محمد بن محمد بن حامد بن محمد الأصبهاني أبي عبد الله عماد الدين

ابن أخي العزيز

تاريخ الولادة519 هـ
تاريخ الوفاة597 هـ
العمر78 سنة
مكان الولادةأصبهان - إيران
مكان الوفاةدمشق - سوريا
أماكن الإقامة
  • أصبهان - إيران
  • البصرة - العراق
  • بغداد - العراق
  • واسط - العراق
  • دمشق - سوريا
  • مصر - مصر

نبذة

مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عَليّ بن مَحْمُود ابْن هبة الله ابْن أَله -بِضَم الْهمزَة وَاللَّام- الْعِمَاد الْكَاتِب وَيعرف بِابْن أخي الْعَزِيز من أهل أَصْبَهَان. من بَيت الرياسة والسؤدد. وَهُوَ أحد من مهر فِي الْأَدَب نظما ونثرا وشاع فِيهِ اسْمه. ولد بأصبهان فِي ثَانِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع عشرَة وَخَمْسمِائة.

الترجمة

مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عَليّ بن مَحْمُود ابْن هبة الله ابْن أَله -بِضَم الْهمزَة وَاللَّام- الْعِمَاد الْكَاتِب وَيعرف بِابْن أخي الْعَزِيز
من أهل أَصْبَهَان.
من بَيت الرياسة والسؤدد
وَهُوَ أحد من مهر فِي الْأَدَب نظما ونثرا وشاع فِيهِ اسْمه
ولد بأصبهان فِي ثَانِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع عشرَة وَخَمْسمِائة
وَقدم بَغْدَاد فتفقه على أبي مَنْصُور بن الرزاز وأتقن الْخلاف والنحو وَالْأَدب
وَسمع من ابْن الرزاز وَأبي مَنْصُور ابْن خيرون وَأبي الْحسن عَليّ بن عبد السَّلَام وَأبي بكر بن الْأَشْقَر وَأبي الْقَاسِم عَليّ ابْن الصّباغ وَطَائِفَة
وَأَجَازَ لَهُ أَبُو الْقَاسِم بن الْحصين وَأَبُو عبد الله الفراوي
ثمَّ عَاد إِلَى أَصْبَهَان وتفقه بهَا أَيْضا عَليّ أبي الْمَعَالِي الْوَركَانِي وَمُحَمّد بن عبد اللَّطِيف الخجندي
ثمَّ عَاد إِلَى بَغْدَاد واشتغل بصناعة الْكِتَابَة
وَقدم مصر وَسمع من السلَفِي وَغَيره
روى عَنهُ ابْن خَلِيل والشهاب القوصي والعز عبد الْعَزِيز بن عُثْمَان الإربلي والشرف مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ الْأنْصَارِيّ والتاج الْقُرْطُبِيّ وَآخَرُونَ
ورد إِلَى دمشق فِي أَيَّام الْملك نور الدّين ودرس بِالْمَدْرَسَةِ الْعمادِيَّة ثمَّ عَاد إِلَى الْعرَاق
ثمَّ لما أَخذ صَلَاح الدّين الشَّام عَاد إِلَيْهَا ومدحه وَلزِمَ ركابه إِلَى أَن اسْتَكْتَبَهُ وَصَارَ يضاهي الوزراء ومرتبته تضاهي مرتبَة القَاضِي الْفَاضِل وَإِذا انْقَطع الْفَاضِل بشغل يعرض لَازم هُوَ السُّلْطَان
وَلم يزل عِنْد السُّلْطَان صَلَاح الدّين فِي أعز جَانب وأنعم نعْمَة وَالدُّنْيَا تخدمه والأرزاق يتَصَرَّف فِيهَا لِسَانه وقلمه إِلَى أَن توفّي السُّلْطَان صَلَاح الدّين وبارت سوق الْعلم وَالدّين بوفاته استوطن دمشق وَلزِمَ مدرسته الْعمادِيَّة
وَمن تصانيفه الخريدة والبرق الشَّامي وَالْفَتْح الْقُدسِي وَغير ذَلِك
قَالَ ابْن النجار وَكَانَ من الْعلمَاء المتقنين فقها وَخِلَافًا وأصولا ونحوا ولغة وَمَعْرِفَة بالتواريخ وَأَيَّام النَّاس
قَالَ وَكَانَ من محَاسِن الزَّمَان لم تَرَ الْعُيُون مثله
ثمَّ وَصفه بالأدب وَصفا كثيرا وَهُوَ فِيهِ كَمَا قَالَ وأزيد
وَأكْثر مَا يعاب عَلَيْهِ كَثْرَة اسْتِعْمَاله للجناس لَا سِيمَا فِي النثر بِحَيْثُ تضيق بِهِ الأنفاس ويكاد لَا يتْرك للفظة الْوَاحِدَة مجالا وَإِنَّمَا يحسن الجناس إِذا خف على الْقلب وَاللِّسَان وَلم يَتَعَدَّ الْمَرَّتَيْنِ
وَقد ذكره صاحبنا شيخ الْأَدَب القَاضِي صَلَاح الدّين خَلِيل بن أَبِيك الصَّفَدِي رَحمَه الله وَقَالَ بعد أَن ذكر قدرته على كل من النّظم والنثر أرى أَن شعره ألطف من نثره لإكثار الجناس فِي نثره وَأما النّظم فَكَانَ الْوَزْن فِيهِ يضايقه فَلَا يَدعه يتَمَكَّن من الجناس
ثمَّ ذكر من كَلَام الْعِمَاد الْخَالِي عَن الجناس قَوْله فَلَمَّا أَرَادَ الله السَّاعَة الَّتِي جلاها لوَقْتهَا وَالْآيَة الَّتِي لَا أُخْت لَهَا فَنَقُول هِيَ أكبر من أُخْتهَا أفضت اللَّيْلَة الماطلة إِلَى فجرها ووصلت الدُّنْيَا الْحَامِل إِلَى تَمام شهرها وَجَاءَت بواحدها الَّذِي تُضَاف إِلَيْهِ الْأَعْدَاد وملكها الَّذِي لَهُ الأَرْض بِسَاط وَالسَّمَاء خيمة والحبك أطناب وَالْجِبَال أوتاد وَالشَّمْس دِينَار والقطر دَرَاهِم والأفلاك خدم والنجوم أَوْلَاد
وَقَالَ هَذَا لما كَانَ خَالِيا من الجناس عذب فِي السّمع وقعه واتسع فِي الْإِحْسَان صقعه ورشفه اللب مدامه وَكَانَ عِنْد من لَهُ ذوق أطيب من تغريد حمامه
ثمَّ ذكر من كَلَامه الْمُشْتَمل على الجناس قَوْله من جَوَاب مُكَاتبَة فَوقف الْخَادِم عَلَيْهِ وأفاض فِي شكر فيض فَضله المستفيض وتبلج وَجه وجاهته وتأرج نبأ نباهته مَا عرفه من عوارفه الْبيض
ثمَّ قَالَ فَانْظُر إِلَى قلق هَذَا التَّرْكِيب وتعسفه فِي هَذَا التَّرْتِيب
قلت وَالْأَمر كَمَا وصف وَلَقَد يمج سَمْعِي فواتح أَبْوَاب الخريدة لما يكثر فِيهَا الجناس ورد الْعَجز على الصَّدْر
وَلَكِن قد يَقع لَهُ الجناس المطبوع وَأكْثر مَا يكون ذَلِك فِي شعره كَقَوْلِه فِي مطلع قصيدة يمتدح الْفَاضِل ... ...
وَكَقَوْلِه وَقد ساير القَاضِي الْفَاضِل فِي الفضاء وَقد انْتَشَر الْغُبَار لِكَثْرَة فرسَان الْعَسْكَر
(أما الْغُبَار فَإِنَّهُ ... مِمَّا أثارته السنابك)
(وَالْحق مِنْهُ مظلم ... لَكِن أنارته السنابك)
(يَا دهر لي عبد الرَّحِيم ... فلست أخْشَى مس نابك)
وَبَينه وَبَين القَاضِي الْفَاضِل أدبيات يطول شرحها
وَمن لطائفها قَوْله للْقَاضِي الْفَاضِل وَهُوَ يسايره سر فَلَا كبا بك الْفرس
فَأَجَابَهُ القَاضِي بقوله دَامَ علا الْعِمَاد
وَلَا يخفى أَن جَوَاب القَاضِي أرشق وَأحلى من كَلَام الْعِمَاد وَأَن بَين كلاميهما كَمَا بَينهمَا
توفّي الْعِمَاد بِدِمَشْق فِي مستهل شهر رَمَضَان سنة سبع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة
وَمن شعره وَذَلِكَ بَحر لَا سَاحل لَهُ غير أَنا نورد من حسنه قَلِيلا
قَالَ يمتدح المستنجد بِاللَّه
(وَمَا كل شعر مثل شعري فِيكُم ... وَمن ذَا يقيس البازل الْعود بِالنَّقْضِ)
(وَمَا عز حَتَّى هان شعر ابْن هانىء ... وللسنة الغراء عز على الرَّفْض)
وَقَالَ
(أفدي الَّذِي خلبت قلبِي لواحظه ... وخلفت لذعات الْحبّ فِي كَبِدِي)
(صِفَات ناظرة سقم بِلَا ألم ... سكر بِلَا قدح جرح بِلَا قَود
(معشق الدل من تيه وَمن صلف ... مرنح الْعَطف من لين وَمن سد)
(على محياه من نَار الصِّبَا شعل ... وَورد خديه من مَاء الْحَيَاة ندى)
وَقَالَ
(وَمَا هَذِه الْأَيَّام إِلَّا صَحَائِف ... يورخ فِيهَا ثمَّ يمحى ويمحق)
(وَلم أر فِي دهرى كدائرة المنى ... توسعها الآمال والعمر ضيق)
وَقَالَ
(اقنع وَلَا تطمع فَإِن الْفَتى ... كَمَاله فِي عزة النَّفس)
(وَإِنَّمَا ينقص بدر الدجى ... لأَخذه الضَّوْء من الشَّمْس)
وَقَالَ
(أبصرني مكبلا ... من الغرام ممتحن)
(فَقَالَ من قَاتله ... قلت لَهُ قَائِل من)
طبقات الشافعية الكبرى - تاج الدين السبكي

 

 

القَاضِي الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ المُفْتِي، المنشِئُ البَلِيْغُ، الوَزِيْرُ، عِمَادُ الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَامِدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيِّ بنِ مَحْمُوْدِ بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ أَلُه الأَصْبَهَانِيُّ الكَاتِبُ، وَيُعْرَفُ بِابنِ أَخِي العَزِيْزِ.
وُلِدَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ بِأَصْبَهَانَ.
وَقَدِمَ بَغْدَادَ، فَنَزَلَ بِالنّظَامِيَّةِ، وَبَرَعَ فِي الفِقْهِ عَلَى أَبِي مَنْصُوْرٍ سَعِيْدِ بنِ الرَّزَّازِ. وَأَتقنَ العَرَبِيَّةَ وَالخِلاَفَ، وَسَادَ فِي عِلْمِ التَّرَسُّلِ، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، وَاشْتُهِرَ ذِكْرُهُ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ خَيْرُوْنَ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ السَّيِّدِ ابْنِ الصَّبَّاغِ، وَالمُبَارَكِ بنِ عليٍّ السّمذِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ ابْنِ الأَشْقَرِ.
وَأَجَازَ لَهُ الفُرَاوِيُّ مِنْ نَيْسَابُوْرَ، وَابْنُ الحُصَيْنِ مِنْ بَغْدَادَ، وَرجعَ إِلَى أَصْبَهَانَ مُكِبّاً عَلَى العِلْمِ، وَتَنَقَّلَتْ بِهِ الأَحْوَالُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، وَالخطيرُ فُتُوْحُ بنُ نُوْحٍ، وَالعِزُّ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عُثْمَانَ الإِرْبِلِيُّ، وَالشِّهَابُ القُوْصِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. وَأَجَازَ مَرْوِيَّاتِهِ لِشيخِنَا أَحْمَدَ بنِ أَبِي الخَيْرِ.
وَأَلُه: فَارِسِيٌّ مَعْنَاهُ عُقَابٌ، وَهُوَ بِفَتحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَانِيهِ وَسكُوْنِ الهَاءِ.
اتَّصلَ بِابْنِ هَبِيرَةَ، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى دِمَشْقَ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ، وَاتَّصلَ بِالدَّوْلَةِ، وَخدمَ بِالإِنشَاءِ الملكَ نُوْرَ الدِّيْنِ. وَكَانَ يُنشِئُ بِالفَارِسِيِّ أَيْضاً، فَنفّذَهُ نُوْرُ الدِّيْنِ رَسُوْلاً إِلَى المُسْتَنْجِدِ، وَوَلاَّهُ تدرِيسَ العِمَادِيَّةِ سَنَة سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ، ثُمَّ رتَّبَهُ فِي إِشرَافِ الدِّيْوَانِ. فَلَمَّا تُوُفِّيَ نُوْرُ الدِّيْنِ، أُهْمِلَ، فَقصدَ المَوْصِلَ، وَمَرِضَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى حَلَبَ، وَصَلاَحُ الدِّيْنِ محاصر لها سنة سبعين، فَمدحَهُ، وَلَزِمَ رِكَابَهُ، فَاسْتكتبَهُ، وَقرَّبَهُ، فَكَانَ القَاضِي الفَاضِلُ يَنقطعُ بِمِصْرَ لمُهِمَّاتٍ، فَيَسُدُّ العِمَادَ فِي الخدمَةِ مَسَدَّهُ.
صَنّفَ كِتَابَ "خريْدَة القَصْرِ وَجرِيْدَة العصرِ" ذيلاً عَلَى زِينَةِ الدَّهْرِ لِلْحظيرِيِّ، وَهِيَ ذيلٌ عَلَى "دميَةِ القَصْرِ وَعصرَةُ أَهْلِ العصرِ" لِلبَاخَرْزِيِّ الَّتِي ذَيَّلَ بِهَا عَلَى "يَتيمَةِ الدَّهْرِ" لِلثعَالبِيِّ الَّتِي هِيَ ذَيلٌ عَلَى "البَارِعِ" لِهَارُوْنَ بنِ عَلِيٍّ المُنَجِّمِ، فَالخريْدَةُ مشتملٌ عَلَى شُعَرَاءِ زَمَانِهِ مِنْ بَعْدِ الخَمْسِ مائَة، وَهُوَ عشرُ مجلدات.
وَلَهُ "البَرْقُ الشَّامِيُّ" سَبْع مُجَلَّدَاتٍ، وَ"الفَتْحُ القُسِّيُّ فِي الفَتْحِ القُدْسِيِّ" مجلدَانِ، وَكِتَابُ "السَّيْلُ وَالذَّيلُ" مُجَلَّدَانِ، وَ"نُصْرَةُ الفَتْرَةِ" فِي أَخْبَار بنِي سَلْجُوْق، وَ"دِيْوَانُ رَسَائِل" كَبِيْرٌ، وَ"دِيْوَانُهُ" فِي أَرْبَعِ مُجَلَّدَاتٍ.
وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الفَاضِلِ مخَاطبَاتٌ وَمُكَاتَبَاتٌ. قَالَ مَرَّةً لِلْفَاضِلِ مِمَّا يُقرَأُ مَنْكوساً: سِرْ فَلاَ كَبَا بِكَ الفَرَسُ، فَأَجَابَهُ بِمِثْلِهِ فَقَالَ: دَامَ عُلاَ العِمَادِ.
قَالَ ابن خلكان: ولم يزل العماد على مكانته إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ صَلاَحُ الدِّيْنِ، فَاخْتَلَّتْ أَحْوَالُهُ، فَلَزِمَ بَيْتَهُ، وَأَقْبَلَ عَلَى تَصَانِيْفِهِ.
قَالَ المُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ: حَكَى لِي العِمَادُ، قَالَ: طلبنِي كَمَالُ الدِّيْنِ لنِيَابتِهِ فِي الإِنشَاءِ، فَقُلْتُ: لاَ أَعْرفُ الكِتَابَةَ، قَالَ: إِنَّمَا أُرِيْدُ مِنْكَ أَنْ تُثْبِتَ مَا يَجرِي، فَتُخْبِرنِي بِهِ، فَصِرْتُ أَرَى الكُتُبَ تُكْتَبُ إِلَى الأَطرَافِ، فَقُلْتُ: لَوْ طُلبَ مِنِّي أَنْ أَكْتُبَ مِثْلَ هَذَا، مَا كُنْتُ أَصْنَعُ? فَأَخَذتُ أَحْفَظُ الكُتُبَ، وَأُحَاكيهَا، وَأُروِّضُ نَفْسِي، فَكَتَبتُ إِلَى بَغْدَادَ كُتُباً، وَلَمْ أُطلِعْ عَلَيْهَا أَحَداً، فَقَالَ كَمَالُ الدِّيْنِ يَوْماً: ليتنَا وَجَدْنَا مَنْ يَكْتُبُ إِلَى بَغْدَادَ، وَيُرِيْحُنَا، فَقُلْتُ: أَنَا، فَكَتَبتُ، وَعرضْتُ عَلَيْهِ، فَأَعْجَبَهُ، وَاستكتَبَنِي، فَلَمَّا تَوجَّهَ أَسَدُ الدِّيْنِ إِلَى مِصْرَ المَرَّةَ الثَّالِثَةَ، صَحِبتُهُ.
قال الموفق: وكان فقهه على طريقة أَسْعَدَ المِيْهَنِيِّ. وَيَوْمَ تدرِيسِهِ تسَابقَ الفُقَهَاءُ لسَمَاعِ كَلاَمِهِ، وَحُسْنِ نُكَتِهِ، وَكَانَ بطيءَ الكِتَابَةِ، لَكنَّهُ دَائِمَ العملِ، وَلَهُ تَوسُّعٌ فِي اللُّغَةِ لاَ النَّحْوِ. تُوُفِّيَ بَعْدَ مَا قَاسَ مُهَانَاتِ ابْنِ شكر، وَكَانَ فَرِيْدَ عصرِهِ نَظماً وَنثراً، وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَجْلِسِ ابْنِ شُكْرٍ مزحوماً فِي أُخرِيَاتِ النَّاسِ.
وَقَالَ زَكِيُّ الدِّيْنِ المُنْذِرِيُّ: كَانَ العِمَادُ جَامِعاً لِلْفَضَائِلِ: الفِقْهِ، وَالأَدبِ، وَالشِّعْرِ الجيِّدِ، وَلَهُ اليَدُ البيضَاءُ فِي النَّثْرِ وَالنَّظمِ. صَنَّفَ تَصَانِيْفَ مُفِيْدَةً، وَللسُلْطَانِ الملكِ النَّاصِرِ مَعَهُ مِنَ الإِغضَاءِ وَالتَّجَاوزِ وَالبَسْطِ وَحُسْنِ الخُلُقِ مَا يُتَعَجَّبُ مِنْ وُقوعِ مِثْلِهِ. تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَدُفِنَ بِمقَابرِ الصُّوْفِيَّةِ رحمه الله.
أَنْبَأَنِي مَحْفُوْظُ ابْنُ البُزُوْرِيِّ فِي "تَارِيْخِهِ"، قَالَ: العِمَادُ إِمَامُ البُلَغَاءِ، شَمْسُ الشُّعَرَاءِ، وَقُطْبُ رَحَى الفُضَلاَءِ، أَشرقَتْ أَشعَّةُ فَضَائِلِهِ وَأَنَارَتْ، وَأَنجدَتِ الرُّكبَانُ بِأَخْبَارِهِ وَأَغَارَتْ، هُوَ فِي الفَصَاحَةِ قُسُّ دَهْرِهِ، وفي البلاغة سحبانه عصرِهِ، فَاقَ الأَنَامَ طُرّاً، نَظماً وَنثراً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ فِي كِتَابِهِ، عَنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الكَاتِبِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ السَّيِّدِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الصَّرِيْفِيْنِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ حَبَابَةَ، حَدَّثَنَا البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي ذِبيَان -هُوَ خَلِيْفَةُ بن كعب- قال: سمعت ابن الزبير يقول: لاَ تُلْبِسُوا نسَاءكُمُ الحَرِيْرَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "مَنْ لَبِسَهُ فِي الدُّنْيَا لَمْ يلبسه في الآخرة".
وَمِنْ نَظمِهِ فِيمَا أَجَازَ لَنَا ابْنُ سَلاَمَةَ عَنْهُ:
يَا مَالِكاً رَقَّ قَلْبِي ... أَرَاكَ مَالِكَ رقه
ها مهجتي خُذْهَا ... فَإِنَّهَا مُسْتَحقَّه
فَدَتْكَ نَفْسِي بِرِفْقٍ ... فَمَا أُطِيْقُ المَشَقَّه
وَيَا رَشِيْقاً أَتَانِي ... مِنْ سَهْمِ عَيْنَيْهِ رَشْقَه
لِصَارِمِ الجَفْنِ مِنْهُ ... فِي مُهْجَتِي أَلْفُ مَشْقَه
وَخَصْرُهُ مثلُ مَعْنَىً ... بَلاَغِيٍّ فِيْهِ دِقَّه
وَلَهُ مِنْ قصيدَةٍ:
كَالنَّجْمِ حِيْنَ هَدَا كَالدَّهْرِ حِيْنَ عَدَا ... كَالصُّبْحِ حِيْنَ بَدَا كَالعَضْبِ حين بري
في الحكم طودعلا فِي الحِلْمِ بَحْرُ نُهَىً ... فِي الجُوْدِ غَيْثُ نَداً فِي البَاسِ لَيْثُ شَرَا
وَلَهُ مِنْ أُخْرَى:
وَلِلنَّاسِ بِالمَلِكِ النَّاصِرِ الصَّلاَحِ ... صلاَحٌ وَنَصْرٌ كبير
هُوَ الشَّمْسُ أَفلاَكُهُ فِي البِلاَدِ ... وَمَطْلَعُهُ سَرْجُهُ والسرير
إذا ما سطا أو حبا واحتبى ... فَمَا اللَّيْثُ؟ منْ حَاتِمٌ؟ مَا ثَبِيْر؟
وَارْتَحَلَ فِي مَوْكِبٍ فَقَالَ فِي القَاضِي الفَاضِلِ:
أَمَّا الغُبَارُ فَإِنَّهُ ... مِمَّا أَثَارَتْهُ السَّنَابِكْ
فَالجَوُّ مِنْهُ مظلم ... لكن تباشير السنابك
يا دهر لي عبد الرحيم ... فلست أخشى مس نابك
سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي.

 

 

محمد بن محمد صفي الدين ابن نفيس الدين حامد بن أله، أبو عبد الله، عِمَاد الدِّين الكاتب الأصبهاني:
مؤرخ، عالم بالأدب، من أكابر الكتاب ولد في أصبهان، وقدم بغداد حدثا، فتأدب وتفقه. واتصل بالوزير عون الدين (ابن هبيرة) فولاه نظر البصرة ثم نظر واسط. ومات الوزير، فضعف أمره، فرحل إلى دمشق، فاستخدم عند السلطان (نور الدين) في ديوان الإنشاء. وبعثه نور الدين رسولا إلى بغداد أيام (المستنجد) ثم لحق بصلاح الدين بعد موت نور الدين، فكان معه في مكانة (وكيل وزارة) إذا انقطع (الفاضل بمصر لمصالح صلاح الدين قام العماد مقامه. ولما توفي صلاح الدين استوطن العماد دمشق ولزم مدرسته المعروفة بالعمادية. وتوفي بها.
له كتب كثيرة، منها (خريدة القصر - ط) مجلدات منه، في دمشق وبغداد وكانت في طريقة طبعه إقليمية خبيثة في الأدب. و (الفتح القُسى في الفتح القدسي - ط) و (البرق الشامي - خ) سبع مجلدات في أخبار صلاح الدين وفتوحه، و (ديوان رسائل) و (ديوان شعر) و (السيل على الذيل) ثلاث مجلدات، في تاريخ بغداد، جعله ذيلا على ذيل ابن السمعاني، و (نصرة الفترة وعصرة الفطرة) في أخبار الدولة السلجوقية، اختصره الفتح بن علي البنداري في جزء سماه (زبدة النصرة ونخبة العصرة - ط) ويعرف ب (تواريخ آل سلجوق) وله (البستان - خ) في التاريخ .
-الاعلام للزركلي-