علي بن يوسف بن محمد الفناري علاء الدين

تاريخ الوفاة903 هـ
مكان الوفاةبروسة - تركيا
أماكن الإقامة
  • هراة - أفغانستان
  • بخارى - أوزبكستان
  • سمرقند - أوزبكستان
  • إيران - إيران
  • بلاد الروم - بلاد الروم
  • بلاد العجم - بلاد العجم
  • بروسة - تركيا

نبذة

الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ بن يُوسُف بالي ابْن الْمولى شمس الديي الفناري كَانَ رَحْمَة الله تَعَالَى عَلَيْهِ عَالما فَاضلا متقنا متفننا محققا مدققا حَرِيصًا على الِاشْتِغَال بالعلوم ارتحل فِي شبابه الى بلادالعجم وَدخل هراة وَقَرَأَ على علمائها ثمَّ دخل سَمَرْقَنْد وبخارا وقرا على علمائها.

الترجمة

وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ بن يُوسُف بالي ابْن الْمولى شمس الديي الفناري
كَانَ رَحْمَة الله تَعَالَى عَلَيْهِ عَالما فَاضلا متقنا متفننا محققا مدققا حَرِيصًا على الِاشْتِغَال بالعلوم ارتحل فِي شبابه الى بلادالعجم وَدخل هراة وَقَرَأَ على علمائها ثمَّ دخل سَمَرْقَنْد وبخارا وقرا على علمائها ايضا وبرع فِي كل الْعُلُوم حَتَّى انهم جَعَلُوهُ مدرسا هُنَاكَ ثمَّ غلب عَلَيْهِ حب الوطن وأتى بلادالروم فِي أَوَائِل سلطنة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَكَانَ الْمولى الكوراني يَقُول للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان لَا تتمّ سلطنتك الا بِأَن يكون عنْدك وَاحِد من اولاد الْمولى الفناري وَلما جَاءَ هُوَ الى بِلَاد الرّوم اخبر الْمولى الكوراني بمجيئه فَأعْطَاهُ السُّلْطَان مدرسة مناستر بِمَدِينَة بروسه وَعين لَهُ كل يَوْم خمسين درهما ثمَّ اعطاه مدرسة وَالِده السُّلْطَان مُرَاد خَان بِالْمَدِينَةِ الْمَذْكُورَة وَعين لكل يَوْم سِتِّينَ درهما ثمَّ جعله قَاضِيا بِمَدِينَة بروسه ثمَّ اجْعَلْهُ قَاضِيا بالعسكر وَمكث فِيهِ عشر سِنِين وَبَلغت زمرة الْعلمَاء بهمته الْعلية الى وَج الشّرف وتصاعد شرف الْعلم وَالْفضل الى قبَّة السَّمَاء وَبِالْجُمْلَةِ كَانَت ايامه تواريخ الايام ثمَّ عزل وَعين لَهُ كل يَوْم خَمْسُونَ درهما وَفِي كل سنة عشرَة الاف دِرْهَم وَعين لوَلَده الْكَبِير خَمْسُونَ درهما وللصغير اربعون درهما وَجعل قَضَاء ابْنه كول ضميمة لأولاده ثمَّ لما جلس السُّلْطَان بايزيد خَان على سَرِير السلطنة جعله قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور فِي ولَايَة روم ايلي وَمكث فِي مِقْدَار ثَمَان سِنِين ثمَّ عزل عَنهُ وَعين لَهُ كل يَوْم سَبْعُونَ درهما وَعشرَة الاف دِرْهَم فِي كل سنة وَكَانَ يدرس ايام الاسبوع كلهَا سوى يَوْم الْجُمُعَة وَيَوْم الثُّلَاثَاء وَكَانَ مهتما بالاشتغال بِالْعلمِ وَكَانَ لَهُ مَكَان على جبل فَوق مَدِينَة بروسه وَكَانَ يمْكث فِيهِ الْفُصُول الثَّلَاثَة من السّنة ويسكن فِي الْمَدِينَة الْفَصْل الرَّابِع وَرُبمَا ينزل هُنَاكَ ثلج مَرَّات كَثِيرَة وَلَا يمنعهُ ذَلِك عَن الْمكْث فِيهِ كل ذَلِك لمصْلحَة الِاشْتِغَال بِالْعلمِ وَكَانَ لَا ينَام على فرَاش وَإِذا غلب عَلَيْهِ النّوم يسْتَند عل الْجِدَار والكتب بَين يَدَيْهِ فَإِذا اسْتَيْقَظَ ينظر الْكتب كَانَ مَعَ هَذَا الِاشْتِغَال وَمَعَ مَا لَهُ من التحقيقات والتدقيقات لم يصنف شَيْئا الا شرح الكافية فِي النَّحْو وَشرح قسم التَّجْنِيس من علم الْحساب وَكَانَ ماهرا فِي أَقسَام الْعُلُوم الرياضية كلهَا وَفِي علم الْكَلَام وَعلم الاصول وَعلم الْفِقْه وَعلم البلاغة وَكَانَ رجلا عَاقِلا صَاحب ادب ووقار ثمَّ اتَّصل بِخِدْمَة بعض الْمَشَايِخ وَدخل الْخلْوَة عِنْده وَحصل من علم الصُّوفِيَّة ذوقا عَظِيما وَكَانَ ذَلِك الشَّيْخ هُوَ الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه المجذوب السالك الى الله صَاحب كرائم الاخلاق المشتهر اسْمه فِي الافاق الشَّيْخ حاجي خَليفَة قدس سره وَمن انصاف الْمولى الْمَذْكُور مَا حكى الْمولى الْوَالِد عَنهُ انه بعدعزله ذكر يَوْمًا قلَّة مَاله فَقيل لَهُ قد توليتم هَذِه المناصب الجليلة فَأَيْنَ مَا حصل لكم من المَال قَالَ كنت رجلا سَكرَان يُرِيد بِهِ غرور الجاه وَلم يُوجد عِنْدِي من يحفظه قَالَ قَالَ بعض الْحَاضِرين اذا عَاد اليكم المنصب مرّة اخرى عَلَيْكُم بِحِفْظ المَال قَالَ لَا يُفِيد اذا عَاد المنصب يعود مَعَه السكر قَالَ خَالِي رَحمَه الله تَعَالَى لازمت قِرَاءَة الدَّرْس عِنْده عشر سِنِين وَكَانَ يغلب عَلَيْهِ الصمت الا اذا ذكر صحبته مَعَ السلاطين فَعِنْدَ ذَلِك يُورد الحكايات العحيبة واللطائف الغريبة فَسَأَلته يَوْمًا مَا كَانَ اعظم لذائذكم عِنْد السلاطين قَالَ مَا سالني عَن ذَلِك اُحْدُ الى الان وَإنَّهُ أَمر غَرِيب قَالَ سَافر السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فِي أَيَّام الشتَاء وَكَانَ ينزل ويبسط لَهُ بِسَاط صَغِير وَيجْلس عَلَيْهِ الى ان تضرب لَهُ الْخَيْمَة واذا أَرَادَ الْجُلُوس عَلَيْهِ يخرج وَاحِد من غلمانه الْخُف عَن رجلَيْهِ وَعند ذَلِك يسْتَند الى شخص معِين وَكَانَت عَادَته ذَلِك وَفِي يَوْم من الايام لم يحضر ذَلِك الشَّخْص فاستند الي وَهَذَا أعظم لذائذي فِي صُحْبَة السلاطين وَقَالَ خَالِي رَحمَه الله تَعَالَى شرعت عِنْده فِي قِرَاءَة الشَّرْح المطول وَكُنَّا نَقْرَأ عَلَيْهِ فِي يَوْم وَاحِد سطرا اَوْ سطرين وَمَعَ ذَلِك يَمْتَد الدَّرْس من الضحوة الى الْعَصْر وَلما مَضَت على ذَلِك سِتَّة اشهر قَالَ ان الَّذِي قرأتموه عَليّ الى الان يُقَال لَهُ قِرَاءَة الْكتاب وَبعد ذَلِك اقرؤا الْفَنّ قَالُوا وَبعد ذَلِك أقرأنا كل يَوْم ورقتين وأتممنا بَقِيَّة الْكتاب فِي سِتَّة اشهر قَالَ وَلما بلغنَا الى فن البديع كَانَ يذكر لكل صَنْعَة عدَّة ابيات من الفارسية وَقُلْنَا لَهُ يَوْمًا مَا اكثر حفظكم للابيات قَالَ عَادَة الطّلبَة فِي بلادالعجم انهم يَجْتَمعُونَ بعد الْعَصْر فيتذاكرون الشّعْر الى الْمغرب وَالَّذِي قرأته من الابيات مَا حفظته فِي ذَلِك الزَّمَان قَالَ وَلما ارتحلت من بلادالعجم عددت فِي الطَّرِيق مَا حفظته من الْغَزل فَبلغ عشرَة الاف غزل وَمن انصافه ايضا ماحكاه خَالِي عَنهُ اعْترض يَوْمًا على كتاب التَّلْوِيح قَالَ وَقلت لَهُ هَذَا الاعترض لَيْسَ بِشَيْء اني فَكرت فِي منزلي واجبت عَنهُ قَالَ فَنَكس رَأسه وَظهر عَلَيْهِ سِيمَا الْغَضَب وَلم يتَكَلَّم اصلا الى آخر الدَّرْس فَلَمَّا قَامَ الشُّرَكَاء اشار الي بِالْجُلُوسِ فَجَلَست فَلَمَّا ذهب الشُّرَكَاء قَالَ السِّت بأستاذك قلت نعم وَقد كَانَ مَا كَانَ فاختر لي احدالامرين اما ان اذْهَبْ الى مدرس آخر اَوْ احضر الدَّرْس وَلَا أَتكَلّم ابدا قَالَ فَلَمَّا قلت هَذَا الْكَلَام حلف بِاللَّه تَعَالَى انه فعل مَا فعل لَا عَن سخط وَقَالَ قرر مَا ظهر لَك فِي مطالعتك من اللطائف واشتمني بأقبح مَا قدرت عَلَيْهِ وَحلف انه لَا يتكدر خاطره من ذَلِك اصلا وَمن لطائفه مَا حَكَاهُ الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى ان السُّلْطَان بايزيد خَان خرج الى بعض جبال قسطنطينية وَقت اشتداد الْحر وَكَانَت تِلْكَ الايام ايام رَمَضَان الْمُبَارك قَالَ فصلينا مَعَه الْعَصْر يَوْمًا وَجَلَسْنَا عِنْده الى الافطار حَتَّى صلينَا الْمغرب وافطرنا مَعَه فَلَمَّا قربت الشَّمْس من الْغُرُوب وَالْيَوْم يَوْم حر وَالْمولى الْمَذْكُور كَأَنَّهُ استبطأ الْغُرُوب وَقَالَ الشَّمْس ايضا لَا تقدر على الْحَرَكَة من شدَّة الْحر وَمن لطائفه ايضا مَا حَكَاهُ خَالِي عَنهُ انه كَانَ يسكن بعدعزله فِي جبل بروسه وَكَانَ يجلس هُنَا الْفُصُول الثَّلَاثَة من السّنة وَنزل الثَّلج عَلَيْهِ عدَّة مَرَّات فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ يَوْمًا للْقِرَاءَة فَرَأَيْنَا قد نزل عَلَيْهِ الثَّلج وعَلى كتبه وَفِي أثْنَاء الدَّرْس احْتَاجَ الى النّظر فِي كتاب فَأخذ ذَلِك الْكتاب بِيَدِهِ وَعَلِيهِ الثَّلج وَقَالَ مَا اشبه هَذَا بمحبوب ابيض اللَّوْن بَارِد الطَّبْع وَحكى خَالِي رَحمَه الله تَعَالَى عَنهُ انه قَالَ يَوْمًا مَا بَقِي من حوائجي الاثلاث الاولى ان اكون اول من يَمُوت فِي دَاري وَالثَّانيَِة ان لَا يَمْتَد بِي مرض وَالثَّالِثَة ان يخْتم لي بالايمان فالى خَالِي رَحمَه الله تَعَالَى قد كَانَ هُوَ اول من مَاتَ فِي الدَّار وَتَوَضَّأ يَوْمًا لِلظهْرِ ثمَّ مرض وَختم مَعَ اذان الْعَصْر قَالَ خَالِي استجيبت دَعوته فِي الاوليين ظَنِّي انه اجيبت دَعوته فِي الثَّالِثَة ايضا توفّي رَحمَه الله تَعَالَى عَلَيْهِ فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعمِائَة تَقْرِيبًا وَالْحق انه توفّي فِي احدى وَتِسْعمِائَة
الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية - المؤلف: عصام الدين طاشْكُبْري زَادَهْ.

 

علي بن يُوسُف بن شمس الدَّين الفناري الرومي
ارتحل من الروم إلى بِلَاد الْعَجم فَقَرَأَ على مَشَايِخ هراة وسمرقند وبخارى وبرع فِي جَمِيع الْعُلُوم ودرس هُنَالك ثمَّ عَاد الى الرّوم فِي سلطنة مُحَمَّد خَان فأمره السُّلْطَان أَن يدرس بمدرسة بروسة وَعين لَهُ كل يَوْم خمسين درهماً ثمَّ نقل إلى مدرسة أُخْرَى وَعين لَهُ سِتِّينَ درهماً ثمَّ جعله قَاضِيا بِمَدِينَة بروسة ثمَّ جعله قَاضِيا بالعسكر وَمكث فِيهِ عشر سِنِين وَارْتَفَعت بِسَبَب ولَايَته منزلَة الْعلمَاء والقضاة ثمَّ عَزله السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَعين لَهُ كل يَوْم خمسين درهماً ولأولاده تسعين درهماً فِي كل يَوْم وَعين لَهُ فِي كل سنة عشرَة آلاف درهماً فَلَمَّا مَاتَ السُّلْطَان مُحَمَّد وَقَامَ وَلَده بايزيد مقَامه أَعَادَهُ على قَضَاء الْعَسْكَر وَمكث فِيهِ مِقْدَار ثَمَان سِنِين ثمَّ عزل عَنهُ ثمَّ عين لَهُ كل يَوْم سبعين درهماً وَعشرَة آلاف دِرْهَم فِي كل سنة وَصَارَ مشتغلاً بِالْعلمِ فِي جَمِيع أوقاته لشدَّة شغفة بِالْعلمِ لَا ينَام على فرَاش وإذا غلب عَلَيْهِ النوم اسْتندَ إلى الْجِدَار والكتب بَين يَدَيْهِ فإذا اسْتَيْقَظَ نظر فِيهَا وَله شرح على الكافية نَفِيس وَكَانَ فِيهِ كرم مفرط وَرُبمَا ضَاقَتْ يَده فِي بعض الأحوال فَلَا يجد مَا يُرِيد فَقيل لَهُ إنك قد توليت قَضَاء الْعَسْكَر وَهُوَ منصب عَظِيم فَكيف لم تحفظ مَا يحصل لَك إذ ذَاك قَالَ كنت رجلا سَكرَان فَلم احفظ شَيْئا فَقيل لَهُ اذاعاد إليك المنصب فَعَلَيْك بِحِفْظ المَال فَقَالَ إذا عَاد المنصب عَاد السكر مَعَه وَكَانَ يغلب عَلَيْهِ الصمت إلا إذا سَأَلَهُ أحد عَن خدمته للسلاطين سرد من ذَلِك حكايات عَجِيبَة وَمن ذَلِك أَنه سَأَلَهُ بعض النَّاس عَن أعظم لَذَّة وجدهَا فِي أَيَّام اتِّصَاله بالسلطان فَقَالَ سَافر السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فِي أَيَّام الشتَاء وَكَانَ ينزل ويبسط لَهُ بِسَاط صَغِيرَة يجلس عَلَيْهِ إلى أَن تضرب الْخَيْمَة وإذا أَرَادَ الْجُلُوس على الْبسَاط يخرج وَاحِد من غلمانه الْخُف عَن رجلَيْهِ وَعند ذَلِك يسْتَند الى شخص معِين وَكَانَت تِلْكَ عَادَته فاتفق فِي بعض الْأَيَّام أَنه لم يحضر ذَلِك الرجل فاستند إليّ وَهَذَا أعظم لَذَّة وَجدتهَا فِي صُحْبَة السلاطين وَحكى عَنهُ بعض تلامذته أَنه قَرَأَ عَلَيْهِ فِي المطول فَكَانُوا يقرأون عَلَيْهِ كل يَوْم مِقْدَار سطر أَو سطرين من ضحوة النَّهَار إلى وَقت الْعَصْر وَلما مَضَت على ذَلِك سِتَّة أشهر قَالَ إنّ الذي قرأتموه عليّ إلى الْآن يُقَال لَهُ قِرَاءَة كتاب وَبعد هَذَا اقرأوا قِرَاءَة الْفَنّ فقرأنا بعد ذَلِك كل يَوْم ورقتين وأتممنا بَقِيَّة الْكتاب فِي سِتَّة أشهر وَاسْتمرّ يُفِيد الطّلبَة حَتَّى مَاتَ فِي سنة 903 ثَلَاث وَتِسْعمِائَة

البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني

 

علي بن يوسف بالي بن شمس الدين محمد الفناري

 نشأ ببروسا واشتغل بالعلم وارتحل في عنفوان شبابه إلى بلاد العجم وقرأ على علماء هراة وبخارى وسمرقند وبرع في كل العلوم وعاد إلى بلاد الروم في أوائل سلطنة محمد خان فأعطاه مدرسة ببروسا ثم جعله قاضيا هناك وكان ماهرًا في الرياضيات والكلام والأصول والفقه والبلاغة وغير ذلك وكان جيدا في الدرس حتى أنه حكي صاحب الشقائق عن خاله عبد العزيز بن السيد يوسف الحسيني الشهير بعابد جلبي أنه قال شرعت عنده في المطول فكنا نقرأ عليه في كل يوم سطرًا واحدًا أو سطرين ومع ذلك يمتد الدرس من الضحوة إلى العصر ولما مضت ستة أشهر قال إن الذي قرأتموه الآن يقال له قراءة الكتاب وبعد هذا اقرؤا الفن فبعد ذلك قرأنا في كل يوم ورقتين وأتممناه في ستة أشهر ومن تصانيفه شرح الكافية وشرح قسم التجنيس ومات سنة ثلاث وتسعمائة ويحكى أنه لما سمع محمد أبو الخير في مرض موته أن المولى علي الفناري توجه إلى الروم أوصى أن تزوج بروسا وكان مقيما بها وأنزله بسمرقند وبعد تيمور سار الجزري في البلاد ودخل شيراز فات بها وبقي أولاده وأحفاده هناك وجاء أبو الخير إلى بلاد الروم في دولة السلطان محمد خان ودخل المولي الفناري بعد وفاة أبي الخير فزوجوا ابنه منه فولد له منها ولدان فاضلان محمد شاه ومحيي الدين جلبي.

 الفوائد البهية في تراجم الحنفية - أبو الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الهندي.

 

علي بن يوسف الفناري: علي بن يوسف بن أحمد، العالم، العلامة، المولى علاء الدين سبط المولى شمس الدين الفناري الرومي الحنفي. رحل في شبابه إلى بلاد العجم، فدخل هراة، وقرأ على علمائها، ثم إلى سمرقند وبخارى، وقرأ على علمائها أيضاً، وبرع في كل علم حتى جعلوه مدرساً، ثم غلب عليه حب الوطن، فعاد إلى بلاد الروم في أوائل سلطنة محمد خان بن عثمان، وكان المولى الكوراني يقول له: لا تتم سلطتك إلا أن يكون عندك واحد من أولاد الفناري، فلما دخل بلاد الروم أعطاه السلطان محمد مدرسة مناستر بمدينة بروسا بخمسين درهماً، ثم مدرسة والده مراد خان بالغازي بها بستين درهماً، ثم ولاه قضاء بروسا، ثم قضاء العسكر، ومكث فيه عشر سنين، وارتفع قدر العلماء في زمان ولايته إلى أوج الشرف، وكان أيامه تواريخ، ثم عزله ورتب له ولأولاده مرتبات سنية، ثم لما تولى ولده أبي يزيد خان السلطنة من بعده جعل المولى علاء الدين قاضياً بالعسكر في ولاية روم إيلي، ومكث فيه ثماني سنوات، ثم عزله ورتب له ما يكفيه، وكان شديد الاهتمام بالعلم، وكان لا ينام على فراش وإذا غلبه النوم استند إلى الجدار والكتب بين يديه، فإذا استيقظ ينظر في الكتب، ولم يعتن بالتصنيف كثراً، ولكنه شرح الكافية في النحو، وشرح قسم التجنيس كذا من الحساب، وكان ماهراً في سائر العلوم، ثم خدم الشيخ العارف بالله تعالى حاج خليفة، ودخل الخلوة عنده، وحصل له من علوم الصوفية فوق لكنه كان مغري بصحبة السلاطين بحيث كان يغلب عليه الصمت إلا إذا ذكر له صحبته مع السلاطين، فعند ذلك يورد الحكايات اللطيفة والنوادر، ومن لطائفة أنه كان يوماً وجماعة ينتظرون الإفطار في رمضان، وكان يوماً شديد الحر فاستبطأوا المغرب. فقال: الشمس أيضاً لا تقدر على الحركة من شدة الحر، وحكى عنه تلميذه المولى الخيالي أنه قال يوماً: ما بقي من حوائجي إلا ثلاث الأولى أن أكون أول من يموت في داري، والثانية أن لا يمتد بي مرض، والثالثة أن يختم لي بالإيمان. قال الخيالي: فكان أول من مات في الدار، وتوضأ يوماً للطهر، ثم مرض وحم ومات مع أذان العصر. قال: فاستجيبت دعواته في الأوليين، وظني أنه أجيبت في الثالثة، وتوفي في سنة ثلاث وتسعمائة تقريباً رحمه الله تعالى.

- الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة -

 

 

علي بن يوسف بن محمد الفَنَاري، علاء الدين الرومي الحنفي:
فقيه، من العلماء بالعربية. منشأه ووفاته في بروسة. رحل إلى بلاد إيران وبخارى، وعاد إلى بروسة، فولي قضاءها، ثم قضاء العسكر في ولاية الروم ايلي، وعزل فعكف على المطالعة وإقراء الطلبة إلى أن توفي.
من كتبه " شرح الكافية " في النحو. وهو سبط الإمام الفناري محمد بن حمزة صاحب التصانيف في الأصول والمنطق .

-الاعلام للزركلي-