أحمد بن إسماعيل بن يوسف بن محمد بن العباس القزويني الطالقاني

رضى الدين أبي الخير

تاريخ الولادة512 هـ
تاريخ الوفاة590 هـ
العمر78 سنة
مكان الولادةقزوين - إيران
مكان الوفاةقزوين - إيران
أماكن الإقامة
  • قزوين - إيران
  • نيسابور - إيران
  • بغداد - العراق

نبذة

الشَّيْخ الإِمَام الْفَقِيه الصُّوفِي الْوَاعِظ الملقب رضى الدّين أحد الْأَعْلَام ولد فِي سنة اثنتى عشرَة وَخَمْسمِائة بقزوين وَقيل سنة إِحْدَى عشرَة وتفقه بهَا على ملكداد بن عَليّ ثمَّ ارتحل إِلَى نيسابور

الترجمة

 أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن الْعَبَّاس الشَّيْخ أَبُي الْخَيْر الْقزْوِينِي الطَّالقَانِي

الشَّيْخ الإِمَام الْفَقِيه الصُّوفِي الْوَاعِظ الملقب رضى الدّين أحد الْأَعْلَام
ولد فِي سنة اثنتى عشرَة وَخَمْسمِائة بقزوين
وَقيل سنة إِحْدَى عشرَة
وتفقه بهَا على ملكداد بن عَليّ
ثمَّ ارتحل إِلَى نيسابور
وتفقه على مُحَمَّد بن يحيى
وَسمع الكثيرمن أَبِيه وَأبي عبد الله مُحَمَّد بن الْفضل الفراوي وزاهر الشحامي وَعبد الْمُنعم بن الْقشيرِي وَعبد الغافر الْفَارِسِي وَعبد الْجَبَّار الخواري وَهبة الله ابْن السيدي ووجيه بن طَاهِر وَأبي الْفَتْح بن البطي وَغَيرهم بنيسابور وبغداد وَغَيرهمَا
روى عَنهُ ابْن الدبيثي وَمُحَمّد بن عَليّ بن أبي السهل الوَاسِطِيّ والموفق عبد اللَّطِيف ابْن يُوسُف وَالْإِمَام الرَّافِعِيّ وَغَيرهم
درس بِبَلَدِهِ مُدَّة ثمَّ بِبَغْدَاد ثمَّ عَاد إِلَى بَلَده ثمَّ عَاد إِلَى بَغْدَاد ودرس بالنظامية
وَحدث بكبار الْكتب ك تَارِيخ الْحَاكِم وَسنَن الْبَيْهَقِيّ وصحيح مُسلم ومُسْند إِسْحَاق وَغَيرهَا
وأملى عدَّة مجَالِس
قَالَ ابْن النجار كَانَ رَئِيس أَصْحَاب الشَّافِعِي وَكَانَ إِمَامًا فِي الْمَذْهَب وَالْخلاف وَالْأُصُول وَالتَّفْسِير والوعظ والزهد
وَحدث عَنهُ الإِمَام الرَّافِعِيّ فِي أَمَالِيهِ
وَقَالَ فِيهِ إِمَام كثير الْخَيْر موفر الْحَظ من عُلُوم الشَّرْع حفظا وجمعا ونشرا بالتعليم والتذكير والتصنيف وَكَانَ لِسَانه لَا يزَال رطبا من ذكر الله وَمن تِلَاوَة الْقُرْآن وَرُبمَا قرىء عَلَيْهِ الحَدِيث وَهُوَ يُصَلِّي ويصغي إِلَى مَا يَقُول القارىء وينبهه إِذا زل قلت وَأطَال ابْن النجار فِي تَرْجَمته وَالثنَاء على علمه وَدينه
وروى بِإِسْنَادِهِ حِكَايَة مبسوطة ذكر أَنه عربها من العجمي إِلَى الْعَرَبيَّة حاصلها أَن الطَّالقَانِي حكى عَن نَفسه أَنه كَانَ بليد الذِّهْن فِي الْحِفْظ وَأَنه كَانَ عِنْد الإِمَام مُحَمَّد بن يحيى فِي الْمدرسَة وَكَانَ من عَادَة ابْن يحيى أَن يستعرض الْفُقَهَاء كل جُمُعَة وَيَأْخُذ عَلَيْهِم مَا حفظوه فَمن وجده مقصرا أخرجه فَوجدَ الطَّالقَانِي مقصرا فَأخْرجهُ فَخرج فِي اللَّيْل وَهُوَ لَا يدْرِي إِلَى أَيْن يذهب فَنَامَ فِي أتون حمام فَرَأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتفل فِي فَمه مرَّتَيْنِ وَأمره بِالْعودِ إِلَى الْمدرسَة فَعَاد وَوجد الْمَاضِي مَحْفُوظًا واحتد ذهنه جدا
قَالَ فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة وَكَانَ من عَادَة الإِمَام مُحَمَّد بن يحيى أَن يمْضِي إِلَى صَلَاة الْجُمُعَة فِي جمع من طلبته فَيصَلي عِنْد الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن الأكاف الزَّاهِد
قَالَ فمضيت مَعَه فَلَمَّا جلس مَعَ الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن تكلم الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن فِي شَيْء من مسَائِل الْخلاف وَالْجَمَاعَة ساكتون تأدبا مَعَه وَأَنا لصِغَر سني وحدة ذهني أعترض عَلَيْهِ وأنازعه وَالْفُقَهَاء يشيرون إِلَى بالإمساك وَأَنا لَا ألتفت
فَقَالَ لَهُم الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن دَعوه فَإِن هَذَا الْكَلَام الَّذِي يَقُوله لَيْسَ هُوَ مِنْهُ إِنَّمَا هُوَ من الَّذِي علمه
قَالَ وَلم يعلم الْجَمَاعَة مَا أَرَادَ وفهمت أَنا وَعلمت أَنه مكاشف
قَالَ ابْن النجار وَقيل إِنَّه كَانَ مَعَ كَثْرَة اشْتِغَاله يداوم الصّيام وَيفْطر كل لَيْلَة على قرص وَاحِد

وَحكى أَنه لما دعى إِلَى تدريس النظامية جَاءَ بالخلعة وَحَوله الْفُقَهَاء وَهُنَاكَ المدرسون والصدور والأعيان فَلَمَّا اسْتَقر على كرْسِي التدريس وقرئت الربعة الشَّرِيفَة ودعى دُعَاء الختمة الْتفت إِلَى الْجَمَاعَة قبل الشُّرُوع فِي إِلْقَاء الدَّرْس وَقَالَ من أَي كتب التفاسير تحبون أَن أذكر فعينوا كتابا
فَقَالَ من أَي سُورَة تُرِيدُونَ فعينوا
وَذكر لَهُم مَا أَرَادوا
وَكَذَلِكَ فعل فِي الْفِقْه وَالْخلاف لم يذكر إِلَّا مَا عين الْجَمَاعَة لَهُ فعجبوا لِكَثْرَة استحضاره
قَالَ ابْن النجار حَدثنِي شَيخنَا أَبُو الْقَاسِم الصُّوفِي قَالَ صلى شَيخنَا الْقزْوِينِي بِالنَّاسِ التَّرَاوِيح فِي ليَالِي شهر رَمَضَان وَكَانَ يحضر عِنْده خلق كثير فَلَمَّا كَانَ لَيْلَة الْخَتْم دَعَا وَشرع فِي تَفْسِير الْقُرْآن من أَوله وَلم يزل يُفَسر سُورَة سُورَة حَتَّى طلع الْفجْر فصلى بِالنَّاسِ صَلَاة الْفجْر بِوضُوء الْعشَاء وَخرج من الْغَد إِلَى الْمدرسَة النظامية وَكَانَ نوبَته فِي الْجُلُوس بهَا فَلَمَّا تكلم فِي الْمِنْبَر على عَادَته وطَابَ النَّاس وَكَانَ فِي الْمجْلس الْأَمِير قطب الدّين قيماز والأعيان فَذكرُوا لَهُم أَن الشَّيْخ لَيْلَة إِذْ فسر الْقُرْآن كُله فِي مجْلِس وَاحِد
فَقَالَ قطب الدّين الغرامة على الشَّيْخ واجبه
فَالْتَفت الشَّيْخ وَقَالَ إِن الْأَمِير أوجب علينا شَيْئا فَإِن كَانَ لَا يشق عَلَيْكُم وَفينَا بِهِ

فَقَالُوا لَا بل نؤثر ذَلِك
فشرع وَفسّر الْقُرْآن من أَوله إِلَى أَخّرهُ من غير أَن يُعِيد كلمة مِمَّا ذكر لَيْلًا
فَأبْلسَ النَّاس من قُوَّة حفظه وغزارة علمه
قَالَ أَبُو أَحْمد بن سكينَة لما أظهر ابْن الصاحب الرَّفْض بِبَغْدَاد جَاءَنِي الْقزْوِينِي لَيْلًا فودعني وَذكر أَنه مُتَوَجّه إِلَى بِلَاده
فَقلت إِنَّك هَهُنَا طيب وَتَنْفَع النَّاس
فَقَالَ معَاذ الله أَن أقيم ببلدة يجْهر فِيهَا بسب أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
ثمَّ خرج من بَغْدَاد إِلَى قزوين وَكَانَ آخر الْعَهْد بِهِ
قلت أَقَامَ بقزوين مُعظما مُحْتَرما إِلَى أَن توفى بهَا
قَالَ الرَّافِعِيّ فِي الأمالي كَانَ يعْقد الْمجْلس للعامة ثَلَاث مَرَّات فِي الْأُسْبُوع إِحْدَاهَا صَبِيحَة يَوْم الْجُمُعَة فَتكلم على عَادَته يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي عشر الْمحرم سنة تسعين وَخَمْسمِائة فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِن توَلّوا فَقل حسبي الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ} وَذكر أَنَّهَا من أَوَاخِر مَا نزل وعد الْآيَات الْمنزلَة آخرا مِنْهَا {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} وَمِنْهَا سُورَة النَّصْر وَقَوله تَعَالَى {وَاتَّقوا يَوْمًا ترجعون فِيهِ إِلَى الله} وَذكر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا عَاشَ بعد نزُول هَذِه الْآيَة إِلَّا سَبْعَة أَيَّام
قَالَ الرَّافِعِيّ وَلما نزل من الْمِنْبَر حم وَمَات فِي الْجُمُعَة الْأُخْرَى وَلم يَعش بعد ذَلِك إِلَّا سَبْعَة أَيَّام
قَالَ وَذَلِكَ من عَجِيب الاتفاقات
قَالَ وَكَأَنَّهُ أعلم بِالْحَال وَأَنه حَان وَقت الارتحال

وَدفن يَوْم السبت
قَالَ وَلَقَد خرجت من الدَّار بكرَة ذَلِك الْيَوْم على قصد التَّعْزِيَة وَأَنا فِي شَأْنه متفكر وَمِمَّا أَصَابَهُ منكسر إِذْ وَقع فِي خلدي من غير نِيَّة وفكر روية
(بَكت الْعُلُوم بويلها وعويلها ... لوفاة أحمدها ابْن إسماعيلها)
كَأَن أحدا يكلمني بذلك ثمَّ أضفت إِلَيْهِ أبياتا بالروية ذهبت عني
انْتهى
وَمن الْفَوَائِد عَن أبي الْخَيْر رَحمَه الله
لَهُ مُصَنف سَمَّاهُ حظائر الْقُدس عد فِيهِ لشهر رَمَضَان أَرْبَعَة وَسِتِّينَ اسْما
وَنقل فِيهِ فِي معنى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا يحكيه عَن ربه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الصَّوْم لي وَأَنا أجزى بِهِ خَمْسَة وَخمسين قولا
من أغربها مَا نَقله عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة وناهيك بِهِ أَن يَوْم الْقِيَامَة يتَعَلَّق خصماؤه بِجَمِيعِ أَعماله إِلَّا الصَّوْم فَلَا سَبِيل لَهُم عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لله تَعَالَى وَإِذا لم يبْق إِلَّا الصَّوْم يتَحَمَّل الله تَعَالَى مَا بَقِي من الْمَظَالِم ويدخله بِالصَّوْمِ الْجنَّة
قَالَ الشَّيْخ الإِمَام الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى وَرَضي عَنهُ فِي بَاب صَوْم التَّطَوُّع وَهَذَا إِن صَحَّ فِيهِ تَوْقِيف فَهُوَ فِي غَايَة الْحسن

قلت قد يرد عَلَيْهِ بِمَا فِي صَحِيح مُسلم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَتَدْرُونَ من الْمُفلس)
قَالُوا من لَا دِرْهَم لَهُ وَلَا مَتَاع
قَالَ (إِن الْمُفلس من أمتِي من يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة بِصَلَاة وَصِيَام وَزَكَاة قد شتم هَذَا وَقذف هَذَا وَأكل مَال هَذَا وَسَفك دم هَذَا وَضرب هَذَا فيعطي هَذَا من حَسَنَاته وَهَذَا من حَسَنَاته فَإِن فنيت حَسَنَاته أَخذ من خطاياهم وطرحت عَلَيْهِ ثمَّ طرح فِي النَّار)
الحَدِيث ظَاهره أَنه يُؤْخَذ من الصَّوْم
فَإِن قلت الصَّوْم لَيْسَ من حَسَنَاته وَإِنَّمَا هُوَ لله تَعَالَى لَا يُضَاف إِلَى العَبْد
قلت هَذَا حسن غير أَن قَوْله ثمَّ طرح فِي النَّار مَعَ أَن لَهُ صياما يدل على أَن الصَّوْم وَإِن بَقِي سالما لم يتَعَلَّق الْخُصُوم مِنْهُ بِشَيْء لَا يتَعَيَّن مَعَه دُخُول الْجنَّة بل يَقع مَعَه دُخُول النَّار فَلَا بُد لِسُفْيَان من تَوْقِيف وَإِلَّا فَهَذَا الحَدِيث ظَاهر يرد عَلَيْهِ

طبقات الشافعية الكبرى - تاج الدين السبكي

 

الشَّيْخُ الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الوَاعِظُ، ذُو الفُنُوْنِ، رضِيُّ الدِّينِ، أَبُو الخَيْرِ أَحْمَدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ يوسف الطالقاني القزويني الشافعي.
مَوْلِدُهُ بقَزْوِيْنَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَتَفَقَّهَ عَلَى ملكدَاذ بنِ عَلِيٍّ العُمَرَكِيِّ، ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى نَيْسَابُوْرَ، فَتفقَّهَ بِمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهِ، وَبَرَعَ فِي المَذْهَبِ.
وَسَمِعَ مِنْ أبي عَبْدِ اللهِ الفُرَاوِيِّ، وَعَبْدِ الغَافِرِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَهِبَةِ اللهِ السَّيِّدِيِّ، وَزَاهِرٍ الشَّحَّامِيِّ، وَعَبْدِ المُنْعِمِ ابْنِ القُشَيْرِيِّ، وَعَبْدِ الجَبَّارِ الخُوَارِيِّ. وَسَمِعَ الكُتُبَ الكِبَارَ.
وَدَرَّسَ بقَزْوِيْنَ وَبِبَغْدَادَ.
وَسَمِعَ مِنِ ابْنِ البَطِّيِّ. وَوَعَظَ، وَنَفَقَ سُوْقهُ، ثُمَّ درَّسَ بِالنّظَامِيَّةِ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ إِمَاماً فِي المَذْهَبِ وَالأُصُوْلِ وَالتَّفْسِيْرِ وَالخلاَفِ وَالتَّذْكيرِ، وَحَدَّثَ "بصَحِيْحِ مُسْلِمٍ"، وَ"مُسْنَدِ ابْنِ رَاهَوَيْه"، وَ"تَارِيخِ الحَاكِمِ"، وَ"السُّنَنِ الكَبِيْرِ"، وَ"دَلاَئِلِ النُّبُوَّةِ"، وَ"البَعْثِ"، لِلْبَيْهَقِيِّ، وَأَملَى مَجَالِسَ، وَوعظَ، وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ لحُسْنِ سَمْتِهِ، وَحَلاَوَةِ مَنْطِقهِ، وَكَثْرَةِ مَحْفُوْظَاتِهِ، وَكثُرَ التَّعصّبُ لَهُ مِنَ الأُمَرَاءِ وَالخَوَاصِّ، وَأَحَبَّهُ العوَامُّ، وَكَانَ يَجلسُ بِجَامِعِ القَصْرِ، وَبِالنّظَامِيَّةِ، وَتحضرُهُ أُمَمٌ، ثم عاد سَنَة ثَمَانِيْنَ إِلَى بلدِهِ. وَكَانَ كَثِيْرَ العِبَادَةِ وَالصَّلاَةِ، دَائِمَ الذِّكرِ، قَلِيْلَ المَأكل، يَشتملُ مَجْلِسُهُ عَلَى التَّفْسِيْرِ وَالحَدِيْثِ وَالفِقْهِ وَحِكَايَاتِ الصَّالِحِيْنَ بِلاَ سجعٍ وَلاَ تَزويقٍ وَلاَ شِعرٍ. وَهُوَ ثِقَةٌ فِي رِوَايَتِهِ، وَقِيْلَ: كَانَ يَخْتِمُ كُلَّ يَوْمٍ مَعَ دوَامِ الصَّوْمِ، وَيُفْطِرُ عَلَى قرصٍ وَاحِدٍ.
وَقَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ: أَملَى عِدَّةَ مَجَالِسَ، وَكَانَ مُقْبِلاً عَلَى الخَيْرِ، كَثِيْرَ الصَّلاَةِ، لَهُ يَدٌ بَاسِطَةٌ فِي النَّظَرِ، وَاطِّلاعٌ عَلَى العلُوْمِ، وَمَعْرِفَةٌ بِالحَدِيْثِ، كَانَ جَمَّاعَةً لِلْفنُوْنِ -رَحِمَهُ الله- رُدَّ إِلَى بلدِهِ، فَأَقَامَ مُشْتَغِلاً بِالعِبَادَةِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَقَالَ الحَافِظُ عَبْدُ العَظِيْمِ: حَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَزَالُ لِسَانُهُ رَطْباً مِنْ ذِكْرِ اللهِ. مَاتَ فِي الثَّالِثِ وَالعِشْرِيْنَ مِنَ المُحَرَّمِ.
وَأَنْبَأَنَا مَحْفُوْظُ ابْنُ البُزُوْرِيِّ فِي "تَارِيْخِهِ"، قال: أبو الخير، هُوَ أَوَّلُ مَنْ وَعَظَ بِبَابِ بدْرٍ الشَّرِيْفِ.

قُلْتُ: هَذَا مَوْضِعٌ كَانَ رُبَّمَا حضَرَ فِيْهِ وَعظَهُ الخَلِيْفَةُ المُسْتَضِيْءُ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ، وَتحضرُ الأُمَمُ، فَكَانَ هُوَ يَعظُ مرَّةً وَابْنُ الجَوْزِيِّ مرَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو البَقَاءِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ المُؤَدِّبُ، وَالمُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ، وَبَالَغَ فِي تَعَظِيْمِهِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ ابْن الدُّبَيْثِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي السَّهْلِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ المُوَفَّقُ: كَانَ يَعملُ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مَا يَعجزُ المُجْتَهِدُ عَنْهُ فِي شَهْرٍ، وَظهرَ التَّشَيُّعُ فِي زَمَانِهِ بِسَبَبِ ابْنِ الصَّاحبِ، فَالتمسَ العَامَّةُ مِنْهُ عَلَى المِنْبَرِ يَوْمَ عَاشُورَاء أَنْ يَلعَنَ يَزِيْدَ، فَامتنعَ، فَهمُّوا بِقَتْلِهِ مَرَّاتٍ، فَلَمْ يُرَعْ، وَلاَ زَلَّ، وَسَارَ إِلَى قَزْوِيْنَ، وَضَجَعَ لَهُم ابْنُ الجَوْزِيِّ.
وَلأَبِي الخَيْرِ وَلدَانِ متخَلِّفَانِ دخلاَ في الكذب والزوكرة والغربة.
سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي.
 

 

 

الشيخ الإمام أبو الخير أحمد بن إسمعيل بن يوسف بن محمد بن العباس القَزْويني الطَّالقاني، الفقيه الشافعي، المتوفى بها في محرم سنة تسعين وخمسمائة عن ثمانية وسبعين سنة.
قرأ وسمع الفرادى وحدَّث بـ "مسلم" و"سنن البيهقي" و"تاريخ الحاكم" وغيرها. وحدَّث عنه الرافعي في "أماليه".
وكان إمامًا، عابدًا، تكلم في درسه على عادته في آخر ما نزل من الآيات وذكر منها {اليوم أكملت لكم [دينكم]} الآية وذكر أن النبي -عليه السلام- ما عاش بعد نزولها إلا سبعة أيام ولما نزل من المنبر حُمَّ ومات بعد سبعة أيام وذلك من الاتفاقيات الغريبة، وله كتاب "حَظائر القدس". ذكره السبكي وغيره وورَّخه ابن النجار بمحرم سنة تسع وثمانين.
سلم الوصول إلى طبقات الفحول - حاجي خليفة.