محمد بن إبراهيم بن يوسف بن حامد تاج الدين المراكشي
تاريخ الولادة | 701 هـ |
تاريخ الوفاة | 752 هـ |
العمر | 51 سنة |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن حَامِد الشَّيْخ تَاج الدّين المراكشي
ولد بعد السبعمائة
وَنَشَأ بِالْقَاهِرَةِ وتفقه بهَا وَقَرَأَ على قَاضِي الْقُضَاة الشَّيْخ عَلَاء الدّين عَليّ بن إِسْمَاعِيل القونوي ولازم الشَّيْخ ركن الدّين بن القوبع
وَكَانَ فَقِيها نحويا متفننا مواظبا على طلب الْعلم لَا يفتر وَلَا يمل إِلَّا فِي الْقَلِيل
أعَاد فِي الْقَاهِرَة بقبة الشَّافِعِي ثمَّ دخل دمشق ودرس بالمسرورية
وَسمع من شَيخنَا الْحَافِظ الْمزي وَجَمَاعَة
ثمَّ ترك التدريس وَانْقطع بدار الحَدِيث الأشرفية على طلب الْعلم إِلَى أَن توفّي فَجْأَة بعد الْعَصْر من يَوْم الْأَحَد ثَالِث عشر جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة
أنشدنا من لَفظه لنَفسِهِ
(قلَّة الْحَظ يَا فَتى ... صيرتني مجهلا)
(وجهول بحظه ... صَار فِي النَّاس أكملا)
دخلت إِلَيْهِ مرّة وَهُوَ ينشد قَول ابْن بَقِي
(حَتَّى إِذا مَالَتْ بِهِ سنة الْكرَى ... زحزحته شَيْئا وَكَانَ معانقي)
(أبعدته عَن أضلع تشتاقه ... كي لَا ينَام على وساد خافق)
وَقَول الحكم بن عقال
(إِن كَانَ لَا بُد من رقاد ... فأضلعي هاك عَن وساد)
(ونم على خفقها هُدُوا ... كالطفل فِي نهنه المهاد)
وَهُوَ وَمن عِنْده يَقُولُونَ إِن قَول الحكم أَجْدَر بِالصَّوَابِ فَإِنَّهُ لَا يُنَاسب الْمُحب أَن يبعد حَبِيبه وينشدون قَول الشَّيْخ صَلَاح الدّين الصَّفَدِي أمتع الله بِبَقَائِهِ فِي ذَلِك ردا على ابْن بَقِي
(أبعدته من بعد مَا زحزحته ... مَا أَنْت عِنْد ذَوي الغرام بعاشق)
(إِن شِئْت قل أبعدت عَنهُ أضالعي ... ليَكُون فعل المستهام الوامق)
(أَو قل فَبَاتَ على اضْطِرَاب جوانحي ... كالطفل مُضْطَجعا بمهد حافق)
قلت إِن ابْن بَقِي وَإِن أَسَاءَ لفظا حَيْثُ قَالَ أبعدته فقد أحسن معنى لِأَنَّهُ وصف أضلعه بالخفقان وَالِاضْطِرَاب الزَّائِد لَا يَسْتَطِيع الحبيب النّوم عَلَيْهَا فَقدم مصْلحَته على مصْلحَته وَترك مَا يُرِيد لما يُرِيد وأبعده عَمَّا يقلقه
وَلَو قَالَ
(أبعدت عَنهُ أضلعا تشتاقه ... )
لأحسن لفظا كَمَا أحسن معنى وَأما الحكم فَإِنَّهُ وصف خفقانه بالهدو وَهُوَ خفقان يسير يشبه اضْطِرَاب سَرِير الطِّفْل وَهَذَا نقض فَوَقع النزاع فِي ذَلِك
وَأَرْسلُوا إِلَى القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد بن يحيى بن فضل الله رَحمَه الله صُورَة سُؤال عَن الرجلَيْن ابْن بَقِي وَالْحكم أَيهمَا الْمُصِيب فَكتب
(قَول ابْن بَقِي عَلَيْهِ مَأْخَذ ... لكنه قَول الْمُحب الصَّادِق)
(يَكْفِيهِ فِي صدق الْمحبَّة قَوْله ... كي لَا ينَام على وساد خافق)
(مَا الْحبّ إِلَّا مَا يهد لَهُ الحشا ... ويهد أيسره فؤاد العاشق)
فِي أَبْيَات أخر لم تجر على خاطري الْآن
