محمد بن محمد الإيجي أبي النعمان شمس الدين

تاريخ الوفاة985 هـ
مكان الوفاةدمشق - سوريا
أماكن الإقامة
  • إيج - إيران
  • دمشق - سوريا

نبذة

محمد بن محمد الشيخ الإمام، العلامة، العارف بالله تعالى شمس الدين، أبي النعمان بن كريم الدين الأيجي العجمي، الشافعي، الصالحي نزيل صالحية دمشق قدم دمشق، وهو شاب في سنة عشرين وتسعمائة، وصحب سيدي محمد بن عراق سنين كثيرة، وتعانى عنده المجاهدات.

الترجمة

محمد بن محمد الأيجي: محمد بن محمد الشيخ الإمام، العلامة، العارف بالله تعالى شمس الدين، أبي النعمان بن كريم الدين الأيجي العجمي، الشافعي، الصالحي نزيل صالحية دمشق قدم دمشق، وهو شاب في سنة عشرين وتسعمائة، وصحب سيدي محمد بن عراق سنين كثيرة، وتعانى عنده المجاهدات، واشتغل بالعلم قبل أن يدخل بلاد الشام، وبعده على الشيخ الصفوي الأيجي، وغيره، وكان له يد في المعقولات، وولي تدريس الشامية عن شيخ الإسلام الوالد بعدما كان بينهما من المودة، والصحبة ما لا يوصف، وانتقد على الأيجي ذلك، وعوض الله تعالى على شيخ الإسلام الوالد بأحسن منها، وكان الشيخ محمد الأيجي ملازماً على الأوراد، والعبادات أماراً بالمعروف نهاء عن المنكر، وكان يتردد إلى الحكام، وغيرهم لقضاء حوائج الناس، والشفاعة فيمن يحتاج إليها عندهم، وسافر إلى الروم في قصة هي أن يهودياً سب الجناب الرفيع صلى الله عليه وسلم، فذهب إلى باب السلطان سليمان - رحمه الله تعالى - وذكر ثمة أنه هاجر من دياره إلى ديار العرب فراراً من سب الصحابة، فكيف؟ يقع في بلاد أهل السنة، والجماعة بسب جنابه صلى الله عليه وسلم من يهودي، فأحضر اليهودي، فأسلم اضطراراً قال فقلت لأركان الدولة إن إسلامه غير صحيح فقالوا ما لنا إلا الظاهر، والأثر كذلك، فما مضى زمان إلا، ومضى اليهودي إلى بلاد النصارى، وأظهر يهوديته، ثم سافر مرة أخرى في سنة أربع وستين إلى الروم بسبب فتنة أبي اليسر البغدادي الذي كان قاطناً بصالحية دمشق، وكان قد شهد عليه أهل محلته، بأنه مأوى اللصوص، وأخذ خط الأيجي بالحيلة بأنه كذلك فذهب أبي اليسر خفية إلى بلاد الروم، فبعث الباشا خلفه بما سجل عليه، ومعه خط الأيجي إلى الروم فلما شكى أبي اليسر بالديوان قصته، وذكر أنه مظلوم، وأنه من جماعة الأيجي فقيل له: أترضى ما يقوله الأيجي، فإذا هو قد قدح فيه باللصوصية، فصلب من ساعته وكان الباشا قد عرض في الأيجي بسبب ذلك، فلما بلغ الأيجي ذلك خرج من دمشق إلى بلد الروم، وعرض أمره هناك، وشهد فيه قاضيا دمشق سابقاً سنان جلبي، وعبد الكريم زاده، وأعطي تدريس الأسدية الجوانية بحلب، ثم عاد إلى دمشق، واستقر أمره بها ذكر ذلك ابن الحنبلي، وحط من مقام الأيجي كثيراً على عادته، وقد حدثني الشيخ محمد التليلي الحنبلي، فقيه التليل من البقاع، ونحن عند عين العابد في جبل لبنان، أن رجلاً من أعيان صفد قال: سافرت في شيبتي إلى دمشق في تجارة فقبضت مرة خمسين ديناراً ذهباً، ثم ذهبت إلى منزلي في آخر النهار، فعرض لي رجل