فضل الله بن شهاب الدين بن عبد الرحمن العمادي الدمشقي الحنفي
تاريخ الولادة | 1045 هـ |
تاريخ الوفاة | 1096 هـ |
العمر | 51 سنة |
مكان الوفاة | دمشق - سوريا |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
فضل الله بن شهاب الدين بن عبد الرحمن العمادى الدمشقى الحنفى تقدم جده وأبوه وعماه ابراهيم وعماد الدين وكان فضل الله هذا من فضلاء الوقت وبلغائه وهو من المتنبلين فى الاخذ باطراف الفضائل والاشتمال على كرم الشمائل ويرجع مع ذلك الى شعر باهر ونثر معجب وكان من حين نشاته الى مماته متفيئا ظلال النعمة آخذا من التنعم حظه وجاهه فى دولة آبائه يحل فرق الفراقد ويزاحم مناط الثوابت وكان معتنيا بالاشتغال من طليعة عمره فقرأ فنون الادب على شيخنا المحقق ابراهيم الفتال والشيخ محمد العيثى وتخرج بأبيه وعميه حتى تفوق وبلغ من الفضل ما بلغ وكان والدى رحمه الله تعالى يفضله ويرجحه على كل من عداه من أقرانه ويقول انه مما يهزنى الى الطرب حسن منطقه ولطف محادثته وأعهده ينشد فى حقه هذه الابيات غير مرة وهى
(صاحبته فرأيت البدر كلمنى ... وجنته فرأيت البحر ينهمل)
(فيا رعى الله مخدوما نسامره ... وقد تناسب فيه المدح والغزل)
(قد حاز باكورة الافضال وهو لدى ... باكورة السن لا زالت له الدول)
وكان والده فرغ له عن المدرسة الشبلية فدرس بها ولما أناخ الدهر على بيتهم بكلكه ووجهت عنهم الفتيا انزوى مع أبيه فى زاوية الوحدة مدة الى أن ولى المولى محمد بن محمود المعروف بمفتش الاوقاف وهو الذى صار آخرا مفتى التخت العثمانى قضاء الشام ظهر ظهور الكنز المخفى وكان قاضى القضاة المذكور أقرأ التفسير فكان صاحب الترجمة يحضر درسه ويبدى أبحاثا فائقة فاشتهر فضله وسما قدره ثم بعد مدة من عزل المولى المذكور عن قضاء الشام سافر المترجم الى الروم واجتمع بشيخ الاسلام يحيى المنقارى فأقبل عليه ووجه اليه رتبة الداخل ورجع الى دمشق ولما توفى والدى أعطى مكانه قضاء بيروت على طريق التأبيد ولم تبق عليه كثيرا وكان وراء للزيادة مواعد ماطله الزمان بها فارتبط فى داخل داره لادب يقتبسه أو كتاب يطالعه وكان مولعا بالآداب الغضة يهصر أغصانها ويفصد دنانها وكنت لما رجعت من الروم أنست بمجلسه أياما فوجدته يرجع الى اتقان فى الادب وذكاء فى الخاطر وحذق فى البلاغة وتوسع فى البضاعة وعثرت بنبذ من أشعاره البهية النقية فى بعض المجاميع فصرفت وجه الهمة الى أخوات لها فمن ذلك قوله
(مذ مال خرت له الأقمار ساجدة ... خوط به من رحيق الثغر اسكار)
(حط اللثام فغاب البدر من خجل ... وقد بدا اللدجى فى الصبح اسفار)
(أضحى كجسمى منه الخصر ليس يرى ... ومنطقته من العشاق أبصار)
(وشاحه مثل قلبى خافق أبدا ... ولخطه الفاتن الفتاك سحار)
(كأنما شعرة فى خال وجنته ... دخان قطعة ند تحتها نار)
وهذا // معنى لطيف // وقد سبق اليه فمنه قول ابن سناء الملك
(سمراء قد أزرت بكل أسمر ... بلونها ولينها وقدها)
(أنفاسها دخان ندخالها ... وريقها من ماء ورد خدها)
وقول السيد محمد العرضى الحلبى
(على وجناته خال عليه ... تبدت شعرة زادته لطفا)
(كقطعة عنبر من فوق نار ... بدا منها دخان طاب عرفا)
