حسّونة بن عبد الله النواوي الحنفي الأزهري:
فقيه مصري. ولد في نواي (من قرى أسيوط - بمصر) وتعلم في الأزهر، وتولى تدريس العلوم الشرعية في مدرسة الحقوق المصرية، وتنقل في مناصب القضاء، ثم ولي إفتاء الديار المصرية ومشيخة الجامع الأزهر مرتين (1313 - 1317 هـ و (1324 - 1327 هـ له كتب، منها (سلم المسترشدين في أحكام الفقه والدين - ط) . توفي في القاهرة .
-الاعلام للزركلي-
الشيخ حسونة النواوي
هو الإمام الشيخ حسونة بن عبد الله النواوي الحنفي، ولد عام 1255هـ = 1839م، بقرية نواي التابعة لمركز ملوى بحافظة أسيوط، وحفظ القرآن الكريم ببلدته حيث نشأ وإليها ينسب.
حضر الشيخ إلى الأزهر ليتلقى فيه علومه، ويحضر دروسه التي يلقيها كبار المشايخ وعظماء العلماء أمثال الشيخ النواوي، والشيخ البحراوي، والشيخ علي الأسيوطي وغيرهم من العلماء.
برع الشيخ في تحصيل العلوم وفاق أقرانه، وظهرت عليه علامات ذكاء لم تتوافر في كثيرين ممن هم أكبر منه في السن، وأقدم منه في تحصيل العلوم، فلفت إليه الأنظار ونال اهتمام واحترام ورعاية العلماء، فمنحوه إجازة بالتدريس، وعينوه مدرساً للفقه بجامع محمد علي، فلفت إليه الأنظار بإلقائه وطريقة عرضه للدروس، فعينه ناظر المعارف (التربية والتعليم) أستاذاً للفقه بمدرستي دار العلوم والحقوق إلى جانب عمله بمسجد محمد علي، فقام الشيخ بهذه الأعمال الكبيرة في وقت واحد وعلى أكمل وجه ليس هذا فحسب، بل قام بتأليف كتابه [سلم المسترشدين في أحكام الفقه والدين] وهو كتاب عظيم في المذهب الحنفي أوضح فيه الشيخ كثيراً من القضايا الفقهية التي اختلفت حولها الآراء، وتعددت فيها الأقوال؛ والكتاب في جزئين كبيرين ونال شهرة كبيرة في الأوساط العلمية وبين العلماء والدارسين.
صدر قرار الخديوي بندب الشيخ النواوي ليكون وكيلاً للشيخ الأنبابي شيخ الأزهر عام 1311هـ = 1894هـ لأن الشيخ الأنبابي كان قد أتعبه المرض فأعجزه عن القيام بمهام المشيخة، وأعقب ذلك قرار الخديوي عام 1312 هـ بتعيين لجنة مكونة من خمسة علماء ليقوموا على إصلاح شؤون الأزهر وكانوا، الشيخ محمد عبده، والشيخ سليمان العبد، والشيخ عبد الكريم سلمان، والشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوي، والشيخ أحمد البسيوني وجاءت استقالة الشيخ الأنبابي من منصب المشيخة فأصدر الخديوي قراره بتعيين الشيخ حسونة النواوي شيخاً للجامع الأزهر في الثامن من محرم عام 1313هـ = 1896م، كما تم تعيينه مفتياً للديار المصرية عام 1315هـ، عقب وفاة الشيخ المهدي، بالإضافة إلى انتخابه عضواً في المجلس العالي بالمحكمة الشرعية.
ظل الشيخ يقوم بمسؤولياته، وعمل على إصلاح الجامع الأزهر والنهوض به إلى أن أوشك على الانتهاء عام 1316 هـ ووقع حادث ملخصه أن مجلس شورى القوانين ناقش اقتراحاً بندب قاضيين من مستشاري محكمة الاستئناف الأهلية ليشاركا قضاة المحكمة الشرعية العليا في الحكم، ولكن الشيخ حسونة اعترض على هذا الاقتراح، واحتد الشيخ علي [مصطفى باشا فهمي] رئيس الوزراء بمجلس شورى القوانين أثناء مناقشة الاقتراح، فرفع رئيس الوزراء الأمر للخديوي وأيده الوزراء عند الخديوي وطلبوا عزل شيخ الأزهر من منصبه، فأرسل الخديوي للشيخ وحاول أن يقنعه بالموافقة على الاقتراح، ولكن الشيخ أصر على موقفه وقال: إن المحكمة الشرعية العليا قائمة مقام المفتي في أكثر أحكامها، ومهما يكن في التغيير في الاقتراح فإنه لا يخرج عن مخالفته للشرع لأن شرط تولية المفتي مفقود في قضاة الاستئناف، فأصدر الخديوي قراراً بعزل الشيخ من منصبه في 24 من محرم عام 1317هـ، وأعيد مرة ثانية إلى هذا المنصب في عام 1324 هـ وبين فترتي ولايته المشيخة الأزهر تولى أمر هذا المنصب أكثر من شخص على النحو التالي:
- الشيخ حسونة - ولايته الأولى - من سنة 1313 هـ حتى 1317هـ.
- الشيخ عبد الرحمن النواوي - ابن عم الشيخ حسونة - بدأت ولايته خلال عام 1317هـ وانتهت بعد شهر واحد لوفاته.
- الشيخ سليم البشرى بدأ من عام 1317 حتى عام 1320هـ.
- الشيخ علي بن محمد الببلاوي من 1320 هـ حتى 1323هـ.
- الشيخ عبد الرحمن الشربيني من 1323هـ حتى عام1324هـ.
- ثم عاد الشيخ حسونة عام 1324هـ إلى منصبه مرة.
ولقد قام الشيخ حسونة بتطوير الأزهر، ونادى بإصلاحه وساعده في ذلك الشيخ محمد عبده، كما قام؛ بالتنظيم المالي والإداري، وأدخل العلوم الحديثة في الأزهر، واستصدر بذلك قانونا في 20 من المحرم عام 1314هـ = 1896م يتكون من ستة أبواب تضم 62 مادة، فكان الباب الأول: في الإدارة العامة، وينص على تشكيل مجلس الإدارة الأزهر من خمسة أعضاء غير الرئيس، ثلاثة منهم من علماء الأزهر، والاثنان الباقيان من العلماء الموظفين في الحكومة على أن ينعقد المجلس مرتين في الشهر ويختص بالقرارات والقواعد الخاصة بتنظيم الدراسة والطلبة وحسن الإدارة.
الباب الثاني: ينص على ألا يعتبر طالباً للعلم بالأزهر إلا من بلغ خمسة عشر عاماً وأن تكون له دراية بالقراءة والكتابة وأن يكون حافظاً لنصف القرآن، إلا إذا كان كفيفاً فعليه حفظ القرآن كله.
الباب الثالث: وينص على منع قراءة الحواشي والتقارير في سنوات الدراسة الأربعة.
الباب الرابع: وينص على أن يكون الامتحان على مرحلتين إحداهما بعد ثماني سنوات لمناصب الإمامة والخطابة والوعظ بالمساجد، والثانية: لمن أتم اثنتي عشرة سنةبالأزهر وتكون للحصول على شهادة العالمية.
الباب الخامس: في تنظيم الإدارة.
الباب السادس: أحكام عامة.
وعمل الشيخ على تنفيذ هذا القانون بدقة متناهية، كما عمل على جمع مكتبات الأزهر في مكتبة واحدة تم تنظيمها وترتيبها، وتقدم الأزهر في عهده تقدماً ملحوظاً وساعده في ذلك الإمام محمد عبده رائد الإصلاح في ذلك الوقت وما بعده.
وقد ذكر تيمور باشا الشيخ حسونة بقوله: الحقيقة أن الشيخ لم يُعهد عليه ما يشين دينه ولا دنياه، بل عرف بالعفة، وعلو الهمة، ونقاء اليد لولا جفاء كان يبدو بعض الأحيان في منطقه، وشدة يراها بعض الناس فيه، ويعدها البعض شهامة لحفظ ناموس العلم، وبخاصة مع الكبراء الذين فسدهم تملق علماء السوء، وحملهم على الاستهانة بهذه الطائفة - يقصد العلماء-.
ظل الشيخ حسونة النواوي طيلة حياته رمزاً للكرامة والدفاع عن الحق رغم ما كان يلاقيه من صعوبات في سبيل تحقيق ذلك وقدم استقالته عام 1327هـ من منصب شيخ الأزهر لتضارب الأمور واختلاف الأحوال وضياع القيم، وآثر أن يلزم داره على أن يظل في منصب لا يستطيع فيه إتخاذ قرار حر، أو إحقاق حق أو رفع ظلم وتغيير باطل، وعاش بقية حياته بعد استقالته من مشيخة الأزهر للتزاور مع الأصدقاء، والاطلاع والبحث فيما يستجد من أمور تضيف شيئاً إلى علمه الغزير وثقافته الموسوعية العميقة.
ولقي الشيخ ربه صبيحة يوم الأحد 24 من شوال عام 1343 هـ، ودفن بقرافة المجاورين بعد أن صلي عليه، وكان مشهداً مهيباً ظل الناس يتحدثون عنه وعن عدد من حضره لفترات طويلة.
ترك الشيخ عدة مصنفات له كان من أهمها:
- سلم المسترشدين في أحكام الفقه والدين، وهو الكتاب الذي لفت إليه أنظار القائمين على نظارة المعارف (وزارة التربية والتعليم) فقرروا تدريسه لطلبة المدارس.
- قانون تنظيم الأزهر، ساعده في إعداده اللجنة المعاونة له في إدارة الأزهر.
رحم الله الإمام الشيخ حسونة النواوي الذي عاش حياته في صراع من أجل الحق والدفاع عنه، والتصدي للباطل ومناصريه.
شيوخ الأزهر تأليف أشرف فوزي صالح ج/2 – ص 72 - 75.