وأبيات ابْن بَقِي هَذِه من كلمة لَهُ حَسَنَة وَهِي
(بِأبي غزال غازلته مقلتي ... بَين العذيب وَبَين شطي بارق)
(وَسَأَلت مِنْهُ زِيَارَة تشفي الجوا ... فَأَجَابَنِي مِنْهَا بوعد صَادِق)
(بتنا وَنحن من الدجا فِي خيمة ... وَمن النُّجُوم الزهر تَحت سرادق)
(عاطيته وَاللَّيْل يسحب ذيله ... صهباء كالمسك الفتيق لناشق)
(وضممته ضم الكمي لسيفه ... وذؤابتاه حمائل فِي عَاتِقي)
(حَتَّى إِذا مَالَتْ بِهِ سنة الْكرَى ... زحزحته شَيْئا وَكَانَ معانقي)
(أبعدته عَن أضلع تشتاقه ... كي لَا ينَام على وساد خافق)
(لما رَأَيْت اللَّيْل آخر عمره ... قد شَاب فِي لمَم لَهُ ومفارق)
(ودعت من أَهْوى وَقلت تأسفا ... أعزز عَليّ بِأَن أَرَاك مفارقي)
وَيقرب من هَذِه النُّكْتَة أَن جَرِيرًا قَالَ
(طرقتك صائدة الْفُؤَاد وَلَيْسَ ذَا ... وَقت الزِّيَارَة فارجعي بِسَلام)
فعيب عَلَيْهِ قَوْله فارجعي وَهُوَ نقد حسن فَأَي لفظ أبشع من قَول الْمُحب لمن يُحِبهُ ارْجع
وَرَأَيْت الشَّيْخ صَلَاح الدّين الصَّفَدِي نفع الله بِهِ قد قَالَ رادا عَلَيْهِ
(يَا خجلتا لجرير من ... قَول كفانا الله عاره)
(طرقتك صائدة الْفُؤَاد ... وَلَيْسَ ذَا وَقت الزياره)
(هَل كَانَ يلقى إِن أَتَاهُ ... خيال من يهوى خساره)
(أَو كَانَ قلب قد حواه ... من حَدِيد أَو حجاره)
فعجبت لَهُ كَيفَ ترك لَفْظَة ارجعي وَهُوَ أبشع مَا عيب بِهِ على جرير وَقلت
(أما جرير فجر ثوب الْعَار فِي ... دَعْوَى الضنى وَله دثار غرام)
(إِذْ كذب الدَّعْوَى وَقَالَ لَهَا وَقد ... زارته فِي الْغَلَس ارجعي بِسَلام)
ثمَّ قلت لَعَلَّ الشَّيْخ صَلَاح الدّين إِنَّمَا ترك لَفْظَة الرُّجُوع لنكارتها وَقلت
(إِنِّي لأعجب من جرير وَقَوله ... قولا غَدَوْت بِهِ أنكر حَاله)
(طرقتك صائدة الْفُؤَاد وَلَيْسَ ذَا ... وَقت الزِّيَارَة فاستمع أَقْوَاله)
(وَعذر فلست بِقَادِر وَالله أَن ... أحكي الَّذِي بعد الزِّيَارَة قَالَه)
فَلَمَّا وقف الشَّيْخ صَلَاح الدّين على كَلَامي هَذَا كُله زعم أَنِّي أعترف لَهُ بِحسن النَّقْد وَقَالَ
(أما جرير فَلم يكن ... صبا وَلَكِن يَدعِي)
(أوما ترَاهُ أَتَتْهُ صائدة ... الْفُؤَاد فَلم يعي)
(بل قَالَ جهلا لَيْسَ ذَا ... وَقت الزِّيَارَة فارجعي)
(لَو كنت حَاضر أمره ... قلت ارجعي وَله اصفعي)
قلت وَلَا يخفى أَن هَذِه الاعتراضات كلهَا لفظية طرقت قَائِلهَا وَلم يُحَقّق فَإِن جَرِيرًا لم يقْصد برجوعها إِلَى الشَّفَقَة عَلَيْهَا من الزِّيَارَة فِي غير وَقت الزِّيَارَة فَجَاءَهُ الِاعْتِرَاض من لَفْظَة الرُّجُوع فَقَط كَمَا جَاءَ ابْن بَقِي من لَفْظَة الإبعاد وَرُبمَا أُتِي أَقوام من سوء الْعبارَة
قَالَ الْحَافِظ أَبُو عبد الله الْحميدِي أَخْبرنِي أَبُو غَالب مُحَمَّد بن أَحْمد ابْن سهل النَّحْوِيّ قَالَ حكيت للوزير أبي الْقَاسِم الْحُسَيْن بن عَليّ المغربي قَول أبي الْحسن الْكَرْخِي أوصانا شُيُوخنَا بِطَلَب الْعلم وَقَالُوا لنا اطلبوه واجتهدوا فِيهِ فَلِأَن يذم لكم الزَّمَان أحسن من أَن يذم بكم الزَّمَان
