إبراهيم بن سعيد بن عبد الله النعماني التجيبي الوراق الكتبي الفراء المصري
أبي إسحاق الحبال
تاريخ الولادة | 391 هـ |
تاريخ الوفاة | 482 هـ |
العمر | 91 سنة |
أماكن الإقامة |
|
- عبد الغني بن سعيد بن علي الأزدي المصري أبي محمد
- أحمد بن محمد بن القاسم بن مرزوق المصري الأنماطي المعدل
- عبد الرحمن بن عمر بن محمد التجيبي المصري أبي محمد "ابن النحاس"
- منير بن أحمد بن الحسن بن علي بن منير الخشاب أبي العباس
- أحمد بن عبد العزيز بن أحمد التيمي البغدادي أبي الحسن "ابن ثرثال"
- محمد بن أحمد بن شاكر القطان أبي عبد الله المصري
- أسد بن إبراهيم بن كليب بن إبراهيم القاضي الحراني أبي الحسن
- محمد بن طاهر بن علي بن أحمد المقدسي الأثري الظاهري "أبو الفضل"
- عبد الرزاق بن عبد الله بن المحسن التنوخي المعري أبي غانم "ابن أبي حصين"
- محمد بن إبراهيم بن الحسن أبي بكر الرازي
- الحسين بن محمد بن فيره بن حيون الصدفي السرقسطي الأندلسي أبي علي "ابن سكرة"
- أبي علي الحسن بن القاسم بن علي الواسطي "غلام الهراس الحسن"
- أبي محمد جعفر بن أحمد بن الحسين السراج
- سلطان بن إبراهيم بن المسلم أبي الفتح المقدسي "أبي رشا سلطان"
- محمد بن أبي نصر بن فتوح الأسدي
نبذة
الترجمة
الحبال الْحَافِظ الإِمَام المتقن مُحدث مصر أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن سعيد بن عبد الله النعماني مَوْلَاهُم التجِيبِي بن أبي الطّيب الْوراق الكتبي الْفراء الْمصْرِيّ
ولد سنة إِحْدَى وَتِسْعين وثلاثمائة
وَسمع عبد الْغَنِيّ بن سعيد وَابْن نظيف وخلقا
وَمِنْه أَبُو بكر بن عبد الْبَاقِي وَآخَرُونَ وَآخر من روى عَنهُ بِالْإِجَازَةِ ابْن نَاصِر الْحَافِظ
وَجمع لنَفسِهِ عوالي سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَغير ذَلِك وَكَانَ مذْهبه فِي الْإِجَازَة أَن يقدمهَا على الْإِخْبَار يَقُول أجَاز لنا فلَان وَلَا يَقُول أخبرنَا فلَان إجَازَة يَقُول رُبمَا سقط إجَازَة فَيبقى أخبرنَا فَإِذا بَدَأَ بهَا لم يَقع شكّ مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة
طبقات الحفاظ - لجلال الدين السيوطي.
الإِمَامُ، الحَافِظُ المُتْقِنُ، العَالِمُ، أَبُو إِسْحَاقَ، إِبْرَاهِيْمُ بن سعيد بنِ عَبْدِ اللهِ النُّعْمَانِيُّ مَوْلاَهُم، المِصْرِيُّ، الكُتُبي، الوَرَّاقُ، الحَبَّالُ، الفَرَّاءُ. مِنْ أَوْلاَد عَبِيْد القَاضِي بنِ النُّعْمَانِ المَغْرِبِيّ، العُبيدي، الرَّافضِيّ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِيّ: وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة، وَسَمِعَ مِنَ الحَافِظ عَبْد الغَنِيِّ بنِ سَعِيْدٍ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَع مائَة، فَكَانَ آخِرَ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ.
قُلْتُ: وَسَمِعَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ ثَرْثَال صَاحِبِ المَحَامِلِيّ، وَهُوَ أَكْبَرُ شَيْخٍ لَهُ، وَمِنْ أَبِي محمد عبد الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ النَّحَّاسِ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ شَاكِر القَطَّان، وَمُحَمَّدِ بن ذَكْوَان التِّنِّيْسِيّ، سِبْطِ عُثْمَانَ بنِ مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ الحُسَيْنِ بنِ جَعْفَرٍ العَطَّار، وَأَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَاجِّ الإِشْبِيْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيّ، صَاحِب الأَصَمِّ، وَمُحَمَّدِ بن الفَضْلِ بنِ نَظيف، وَخَلْقٍ سِوَاهُم. وَلَمْ يَرْحَلْ.
وَقَدْ خَرَّج لِنَفْسِهِ عَوَالِي سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَكَانَ يَتَّجِرُ فِي الكُتُبِ وَيَخْبُرهَا.
وَمِنْ شُيُوْخه: مُنِيْرُ بنُ أَحْمَدَ الخشَّاب، وَالخصِيْبُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ.
وَحَصَّل من الأصول والأجزاء مَا لاَ يُوْصَفُ كَثْرَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُمَيْدِيّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَسَنِ العَلَوِيُّ النّقيب، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ بن سَوَّار التَّككِيّ، وَعَطَاء بنُ هِبَةِ اللهِ الإِخمِيمِيُّ، وَوَفَاءُ بنُ ذُبيَان النَّابُلُسِيّ، وَيُوْسُفُ بن محمد الأردبيلي، ومحمد بن محمد بن جُمَاهرٍ الطُّلَيْطُلِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البَكْرِيّ، وَأَبُو الفَتْحِ سُلْطَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المَقْدِسِيّ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ بُنَانٍ الأَنْبَارِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي قَاضِي المَارستَان، وَعِدَّة.
وَرَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَة: أَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَة الصَّدَفِيّ، وَالحَافِظ مُحَمَّدُ بنُ نَاصِر.
وَكَانَتِ الدَّوْلَة البَاطِنِيَّةُ قَدْ منعُوْهُ مِنَ التّحَدِيْث، وَأَخَافُوهُ، وَهدَّدُوْهُ، فَامْتَنَعَ مِنَ الرِّوَايَة، وَلَمْ ينْتشر لَهُ كَبِيْر شَيْء.
قَالَ القَاضِي أَبُو عَلِيٍّ الصَّدفِيّ: مُنعْتُ مِنَ الدُّخولِ إِلَيْهِ إلَّا بِشَرْط أَنْ لاَ يُسْمِعَنِي، وَلاَ يَكتبَ إِجَازَةً، فَأَوَّلُ مَا فَاتَحْتُهُ الكَلاَم خَلَّط فِي كَلاَمه، وَأَجَابْنِي عَلَى غَيْرِ سؤالي حذرًا من أن أَكُوْن مَدْسُوساً عَلَيْهِ، حَتَّى بَسَطْتُه، وَأَعْلَمْتُهُ أَنِّي أَنْدَلُسِيّ أُرِيْدُ الحَجّ، فَأَجَاز لِي لفظا، وَامْتَنَعَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ.
قُلْتُ: قبَّح الله دُوْلَةً أَمَاتَتِ السُّنَّةَ وَرِوَايَةَ الأَثَارَةِ النّبويَّة، وَأَحيتِ الرّفض وَالضَّلاَل، وَبَثَّتْ دُعَاتهَا فِي النَّوَاحِي تُغوِي النَّاسَ، وَيدعُوْنهم إِلَى نِحلَة الإِسْمَاعِيليَّة، فَبِهم ضَلَّت جَبَلِيَّةُ الشَّام، وَتعثَّرُوا، فَنحمدُ الله عَلَى السَّلاَمَة فِي الدِّيْنِ.
قَالَ أَبُو نَصْرٍ بنُ مَاكُوْلا: كَانَ الحَبَّال ثِقَةً ثَبْتاً، وَرِعاً، خَيّراً، وَذَكَرَ أَنَّهُ مَوْلَى لابْنِ النُّعْمَانِ قَاضِي القُضَاة، ثُمَّ سَاق عَنْهُ أَبُو نَصْرٍ حَدِيْثاً، وَذَكَرَ عَنْهُ أَنَّهُ ثَبَّته فِي غَيْر شَيْء. وَرَوَى عَنْهُ: الخَطِيْبُ أَبُو بَكْرٍ الحَافِظُ بِالإِجَازَة. ثُمَّ قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَنْهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُمَيْدِيّ.
وَقَالَ السِّلَفِيّ فِي "مشيخَة الرَّازِيّ": كَانَ الحَبَّالُ مِنْ أَهْلِ المَعْرِفَة بِالحَدِيْثِ، وَمَنْ خُتِمَ بِهِ هَذَا الشَّأْنُ بِمِصْرَ، لقِي بِمَكَّةَ جَمَاعَةً، وَلَمْ يُحَصِّل أَحَدٌ فِي زَمَانِهِ مِنَ الحَدِيْثِ مَا حَصَّلهُ هُوَ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ خَلَف المِسْكِيّ: هُوَ مِنَ الحُفَّاظِ المُبَرِّزِين الأَثْبَاتِ، جمعَ حَدِيْث أَبِي مُوْسَى الزَّمِنِ، وَانتقَى عَلَيْهِ أَبُو نَصْرٍ السِّجْزِيّ مائَةَ جُزْء.
قُلْتُ: لاَ بَلْ عِشْرِيْنَ جُزْءاً، وَشُيُوْخُه يَزِيدُوْنَ عَلَى ثَلاَثِ مائَة.
وَقَالَ ابْنُ المُفَضَّلِ: انْتَهَت إِلَيْهِ رِئَاسَةُ الرّحلَة، وَبِهِ اخْتتم هَذَا الشَّأْنُ فِي قُطرِه، وَآخرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ فِيمَا علمتُ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْر الحَضْرَمِيّ بِالإِجَازَة، وَبَقِيَ إِلَى سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَة. وَقِيْلَ: إِنَّ مُحَدِّثاً قرَأَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: وَرضِيَ اللهُ عَنِ الشَّيْخ الحَافِظ. فَقَالَ: قل: رَضِيَ اللهُ عَنْكَ، إِنَّمَا الحَافِظ الدَّارَقُطْنِيّ وَعَبْد الغَنِيِّ.
قَالَ ابْنُ طَاهِر: رَأَيْتُ الحَبَّال وَمَا رَأَيْتُ أَتقن مِنْهُ! كَانَ ثَبْتاً، ثِقَةً، حَافِظاً.
وَقَالَ الأَعَزُّ بنُ عَلِيٍّ الظَّهيرِيّ: حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ السَّمَرْقَنْدِيّ قَالَ: كَتَبَ إِلَيْنَا أَبُو إِسْحَاقَ الحبَالُ مِنْ مِصْرَ فَكَتَبَ: أَجزتُ لَهم أَنْ يَقولُوا: أَجَاز لَنَا فُلاَنٌ، وَلاَ يَقولُوا: حَدَّثَنَا وَلاَ أَخْبَرَنَا.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ حَمُّود الزَّاهِد فِيمَا علَّقه عَنْهُ السِّلَفِيّ: إِنَّهُ حضَر مجلس الحبَّالِ وَالحَدِيْثُ يُقرَأُ عَلَيْهِ، فَلَمْ تَزل دموعُه تجرِي حَتَّى فَرغ القَارِئ.
وَقَالَ السِّلَفِيّ: سَمِعْتُ ابْنَ طَاهِر يَقُوْلُ: وَقَعَ المَطَرُ يَوْماً، فَجَاءَ الحبَّالُ، فَقَالَ: قَدْ تَلِفَ بِالمَطَر مِنْ كُتُبِي بِأَكْثَر مِنْ خَمْسِ مائَة دِيْنَارٍ. فَقُلْتُ لَهُ: قِيْلَ: إِنَّ ابْنَ مَنْدَة عَمل خزَانَةً لِكُتُبِهِ، فَقَالَ: لَوْ عَملتُ خزَانَةً لاَحتجتُ إِلَى جَامِع عَمْرِو بن العَاصِ.
قَالَ السِّلَفِيّ: سَمِعْتُ مُرشد بن يَحْيَى المَدِيْنِيّ يَقُوْلُ: اشتريتُ مِنْ كُتُبِ الحبَّال عِشْرِيْنَ قِنطَاراً بِمائَةِ دِيْنَارٍ، فَكَانَ عِنْدَهُ أَكْثَر مِنْ خَمْسِ مائَة قنطَار كُتُب.
قِيْلَ: إِنَّ بَعْضَ طلبَة الحَدِيْث قصد أَبَا إِسْحَاقَ الحبَّال، ليسمَع مِنْهُ -جُزْءاً وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُمنع- فَأَخْرَجَ بِهِ عِشْرِيْنَ نُسخَةً، وَنَاول كُلّ وَاحِد نُسخَة يَقَابلُ بِهَا.
قَالَ الحَافِظُ مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الحبَال يَقُوْلُ: كَانَ عِنْدَنَا بِمِصْرَ رَجُلٌ يَسْمَع مَعَنَا الحَدِيْث، وَكَانَ مُتشدِّداً، وَكَانَ يَكتب السَّمَاع عَلَى الأُصُوْل، فَلاَ يَكتبُ اسْمَ أَحَد حَتَّى يَسْتَحلِفَهُ أَنَّهُ سَمِعَ الْجُزْء، وَلَمْ يَذْهَبْ عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ. وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كُنَّا يَوْماً نَقرَأُ عَلَى شَيْخ، فَقرَأْنَا قَوْله -عَلَيْهِ الصلاة السلام-: "لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتَّات" 1. وَكَانَ فِي الجَمَاعَة رَجُلٌ يَبيع القَتَّ -وَهُوَ علف الدَّوَابِّ- فَقَامَ وَبَكَى، وَقَالَ: أَتُوب إِلَى اللهِ. فَقِيْلَ لَهُ: لَيْسَ هُوَ ذَاكَ، لَكنه النَّمَّام الَّذِي يَنقُل الحَدِيْث مِنْ قَوْم إِلَى قَوْم يُؤذِيْهم. قَالَ: فسكن، وطابت نفسه.
قَالَ ابْنُ طَاهِر: كَانَ شَيْخُنَا الحبَّالُ لاَ يُخْرج أَصلَه مَنْ يَده إلَّا بِحُضُوْره، يَدفعُ الْجُزْء إِلَى الطَّالب، فِيكتُب مِنْهُ قَدْرَ جُلُوْسه، وكان له بأكثر كتبه نسخٌ عِدَّة، وَلَمْ أَرَ أَحَداً أَشدَّ أَخذاً مِنْهُ، وَلاَ أَكْثَر كتباً، وَكَانَ مَذْهَبُه فِي الإِجَازَة أَنْ يُقَدِّمهَا عَلَى الإِخبَار يَقُوْلُ: أَجَاز لَنَا فُلاَن. وَلاَ يَقُوْلُ: أَخْبَرَنَا فُلاَنٌ إِجَازَة. يَقُوْلُ: رُبَّمَا تسقطُ لفظَة إِجَازَة، فَتبقَى إِخبَاراً، فَإِذَا بُدئَ بِهَا، لَمْ يَقع شكّ.
قُلْتُ: لاَ حَرَجَ فِي هَذَا، وَإِنَّمَا هُوَ اسْتحسَانٌ.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: خَرَّجَ الحَافِظُ أَبُو نَصْرٍ السِّجْزِيّ عَلَى أَكْثَر مِنْ مائَة، لَمْ يَبْقَ مِنْهم غَيْرِي.
قَالَ ابْنُ طَاهِر: خَرَّج لَهُ أَبُو نَصْرٍ عِشْرِيْنَ جُزْءاً فِي وَقت الطَّلَب، وَكتبهَا فِي كَاغَد عَتِيْق، فَسَأَلنَا الحبَّالَ، فَقَالَ: هَذَا مِنَ الكَاغَد الَّذِي كَانَ يُحمَل إِلَى الوَزِيْر يَعْنِي: ابْن حِنْزَابَة مِنْ سَمَرْقَنْد، وَقَعَ إِلَيَّ مِنْ كتبه قطعَة، فَكُنْتُ إِذَا رَأَيْت وَرقَةً بيضَاء قطعتُهَا، إِلَى أَنِ اجْتَمَع لِي هَذَا الْقدر.
قَالَ ابْنُ طَاهِر: لَمَّا قصدتُ أَبَا إِسْحَاقَ الحبَّال- وَكَانُوا وَصفُوهُ لِي بِحليتهِ وَسيرته، وَأَنَّهُ يَخْدُمُ نَفْسَه فَكُنْتُ فِي بَعْضِ الأَسواق وَلاَ أَهتدي إِلَى أَيْنَ أَذهب، فَرَأَيْتُ شيخًا على الصفة وَاقفاً عَلَى دُكَّانَ عطَّار، وَكُمُّهُ ملأَى مِنَ الحوَائِج، فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهُ هُوَ، فَلَمَّا ذهب، سَأَلتُ العَطَّارَ: مَنْ هَذَا? قَالَ: وَمَا تَعرفُه?! هَذَا أَبُو إِسْحَاقَ الحبَّال. فَتبعتُه، وَبلَّغْتُه رِسَالَةَ سَعْدِ بن عَلِيٍّ الزَّنْجَانِيّ، فَسَأَلنِي عَنْهُ، وَأَخْرَجَ مِنْ جيبِه جُزْءاً صغِيراً فِيْهِ الحَدِيْثَان المُسلسلاَن، أَحَدهُمَا مُسَلْسَلٌ بِالأَوليَّة، فَقرَأَهُمَا عَلِيَّ، وَأَخَذتُ عَلَيْهِ الْموعد كُلّ يَوْم فِي جَامِع عَمْرِو بن العَاصِ، حَتَّى خَرَجت.
قُلْتُ: كَانَ هَذَا فِي سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَسَمَاع قَاضِي المَارستَان مِنْهُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ، وَبعد ذَلِكَ مُنع مِنَ التّحَدِيْث، وَكَانَ مَوْتُه سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَلَهُ إِحْدَى وَتِسْعُوْنَ سَنَةً، فَقِيْلَ: مَاتَ فِي شَوَّال.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُسَلَّم الأَنْصَارِيّ: مَاتَ عَشِيَّة الأَرْبعَاء لَسْتٍّ خَلَوْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي السَّنَةِ: مُسْنِدُ أَصْبَهَان القاضي أبو منصور محمد بن أحمد ابن عَلِيِّ بنِ شكرويه، وَمُسْنِدُ دِمَشْق أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَدِيْد، وَقَاضِي نَيْسَابُوْر وَرَئِيْسهَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَاعِدٍ الصَّاعديّ، وَمُفْتِي سَرْخَس أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الشُّجَاعِيّ، وَخطيبُ أَصْبَهَان أَبُو الخَيْرِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي جَعْفَرٍ الطَّبَسِيّ، مُؤَلّف كِتَاب "بستَان العَارِفِيْن"، وَأَبُو السَّنَابِل هِبَةُ اللهِ بنُ أَبِي الصَّهْبَاء، وَقَاضِي البَصْرَةِ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الجُرْجَانِيّ الشَّافِعِيّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ أَحْمَدَ الثَّقَفِيّ، وَالمُحَدِّث عَلِيُّ بنُ أَبِي نَصْرٍ المَنَادِيلِيّ، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ سمكويه بِأَصْبَهَانَ، وَمُسْنِد جُرْجَان إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُثْمَانَ الخَلاَّلي.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَهم تَمَّامُ بنُ أَحْمَدَ السُّلَمِيّ، أَخْبَرَنَا الإِمَامُ, أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الله ابن أَحْمَدَ الحَنْبَلِيّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي نَصْرٍ الحَافِظ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ النُّعْمَانِيّ وَيدُه عَلَى كتفِي، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظ وَيدُه عَلَى كتفِي فَذَكَرَ حَدِيْثاً لاَ أُرِيْد أَنْ أَرويه لبطلاَن مَتنه: حَدَّثَنِي جِبْرِيْل وَيده عَلَى كتفِي.. وَذَكَرَ الحَدِيْثَ، وَهُوَ فِي "تذكرَة" الحُمَيْدِيّ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي سَنَة "532" قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى إِبْرَاهِيْمَ بن سَعِيْدٍ بِمِصْرَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ، حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ يَزِيْدَ البحرَانِيّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَدْرُوْنَ مَا الشجرة الطيبة" ?
فَأَردتُ أَنْ أَقُوْلَ: هِيَ النَّخلَة، فَنظرتُ، فَإِذَا أَنَا أَصْغَرُ القَوْم، فَسَكَتُّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هِيَ النَّخْلَةُ"
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ طيّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ حَاتِمٍ بِبَعْلَبَكَّ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَان بنُ رَحْمَة الخَطِيْب، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا مُرْشِدُ بنُ يَحْيَى المَدِيْنِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الحبَّالُ لفظاً، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ الجِرَاب، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي، حدثنا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ: أَنَّ أَبَا حَليمَة مُعَاذاً كَانَ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي القنوت.
سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي.