علي بن أحمد بن محمد الجمالي علاء الدين الرومي

تاريخ الولادةغير معروف
تاريخ الوفاة932 هـ
مكان الولادةغير معروف
مكان الوفاةغير معروف
أماكن الإقامة
  • أدرنة - تركيا
  • أماسية - تركيا
  • استانبول - تركيا
  • بروسة - تركيا
  • مصر - مصر

نبذة

علي بن أحمد علاءُ الدين الحنفيُّ الروميُّ. كان عالمًا كبيرًا جليلاً، حرر له الشوكاني ترجمة حسنة، وحكى أنه كان مفتيًا في زمن السلطان سليم خان

الترجمة

علي بن أحمد، العالم العلامة، العامل، الفاضل، المولى علاء الدين الجمالي، الرومي، الحنفي.

الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة -

 

 

علي بن أحمد بن محمد الجمالي، علاء الدين الرومي الحنفي:
فقيه تركي، تفقه بالعربية، وصنف بها. وتنقل في مناصب التدريس والإفتاء، وحج وأقام عاما في مصر. ثم ولاه بايزيد خان الثاني منصب الإفتاء في القسطنطينية، استمر بعده مدة حكم السلطان سليم الأول، وله معه أخبار. ثم أقره السلطان سليمان القانوني. وتوفي الجمالي في أيامه.
من كتبه " المختارات للفتوى - خ " و " مختصر الهداية - خ " و " أدب الأوصياء - ط " في فقه الحنفية  .

-الاعلام للزركلي-
 

 

 

علي بن أحمد علاءُ الدين الحنفيُّ الروميُّ.
كان عالمًا كبيرًا جليلاً، حرر له الشوكاني ترجمة حسنة، وحكى أنه كان مفتيًا في زمن السلطان سليم خان، فاتفق أن السلطان حكم أن يضربوا أعناق مئة وخمسين رجلاً من حفظة الخزائن، فذهب إلى السلطان، وقال: وظيفة أرباب الفتوى أن يحفظوا آخرة السلطان، وقد سمعتُ أنك أمرت بقتل مئة وخمسين رجلاً، لا يجوز قتلُهم شرعًا، فغضب السلطان، وقال: إنك تتعرض لأمر السلطنة، وليس ذلك من وظيفتك، قال: بل أتعرض لأمر آخرتك، وإنه من وظيفتي، فإن عفوت، فلك النجاة، وإلا، كانت عليك العقوبة العظيمة، فسكن غضب السلطان، وعفا عن جميعهم، وله حكايات كثيرة من هذا الجنس، وماجرياتٌ مع السلطان، له كتاب "المختارات"، مات سنة 932 - رحمه الله تعالى -.

التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.

 

 

 

وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ بن احْمَد بن مُحَمَّد الجمالي
قَرَأَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي صغره على الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ ابْن حَمْزَة القراماني وَحفظ عِنْده مُخْتَصر الامام الْقَدُورِيّ ومنظومة النَّسَفِيّ ثمَّ اتى مَدِينَة قسطنطينية وَقَرَأَ على الْمولى الْعَالم الْفَاضِل الْمولى خسرو ثمَّ ارسله الْمولى الْمَذْكُور الى الْمولى مصلح الدّين بن حسام وَعلل فِي ذَلِك وَقَالَ اني مشتغل بالفتوى وَالْمولى مصلح الدّين يهتم لتحصيلك اكثر مني فَذهب اليه وَهُوَ مدرس بسلطانية بروسه فَقَرَأَ عِنْده الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة والشرعية ثمَّ صَار معيدا لدرسه ثمَّ زوجه الْمولى الْمَذْكُور بنته وَحصل لَهُ مِنْهَا اولاد ثمَّ اعطاه السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الْمدرسَة الحجرية بادرنه وَعين لَهُ كل يَوْم ثَلَاثِينَ درهما واعطاه خَمْسَة آلَاف دِرْهَم وبعضا من الالبسة وَذَلِكَ لانه سمع فقره وَلما صَار مُحَمَّد باشا القراماني وزيرا للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان نقمه لِكَثْرَة مصاحبته مَعَ سِنَان باشا فنقله من تِلْكَ الْمدرسَة الى مدرسة اخرى وَنقص من وظيفته خَمْسَة دَرَاهِم وَالْمولى الْمَذْكُور لم يَنْقَطِع عَن سِنَان باشالسابقة فَضله عَلَيْهِ وَكَرمه وَلِهَذَا نَقله الْوَزير الْمَذْكُور الى مدرسة اخرى وَنقص من وظيفته خَمْسَة اخرى واشمأز الْمولى الْمَذْكُور من ذَلِك فَترك التدريس واتصل الى خدمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه مصلح الدّين ابْن الْوَفَاء ثمَّ مَاتَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَقتل الْوَزير الْمَذْكُور وَجلسَ السُّلْطَان بايزيدخان على سَرِير السلطنة وَرَأى السُّلْطَان بايزيدخان الْمولى الْمَذْكُور فِي الْمَنَام فَأرْسل اليه الوزراء وَدعَاهُ اليه فَلم يجب ثمَّ ارسله جبرا الى بَلْدَة اماسيه وَعين لَهُ كل يَوْم ثَلَاثِينَ درهما وفوض اليه أَمر الْفَتْوَى هُنَاكَ ثمَّ اعطاه مدرسة السُّلْطَان مرادخان الْغَازِي بِمَدِينَة بروسه ثمَّ ترك الْمولى  الْمَذْكُور تِلْكَ الْمدرسَة وَذهب الى أماسيه لزيارة ابْن عَمه وَهُوَ الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ محيي الدّين مُحَمَّد الجمالي ثمَّ اعطاه السُّلْطَان بايزيد خَان مدرسة ازنيق وَعين لَهُ كل يَوْم خمسين درهما ثمَّ اعطاه السُّلْطَان بايزيد خَان سلطانية بروسه وَلما بنى السُّلْطَان بايزيدخان مدرسته باماسيه نَصبه مدرسا بهَا وفوض اليه أَمر الْفَتْوَى هُنَاكَ ثمَّ اعطاه احدى الْمدَارِس الثمان فدرس هُنَاكَ مُدَّة كَبِيرَة ثمَّ توجه بنية الْحَج الى مصر وَاتفقَ انه لم يَتَيَسَّر لَهُ الْحَج فِي تِلْكَ السّنة لفتنة حدثت بِمَكَّة الشَّرِيفَة وَتوقف الْمولى الْمَذْكُور بِمصْر سنة وَفِي أَثْنَائِهَا توفّي الْمولى حميد الدّين بن افضل الدّين الْمُفْتِي بقسطنطينية فَأمر السُّلْطَان بايزيدخان بَان يكْتب الْفَتْوَى مدرسوالمدارس الثمان وَلما أَتَى الْمولى الْمَذْكُور من الْحَج اعطاه منصب الْفَتْوَى وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم ثمَّ ان السُّلْطَان بايزيدخان لما بنى مدرسته بقسطنطينية اضافها الى الْمولى الْمَذْكُور وَعين لَهُ كل يَوْم خمسين درهما لاجل التدريس فَصَارَت وظيفته كل يَوْم مائَة وَخمسين درهما فحسده على ذَلِك بعض الْعلمَاء وَهُوَ الْمولى سيد عَليّ وَالسَّيِّد الْحميدِي وَجمع بعض فَتَاوَاهُ وَقَالَ إِنَّه اخطأ فِيهَا وارسلها الى الدِّيوَان العالي وارسلها الوزراء الى الْمولى الْمَذْكُور فَكتب اجوبتها وَفِي اثناء تِلْكَ الايام قَالَ اني حينما نزلت من عَرَفَة حصل لي جذبة لم يبْق بيني وَبَين الْحق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حجاب وفوضت امْر الْمولى سيد عَليّ الى الْحق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلم يمر عَلَيْهِ اسبوع الا وَقد مَاتَ سيد عَليّ فِي لَيْلَة وَاحِدَة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى يصرف جَمِيع أوقاته فِي التِّلَاوَة وَالْعِبَادَة والدرس وَالْفَتْوَى وَيُصلي الصَّلَوَات الْخمس بِالْجَمَاعَة وَكَانَ كريم النَّفس طيب الاخلاق متخشعا متواضعا ويبجل الصَّغِير كَمَا يوقر الْكَبِير وَكَانَ لِسَانه طَاهِرا لَا يذكر احدا بِسوء وَكَانَ انوار الْعِبَادَة تتلألأ فِي صفحات وَجهه الْمُبَارك وَكَانَ يقْعد فِي علو دَاره وَله زنبيل مُعَلّق فيلقي المستفتي ورقته فِيهِ ويحركه فيجذبه الْمولى الْمَذْكُور وَيكْتب جَوَابه ثمَّ يدليه اليه وَإِنَّمَا فعل ذَلِك كي لَا ينْتَظر النَّاس لاجل الْفَتْوَى ثمَّ ان السُّلْطَان سليم خَان فِي زمَان سلطنته امْر بقتل مائَة وَخمسين رجلا من حفاظ الخزائن فَتنبه لذَلِك الْمولى الْمَذْكُور فَذهب الى الدِّيوَان العالي وَلم يكن من عَادَتهم ان يذهب الْمُفْتِي الى الدِّيوَان العالي الا لحاديث عَظِيم فتحير اهل الدِّيوَان وَلما دخل الدِّيوَان سلم على الوزراء فاستقبلوه واجلسوه فِي صدر الْمجْلس ثمَّ قَالُوا لَهُ أَي شَيْء دَعَا الْمولى الى الْمَجِيء الى الدِّيوَان العالي قَالَ اريد ان ادخل على السُّلْطَان ولي مَعَه كَلَام فَعَرَضُوهُ على السُّلْطَان سليم خَان فاذن لَهُ وَحده فَدخل وَسلم عَلَيْهِ وَجلسَ ثمَّ قَالَ وَظِيفَة أَرْبَاب الْفَتْوَى ان يحافظوا على آخِرَة السُّلْطَان وَقد سَمِعت انك قد امرت بقتل مائَة وَخمسين رجلا لَا يجوز قَتلهمْ شرعا فَعَلَيْك بعفوهم فَغَضب السُّلْطَان سليم خَان وَكَانَ صَاحب حِدة وَقَالَ إِنَّك تتعرض لامر السلطنة وَلَيْسَ ذَلِك من وظيفتك قَالَ لَا بل اتعرض لامر آخرتك وانه من وظيفتي فان عَفَوْت فلك النجَاة والا فَعَلَيْك عِقَاب عَظِيم فانكسر كند ذَلِك سُورَة غَضَبه وَعَفا عَن الْكل ثمَّ تحدث مَعَه سَاعَة وَلما اراد ان يقوم من مَجْلِسه قَالَ تَكَلَّمت فِي أَمر آخرتك وَبَقِي لي كَلَام مُتَعَلق بالمروءة قَالَ السُّلْطَان مَا هُوَ قَالَ ان هَؤُلَاءِ من عبيد السلطان  فَهَل يَلِيق بِعرْض السلطنة ان يتكففوا النَّاس قَالَ لَا قَالَ فقررهم فِي منصبهم فَقبله السُّلْطَان قَالَ الا اني اعذبهم لتقصيرهم فِي خدمتهم قَالَ الْمولى الْمَذْكُور وَهَذَا جَائِز لَان التَّعْزِير مفوض الى راي السُّلْطَان ثمَّ سلم عَلَيْهِ وَانْصَرف وَهُوَ مشكور ثمَّ ان السُّلْطَان سليم خَان ذهب الى مَدِينَة ادرنه فشيعه الْمولى الْمَذْكُور فلقي فِي الطَّرِيق اربعمائة رجل مشدودة بالحبال فَسَأَلَ عَن حَالهم فَقَالُوا انهم خالفوا أَمر السُّلْطَان وَقد اشْتَروا الْحَرِير وَكَانَ قد منع السُّلْطَان عَن ذَلِك فَذهب الْمولى الْمَذْكُور الى السُّلْطَان وَهُوَ رَاكب فَكلم فيهم وَقَالَ لَا يحل قَتلهمْ فَغَضب السُّلْطَان وَقَالَ ايها الْمولى اما يحل قتل ثُلثي الْعَالم لنظام الْبَاقِي قَالَ نعم وَلَكِن اذا ادى الى خلل عَظِيم قَالَ السُّلْطَان وَأي خلل اعظم من مُخَالفَة الامر قَالَ الْمولى هَؤُلَاءِ لم يخالفوا امرك لانك نصبت الامناء على الْحَرِير وَهَذَا اذن بطرِيق الدّلَالَة قَالَ السُّلْطَان وَلَيْسَ امور السلطنة من وظيفتك قَالَ انه من امور الاخرة فالتعرض لَهَا من وظيفتي ثمَّ قَالَ الْمولى الْمَذْكُور هَذَا الْكَلَام وَذهب وَلم يسلم عَلَيْهِ فَحصل للسُّلْطَان سليم خَان حِدة عَظِيمَة حَتَّى وقف على فرسه زَمَانا كثيرا وَالنَّاس واقفون قدامه وَخَلفه متحيرين فِي ذَلِك الامر ثمَّ ان السُّلْطَان سليم خَان لما وصل الى منزله عَفا عَن الْكل وَلما وصل الى مَدِينَة ادرنه ارسل الى الْمولى الْمَذْكُور امرا وَقَالَ فِيهِ اعطيتك قَضَاء الْعَسْكَر وجمعت لَك بَين الطَّرفَيْنِ لاني تحققت انك تَتَكَلَّم بِالْحَقِّ فَكتب الْمولى الْمَذْكُور فِي جَوَابه وَقَالَ وصل الي كتابك سلمك الله تَعَالَى وأبقاك وأمرتني بِالْقضَاءِ وَأَنِّي ممتثل امرك الا ان لي مَعَ الله عهدا ان لَا يصدر عني لفظ حكمت فاحبه السُّلْطَان سليم خَان محبَّة عَظِيمَة لاعراضه عَن الْعِزّ والجاه وَالْمَال صِيَانة لدينِهِ وارسل اليه خَمْسمِائَة دِينَار فقبلها ثمَّ ان سُلْطَان زَمَاننَا ايده الله تَعَالَى وَنَصره زَاد على وظيفته خمسين درهما فَصَارَت وظيفته مِائَتي دِرْهَم توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة وَقد ذهب اليه الْمولى الْوَالِد لعيادته فِي مرض مَوته وَكَلمه سرا فَبكى الْمولى الْوَالِد وَمَا علمنَا سَبَب بكائه وَلما اتى منزله سألناه عَن سَبَب الْبكاء فَقَالَ إِنَّه أخبر بِمَوْتِهِ وَقَالَ جَاءَ الي روح مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَقت الاشراق وَقَالَ شرفوا بعدهذا ديار الاخرة وَقد صنف فِي الْفِقْه كتابا جمع فِيهِ مختارات الْمسَائِل وَسَماهُ المختارات وَهُوَ كتاب نَافِع لطيف جدا وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى آيَة كبرى فِي التَّقْوَى وَمن مُفْرَدَات الدُّنْيَا فِي الْفَتْوَى وَكَانَ جبلا من جبال الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة الدِّينِيَّة وَدفن بدفنه الْعلم وَالتَّقوى وَكَانَ كَمَا قيل ... يدع الْجَواب وَلَا يُرَاجع هَيْبَة ... والسائلون نواكسو الاذقان
ادب الْوَقار وَعز سُلْطَان التقى ... وَهُوَ المطاع وَلَيْسَ ذَا سُلْطَان ...
رَضِي الله عَنهُ وارضاه وَجعل الْجنَّة مثواه

الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية - المؤلف: عصام الدين طاشْكُبْري زَادَهْ.

 

 

على بن أحمد بن محمد علاء الدين الجمالى

كان فقيًا أصوليًا أديبًا لغويا نحويًا مفسرًا محدثًا متبحرًا في الفنون العقلية والنقلية مجتهدًا مطلعًا على دقائق الشرع عابدًا زاهدًا قرأ في صغره على حمزة القرامانى ثم أتي قسطنطينية وقرأ على المولى خسرو محمد بن فراموز وصار مدرسًا بمدارس أدرنة وبروسا ومفتيًا في عهد السلطان محمد خان وابنه بايزيد خان وكان صاحب كرامات مات سنة اثنين وثلاثين وتسعمائة ومن تلامذته صدر الأفاضل يوسف وقطب الدين المرزيفوني وغيرهما.

 الفوائد البهية في تراجم الحنفية - أبو الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الهندي.

 

 

علي بن أَحْمد بن مُحَمَّد الملقّب عَلَاء الدَّين الحنفي الرومي
قَرَأَ في صغره على حَمْزَة القرمانى وَحفظ مُخْتَصر القدورى ثمَّ أَنى قسطنطينية وَقَرَأَ على الملا خسرو وعَلى مصلح الدَّين بن حسام الدَّين الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة والشرعية ثمَّ صَار معيداً لدرسه ثمَّ تزوج بابنته وَحصل لَهُ مِنْهُمَا أَوْلَاد اعطاه السُّلْطَان مُحَمَّد خَان ملك الرّوم الْمدرسَة الحجرية وَعين لَهُ كل يَوْم ثَلَاثِينَ درهماً وأعطاه خَمْسَة آلاف دِرْهَم وَلما صَار مُحَمَّد باشا القرماني وزيراً للسُّلْطَان نَقله من تِلْكَ الْمدرسَة إلى مدرسة أُخْرَى وَنقص من تَقْرِيره اليومي خَمْسَة دَرَاهِم فاشمأز صَاحب التَّرْجَمَة وَترك التدريس واتصل بالشيخ الْعَارِف مصلح الدَّين بن الْوَفَاء ثمَّ مَاتَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَقتل الْوَزير الْمَذْكُور وَجلسَ السُّلْطَان بايزيد خَان على سَرِير السلطنة فأرسل إلى صَاحب التَّرْجَمَة الوزراء وَدعَاهُ إليه فَلم يجب ثمَّ أرسل إليه مرسوماً بتفويضه في الْفَتْوَى في بلد اماسية وَعين لَهُ كل يَوْم ثَلَاثِينَ درهماً وَأمره أَن يدرّس بمدرسة السُّلْطَان مُرَاد الغازي بِمَدِينَة بروسا فَلم يقبل التدريس وَسَار إلى أماسيه لزيارة ابْن عَمه ثمَّ أعطَاهُ السُّلْطَان مدرسة وَعين لَهُ كل يَوْم خمسين درهماً ثمَّ أعطَاهُ إحدى الْمدَارِس الثمان فدرس هُنَالك مُدَّة كَثِيرَة ثمَّ توجه لِلْحَجِّ فَلم يَتَيَسَّر لَهُ تِلْكَ السنة وبقي بِمصْر وَاتفقَ أَنه توفي مفتي قسطنطينية فعينه السُّلْطَان للإفتاء بهَا وأمر من يَنُوب عَنهُ حَتَّى يعود فَلَمَّا عَاد بَاشر الإفتاء وَعين لَهُ السُّلْطَان كل يَوْم مائَة دِرْهَم وَعين لَهُ مدرسة وَجعل لَهُ خمسين درهماً فِي كل يَوْم فَصَارَ مقرره كل يَوْم مائَة وَخمسين درهماً فحسده على ذَلِك بعض الْعلمَاء فَجمع بعض فَتَاوِيهِ وَقَالَ إنه أَخطَأ فِيهَا وأرسلها إلى ديوَان السُّلْطَان فأرسلها الوزراء إلى صَاحب التَّرْجَمَ فأجاب عَنْهَا ودعا على ذَلِك الْحَاسِد فَمَاتَ قبل أَن يمر عَلَيْهِ أُسْبُوع وَكَانَ كثيير التِّلَاوَة وَالْعِبَادَة مديماً لصَلَاة الْجَمَاعَات حسن الأخلاق كريم النَّفس وَكَانَ يقْعد في علو دَاره والزنبيل مُعَلّق فَيلقى المستفتي الورقة فِيهِ ويحركه فيجذبه وبكتب جَوَابه ثمَّ يدليه إليه وإنما فعل كَذَلِك لِئَلَّا ينْتَظر النَّاس بِبَابِهِ للْفَتْوَى فَكَانَ يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى عَن الْمُنكر وَاسْتمرّ على ذَلِك إلى زمَان السُّلْطَان سليم خَان فاتفق أَنه أَمر بقتل مائَة وَخمسين رجلاً من حفاظ الخزائن فَبلغ صَاحب التَّرْجَمَة فَذهب إلى ديوَان السُّلْطَان وَلم يكن من عَادَة الْمُفْتى أن يذهب إلى هُنَالك إلا لحادث عَظِيم فتحير أهل الدِّيوَان واستقبله الوزراء وأجلسوه فِي صدر الْمجْلس ثمَّ سَأَلُوهُ عَن سَبَب مَجِيئه فَقَالَ أُرِيد أَن ألاقي السُّلْطَان ولي مَعَه كلان فبلغوا ذَلِك فأذن لَهُ السُّلْطَان فَدخل وَسلم وَجلسَ ثمَّ قَالَ وَظِيفَة أَرْبَاب الْفَتْوَى أَن يحفظوا آخِرَة السُّلْطَان وَقد سَمِعت أَنَّك قد أمرت بقتل مائَة وَخمسين رجلاً لَا يجوز قَتلهمْ شرعاً فَغَضب السُّلْطَان وَقَالَ إنك تتعرض لأمر السلطنة وَلَيْسَ ذَلِك من وظيفتك فَقَالَ بل أتعرض الْأَمر آخرتك وَأَنه من وظيفتي فإن عَفَوْت فلك النجَاة وإلا كَانَت عَلَيْك الْعقُوبَة الْعَظِيمَة فَانْكَسَرت عِنْد ذَلِك سُورَة السُّلْطَان وَعَفا عَن الْكل فَقَالَ تَكَلَّمت في أخرتك وبقي لي كَلَام يتَعَلَّق بالمروءة قَالَ السُّلْطَان مَا هُوَ قَالَ إن هَؤُلَاءِ من عبيد السُّلْطَان فَهَل يَلِيق لَهُم أَن يتكففوا النَّاس قَالَ لَا قَالَ فقررهم في منصبهم فَفعل السُّلْطَان ذَلِك ثمَّ اتفقت قَضِيَّة أُخْرَى وهي أَن السُّلْطَان الْمَذْكُور سَافر الى بعض مدنه وَصَاحب التَّرْجَمَة مَعَه فاتفق أَنه رأى أربعمائة رجل في الطَّرِيق مشدودين بالحبال فَسَأَلَ عَن حَالهم فَقَالُوا أنهم خالفوا أَمر السُّلْطَان فاشتروا الْحَرِير وَقد كَانَ منع السُّلْطَان ذَلِك فَذهب إلى السُّلْطَان وَهُوَ رَاكب فَكَلمهُ وَقَالَ لَا يحل قَتلهمْ لغضب السُّلْطَان وَقَالَ أَيهَا الْمولى مَا يحل لى قتل ثلث الْعَالم لنظام الباقي قَالَ نعم وَلَكِن إذا أدى إلى خلل عَظِيم قَالَ السُّلْطَان وأي خلل أعظم من مُخَالفَة الأمر قَالَ هَؤُلَاءِ لم يخالفوا أَمرك لأنك نصبت الْأُمَنَاء على الْحَرِير وَهَذَا إذن بطرِيق الدّلَالَة قَالَ السُّلْطَان لَيْسَ أُمُور السلطنة من وظيفتك قَالَ إنه من أُمُور الْآخِرَة وَأَن التَّعَرُّض من وظيفتي ثمَّ فَارقه وَلم يسلم عَلَيْهِ فَحصل للسُّلْطَان غضب عَظِيم حَتَّى وقف على فرسه زَمَانا كثيراً وَالنَّاس واقفون قدامه وَخَلفه متحيرين من ذَلِك الأمر ثمَّ إن السُّلْطَان عَفا عَن الْكل ثمَّ لما وصل إلى مقْصده أرسل لصَاحب التَّرْجَمَة أَمِيرا وَقَالَ قل لَهُ إني قد أَعْطيته قَضَاء الْعَسْكَر إلى وَظِيفَة الإفتاء والتدريس لأني علمت أنه يتَكَلَّم بِالْحَقِّ فَأجَاب عَلَيْهِ مَعَ الأمير بِمَا نَصه وصل إلى كتابك سلمك الله وأبقاك تأمرني فِيهِ بِالْقضَاءِ وإني ممتثل أَمرك إلا أَن لي مَعَ الله عهداً أَن لَا يصدر عَنى لفظ حكمت فَأَحبهُ السُّلْطَان محبَّة شَدِيدَة وَزَاد في تَعْظِيمه وَأرْسل إليه خَمْسمِائَة دِينَار فقبلها ثمَّ إنّ السُّلْطَان المتولي للسلطنة بعد سليم زَاده فِي مقرره خمسين درهماً فَصَارَ مَجْمُوع تَقْرِيره اليومي مائتي درهماً وَقد صنّف كتاباً جمع فِيهِ مختارات الْمسَائِل وَسَماهُ الْمُخْتَار وَمَات في سنة 932 اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة.

البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني.