نصر بن إبراهيم بن نصر المقدسي أبي الفتح
ابن أبي حافظ أبي نصر
تاريخ الولادة | 377 هـ |
تاريخ الوفاة | 490 هـ |
العمر | 113 سنة |
مكان الوفاة | دمشق - سوريا |
أماكن الإقامة |
|
- محمد بن علي بن يحيى بن سلوان المازني أبي عبد الله "ابن القماح"
- محمد بن جعفر بن علي الميماسي أبي بكر
- علي بن موسى بن الحسين الدمشقي أبي الحسن "ابن السمسار"
- محمد بن بيان بن محمد الآمدي الكازروني أبي عبد الله
- الحسن بن محمد بن الحسن الساوي أبي علي
- الحسن بن علي بن إبراهيم بن يزداد الأهوازي أبي علي
- محمد بن عوف بن أحمد المزني الدمشقي أبي الحسن "أبي بكر"
- عبد الرحمن بن عبد العزيز الحلبي الرامي أبي القاسم سراج الدين "ابن الطبيز"
- الحسين بن محمد بن أحمد الأنصاري الحلبي البزاز أبي عبد الله "ابن المنيقير"
- محمد بن محمد بن الغراء البصري أبي الغنائم
- أبي الفتح سليم بن أيوب بن سليم الرازي
- أبي زيد محمد بن أحمد بن عبد الله المروزي
- الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين أبي محمد "والد ابن عساكر"
- محمد بن يحيى بن علي بن عبد العزيز القرشي الدمشقي أبي المعالي "ابن الصائغ"
- علي بن المسلم بن محمد بن علي بن الفتح السلمي أبي الحسن جمال الإسلام "ابن الشهرزوري"
- محمد بن عبد الله بن محمد المعافري أبي بكر "القاضي أبي بكر بن العربي"
- الحسين بن الحسن بن محمد الأسدي أبي القاسم "ابن البن"
- هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن علي بن طاوس البغدادي الدمشقي أبي محمد
- علي بن عساكر بن سرور المقدسي الخشاب أبي الحسن
- عبدان بن زرين بن محمد الدويني أبي محمد
- إدريس بن حمزة بن علي الشامي الرملي أبي الحسن
- عبد الواحد بن محمد بن المسلم بن الحسن الأزدي الدمشقي أبي المكارم
- حسان بن تميم بن نصر الدمشقي الزيات أبي الندى
- عبد السلام بن الحسن بن علي بن زرعة الصوري أبي أحمد
- حمزة بن علي هبة الله بن الحسن الثعلبي البزاز أبي يعلى "ابن الحبوبي"
- عبد الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الكريم البزاز الغساني الدمشقي أبي القاسم
- صافي بن عبد الله النجمي الدمشقي أبي الحسن
- أبي إسحاق إبراهيم بن يحيى بن عثمان بن محمد الكلبي الأشهبي "الغزي الشاعر"
- يحيى بن خلف بن نفيس بن الخلوت الغرناطي "أبي زكريا"
- أحمد بن عبد العزيز بن محمد السلمي المقدسي أبي الطيب
- الخضر بن علي بن الخضر بن أبي هشام أبي القاسم السمسار
- محمد بن حاتم بن محمد بن عبد الرحمن الطائي "أبي الحسن الطوسي"
- سلطان بن إبراهيم بن المسلم أبي الفتح المقدسي "أبي رشا سلطان"
- حمزة بن أحمد بن فارس بن المنجا بن كروس السلمي
نبذة
الترجمة
نصر بن إِبْرَاهِيم بن نصر بن إِبْرَاهِيم بن دَاوُد الْمَقْدِسِي الْفَقِيه أَبُو الْفَتْح الْمَعْرُوف قَدِيما بِابْن أبي حَافظ وَالْمَشْهُور الْآن بالشيخ أبي نصر
الزَّاهِد الْجَامِع بَين الْعلم وَالدّين مُصَنف كتاب الانتخاب الدِّمَشْقِي وَهُوَ فِيمَا بَلغنِي كَبِير فِي بضعَة عشر مجلدا وَكتاب الْحجَّة على تَارِك المحجة وَكتاب التَّهْذِيب وَكتاب الْمَقْصُود وَكتاب الْكَافِي وَكتاب شرح الْإِشَارَة الَّتِي صنفها سليم الرَّازِيّ وَغير ذَلِك
تفقه على الْفَقِيه سليم بصور ثمَّ دخل إِلَى ديار بكر وتفقه على مُحَمَّد بن بَيَان الكازروني ودرس الْعلم بِبَيْت الْمُقَدّس مُدَّة ثمَّ انْتقل إِلَى صور وَأقَام بهَا عشر سِنِين ينشر الْعلم مَعَ كَثْرَة الْمُخَالفين لَهُ من الرافضة ثمَّ انْتقل مِنْهَا إِلَى دمشق فَأَقَامَ بهَا تسع سِنِين يحدث ويفتي ويدرس وَهُوَ على طَريقَة وَاحِدَة من الزّهْد والتقشف وسلوك منهاج السّلف متقشفا متجنبا وُلَاة الْأُمُور وَمَا يَأْتِي من الرزق على أَيْديهم قانعا باليسير من غلَّة أَرض كَانَت لَهُ بنابلس يَأْتِيهِ مِنْهَا مَا يقتاته وَلَا يقبل من أحد شَيْئا
وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة وَحدث كثيرا
سمع بِدِمَشْق من عبد الرَّحْمَن بن الطبيز وَعلي بن السمسار وَمُحَمّد بن عَوْف الْمزي وَابْن سلوان وَأبي عَليّ الْأَهْوَازِي
وبغزة من مُحَمَّد بن جَعْفَر الميماسي
وبآمد من هبة الله بن سلمَان
وبصور من الْفَقِيه سليم
وَسمع أَيْضا من خلق كثيرين وأملى مجَالِس وَوَقع لنا بَعْضهَا
روى عَنهُ أَبُو بكر الْخَطِيب وَهُوَ من شُيُوخه وَأَبُو الْقَاسِم النسيب وَأَبُو الْفضل يحيى بن عَليّ وجمال الْإِسْلَام أَبُو الْحسن السّلمِيّ وَأَبُو الْفَتْح نصر الله المصِّيصِي وهما من أخص تلامذته وأخصهما بِهِ نصر الله وَأَبُو يعلى حَمْزَة بن الحبوبي وَخلق
قَالَ الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر سَمِعت من يَحْكِي أَن تَاج الدولة تتش بن ألب أرسلان زَارَهُ يَوْمًا فَلم يقم لَهُ وَسَأَلَهُ عَن أحل الْأَمْوَال الَّتِي يتَصَرَّف فِيهَا السُّلْطَان فَقَالَ الْفَقِيه نصر أحلهَا أَمْوَال الْجِزْيَة
فَخرج من عِنْده وَأرْسل إِلَيْهِ بمبلغ من المَال وَقَالَ هَذَا من مَال الْجِزْيَة ففرقه على الْأَصْحَاب
فَلم يقبله وَقَالَ لَا حَاجَة بِنَا إِلَيْهِ فَلَمَّا ذهب الرَّسُول لامه الْفَقِيه أَبُو الْفَتْح نصر الله بن مُحَمَّد وَقَالَ لَهُ قد علمت حاجتنا إِلَيْهِ فَلَو كنت قبلته وفرقته فِينَا
فَقَالَ لَا تجزع من فَوته فَسَوف يَأْتِيك من الدُّنْيَا مَا يَكْفِيك فِيمَا بعد فَكَانَ كَمَا تفرس فِيهِ
قَالَ وَسمعت بعض من صَحبه يَقُول لَو كَانَ الْفَقِيه أَبُو الْفَتْح فِي السّلف لم تقصر دَرَجَته عَن وَاحِد مِنْهُم لكِنهمْ فاتوه بِالسَّبقِ
وَكَانَت أوقاته كلهَا مستغرقة فِي عمل الْخَيْر من علم وَعمل
وَحكي عَن بعض أهل الْعلم أَنه قَالَ صَحِبت إِمَام الْحَرَمَيْنِ أَبَا الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيّ بخراسان ثمَّ قدمت الْعرَاق فصحبت أَبَا إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ فَكَانَت طَرِيقَته أفضل من طَريقَة أبي الْمَعَالِي ثمَّ قدمت الشَّام فَرَأَيْت الْفَقِيه أَبَا الْفَتْح فَكَانَت طَرِيقَته أحسن من طريقتهما جَمِيعًا
توفّي الشَّيْخ أَبُو الْفَتْح نصر يَوْم الثُّلَاثَاء تَاسِع الْمحرم سنة تسعين وَأَرْبَعمِائَة بِدِمَشْق وَخَرجُوا بجنازته وَقت الظّهْر فَلم يُمكنهُم دَفنه إِلَّا قريب الْغُرُوب لِكَثْرَة النَّاس
وقبره مَعْرُوف فِي بَاب الصَّغِير تَحت قبر مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
قَالَ النَّوَوِيّ سمعنَا الشُّيُوخ يَقُولُونَ الدُّعَاء عِنْد قَبره يَوْم السبت مستجاب
طبقات الشافعية الكبرى - تاج الدين السبكي
الشَّيْخُ الإِمَامُ العَلاَّمَةُ القُدْوَةُ المُحَدِّثُ، مُفِيدُ الشَّام، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو الفَتْحِ نَصْرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَصْر بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ دَاوُدَ النَّابُلُسِيُّ المَقْدِسِيُّ الفَقِيْه الشَّافِعِيّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ وَالأَمَالِي.
وُلِدَ قَبْل سَنَةِ عَشْرٍ وَأَرْبَعِ مائَة، وَارْتَحَلَ إِلَى دِمَشْقَ قَبْل الثَّلاَثِيْنَ، فَسَمِعَ "صَحِيْحَ البُخَارِيِّ" مِنْ: أَبِي الحَسَنِ بنِ السِّمْسَار، صَاحِب الفَقِيْه أَبِي زيد المروزي، وسمع من: عبد الرحمن بن الطبيز، وأبي الحسن محمد بنِ عَوْفٍ المُزَنِيّ، وَابْن سُلْوَان المَازِنِيّ، وَطَبَقَتِهِم، وَسَمِعَ مِنْ: هِبَة اللهِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَغَيْرِهِ، وَبصُوْر مِنَ: الفَقِيْهِ سُلَيمٍ الرَّازِيِّ. وَبغزَةَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ المِيمَاسِي، سَمِعَ مِنْهُ "المُوَطَّأ"، وَبَالقُدْس مِنْ أَبِي القَاسِمِ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ الوَاسِطِيّ، وَأَبِي العَزَائِم مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الغَرَّاءِ البَصْرِيِّ، وَأَبِي الفَرَجِ عُبيدِ الله بنِ مُحَمَّدٍ المَرَاغِيِّ النَّحْوِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ البَشْنَوِيِّ الصُّوْفِيِّ، وَعِدَّةٍ، وَبِمَيَّافَارِقِينَ مِنْ أَبِي الطَّيِّبِ سَلاَمَة بن إِسْحَاقَ الآمِدِيّ، وَسَمِعَ أَيْضاً مِنْ أَبِي عَلِيٍّ الأَهْوَازِيّ المُقْرِئ، وَمِنْ عَبْدِ الوَهَّابِ بن الحَسَنِ بنِ بَرْهَان الغَزَّالِ، لقِيه بِصُوْر، وَأَجَازَ لَهُ مِنْ مَكَّةَ أَبُو ذَرٍّ عَبْدُ بن أَحْمَدَ الهَرَوِيّ، وَمِنْ بَغْدَاد القَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَمِنْ صَيْدَا الحَسَنُ بن مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بن جُمَيْعٍ, وَطَائِفَة.
وَصَنَّفَ كِتَاب "الحجة على تارك المحجة"، وأملى مجالس خَمْسَةً، وَبَرَعَ فِي المَذْهَبِ.
تَفقَّه عَلَى الدَّارِمِيّ، وَعَلَى الفَقِيْه سُلَيمٍ وَغَيْرِهِمَا، وَاسْتَوْطَنَ بَيْتَ المَقْدِسِ مدةً طويلة، ثم تحول في آخر عُمُره، وَسَكَنَ دِمَشْق عَشر سِنِيْنَ، وَتَخَرَّج بِهِ الأَصْحَابُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْب -وَهُوَ مِنْ شُيُوْخِهِ- ومكي الرميلي، ومحمد ابن طَاهِر، وَأَبُو القَاسِمِ النَّسيب، وَجَمَال الإِسْلاَمِ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ، وَالقَاضِي المُنْتَجَبُ يَحْيَى بن عَلِيٍّ القُرَشِيُّ، وَأَبُو الفَتْحِ نَصْرُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ المَصِّيْصِيُّ، وَعَلِيُّ بن أَحْمَدَ بنِ مُقَاتِل، وَحَسَّانُ بنُ تَمِيم، وَمَعَالِي بن الحُبوبِي، وَأَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بنُ الحُبوبِي، وَحَمْزَةُ بنُ أَحْمَدَ بنِ كَرَوَّس، وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ بنُ العربي، وخلقٌ كثير.
وَلَحِقَهُ أَبُو حَامِدٍ الغزَالِي، وَتَفَقَّهَ بِهِ، وَنَاظره، وَكَانَ يُشغل فِي جَامِع دِمَشْق فِي الزَّاويَة الغَربيَّةِ المُلَقَّبَةِ بِالغَزَالِيَّةِ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ بن عَسَاكِرَ: قَدِمَ دِمَشْقَ سَنَة ثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فَأَقَامَ بِهَا يُدَرِّسُ المَذْهَب إِلَى أَنْ مَاتَ، وَيَرْوِي الحَدِيْث، وَكَانَ فَقِيْهاً، إِمَاماً، زَاهِداً، عَامِلاً، لَمْ يَقْبَلْ صِلَةً مِنْ أَحَد بِدِمَشْقَ، بَلْ كَانَ يَقتَاتُ مِنْ غَلَّةٍ تُحْمَلُ إِلَيْهِ مِنْ أَرْضِ نَابُلُس، فَيَخْبِزُ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ قُرْصَة فِي جَانب الكَانُوْنِ. حَكَى لَنَا نَاصر النَّجَّار _ وَكَانَ يَخدمه _ مِنْ زُهْده وَتَقَلُّلِه وَتَركه الشَّهوَات أَشيَاءَ عجيبَة.
قَالَ غَيْثُ بنُ عَلِيٍّ الأَرْمَنَازِيّ: سَمِعْتُ الفَقِيْه نصراً يَقُوْلُ: دَرَسْتُ عَلَى الفَقِيْه سليم الرازي من سنة ثمان وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ إِلَى سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ، مَا فَاتَنِي مِنْهَا درسٌ، وَلاَ وَجِعْتُ إلَّا يَوْماً وَاحِداً، وَعُوفِيت. وَسَأَلتُهُ فِي كَمِ التَّعليقَة الَّتِي صنَّفهَا? قَالَ: فِي نَحْوِ ثَلاَثِ مائَةِ جُزء، مَا كَتَبتُ مِنْهَا حرفاً إلَّا وَأَنَا عَلَى وُضوء، أَوْ كَمَا قَالَ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ مَنْ يَحكِي أَنَّ الملكَ تَاجَ الدَّوْلَة تُتُش بن أَلب آرسلاَن زَار الفَقِيْهَ نصراً يَوْماً، فَلَمْ يَقُمْ لَهُ، وَلاَ الْتَفَتَ إِلَيْهِ، وَكَذَا ابْنُه الْملك دُقَاق، فَسَأَلَهُ عَنْ أَحَلِّ الأَمْوَال الَّتِي يَتصرَّفُ فِيْهَا السُّلْطَان، قَالَ: أَحلُّهَا أَمْوَالُ الجِزْيَة، فَقَامَ مِنْ عِنْدِهِ، وَأَرْسَل إِلَيْهِ بِمَبْلَغ، وَقَالَ: هَذَا مِنَ الجِزْيَة، فَفَرِّقْهُ عَلَى الأَصْحَاب، فَلَمْ يَقبلْه، وَقَالَ: لاَ حَاجَةَ بنا إليه، فلما ذهب الرسول، لاَمه الفَقِيْهُ نَصْر المِصِّيْصِيّ، وَقَالَ: قَدْ عَلِمْتَ حَاجتنَا إِلَيْهِ، فَقَالَ: لاَ تَجْزَعْ مِنْ فَوَاته، فَسَوْفَ يَأْتيك مِنَ الدُّنْيَا مَا يَكفِيك فِيمَا بَعْدُ، فَكَانَ كَمَا تَفرَّسَ فِيْهِ.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ: كَانَ -رَحِمَهُ اللهُ- عَلَى طريقةٍ وَاحِدَة مِنَ الزُّهْد وَالتَّنَزُّهِ عَنِ الدُّنْيَا وَالتقشُّف، حَكَى لِي بَعْضُ أَهْل العِلْمِ قَالَ: صَحِبتُ إِمَام الحَرَمَيْنِ بِخُرَاسَانَ، وَالشَّيْخَ أَبَا إِسْحَاقَ بِبَغْدَادَ، فَكَانَ طرِيقُهُ عِنْدِي أَفْضَلَ مِنْ طرِيقَةِ إِمَامِ الحَرَمَيْنِ، ثُمَّ قَدِمْتُ الشَّام، فَرَأَيْتُ الفَقِيْه أَبَا الفَتْح، فَكَانَتْ طرِيقَتُه أَحْسَنَ مِنْ طَرِيقَتَيْهمَا.
قُلْتُ: كَانَ الفَقِيْهُ نَصْرٌ يُعرف أَيْضاً بِابْنِ أَبِي حَائِط، أَلَّفَ كِتَاب "الانتخَابِ الدِّمَشْقِيِّ" فِي بَضْعَةَ عَشرَ مُجلَّداً، وَلَهُ كِتَاب "التَّهْذِيب" فِي المَذْهَب، فِي عَشْرَة أَسفَار، وَلَهُ كِتَاب "الكَافِي" فِي المذهب، مَا فِيْهِ أَقْوَال وَلاَ وُجُوه، وَعَاشَ نَيِّفاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، -رَحِمَهُ اللهُ-، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَة بَاب الصَّغِيْر.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ: تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ: فِي جالسه غلطاتٌ، وَأَحَادِيْثُ وَاهيَة.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَحَاسِن مُحَمَّدِ بن هَاشِمِ بنِ عَبد القَاهِر بن عَقِيْل العَبَّاسِيّ بِبُسْتَانه، أَخْبَرَنَا الفَضْلُ بنُ عَقِيْلِ بن عثمان العباسي المعدل في سنة خَمْس وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّدَى حَسَّانُ بنُ تَمِيم الزَّيَّات سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ نَصْر بن إِبْرَاهِيْمَ الفَقِيْه، أَخْبَرَنَا سُلَيْم بن أَيُّوْبَ، أَخْبَرَنَا القَاضِي مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ القَاسِمِ المَحَامِلِيّ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ هَمَّامٍ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ، عَنْ حَارِثَةَ بنِ النُّعْمَانِ، قَالَ: مَرَرْتُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهُ جِبْرِيْل جَالِس بِالمقَاعِد، فَسَلَّمت عَلَيْهِ، وَاجتَزتُ، فَلَمَّا رَجَعتُ، وَانْصَرَفَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِي: "هَلْ رَأَيْتَ الَّذِي كَانَ مَعِي" ? قُلْتُ: نَعم، قَالَ: "فَإِنَّهُ جِبْرِيْلُ، وَقَدْ رَدَّ عَلَيْكَ السَّلاَمَ"
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ بِنَابُلُسَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الخَضِر، أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بنُ أَحْمَدَ بنِ فَارِسٍ، أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الزَّاهِد، حَدَّثَنَا عَبدوس بن عُمَرَ التِّنِّيْسِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ الفَرْغَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ الصُّوْفِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ المُقْرِئ، سَمِعْتُ يُوْسُفُ بنُ الحُسَيْنِ، سَمِعْتُ ذَا النُّوْنِ يَقُوْلُ: كَانَ العُلَمَاء يَتَوَاعِظون بِثَلاَثٍ، وَيَكْتُب بَعْضُهُم إِلَى بَعْضٍ: مَنْ أَحْسَنَ سَرِيْرَتَهُ، أَحْسَنَ اللهُ علاَنِيَتَهُ، وَمَنْ أَصْلَحَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الله، أَصْلَحَ الله ما بينه وبين الناس، وما أَصلح أَمر آخرتِهِ، أَصْلَحَ اللهُ أَمر دُنْيَاهُ.
حكَى الفَقِيْه نَصْرٌ عَنْ شَيْخه نَصْرٍ أَنَّهُ قَبْل مَوْتِه بِلحظَة سَمِعَهُ وَهُوَ يَقُوْلُ: يَا سَيِّدي أَمهلُونِي، أَنَا مَأْمُوْر وَأَنْتُم مَأْمورُوْنَ، ثُمَّ سَمِعْتُ المُؤَذِّن بِالعصر، فَقُلْتُ: يَا سَيِّدي المُؤَذِّنُ يُؤَذِّنُ، فَقَالَ: أَجْلِسنِي، فَأَجلستُهُ، فَأَحرم بِالصَّلاَة، وَوَضَعَ يَده عَلَى الأُخْرَى وَصَلَّى، ثُمَّ تُوُفِّيَ مِنْ سَاعتِهِ، رَحِمَهُ اللهُ.
أَرَّخَ ابْنُ عَسَاكِرَ وَفَاةَ الفَقِيْه نَصْرٍ فِي يَوْم عَاشُورَاء سَنَة تِسْعِيْنَ، فَقَالَ مَنْ شَيَّعه: لَمْ يُمكنَّا دَفنُه إِلَى قَرِيْب المَغْرِب، لأَنْ الخلقَ حَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، وَلَمْ نَر جِنَازَة مِثْلهَا، وَأَقمنَا عَلَى قَبْرِهِ سَبْعَ ليالٍ.
قُلْتُ: وَفِيْهَا مَاتَ شَيْخُ المَالِكِيَّة أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بنُِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ العبدي البصري بن الصَّوَّاف عَنْ تِسْعِيْنَ سَنَةً، وَلَهُ تَصَانِيْفُ جَمَّة. وَمُسْنِدُ أَصْبَهَان أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدٍ السِّمْسَار، خَاتمَة مَنْ رَوَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الجُرْجَانِيّ.
وَشيخُ هَمَذَان أَبُو الفَتْحِ عبدوس بن عبد الله بن محمد بن عَبدوس عَنْ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَشيخُ القُرَّاءِ بِبَغْدَادَ: أَبُو القَاسِمِ يَحْيَى بن أَحْمَدَ السِّيبِي، تلا على الحمامي، وعمر مائةً وسنتين.
حكَى الفَقِيْهُ نَصْرُ اللهِ المَصِّيْصِيّ، عَنِ الفَقِيْه نَصْر قَالَ: أَدْرَكْتُ القُضَاعِيَّ، وَلَوْ أَردتُ أَنْ أَسْمَع مِنْهُ لَفعلتُ، وَلَكِنِّي تَوَرَّعتُ لأَجْلِ أَنَّهُ كَانَ يَترسَّل لِلمصرِيِّين، ثُمَّ احتجتُ فِي التَّخرِيجِ، فَرويتُ عَنْهُ بِالإِجَازَةِ.
قَالَ نَصْرُ اللهِ: أَوّل مَا تَفَقَّهَ الفَقِيْه نَصْر بِالقُدْس، ثُمَّ سَارَ إِلَى ديَار بكر، وَرَأَى الكَازَرُوْنِي، ثُمَّ لقِي سُليماً.
إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَانَ أَبُوْهُ فَامِيّاً، وَكَانَ الفَقِيْهُ رَبْعَةً، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ غَيْرُ اللَّحْم وَالعَظْم، وَكَانَ فِي القُدْس يَعمل الدَّعوَاتِ لِتلاَمِيذه، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِم شَيْئاً كَثِيْراً من وقف كان عليهم.
سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي.
المَقْدِسي
(377 - 490 هـ = 987 - 1096 م)
نصر بن إبراهيم بن نصر بن إبراهيم ابن داود النابلسي المقدسي، أبو الفتح:
شيخ الشافعية في عصره بالشام. أصله من نابلس. كان يعرف بابن أبي حافظ. وقام برحلة، وعمره نحو عشرين عاما، فتفقه بصور وصيدا وغزة وديار بكر ودمشق والقدس ومكة وبغداد. وأقام عشر سنين في صور ثم تسع سنين في دمشق. واجتمع فيها بالإمام الغزالي، وتوفي بها.
وكان يعيش من غلة أرض له بنابلس، ولا يقبل من أحد شيئا.
من كتبه " الحجة على تارك المحجة " في الحديث، و " الأمالي - خ " قطعة منه، و " التهذيب " فقه، في عشر مجلدات، و " الكافي " فقه، في مجلد، و " التقريب " و " الفصول " .
-الاعلام للزركلي-