قَالَ فَاسْتحْسن الْوَزير ذَلِك وَكتبه ثمَّ عمل أبياتا وأنشدنيها وَهِي
(وَلَقَد بلوت الدَّهْر أعجم صرفه ... فأطاع لي أَصْحَابه وَلسَانه)
(وَوجدت عقل الْمَرْء قيمَة نَفسه ... وبجده جدواه أَو حرمانه)
(وعَلى الْفَتى أَن لَا يكفكف شأوه ... عِنْد الْحفاظ وَلَا يغض عيانه)
(فَإِذا جفاه الْمجد عيبت نَفسه ... وَإِذا جفاه الْجد عيب زَمَانه)
قلت وَهَذِه أَبْيَات حَسَنَة بَالِغَة فِي بَابهَا وَقد حاول الشَّيْخ تَاج الدّين عبد الْبَاقِي الْيَمَانِيّ اختصارها فَقَالَ
(تجنب أَن تذم بك اللَّيَالِي ... وحاول أَن يذم لَك الزَّمَان)
(وَلَا تحفل إِذا كملت ذاتا ... أصبت الْعِزّ أم حصل الهوان)
فأغفل مَا تضمنته أَبْيَات الْوَزير الثَّلَاث من الْمعَانِي وَاقْتصر على مَا تضمنه الْبَيْت الرَّابِع ثمَّ انْقَلب عَلَيْهِ الْمَعْنى وَأتي من سوء التَّعْبِير فَإِن الْمَقْصُود أَن الْمَرْء يكمل نَفسه وَلَا عَلَيْهِ من الزَّمَان وَأما أَنه يسْعَى فِي أَن يذم لَهُ الزَّمَان فَلَيْسَ بمقصود وَلَا هُوَ مُرَاد أَشْيَاخ الْكَرْخِي وَلَا يحمده عَاقل وَكَانَ الصَّوَاب حَيْثُ اقْتصر على معنى الْبَيْت الرَّابِع أَن يَأْتِي بِعِبَارَة مُطَابقَة كَمَا قُلْنَاهُ نَحن
(عَلَيْك كَمَال ذاتك فاسع فِيهَا ... وَلَيْسَ عَلَيْك عز أَو هوان)
(وَلَيْسَ إِلَيْك أَيْضا فاسع فِيمَا ... إِلَيْك وَأَنت مشكور معَان)
(فذم الدَّهْر للْإنْسَان خير ... من الْإِنْسَان ذمّ بِهِ الزَّمَان)
فَهَذَا الْبَيْت واف بِالْمَعْنَى الَّذِي قَالَه أَشْيَاخ الْكَرْخِي مُطَابق لَهُ من غير زِيَادَة وَلَا نقص وَأحسن من هَذَا كُله قَول بَعضهم
(جهل الْفَتى عَار عَلَيْهِ لذاته ... وخموله عَار على الْأَيَّام)
وَقَول الآخر
(أَن يكون الزَّمَان عيبي أولى ... بِي من أَن أكون عيب الزَّمَان)
وَقَول الآخر
(مَا فِي خمولي من عَار على أدبي ... بل ذَاك عَار على الدُّنْيَا وأهليها)
طبقات الشافعية الكبرى - تاج الدين السبكي
محمد بن إبراهيم بن يوسف بن حامد المراكشى
تاج الدين.
كان فقيها نحويّا متفننا مواظبا على طلب العلم جميع نهاره، ويدع له طعامه وشرابه، وكان ضريرا.
ولد بعد 700.
أخذ عن العلاء القونوى،
قال السيوطى: «وأعاد بقية الشافعى، ثم دخل دمشق، ودرس بالمسرورية، وتأدب بالشيخ زكى الدين بن القوبع. ومن شعره: قلة الحظ يا فتى صيّرتنى مجهّلا؟ ! وجهول بحظه صار فى الناس أكملا؟ ! ثم ترك المسرورية للشيخ تقى الدين بن السبكى؛ لأنه رأى فى شرط واقفها: أن يكون المدرس عالما بالخلاف.
توفى فجأة يوم الأحد ثالث عشر جمادى الأخيرة سنة 752.
ذيل وفيات الأعيان المسمى «درّة الحجال في أسماء الرّجال» المؤلف: أبو العبّاس أحمد بن محمّد المكناسى الشّهير بابن القاضى (960 - 1025 هـ)
ولازم الركن بن القوبع/وسمع من الحافظ المزى.