كأنه رآني حين قبضت المال، فسلم علي سلام من يعرفني، ويعرف أبي، وعشيرتي، وادعى قدم المودة بين أبي وبينه، وحلف علي أن أذهب معه، وأكون في ضيافته تلك الليلة قال فما وسعني إلا أني ذهبت معه، فخرج بي من ناحية العمارة، فما شعرت إلا وأنا معه في مقبرة هناك يعني مقبرة الفراديس، فنظرت يميناً وشمالاً، فما رأيت هناك أحداً، ونظرت إلى الشمس فإذا هي قد غربت قال: فما وسعني أن أظهر له أني تريبت منه، وسألته عن بيته فقال: ههنا قريب قال: فمشينا حتى تجاوزنا المقبرة، والطواحين بالقرب منها، فرأيت نفسي بين البساتين، وقد دخل الليل، ولم يمكنني الفرار لأني لم أعرف كيف أذهب؟ قال: فما مشينا غير ساعة، فلقينا جماعة من اللصوص فأهلوني، ورحبوا بي، وتكلم هو معهم بكلام ما فهمته غير أني تريبت منهم، وسقط في يدي، وأيقنت بأني مقتول قال: فجعلت أتلطف بهم، وهم يقولون لي لا تخف تكون معنا الليلة على أكل وشرب قال: وذهبوا بي يريدون مكاناً يستقر فيه أمرهم على ما يصنعون بي، فبينما هم ماشون وأنا معهم في أسوأ حال إذا بجماعة صادفوهم، فتعارفوا، وتسالموا، وفي الجماعة التي لقيناهم شيخ موقر. التفت إلى الجماعة التي أنا معهم، فسماهم بأسمائهم. وقال: يا فاعلون من هذا الذي معكم؟ فقالوا: هذا ضيف معنا فقال الشيخ: نحن أحق بضيافته منكم، وشتمهم، واستخلصني منهم، ثم سار هذا الشيخ هو، وجماعته، وأنا معهم، والشيخ يسكن خاطري، ويقول كيف صار لك حتى وقعت في أيدي هؤلاء الفاعلين الصانعين ما أرادوا إلا قتلك، وأخذ أمتعتك فذكرت له قصتي وسرنا ساعة، واذا نحن صاعدون جبلاً فيه أشجار كثيرة، فانتهينا إلى عين ماء، وإذا جماعة هناك قاموا إلى لقائنا، وصافحوا ذلك الشيخ، وقبلوا يده، وسلموا على من معه، ثم جلس في أوسطهم، وقعدوا يذكرون الله تعالى، ويتذاكرون إلى الصباح، فتوضأوا، وصلى ذلك الشيخ الفجر بهم إماماً، ثم ودع بعضهم بعضاً، ورجع الشيخ بجماعته، ومشى بنا نحو ساعة فما تعارفت الوجوه إلا، ونحن بصالحية دمشق، فودعني الشيخ، وقال لي يا ولدي لا تعد إلى مثلها، ولا تطرف بنفسك بعد ذلك، وانصرف، وتفرقت عنه جماعته، فلما فارقنا الشيخ رافقني رجل منهم، فسألته عن الشيخ، وعن المكان الذي كنا نحن فيه فقال لي: هذا هو الشيخ الأيجي، وهذه الصالحية، وبيت الشيخ الأيجي بها، والمكان الذي كنا فيه مصلى الصالحين عند عين العابد من جبل لبنان، وهو عن دمشق مرحلتان، والجماعة التي أخذوك. اللصوص، والشيخ يعرفهم، واحداً واحداً، وقد أنقذك الله تعالى منهم ببركة الشيخ، وهذه القصة من لطائف القصص، وهي كافية في تعريف مقام الشيخ الأيجي، رحمه الله تعالى. وكانت وفاته يوم الجمعة بعد الصلاة عاشر جمادى الأولى سنة خمس وثمانين وتسعمائة، ووقف على غسله قاضي القضاة حسين جلبي ابن قرا قاضي قضاة دمشق وصلى عليه بجامع الحنابلة هو، ونائب الشام حسن باشا ابن الوزير محمد باشا، ودفن من الغد بمنزله بسفح قاسيون رحمه الله تعالى رحمة واسعة..
- الكواكب السائرة بأعيان المائة العاشرة.