ولصاحب الترجمة
(ومدير لنا المدام بكاس ... مثل عقد حبابه منظوم)
(هو بدر وفى اليمين هلال ... فيه شمس وقد علتها النجوم)
(من دنادنه يشم عبيرا ... من شذاه رحيقه مختوم)
(حى يا صاح بالفلاح عليها ... واصطحبها تنفك عنك الهموم)
(ودع العمر ينقضى بالتصابى ... وكذاك الوشاة دعهم يلوموا)
قوله هو بدر قد أحسن فى هذا الجمع لكن تشبيه الكاس بالهلال محل نظر والمتعارف تشبيهه بالبدر لتمام استدارته كما فى قول الاستاذ ابن الفارض
(لها البدر كأس وهى شمس يديرها ... هلال وكم يبدو اذا مزجت نجم)
الا أن يكون قصد الزورق فانه شبه به الهلال كما فى قول ابن المعتز
(وانظر اليه كزورق من فضة ... قد أثقلته حمولة من عنبر)
فعكس التشبيه وقد وقع لى فى حل بيت فارسى سئلت تعريبه فقلت
(ولما أدار الشمس بدر لا نجم ... بأفق الهنا بين الهلالين فى الغسق)
(عجبت له يبدى لنا الصبح جيده ... وما غاب عنا بعد فى كفه الشفق)
فالهلالان هنا الباهم والمسبحة اذا قبضا على الكاس كما يفعله الاعاجم والاروام فى مناولة اناء المشروب وقد اقتفى أثرهم فيه أهل بلادنا فينشأ منه صورة هلالين من كل منهما هلال فهو تشبيه بلا شبيه ولصاحب الترجمة
(اطار الهوى من جمر خديه جذوة ... فأصلى بها قلبى الذى ضم أضلعى)
(وصعد من بعد ما قد أذاقه ... وقطره من مقلتى در أدمعى)
وأحسن منه قول كمال الدين بن النبيه
(تعلمت علم الكيمياء بحبه ... غزال بجسمى ما بعينيه من سقم)
(فصعدت أنفاسى وقطرت أدمعى ... فصح من التقطير تصفيرة الجسم)
وله
(فديتك رابنى الاعراض عنى ... ولم أعرف له سببا وحقك)
(سوى انى المقيم على ودادى ... وانى يا حبيبى عبد رقك)
وله
(بى ظبى أنس لاح فى قرطق ... قد فضح الدرسنى ثغره)
(ما فيه من عيب سوى أنه ... أشبه جسمى بالضنى خصره)
وله
(دائى الحب والامانى طبيبيى ... والنوى والفراق من عوادى)
(ودوائى ذكر اللوا وسميرى ... ضيف طيف موكل بسوادى)
وله
(ودعنى من نواه أودعنى ... شوقا يزيد الفؤاد نيرانا)
(وقال لى والبكاء يغلبه ... يا ليت يوم الفراق لا كانا)
وله غير ذلك وكانت ولادته فى سنة خمس وأربعين وألف وتوفى قبيل الظهر بمقدار ساعة من يوم الاربعاء خامس عشرى رجب سنة ست وتسعين وألف وصلى عليه بعد العصر بالجامع الاموى ودفن بمقبرة باب الصغير ومن غريب ما اتفق لى فى هذا التاريخ اننى لما بيضت منه التبييض الاول كنت وصلت فى تبييضه الى هذا المحل وشغلتنى العوائق أياما عن تبييض شئ منه مع انه لم يعهد لى ذلك حتى مات صاحب الترجمة فأدرجته فى محله الذى يذكر فيه وأغرب من ذلك توافقه مع والدى رحمه الله تعالى فى أشياء كثيرة يعرفها من طالع الترجمتين والثانية تاتى قريبا ومن جملة الموافقات موافقتهما فى الاسم والعمر والفضل وكان ذلك هو الباعث لى على رثائه بهذه الابيات وهى
(لهفى على الفضل وحيد دهره ... قضى فكل لاهج بذكره)
(ندب به الايام قد تشرفت ... عزفهان الدهر عند قدره)
(حكى أبى فى كل وصف ناضر ... ما المسك الا شمة من عطره)
(بكيته حتى استحالت عبرتى ... دما وهذى مهجتى فى اثره)
(وكيف لا أبكى موافقا أبى ... فى فضله وفى اسمه وعمره)
- خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.