَ لَهُ ابْنَانِ، فَظَهَرَ مِنْهُ مِنَ الصَّبْر مَا يُتَعَجَّب مِنْهُ، وَكَانَ كَرِيْماً يُنفِق مَا يَجد، وَمَا خلَّف سِوَى كتبِه وَثِيَابِ بدنه، وَكَانَتْ بِمِقْدَار، توفي بكرة الجمعة ثاني عشر جُمَادَى الأُوْلَى, سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائة، وكان الجمع يفوت الإحصاء، قال ابن نَاصر شَيْخُنَا: حزرتُهُم بِثَلاَثِ مائَةِ أَلْف.
قَالَ المُبَارَكُ بنُ كَامِلٍ: صُلِّي عَلَى شَيخنَا بِجَامِع القَصْر، فَأَمَّهُم ابْنُ شَافع، وَكَانَ الجمعُ مَا لا يحصى، وحمل على جَامِع المَنْصُوْر، فَصُلِّي عَلَيْهِ، وَجَرَتْ فتنةٌ، وَتَجَارَحُوا، وَنَال الشَّيْخُ تَقطيع كفن، وَدُفِنَ قَرِيْباً مِنَ الإِمَام أَحْمَد.
وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ أَيْضاً فِيْهِ: هُوَ فَرِيْدُ فَنِّه، وَإِمَامُ عصره، كَانَ حَسَنَ الصُوْرَة، ظَاهِرَ المَحَاسِن. قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى القَاضِي أَبِي يَعْلَى مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَإِلَى أَنْ تُوُفِّيَ، وَحظيتُ مِنْ قُربه بِمَا لَمْ يَحظ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مَعَ حدَاثَة سِنِّي، وَكَانَ أَبُو الحَسَنِ الشِّيرَازِي إِمَامَ الدُّنْيَا وَزَاهِدَهَا، وَفَارِسَ المنَاظرَة وَواحدَهَا، يعلمنِي المنَاظرَة، وَانتفعتُ بِمُصَنّفَاته ... , ثُمَّ سَمَّى جَمَاعَة مِنْ شُيُوْخِهِ.
ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ أَصْحَابُنَا الحنَابلَة يُرِيْدُوْنَ مِنِّي هِجرَان جَمَاعَةٍ مِنَ العُلَمَاءِ، وَكَانَ ذَلِكَ يَحرِمنِي عِلْماً نَافِعاً.
قُلْتُ: كَانُوا يَنهونه عَنْ مُجَالَسَةِ المُعْتَزِلَة، وَيَأْبَى حَتَّى وَقَعَ فِي حَبَائِلهِم، وَتَجسَّر عَلَى تَأْويلِ النُّصُوص، نَسْأَلُ اللهَ السَّلاَمَةَ.
قَالَ: وَأَقْبَلَ عَليَّ الشَّيْخُ أَبُو مَنْصُوْرٍ بنُ يُوْسُفَ، وَقَدَّمنِي عَلَى الفتَاوِي، وَأَجلَسَنِي فِي حَلْقَةِ البَرَامِكَةِ بِجَامِعِ المَنْصُوْر لَمَّا مَاتَ شَيخُنَا فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وأربع مائة، وقام بكل مؤنتي وتجملي.
وَأَمَّا أَهْلُ بَيْتِي، فَإِنَّهُم أَربَابُ أَقلاَم وَكِتَابَة وَأَدب، وَعَانَيْتُ مِنَ الفَقْر وَالنسخ بِالأُجرَة مَعَ عِفَّةٍ وَتُقَى، وَلَمْ أُزَاحم فَقِيْهاً فِي حَلْقَة، وَلاَ تَطلب نَفْسِي رُتْبَةً مِنْ رتب أَهْل العِلْمِ القَاطعَة عَنِ الفَائِدَة، وَأُوْذِيت مِنْ أَصْحَابِي، حَتَّى طُلب الدَّمُ، وَأُوْذِيت فِي دَوْلَةِ النِّظَام بِالطلب وَالحَبْس.
وَفِي "تَارِيخ ابْن الأَثِيْرِ" قَالَ: كَانَ قَدِ اشْتَغَل بِمَذْهَب المُعْتَزِلَةِ فِي حَدَاثَتِهِ عَلَى ابْنِ الوَلِيْدِ، فَأَرَادَ الحَنَابِلَةُ قَتْلَه، فَاسْتجَارَ بِبَابِ المَرَاتِب عِدَّة سِنِيْنَ، ثُمَّ أَظهر التَّوبَة.

وَقَالَ ابْنُ عَقِيْلٍ فِي "الفُنُوْنِ": الأَصْلحُ لاعتقَاد العوَامِّ ظوَاهر الْآي، لأَنَّهُم يَأْنسُوْنَ بِالإِثْبَات، فَمتَى مَحَونَا ذَلِكَ مِنْ قلوبهِم، زَالت الحِشْمَة.
قَالَ: فَتهَافُتهُم فِي التَّشبيه أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ إِغرَاقِهِم فِي التَّنْزِيه، لأَنَّ التَّشبيه يَغْمِسُهُم فِي الإِثْبَات، فَيخَافُوْنَ وَيَرجُوْنَ، وَالتَّنْزِيه يَرمِي بِهِم إِلَى النَّفْي، فَلاَ طَمَعَ وَلاَ مَخَافَة فِي النَّفْي، وَمنْ تدبَّر الشَّرِيعَة، رَآهَا غَامسَة لِلمُكلفين فِي التَّشبيه بِالأَلْفَاظ الظَّاهِرَة الَّتِي لاَ يُعطِي ظَاهِرهَا سِوَاهُ، كقول الأعرابي: أويضحك رَبُّنَا? قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نِعْمَ"1، فَلَمْ يَكفهِرَّ لِقَوْلِهِ، تَركه وَمَا وَقَعَ له.
قُلْتُ: قَدْ صَارَ الظَّاهِرُ اليَوْم ظَاهِرَيْنِ: أَحَدُهُمَا حق، والثاني باطل، فالحق أبو يَقُوْلَ: إِنَّهُ سمِيْع بَصِيْر، مُرِيْدٌ متكلّم، حَيٌّ عَلِيْم، كُلّ شَيْء هَالك إلَّا وَجهَهُ، خلق آدَمَ بِيَدِهِ، وَكلَّم مُوْسَى تَكليماً، وَاتَّخَذَ إِبْرَاهِيْمَ خَلِيْلاً، وَأَمثَال ذَلِكَ، فَنُمِرُّه عَلَى مَا جَاءَ، وَنَفهَمُ مِنْهُ دلاَلَةَ الخِطَابِ كَمَا يَليق بِهِ تَعَالَى، وَلاَ نَقُوْلُ: لَهُ تَأْويلٌ يُخَالِفُ ذَلِكَ.
وَالظَّاهِرُ الآخر وَهُوَ البَاطِل، وَالضَّلاَل: أَنْ تَعتَقِدَ قيَاس الغَائِب عَلَى الشَّاهد، وَتُمَثِّلَ البَارِئ بِخلقه، تَعَالَى الله عَنْ ذَلِكَ، بَلْ صفَاتُهُ كَذَاته، فَلاَ عِدْلَ لَهُ، وَلاَ ضِدَّ لَهُ، وَلاَ نظير له، ولا مثيل لَهُ، وَلاَ شبيهَ لَهُ، وَلَيْسَ كَمثله شَيْء، لاَ فِي ذَاته، وَلاَ فِي صفَاته، وَهَذَا أمرٌ يَسْتَوِي فِيْهِ الفَقِيْهُ وَالعَامِيُّ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
قَالَ السِّلَفِيّ: سَمِعْتُ ابْنَ عَقِيْل يَقُوْلُ: كَانَ جَدِّي كَاتِبَ بهَاءِ الدَّوْلَة بن بُويه، وَهُوَ الَّذِي كتب نُسخَة عزل الطَّائِع، وَتوليَة القَادِر، وَهِيَ عِنْدِي بِخَطِّ جَدِّي.
وَقَالَ أَبُو المُظَفَّرِ سِبْطُ ابْن الجَوْزِيّ: حَكَى ابْنُ عَقِيْل عَنْ نفسه قال: حججت، فالتقطت عقد لؤلؤ فيه خيط أَحْمَرَ، فَإِذَا شَيْخٌ أَعْمَى يَنشُدُه، وَيبذُلُ لِمُلْتَقِطِهِ مائَة دِيْنَارٍ، فَرددتُهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: خُذِ الدَّنَانِيْر، فَامتنعتُ. وَخَرَجتُ إِلَى الشَّامِ، وَزُرْتُ القُدْس، وَقصدتُ بَغْدَادَ، فَأَويتُ بِحَلَبَ إِلَى مَسْجِد وَأَنَا بردَانُ جَائِع، فَقَدَّمُوْنِي، فَصَلَّيْتُ بِهِم، فَأَطعمُوْنِي، وَكَانَ أَوَّلَ رَمَضَان، فَقَالُوا: إِمَامُنَا تُوُفِّيَ, فَصَلِّ بِنَا هَذَا الشَّهْرَ، فَفَعَلتُ، فَقَالُوا: لإِمَامِنَا بنتٌ، فَزُوِّجْتُ بِهَا، فَأَقَمْتُ مَعَهَا سَنَة، وَأَوْلَدْتُهَا وَلداً ذكراً، فَمَرِضَتْ فِي نَفَاسهَا، فَتَأَمَّلتُهَا يَوْماً فَإِذَا فِي عُنُقِهَا العقدُ بِعَيْنِهِ بِخَيطِهِ الأَحْمَر، فَقُلْتُ لَهَا: لِهَذَا قِصَّة، وَحكيتُ لَهَا، فَبكت، وَقَالَتْ: أَنْتَ هُوَ وَاللهِ، لَقَدْ كَانَ أَبِي يَبْكِي، وَيَقُوْلُ: اللَّهُمَّ ارزُقْ بِنْتِي مِثْل الَّذِي رَدَّ العقدَ عَلِيَّ، وَقَدِ اسْتَجَاب اللهُ مِنْهُ، ثُمَّ مَاتَتْ، فَأَخَذتُ العِقدَ وَالمِيْرَاثَ، وَعُدْتُ إِلَى بَغْدَادَ.
وَحَكَى عَنْ نَفْسِهِ، قَالَ: كَانَ عِنْدَنَا بِالظَّفَرِيَة دارٌ، كلَمَّا سكنهَا ناسٌ أَصْبَحُوا مَوْتَى، فَجَاءَ مرَّة رجلٌ مُقْرِئ، فَاكترَاهَا، وَارتضَى بِهَا، فَبَاتَ بِهَا وَأَصْبَح سَالِماً، فَعجبَ الجيرَانُ، وَأَقَامَ مُدَّةً، ثُمَّ انْتقل، فَسُئِلَ، فَقَالَ: لَمَّا بِتُّ بِهَا، صَلَّيْتُ العشَاء، وَقَرَأْتُ شَيْئاً، وَإِذَا شَابّ قَدْ صَعِدَ مِنَ البِئْر، فَسَلَّمَ عليَّ، فَبُهِتُّ، فَقَالَ: لاَ بَأْسَ عَلَيْك، عَلِّمنِي شَيْئاً مِنَ القُرْآن، فَشرعتُ أُعَلِّمُه، ثُمَّ قُلْتُ: هَذِهِ الدَّار، كَيْفَ حَدِيْثُهَا? قَالَ: نَحْنُ جِنٌّ مُسْلِمُوْنَ، نَقرَأُ وَنُصلِي، وَهَذِهِ الدَّار مَا يَكترِيهَا إلَّا الفُسَّاقُ، فَيَجْتَمِعُوْنَ عَلَى الخَمْر، فَنخنقهُم، قُلْتُ: فَفِي اللَّيْلِ أَخَافُك، فَجِئ نَهَاراً، قَالَ: نَعَمْ، فَكَانَ يَصْعَدُ مِنَ البِئْر فِي النَّهَار، وَأَلِفْتُه، فَبَيْنَمَا هُوَ يَقرَأُ، إِذَا بِمعزم فِي الدَّرب يَقُوْلُ: المُرقِي مِنَ الدَّبِيْب، وَمِنَ العَينِ، وَمِنَ الجِنِّ، فَقَالَ: أيشٍ هَذَا? قُلْتُ: مُعَزِّم، قَالَ: اطلبْه، فَقُمْتُ وَأَدَخَلتُهُ، فَإِذَا بِالجنِّي قَدْ صَارَ ثُعبَاناً فِي السَّقف، فَعزَّمَ الرَّجُل، فَمَا زَالَ الثُّعبَانُ يَتدلَى حَتَّى سقط فِي وَسط المَنْدَل، فَقَامَ لِيَأْخذه وَيَضعَه فِي الزِّنْبِيل، فَمنعتُهُ، فَقَالَ: أَتَمنَعُنِي مِنْ صيدي?! فَأَعْطيتُهُ دِيْنَاراً وَرَاح، فَانْتفض الثُّعبَان، وَخَرَجَ الجِنِّي، وَقَدْ ضَعُفَ وَاصْفَرَّ وَذَاب، فَقُلْتُ: مَا لَكَ? قَالَ: قتلنِي هَذَا بِهَذِهِ الأَسَامِي، وَمَا أَظننِي أُفْلِحُ، فاجعل بالك الليلة، متى سمعت من البِئْر صُرَاخاً، فَانْهَزِمْ. قَالَ: فَسَمِعْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ النّعِيَّ، فَانْهَزَمتُ. قَالَ ابْنُ عَقِيْلٍ: وَامْتَنَعَ أَحَدٌ أن يسكن تلك الدار بعدها.
أخبرنا إسماعيل بنُ طَارِقٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو البَقَاءِ يَعيش، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَقِيْلٍ الفَقِيْه، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا هَوْذَةُ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي الحَسَنِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، إِذْ أَتَاهُ رجلٌ، فَقَالَ: إِنَّمَا معيشتِي مِنَ التَّصَاوير، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُوْلُ: "مَنْ صَوَّرَ صُوْرَةً, عَذَّبَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يَنْفُخَ فِيْهَا، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فيها أبدًا"
سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي.

 

 

علي بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي الظفري، أبو الوفاء، يعرف بابن عقيل:
عالم العراق وشيخ الحنابلة ببغداد في وقته. كان قويّ الحجة، اشتغل بمذهب المعتزلة في حداثته. وكان يعظم الحلاج، فأراد الحنابلة قتله، فاستجار بباب المراتب عدة سنين. ثم أظهر التوبة حتى تمكن من الظهور
له تصانيف أعظمها " كتاب الفنون " بقيت منه أجزاء، وهو في أربعمئة جزء، قال الذهبي في تاريخه: كتاب الفنون لم يصنف في الأصول - خ " و " الفرق - خ " و " الفصول " في فقه الحنابلة، عشرة مجلدات، منها الثالث مخطوط، و " الرد على الأشاعرة وإثبات الحرف و " الصوت في كلام الكبير المتعال - خ " و " كفاية المفتي - خ " في شستربتي (5369) و " الجدل على طريقة الفقهاء - ط " في مجلة معهخد الدراسات الشرقية بدمشق، كما في المكتبة  .

-الاعلام للزركلي-

عَليّ بن عقيل بن مُحَمَّد بن عقيل الْبَغْدَادِيّ المقرىء الْفَقِيه الأصولي الْوَاعِظ الْمُتَكَلّم أَوحد الْمُجْتَهدين
قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات على أبي الْفَتْح ابْن شيطا وَالْأَدب والنحو على ابْن برهَان والزهد على الدينَوَرِي وآداب التصوف على أبي مَنْصُور الْعَطَّار والوعظ على أبي طَاهِر بن الْعَلَاء وَالْأُصُول على أبي الْوَلِيد وَالْفِقْه على القَاضِي أبي يعلى وَكَانَ مملوءا عقلا وزهدا وورعا
قَالَ لم أخل بمجالسته وخلوته الَّتِي تتسع لحضوري وَالْمَشْي مَعَه مَاشِيا وَفِي ركابه إِلَى أَن توفّي أبي القَاضِي أبي يعلى وحظيت من قربه بِمَا لم يحظ بِهِ أحد من أَصْحَابه مَعَ حداثه سنى وَالشَّيْخ أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ إِمَام الدُّنْيَا وزاهدها وَفَارِس المناظرة وواحدها كَانَ يعلمني المناظرة وانتفعت بمصنفاته وَأبي نصر ابْن الصّباغ وَأبي عبد الله الدَّامغَانِي حضرت مجَالِس درسه وَنَظره وقاضي الْقُضَاة الشَّامي انتفعت بِهِ غَايَة النَّفْع وَأبي الْفضل الهمذاني وأكبرهم سنا وَأَكْثَرهم فضلا أبي الطّيب الطَّبَرِيّ حظيت بِرُؤْيَتِهِ ومشيت فِي ركابه وَمن مشايخي أبي مُحَمَّد التَّمِيمِي كَانَ حَسَنَة الْعَالم وَمَا شطة بَغْدَاد وَأبي بكر الْخَطِيب كَانَ حَافظ وقته وَوَقع لَهُ قضايا مِنْهَا ترداده إِلَى أبي الْوَلِيد وَأبي الْبَيَان شَيْخي الْمُعْتَزلَة وَكَانَ يعظمهم ويترحم على الحلاج ثمَّ بعد ذَلِك أظهر التَّوْبَة وَكتب خطه وَأَن الحلاج قتل بِإِجْمَاع عُلَمَاء عصره وَأَصَأبيا فِي ذَلِك وَأَخْطَأ هُوَ مَعَ ذَلِك فَإِنِّي أسْتَغْفر الله تَعَالَى وَأَتُوب إِلَيْهِ من مُخَالطَة الْمُعْتَزلَة والمبتدعة
أفتى دروس وناظر الفحول وَكَانَ لَهُ الخاطر العاطر والبحث عَن الفوامص والدقائق
وَجعل كِتَابه الْفُنُون مناطا لخواطره وَتكلم بِلِسَان الْوَعْظ مُدَّة ثمَّ تَركه وَاقْتصر على التدريس وقارب الثَّمَانِينَ وَمَا رأى

نقصا فِي الخاطر والفكر وَالْحِفْظ وحدة النّظر وَقُوَّة الْبَصَر وَذكر فِي فنونه قَالَ حنبلي يَعْنِي نَفسه أَنا أقصر بغاية أَوْقَات آكِلِي حَتَّى أخْتَار سف الكعك وتحسية المَاء على الْخبز لأجل مَا بَينهمَا من تفَاوت المضغ توفرا على مطالعة أَو تسطير فَائِدَة لم أدْركهَا وَلما ورد الْغَزالِيّ إِلَى بَغْدَاد ودرس بالنظامية حَضَره ابْن عقيل وَأبي الْخطاب وَجمع وَكَانَ ابْن عقيل كثير المناظرة لألكيا الهراسي وَكَانَ ينشده
(ارْفُقْ بعبدك إِن فِيهِ فهاهة ... جبلية وَلَك الْعرَاق وماؤها) قَالَ السلفى مَا رَأَتْ عَيْنَايَ مثل الشَّيْخ أبي الوفا ابْن عقيل

مَا كَانَ أحد يقدر أَن يتَكَلَّم مَعَه لغزارة علمه وَحسن إِيرَاده وبلاغة كَلَامه وَقُوَّة حجَّته وَلَقَد تكلم يَوْمًا مَعَ شَيخنَا أبي الْحسن إِلْكيَا الهراسي فِي مَسْأَلَة فَقَالَ شَيخنَا لَيْسَ هَذَا مذهبك
فَقَالَ لَهُ أَنا لي اجْتِهَاد مَتى مَا طالبني خصمي بِحجَّة كَانَ عِنْدِي مَا أدفَع بِهِ عَن نَفسِي وأقوم لَهُ بحجتي
فَقَالَ شَيخنَا كَذَلِك الظَّن بك وَله مصنفات كَثِيرَة فِي عُلُوم شَتَّى
توفى بكرَة نَهَار الْجُمُعَة ثَانِي عشر جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث عشرَة وَخَمْسمِائة وَصلى عَلَيْهِ بِجَامِع الْقصر والمنصور وَكَانَ الْجمع يفوت الإحصاء قَالَ ابْن نَاصِر حزرتهم بثلاثمائة ألف وَدفن فِي دكة قبر الإِمَام أَحْمد وقبره ظَاهر

وَأما وَلَده عقيل فَكَانَ فِي غَايَة الْحسن وَكَانَ شَابًّا فهما ذَا حَظّ حسن سمع من هبة الله بن عبد الرَّزَّاق وَعلي بن الْحُسَيْن ابْن أَيُّوب وتفقه على أَبِيه وناظر فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع وَكَانَ فَقِيها فَاضلا يفهم الْمعَانِي جيدا وَيَقُول الشّعْر توفّي يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي عشر ربيع الآخر سنة ثَلَاث عشرَة وَخَمْسمِائة وَكَانَ وَفَاته قبل أَبِيه بِشَهْر وَاحِد وَعمر إِذْ ذَاك سبع وَعِشْرُونَ سنة

وَأَخُوهُ أبي مَنْصُور هبة الله حفظ الْقُرْآن وتفقه وَظهر مِنْهُ أَشْيَاء تدل على عقل غزير وَدين عَظِيم ثمَّ مرض حِين دنا أَجله وَأنْفق عَلَيْهِ وَالِده مَالا عَظِيما قَالَ الشَّيْخ أبي الوفا قَالَ لي ابْني لما تقَارب أَجله يَا سَيِّدي قد أنفقت وبالغت فِي الْأَدْوِيَة والطب والأدعية وَللَّه تَعَالَى فِي اخْتِيَار فَدَعْنِي مَعَ اخْتِيَاره قَالَ فوَاللَّه مَا أنطق الله تَعَالَى وَلَدي بِهَذِهِ التيى تشاكل قَول إِسْحَاق لإِبْرَاهِيم (إفعل مَا تُؤمر) إِلَّا وَقد اخْتَارَهُ تَعَالَى للخطوة توفّي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة وصبر وَالِده عَلَيْهِ صبرا عَظِيما

المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد - إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن مفلح، أبي إسحاق، برهان الدين.

علي بن عقيل بنِ محمدِ، أبو الوفاء.
أحد الأعلام وشيخ الإسلام، ولد سنة 431، حفظ القرآن، وسمع الحديث، وتعلم الفرائض والأصول، وبرع في العلوم كلها. ذكره أبو إسحق الشيرازي، وقال: إمام الدنيا وزاهدها، وفارس المناظرة وواحدها. قال ابن الجوزي: درَّس وناظرَ الفحولَ وصنَّف، وكان دائمَ التشاغل بالعلم، حتى إني رأيت بخطه: لا يحلُّ في أن أُضيع ساعة من عمري، وإني لأجد من حرصي على العلم - وأنا في عمر الثمانين - أشدَّ مما كنت أجده وأنا ابن عشرين. فلما كانت سنة 475 جرت فيها فتن بين الحنابلة والأشاعرة، فترك الوعظ، واقتصر على التدريس، ومتعه الله بسمعه وبصره وجميع جوارحه.

قال السِّلفي: ما رأتْ عيناي مثلَه، ما كان أحد يقدر أن يتكلم معه؛ لغزارة علمه، وحسن إيراده، وبلاغة كلامه، وقوة حجته، وله في ذم الكلام وأهله شيء كثير، قال: أنا أقطعُ أن الصحابة ماتوا وما عرفوا الجوهر والعرض، قال: ولقد بالغتُ في الأصول طول عمري، ثم رجعت القهقرى إلى مذهب المكتب، وله من الكلام في السنة، والانتصارِ لها، والردِّ على المتكلمين شيءٌ كثير، وقد صنف في ذلك مصنفًا.
وكتب بعضهم إليه يقول له: صف لي أصحابَ أحمدَ على ما عرفتَ من الإنصاف، فكتب إليه يقول: هم قوم خشن، تقلصت أخلاقهم عن المخالطة، وغلُظت طباعهم عن المداخلة، وغلب عليهم الجد، وقلَّ عندهم الهزل، وعَرِيَتْ نفوسهم عن ذلَّ المرايات، وفزعوا عن الآراء إلى الروايات، وتمسكوا بالظاهر تحرجًا عن التأويل، وغلبت عليهم الأعمال الصالحة، فلم يدققوا في العلوم الغامضة، بل دققوا في الورع، وأخذوا ما ظهر من العلوم، ولم أحفظ على أحد منهم تشبيهًا، إنما غلب عليهم الشناعة؛ لإيمانهم بظواهر الآي والأخبار، من غير تأويل ولا إنكار، والله يعلم أنني لا أعتقد في الإسلام طائفة محقة خاليةً من البدع سوى مَنْ سلكَ هذا الطريق، والسلام.
ومن كلامه: ومن عجيب ما أسمعه من هؤلاء الأحداث الجهال: أنهم يقولون: أحمد ليس بفقيه، لكنه محدِّث، وهذا غاية الجهل؛ لأنه قد خرَّجَ اختيارات بناها على الأحاديث بناء لا يعرفه أكثرُهم، وخرَّج من دقيق الفقه ما لا تراه لأحد منهم وذكر مسائل من كلام أحمد، وقال: إن أكثر العلماء يقولون: أصلي: أصلُ أحمد، وفرعي: فرع فلان، فحسبُك بمن ترضى به الأصول قدوة.
وكان يقول: هذا المذهب إنما ظلمه أصحابه؛ لأن أصحاب أبي حنيفة والشافعي إذا برع واحد منهم في العلم، تولى القضاء وغيرَه من الولايات، فكانت الولاية سببًا لتدريسه واشتغاله بالعلم، وأما أصحاب أحمد، فإنه قلَّ فيهم من يعلق بطرف من العلم إلا ويخرجه ذلك إلى التعبد والتزهد؛ لغلبة الخير على القوم، فينقطعون عن التشاغل بالعلم.

وكان مع ذلك يتكلم كثيرًا بلسان الاجتهاد والترجيح واتباع الدليل الذي ظهر له، ويقول: الواجب اتباعُ الدليل، لا اتباعُ أحمدَ. ولابن عقيل مسائلُ كثيرة ينفرد بها، ويخالف فيها المذهب، فإن نظره كثيرًا يختلف، واجتهاده يتنوع.
وكان يقول: عندي أن من أكبر فضائل المجتهد أن يتردَّد في الحكم عند تردُّد الحجة. ومن مسائله: أن النساء لا يجوز لهن استعمال الحرير إلا في اللبس دون الافتراش والاستناد. ومنها: أن صلاة الفذ تصح في الجنازة الخاصة. ومنها: أن الربا لا يجري إلا في الأعيان الستة المنصوص عليها، ومنها: أن الوقف لا يجوز بيعُه وإن خرب وتعطل نفعُه، ومنها: أن المشروعِ في عطية الأولاد التسويةُ بين الذكور والإناث، ومنها: أنه لا يجوز وطء المكاتبة، وإن اشتُرط وطئها في عقد الكتابة، ومنها: أن الزروع والثمار التي تسقى بماء نجس طاهرة مباحة، وإن لم تُسق بعده بماء طاهر.
ومن غرائبه: أنه اختار وجوب الرضاء بقضاء الله في الأمراض والمصائب، واختار: أن النهار أفضل من الليل. وقيل له: ما تقول في عزلة الجاهل؟ فقال: خبال ووبال، تضرُّه ولا تنفعه، فقيل له: فعزلة العالم؟ قال: مالكَ ولَها؟ معها حذاؤها وسقاؤها، ترد الماء، وترعى الشجر إلى أن تلقى ربَّها، وله شعر رائق.
توفي سنة 513. ترجم له ابن رجب ترجمة حسنة إلى أوراق في طبقاته.
التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.