شهاب الدين أحمد بن إسماعيل بن عثمان الشهرزوري الكوراني

شرف الدين التبريزي أحمد

تاريخ الولادة813 هـ
تاريخ الوفاة893 هـ
العمر80 سنة
مكان الولادةالسليمانية - العراق
مكان الوفاةاستانبول - تركيا
أماكن الإقامة
  • السليمانية - العراق
  • بغداد - العراق
  • بلاد الروم - بلاد الروم
  • استانبول - تركيا
  • بروسة - تركيا
  • حصن كيفا - تركيا
  • ديار بكر - تركيا
  • حلب - سوريا
  • دمشق - سوريا
  • بيت المقدس - فلسطين
  • القاهرة - مصر

نبذة

أَحْمد بن إسماعيل بن عُثْمَان بن أَحْمد بن رشيد ابْن إبراهيم شرف الدَّين التبريزي الكوراني القاهري ثمَّ الرومي الشافعي عَالم بِلَاد الروم ولد في سنة 813 ثَلَاث عشرَة وثمان مائَة بقرية من كوران وَحفظ الْقُرْآن وتلي السَّبع على القزويني البغدادي وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْكَشَّاف وحاشيته للتفتازاني وَأخذ عَنهُ النَّحْو مَعَ علمي الْمعَانى وَالْبَيَان وَالْعرُوض وَكَذَا اشْتغل على غَيره فِي الْعُلُوم وتميّز في الْأَصْلَيْنِ والمنطق وَغَيرهَا وفى النَّحْو والمعاني وَالْبَيَان وَغير ذَلِك من العقليات

الترجمة

وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى شمس الْملَّة وَالدّين احْمَد بن إِسْمَعِيل الكوراني
كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَارِفًا بِعلم الاصول فَقِيها حنفيا قَرَأَ ببلاده ثمَّ ارتحل الى الْقَاهِرَة وتفقه بهَا وَقَرَأَ هُنَاكَ القراآت الْعشْر بطرِيق الاتقان والاحكام وَقَرَأَ الحَدِيث وَالتَّفْسِير وَأَجَازَهُ عُلَمَاء عصره فِي الْعُلُوم الْمَذْكُورَة كلهَا وَأَجَازَهُ ابْن حجر ايضا فِي الحَدِيث وَشهد لَهُ بانه قرا الحَدِيث سِيمَا صَحِيح البُخَارِيّ رِوَايَة ودراية ودرس هُوَ بِالْقَاهِرَةِ درسا عَاما خَاصّا بالفحول وشهدوا لَهُ بالفضيلة التَّامَّة ثمَّ ان الْمولى يكان الْمَذْكُور سَابِقًا لما دخل الْقَاهِرَة فِي سَفَره الى الْحجاز لقِيه الْمولى الكوراني وَلما شهد فَضله اخذه مَعَه الى بِلَاد الرّوم وَلما لَقِي الْمولى يكان السُّلْطَان مُرَاد خَان قَالَ لَهُ السُّلْطَان هَل اتيت الينا بهدية قَالَ نعم معي رجل مُفَسّر ومحدث قَالَ ايْنَ هُوَ قَالَ هُوَ بِالْبَابِ فَأرْسل اليه السُّلْطَان فَدخل هُوَ عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ تحدث مَعَه سَاعَة فَرَأى فَضله فَأعْطَاهُ مدرسة جده السُّلْطَان مُرَاد الْغَازِي بِمَدِينَة بروسا ثمَّ اعطاه مدرسة جده السُّلْطَان بايزيد خَان الْغَازِي بِالْمَدِينَةِ المزبورة وَكَانَ ولد السُّلْطَان مرادخان السُّلْطَان مُحَمَّد أَمِيرا فِي ذَلِك الزَّمَان ببلدة مغنيا وَقد ارسل اليه وَالِده عدَّة من المعلمين وَلم يمتثل امرهم وَلم يقرا شيأ حَتَّى انه لم يخْتم الْقُرْآن فَطلب السُّلْطَان الْمَذْكُور رجلا لَهُ مهابة وحدة فَذكرُوا لَهُ الْمولى الكوراني فَجعله معلما لوَلَده وَأَعْطَاهُ بِيَدِهِ قَضِيبًا يضْربهُ بذلك إِذا خَالف أمره فَذهب اليه فَدخل عَلَيْهِ والقضيب بِيَدِهِ فَقَالَ ارسلني والدك للتعليم وللضرب إِذا خَالَفت امري فَضَحِك السُّلْطَان مُحَمَّد خَان من هَذَا الْكَلَام فَضَربهُ الْمولى الكوراني فِي ذَلِك الْمجْلس ضربا شَدِيدا حَتَّى خَافَ مِنْهُ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَختم الْقُرْآن فِي مُدَّة يسيرَة ففرح بذلك السُّلْطَان مرادخان وَأرْسل الى الْمولى الكوراني اموالا عَظِيمَة ثمَّ ان السُّلْطَان مُحَمَّد خَان لما جلس على سَرِير السلطنة بعد وَفَاة ابيه المرحوم عرض للْمولى الْمَذْكُور الوزارة فَلم يقبل وَقَالَ ان من فِي بابك من الخدام وَالْعَبِيد إِنَّمَا يخدمونك لَان ينالوا الوزارة آخر الامر وَإِذا كَانَ الْوَزير من غَيرهم تنحرف قُلُوبهم عَنْك فيختل امْر سلطنتك فَاسْتَحْسَنَهُ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَعرض لَهُ قَضَاء الْعَسْكَر فَقبله وَلما بَاشر امْر الْقَضَاء اعطى التدريس وَالْقَضَاء لاهلهما من غير عرض على السُّلْطَان فانكره السُّلْطَان وَلَكِن استحيا مِنْهُ انه يظهره فَشَاور مَعَ الوزراء فأشاروا الى ان يَقُول لَهُ السُّلْطَان سَمِعت ان اوقاف جدي بِمَدِينَة بروسا قد اختلت فَلَا بُد من تداركها فَلَمَّا قَالَ لَهُ السُّلْطَان هَذَا الْكَلَام قَالَ الْمولى الْمَذْكُور ان امرتني بذلك اصلحها فَقَالَ السُّلْطَان هَذَا يَقْتَضِي زَمَانا مديدا فقلده قَضَاء بروسا مَعَ تَوْلِيَة الاوقاف فَقبل الْمولى الْمَزْبُور وَذهب الى مَدِينَة بروسا وَبعد مُدَّة ارسل السُّلْطَان اليه وَاحِدًا ن خُدَّامه بِيَدِهِ مَوْسُوم السُّلْطَان وَضَمنَهُ امرا يُخَالف الشَّرْع فمزق الْكتاب وَضرب الْخَادِم فأشمأز السُّلْطَان لذَلِك فَعَزله وَوَقع بَينهمَا منافرة فارتحل الْمولى الْمَذْكُور الى مصر وسلطانها يَوْمئِذٍ الْملك قايتباي فَأكْرمه غَايَة الاكرام ونال عِنْده الْقبُول التَّام وعاش عِنْده زَمَانا بعزة عَظِيمَة وحشمة وافرة وجلالة تَامَّة ثمَّ ان السُّلْطَان مُحَمَّد خَان نَدم على مَا فعله فارسل الى السُّلْطَان قايتباي كتاب السُّلْطَان مُحَمَّد خَان للْمولى الْمَذْكُور ثمَّ قَالَ لَا تذْهب اليه فَإِنِّي اكرمك فَوق مَا يكرمك هُوَ قَالَ الْمولى نعم هُوَ كَذَلِك الا ان بيني وَبَينه محبَّة عَظِيمَة كَمَا بَين الْوَالِد وَالْولد وَهَذَا الَّذِي جرى بَيْننَا شَيْء آخر وَهُوَ يعرف ذَلِك مني وَيعرف اني اميل اليه بالطبع فَإِذا لم أذهب اليه يفهم ان الْمَنْع من جَانِبك فَيَقَع بَيْنكُمَا عَدَاوَة فَاسْتحْسن السُّلْطَان قايتباي هَذَا الْكَلَام وَأَعْطَاهُ مَالا جزيلا وهيأ لَهُ مَا يحْتَاج اليه من حوائج السّفر وَبعث مَعَه هَدَايَا عَظِيمَة الى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فَلَمَّا جَاءَ الى قسطنطينية اعطاه السُّلْطَان مُحَمَّد خَان قَضَاء بروسه ثَانِيًا وَوَقع ذَلِك فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة ودام على ذَلِك مُدَّة ثمَّ قَلّدهُ منصب الْفَتْوَى وَعين لَهُ كل يَوْم مِائَتي دِرْهَم وَفِي كل شهر عشْرين الف دِرْهَم وَفِي كل سنة خمسين الف دِرْهَم سوى مَا يبْعَث اليه من الْهَدَايَا والتحف وَالْعَبِيد والجواري وعاش فِي كنف حمايته مَعَ نعْمَة جزيلة وعيش رغد وصنف هُنَاكَ تَفْسِير الْقُرْآن الْعَظِيم وَسَماهُ غَايَة الاماني فِي تَفْسِير السَّبع المثاني اورد فِيهِ مؤاخذات كَثِيرَة على العلامتين الزَّمَخْشَرِيّ والبيضاوي وصنف ايضا شرح البُخَارِيّ وَسَماهُ بالكوثر الْجَارِي على رياض البُخَارِيّ ورد فِيهِ كثيرا من الْمَوَاضِع لشرح الْكرْمَانِي وَابْن حجر وصنف حَوَاشِي مَقْبُولَة لَطِيفَة على شرح الجعبري للقصيدة الشاطبية واقرأ الحَدِيث وَالتَّفْسِير وعلوم الْقُرْآن حَتَّى تخرج من عِنْده كثير من الطلاب وتمهروا فِي الْعُلُوم الْمَذْكُورَة وَكَانَت اوقاته مصروفة الى الدَّرْس وَالْفَتْوَى والتصنيف وَالْعِبَادَة حكى بعض من تلامذته انه بَات عِنْده لَيْلَة فَلَمَّا صلى الْعشَاء ابْتَدَأَ بِقِرَاءَة الْقُرْآن من اوله قَالَ وَأَنا نمت ثمَّ استيقظت فَإِذا هُوَ يقرا ثمَّ نمت فَاسْتَيْقَظت فَإِذا هُوَ يقرا سُورَة الْملك فاتم الْقُرْآن عِنْد طُلُوع الْفجْر قَالَ سَأَلت بعض خُدَّامه عَن ذَلِك فَقَالَ هَذِه عَادَة مستمرة لَهُ وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى رجلا مهيبا طوَالًا كَبِير اللِّحْيَة وَكَانَ يصْبغ لحيته وَكَانَ قوالا بِالْحَقِّ وَكَانَ يُخَاطب الْوَزير وَالسُّلْطَان باسمه وَكَانَ إِذا لَقِي السُّلْطَان يسلم عَلَيْهِ وَلَا ينحني لَهُ ويصافحه وَلَا يقبل يَده وَلَا يذهب اليه يَوْم عيد الا إِذا دَعَاهُ وَسمعت عَن ثِقَة انه ذهب اليه يَوْم عَرَفَة وَكَانَ يَوْم مطر فِي أَيَّام سلطنة السُّلْطَان بايزيد خَان فجَاء اليه وَاحِد من الخدام وَقَالَ السُّلْطَان يسلم عَلَيْكُم ويلتمس مِنْكُم ان تشرفوه غَدا فَقَالَ الْمولى لَا أذهب وَالْيَوْم يَوْم وَحل اخاف ان يتوحل خَفِي فَذهب الْخَادِم فَلم يلبث الا ان جَاءَ وَقَالَ سلم عَلَيْكُم السُّلْطَان واذن لكم ان تنزلوا عَن الدَّابَّة فِي مَوضِع نزُول السُّلْطَان حَتَّى لايتوحل خفكم فَذهب اليه وَكَانَ رَحمَه الله ينصح للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَيَقُول لَهُ دَائِما ان مطعمك حرَام وملبسك حرَام فَعَلَيْك بِالِاحْتِيَاطِ فاتفق فِي بعض الايام انه اكل مَعَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فَقَالَ السُّلْطَان ايها الْمولى انت اكلت ايضا من الْحَرَام فَقَالَ مَا يليك من الطَّعَام حرَام وَمَا يليني مِنْهُ حَلَال فحول السُّلْطَان الطَّعَام فاكل الْمولى فَقَالَ السُّلْطَان اكلت من جَانب الْحَرَام فَقَالَ الْمولى نفد مَا عنْدك من الْحَرَام وَمَا عِنْدِي من الْحَلَال فَلهَذَا حولت الطَّعَام وَقيل لَهُ يَوْمًا ان الشَّيْخ ابْن الْوَفَاء يزور الْمولى خسرو وَلَا يزورك فَقَالَ اصاب فِي ذَلِك لَان الْمولى خسرو عَالم عَامل تجب زيارته وَإِنِّي وَإِن كنت عَالما لكنني خالطت مَعَ السلاطين فَلَا تجوز زيارتي وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى لَا يحْسد احدا من أقرانه إِذا فضل عَلَيْهِ فِي المنصب وَإِذا قيل لَهُ فِي ذَلِك كَانَ يَقُول الْمَرْء لَا يرى عُيُوب نَفسه وَلَو لم يكن لَهُ فضل عَليّ لما اعطاه الله تَعَالَى ذَلِك المنصب وَقَالَ الْمولى الْمَزْبُور وَيَوْما للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان بطرِيق الشكاية عَنهُ ان الامير تيمور خَان ارسل بريدا لمصْلحَة وَقَالَ لَهُ ان احتجت الى فرس خُذ فرس كل من لَقيته وان كَانَ ابْني شاهرخ فَتوجه الْبَرِيد الى مَا أَمر بِهِ فلقي الْمولى سعدالدين التَّفْتَازَانِيّ وَهُوَ نَازل فِي مَوضِع قَاعد فِي خيمته وافراسه مربوطة قدامه فَأخذ الْبَرِيد مِنْهَا فرسا فَأخْبر الْمولى بذلك فَضرب الْبَرِيد ضربا شَدِيدا فَرجع هُوَ الى الامير تيمور وَأخْبرهُ مَا فعله الْمولى الْمَذْكُور فَغَضب الامير تيمورخان غَضبا شَدِيدا ثمَّ قَالَ وَلَو كَانَ هُوَ ابْني شاهرخ لقتلته وَلَكِنِّي كَيفَ اقْتُل رجلا مَا دخلت فِي بَلْدَة الا وَقد دَخلهَا تصنيفه قبل دُخُول سَيفي ثمَّ قَالَ الْمولى الْمَزْبُور ان تصانيفي تقْرَأ الان بِمَكَّة الشَّرِيفَة وَلم يبلغ اليها سَيْفك فَقَالَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان نعم ايها الْمولى النَّاس يَكْتُبُونَ تصانيفه وَأَنت كتبت تصنيفك وارسلته الى مَكَّة الشَّرِيفَة فَضَحِك الْمولى الكوراني وَاسْتحْسن هَذَا الْكَلَام غَايَة الِاسْتِحْسَان ومناقبه كَثِيرَة لَا يتَحَمَّل ذكرهَا هَذَا الْمُخْتَصر توفّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة مَاتَ فِي قسطنطينية وَدفن بهَا وقصة وَفَاته انه امْر يَوْمًا فِي أَوَائِل فصل الرّبيع ان تضرب لَهُ خيمة فِي خَارج قسطنطينية فسكن هُنَاكَ فصل الرّبيع فَلَمَّا تمّ هَذَا الْفَصْل امْر ان يشترى لَهُ حديقة فسكن هُنَاكَ الى اول فصل الخريف وَفِي هَذِه الْمدَّة كَانَ الوزراء يذهبون الى زيارته فِي كل اسبوع مرّة ثمَّ انه صلى الْفجْر فِي يَوْم من الايام وَأمر ان ينصب لَهُ سَرِير فِي الْموضع الْفُلَانِيّ من بَيته بقسطنطينية فَلَمَّا صلى الاشراق جَاءَ الى بَيته واضطجع على جنبه الايمن مُسْتَقْبل الْقبْلَة وَقَالَ اخبروا من فِي الْبَلَد من الَّذين قرأوا عَليّ الْقُرْآن فَأَخْبرُوهُمْ فَحَضَرَ الْكل فَقَالَ الْمولى لي عَلَيْكُم حق وَالْيَوْم يَوْم قَضَائِهِ فاقراوا عَليّ الْقُرْآن الْعَظِيم الى وَقت الْعَصْر فاخبر الوزراء بذلك فجاؤوا اليه لعيادته فَبكى الْوَزير دَاوُد باشا لما بَينهمَا من الْمحبَّة الزَّائِدَة فَقَالَ الْمولى لماذا تبْكي يَا دَاوُد قَالَ فهمت فِيكُم ضعفا فَقَالَ ابك على نَفسك يَا دَاوُد فَإِنِّي عِشْت فِي الدُّنْيَا بسلامة وَاخْتِمْ ان شَاءَ الله تَعَالَى بسلامة ثمَّ قَالَ للوزراء سلمُوا منا على بايزيد يُرِيد السُّلْطَان بايزيدخان اوصيه ان يحضر صَلَاتي بِنَفسِهِ وان يقْضِي ديوني من بَيت المَال قبل دفني ثمَّ قَالَ اوصيكم إِذا وضعتموني عندالقبر ان تَأْخُذُوا برجلي وتسحبوني الى شَفير الْقَبْر ثمَّ تضعوني فِيهِ ثمَّ ان الْمولى صلى صَلَاة الظّهْر مومئا ثمَّ اخذ يسْأَل عَن أَذَان الْعَصْر فَلَمَّا قرب وقته اخذ يستمع صَوت الْمُؤَذّن فَلَمَّا قَالَ الْمُؤَذّن الله أكبر قَالَ الْمولى لَا اله الا الله فَخرج روحه فِي تِلْكَ السَّاعَة روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه ثمَّ ان السُّلْطَان بايزيد خَان حضر صلَاته وَقضى دُيُونه بِلَا شُهُود فَكَانَت ثَمَانِينَ الْفَا وَمِائَة الف دِرْهَم ثمَّ انهم لما وضعوه عِنْد قَبره لم يتجاسر اُحْدُ على ان يَأْخُذ بِرجلِهِ فوضعوه على حَصِير وجذبوا الْحَصِير الى شَفير الْقَبْر ثمَّ انزلوه فِيهِ وسلموه الى رَحْمَة الله تَعَالَى ورضوانه وامتلأت الْمَدِينَة ذَلِك الْيَوْم من الضجيج والبكاء من الصغار والكبار حَتَّى النِّسَاء وَالصبيان وَكَانَت جنَازَته مَشْهُورَة وانثلمت بِمَوْتِهِ ثلمة من الاسلام

الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية - المؤلف: عصام الدين طاشْكُبْري زَادَهْ.

 

 

أحمد بن إسماعيل بن عثمان، الشهرزوري، الهمداني، التبريزي، الكوراني، ثم القاهري، الشافعي ثم الحنفي، شهاب الدين، ويقال: شرف الدين، ولد سنة: (813هـ)، كردي الأصل، من أهل شهرزور، وبها نشأ وتعلم، ثم رحل إلى مصر وأخذ عن كبار الشيوخ، وأجازه ابن حجر العسقلاني في الحديث، ودرس بالقاهرة، ثم رحل إلى بلاد الترك، فولي التدريس في بروسا وغيرها، دأب في فنون العلم حتى فاق في المعقولات والأصلين والمنطق وغير ذلك، ومهر في النحو والمعاني والبيان، وبرع في الفقْه، له كتب منها: غاية الأماني في تفسير السبع المثاني، والدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع، توفي رحمه الله بالقسطنطينية سنة: (893هـ)، وقيل: (894هـ)، وصلى عليه السلطان بايزيد.  ينظر: الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي: 1/241، نظم العقيان في أعيان الأعيان للسيوطي: 38.

 

 

قال في "البدر الطالع" في ترجمة أحمد بن إسماعيل الكورانيِّ عالمِ بلادِ الروم: قال السخاوي: وظهر لما ترفع حاله ما كان كامنًا عليه من اعتقاد نفسه الذي جر إليه الطيش والخفة، ولم يلبث أن وقع بينه وبين حميد الدين النعماني - المنسوب إلى أبي حنيفة - رحمه الله -، والمحكي أنه من ذريته - مباحث، فسطا فيها عليه، وتشاتما بحيث تعدى هذا إلى آبائه، ووصل علمُ ذلك إلى السلطان، فأمر بالقبض عليه، وبسجنه بالبرج، ثم ادعى عليه عند قاضي الحنفية ابن الديري، وأقيمت البينة بالشتم، وبكون المشتوم من ذرية الإمام أبي حنيفة، فَعَزَّرَهُ بحضرة السلطان نحو ثمانين ضربة، وأمر بنفيه، وأُخرج عن تدريس الفقه بالبرقونية، فاستقر في الجلال المَحَلَّي، انتهى.
قلت: وقد لطف الله بالمترجَم له بمرافعته إلى حاكم حنفي، فلو رُفع إلى مالكي، لحكم بضرب عنقه، وقبح الله هذه المجازفات، والاستحلال للدماء والأعراض بمجرد أشياء لم يوجب الله فيها إراقةَ دم، ولا هتكَ عرض، فإن ضربَ هذا العالم الكبير، ثم نفيَه وتمزيقَ عرضه، والوضعَ من شأنه بمجرد كونه شاتَمَ مَنْ شاتمه ظلمٌ بَيَّن، وعسفٌ ظاهر، ولا سيما إذا كان لا يدري بانتساب من ذكر إلى ذلك الإمام، لا جرم قد أبدله الله بسلطان خير من سلطانه، وجيران أفضل من جيرانه، ورزق أوسعَ مما منعوه منه، وجاهٍ أرفعَ مما حسدوه عليه، فإنه لما خرج، توجه إلى مملكة الروم، وما زال يترقى حتى استقر في قضاء العسكر وغيره، وقد ترجم له صاحب "الشقائق النعمانية" ترجمة حافلة، وذكر فيها: أن سلطان الروم عرضَ عليه الوزارةَ فلم يقبلْها، وأنه أتاه مرة مرسومٌ من السلطان فيه مخالفةٌ للوجه الشرعي، فمزقه، وأنه كان يخاطب السلطان باسمه ولا ينحني له ولا يقبل يده بل يصافحه مصافحة، وإنه كان لا يأتي إلى السلطان إلا إذا أرسل إليه، وكان يقول له: مطعمُك حرام، وملبسُك حرام، فعليك بالاحتياط، وذكر له مناقبَ جمة تدل على أنه من العلماء العاملين، لا كما قال السخاوي، انتهى.
التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول - أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي.

 

 

أَحْمد بن إسماعيل بن عُثْمَان بن أَحْمد بن رشيد ابْن إبراهيم شرف الدَّين التبريزي الكوراني القاهري ثمَّ الرومي الشافعي عَالم بِلَاد الروم ولد في سنة 813 ثَلَاث عشرَة وثمان مائَة بقرية من كوران وَحفظ الْقُرْآن وتلي السَّبع على القزويني البغدادي وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْكَشَّاف وحاشيته للتفتازاني وَأخذ عَنهُ النَّحْو مَعَ علمي الْمعَانى وَالْبَيَان وَالْعرُوض وَكَذَا اشْتغل على غَيره فِي الْعُلُوم وتميّز في الْأَصْلَيْنِ والمنطق وَغَيرهَا وفى النَّحْو والمعاني وَالْبَيَان وَغير ذَلِك من العقليات وشارك فِي الْفِقْه ثمَّ تحوّل إلى حصن كيفا فَأخذ عَن الْجلَال الحلواني في الْعَرَبيَّة وجال فى بَغْدَاد ودياربكر وَقدم دمشق في حُدُود الثَّلَاثِينَ فلازم الْعَلَاء البخاري وانتفع بِهِ وَكَانَ يرجح الْجلَال عَلَيْهِ وَكَذَا قدم مَعَ الْجلَال بَيت الْمُقَدّس وَقَرَأَ عَلَيْهِ في الْكَشَّاف ثمَّ قدم الْقَاهِرَة في حُدُود سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَهُوَ فَقير جداً فَأخذ عَن ابْن حجرٍ فِي البخاري وَشرح الألفية للعراقي ولازمه وَغَيره

وَسمع صَحِيح مُسلم عَن ابْن الزركشي ولازم الشرواني كثيراً وَقَرَأَ عَلَيْهِ صَحِيح مُسلم والشاطبية وأكبّ على الاشتغال والأشغال بِحَيْثُ قَرَأَ على الْعَلَاء القلقشندي في الحاوي ولازم حُضُور الْمجَالِس الْكِبَار كمجلس قِرَاءَة البخاري بِحَضْرَة السُّلْطَان وَغَيره واتصل بالكمال البارزي فَنَوَّهَ بِهِ وبالزيني عبد الباسط وَغَيرهمَا من المباشرين والأمراء بِحَيْثُ اشْتهر وناظر الأماثل وَذكر بالطلاقة والبراعة والجرأة الزَّائِدَة فَلَمَّا ولي الظَّاهِر جقمق وَكَانَ يَصْحَبهُ تردّد اليه فاكثر وَصَارَ أحد ندمائه وخواصه فانثالت عَلَيْهِ الدُّنْيَا فَتزَوج مرة بعد أُخْرَى لمزيد رغبته فى النِّسَاء مَعَ كَونه مطلاقا قَالَ السخاوي وَظهر لما ترفَّع حَاله مَا كَانَ كامناً عَلَيْهِ من اعْتِقَاد نَفسه الَّذِي جرّ إليه الطيش والخفة وَلم يلبث أَن وَقع بَينه وَبَين حميد الدَّين النعماني الْمَنْسُوب إِلَى أَبى حنيفَة والمحكي أَنه من ذُريَّته مبَاحث تسطَّا فِيهَا عَلَيْهِ وتشاتما بِحَيْثُ تعدى هَذَا الى ابائه وَوصل علم ذَلِك إِلَى السُّلْطَان فأمر بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ وسجنه بالبرج ثمَّ ادعى عَلَيْهِ عِنْد قاضي الْحَنَفِيَّة ابْن الديرى وأقيمت الْبَيِّنَة بالشتم وبكون المشتوم من ذُرِّيَّة الإمام أَبى حنيفَة وعزر بِحَضْرَة السُّلْطَان نَحْو ثَمَانِينَ ضَرْبَة وَأمر بنفيه وَأخرج عَن تدريس الْفِقْه بالبرقوقية فاستقر فِيهِ الْجلَال الْمحلى اه قلت وَقد لطف الله بالمترجم لَهُ بمرافعته إِلَى حَاكم ضفى فَلَو روفع إِلَى مالكي لحكم بِضَرْب عُنُقه وقبَّح الله هَذِه المجازفات والاستحلال للدماء والأعراض بِمُجَرَّد أشياء لم يُوجب الله فِيهَا إِرَاقَة دم وَلَا هتك عرض فان ضرب هَذَا الْعَالم الْكَبِير نَحْو ثَمَانِينَ جلدَة ونفيه وتمزيق عرضه والوضع من شَأْنه بِمُجَرَّد كَونه شاتم من شاتمه ظلم بَين وعسف ظَاهر وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ لَا يدري بانتساب من ذكر إِلَى ذَلِك الإمام لَا جرم قد أبدله الله بسُلْطَان خيّر من سُلْطَانه وجيران أفضل من جِيرَانه ورزق أوسع مِمَّا منعُوهُ مِنْهُ وجاه أرفع مِمَّا حسدوه عَلَيْهِ فإنه لما خرج توجه الى مملكة الرّوم وَمَا زَالَ يترقى بهَا حَتَّى اسْتَقر في قَضَاء الْعَسْكَر وَغَيره وتحول حنفياً وَعظم اخْتِصَاصه بِملك الروم ومدحه وَغَيره بقصائد طنانة وَحسنت حَاله هُنَالك جداً بِحَيْثُ لم يصر عِنْد السُّلْطَان مُحَمَّد مُرَاد أحظى مِنْهُ وانتقل من قَضَاء الْعَسْكَر إلى منصب الْفَتْوَى وَتردد إليه الأكابر وَشرح جمع الْجَوَامِع وَكثر تعقبه للمحلي وَعمل تَفْسِيرا وشرحاً على البخاري وقصيدة في علم الْعرُوض نَحْو سِتّمائَة بَيت وَأَنْشَأَ باسطنبول جَامعا ومدرسة سَمَّاهَا دَار الحَدِيث وانثالت عَلَيْهِ الدِّينَا وَعمر الدور وانتشر علمه فَأخذ عَلَيْهِ الأكابر وَحج فى سنة 861 إحدى وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَلم يزل على جلالته حَتَّى مَاتَ فى أَوَاخِر سنة 893 ثَلَاث وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَصلى عَلَيْهِ السُّلْطَان فَمن دونه وَمن مطالع قصائده في مدح سُلْطَانه
(هُوَ الشَّمْس إلا أَنه اللَّيْث باسلاً ... هُوَ الْبَحْر إلا أَنه مَالك الْبر)
وَقد تَرْجمهُ صَاحب الشقائق النعمانية تَرْجَمَة حافلة وَذكر فِيهَا أن سُلْطَان الروم السُّلْطَان مُحَمَّد عرض عَلَيْهِ الوزارة فَلم يقبلهَا وَأَنه أَتَاهُ مرة مرسوم من السُّلْطَان فِيهِ مُخَالفَة للْوَجْه الشرعي فمزقه وَأَنه كَانَ يُخَاطب السُّلْطَان باسمه وَلَا ينحني لَهُ وَلَا يقبل يَده بل يصافحه مصافحة وانه كَانَ لَا يأتى الى السُّلْطَان إِلَّا إِذا أرسل اليه وَكَانَ يَقُول لَهُ مطعمك حرَام وملبسك حرَام فَعَلَيْك بِالِاحْتِيَاطِ وَذكر لَهُ مَنَاقِب جمّة تدل على أَنه من الْعلمَاء العاملين لَا كَمَا قَالَ السخاوي

البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني.

 

 

العلامة شهاب الدين أحمد بن إسمعيل بن عثمان الكُوارني الشافعي ثم الحنفي، مفتي الروم، المتوفى بها سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة عن ثمانين سنة.
كان فاضلًا في العلوم، قدم الروم من القاهرة فأكرمه السلطان مراد فتحنف بالتماسه ونظم قصيدة في العروض لولده السلطان محمد وسمَّاها "الشافية" وقد أتقن العشرة(يعني القراءات العشر) والتفسير والحديث وأجازه ابن حجر ودرَّس بالقاهرة عامًا ثم إن المولى يكان جاء به من الحج، فعرفه السلطان، فأعطاه مدرسة جدّه ببروسا وعيِّن معلمًا لولده، فأحسن تأديبه، ثم إن الفاتح لما جلس عرض عليه الوزارة فأبى، فجعله قاضيًا بالعسكر، ثم قاضيًا ببروسا ولما عزل ارتحل إلى القاهرة فأكرمه قايتباي إلى أن استدعى الفاتح قدومه، فعاد إلى قضاء بروسا، ثم فوض إليه منصب الفتوى ودام معزَّزًا وصنَّف "غاية الأماني" في التفسير و"الكوثر الجاري على رياض البخاري" و"الدرر اللوامع شرح جمع الجوامع" وغير ذلك.
سلم الوصول إلى طبقات الفحول - حاجي خليفة.

 

 

أحمد بن إسماعيل بن عثمان بن أحمد بن رشيد بن إبراهيم شرف الدين ثم دعي شهاب الدين الشهرزوري الهمداني التبريزي الكوراني ثم القاهري عالم بلاد الروم، ورأيت من زاد في نسبه يوسف قبل إسماعيل. ولد في سنة ثلاث عشرة وثمانمائة بقرية من كوران وأرخه المقريزي في ثالث عشر ربيع الأول سنة تسع بشهرزور وحفظ القرآن وتلاه للسبع علي الزين عبد الرحمن بن عمر القزويني البغدادي الجلال واشتغل وحل عليه الشاطبية وتفقه به وقرأ عليه الشافعي وحاشية للتفتازاني وأخذ عنه النحو مع علمي المعاني والبيان والعروض وكذا اشتغل على غيره في العلوم وتميز في الأصلين والمنطق وغيرها ومهر في النحو والمعاني والبيان وغيرها من العقليات وشارك في الفقه ثم تحول إلى حصن كيفا فأخذ عن الجلال الحلواني في العربية وقدم دمشق في حدود الثلاثين فلازم العلاء البخاري وانتفع به وكان يرجح الجلال عليه وكذا قدم مع الجلال بيت المقدس وقرأ عليه في الكشاف ثم القاهرة في حدود سنة خمس وثلاثين وهو فقير جداً فأخذ عن شيخنا بقراءته في البخاري وشرح ألفية العراقي ولازمه وغيره وسمع في صحيح مسلم أو كله على الزين الزركشي ولازم الشرواني كثيراً، قال المقريزي وقرأت عليه صحيح مسلم والشاطبية فبلوت منه براعة وفصاحة ومعرفة تامة لفنون من العلم ما بين فقه وعربية وقراءات وغيرها انتهى. وأكب على الاشتغال والأشغال بحيث قرأ على العلاء القلقشندي في الحاوي ولازم حضور المجالس الكبار كمجلس قراءة البخاري بحضرة السلطان وغيره واتصل بالكمال بن البارزي فنوه به وبالزيني عبد الباسط وغيرهم من المباشرين والأمراء بحيث اشتهر وناظر الأماثل وذكر بالطلاقة والبراعة والجرأة الزائدة فلما ولي الظاهر جقمق وكان يصحبه تردد إليه فأكثر وصار أحد ندمائه وخواصه فانهالت عليه الدنيا فتزوج مرة بعد أخرى لمزيد رغبته في النساء مع كونه مطلاقاً وظهر لما ترفع حاله ما كان كامناً لديه من اعتقاد نفسه الذي جر إليه الطيش والخفة ولم يلبث أن وقع بينه وبين حميد الدين النعماني المذكور أنه من ذرية الإمام أبي حنيفة مباحثة سطا فيها عليه وتشاتما بحيث تعدى هذا إلى آبائه ووصل علم ذلك إلى السلطان فأمر بالقبض عليه وسجنه بالبرج ثم ادعى عليه عند قاضي الحنفية ابن الديري وأقيمت البينة بالشتم وبكونه من ذرية الإمام فعزز بحضرة السلطان نحو الثمانين بل وأمر بنفيه وأخرج عنه تدريس الفقه بالبرقوقية وكان قد استقر فيه بعد ابن يحيى وعمل فيه أجلاساً فاستقر بعده فيه الجلال المحلى وخرج الشهاب منفياً قال المقريزي بعد أن باع أثاثه وأخرجت وظائفه ومرتباته إلى دمشق فلما خرج الحاج توجه معه فرد إلى حلب فلم يشعروا به حتى قدم الطور ليمضي في البحر إلى مكة فقبض عليه وسير به حتى تعدى الفرات وذلك كله سنة أربع وأربعين ولا يظلم ربك أحداً انتهى، وتوصل الشهاب إلى مملكة الروم ولا زال يترقى بها حتى استقر في قضاء العسكر وغيره وتحول حنفياً وعظم اختصاصه بملك الروم ومدحه وغيره بقصائد طنانة وحسنت حالته هناك جداً بحيث لم يصر عند محمد بن مراد أحظى منه وانتقل من قضاء العسكر إلى منصب الفتوى وتردد إليه الأكابر وشرح جمع الجوامع وكثر تعقبه المحلى بما اختلف الفضلاء فيه تصويباً ورداً وقال فيه إن من قصائده في ملكه قوله:
هو الشمس إلا أنه الليث باسلاً ... هو البحر إلا أنه مالك البر
وكذا بلغني أنه عمل تفسيراً وشرحاً على البخاري وقصيدة في علم العروض نحو ستمائة بيت وغيرها من القصائد وأنشأ باسطنبول جامعاً ومدرسة سماها دار الحديث بل له مسجد بخطبة وآخر بدونه وفي الغلطة تجاهها مسجد إلى غيرها من الدور، وقد أخذ عنه الأكابر حتى أن المقريزي روى عنه حكاية عن شيخه الجلال في فضل أهل البيت هذا مع كونه ممن أخذ عنه كما أسلفته، وغالب ما نقلته عنه من عقوده. ولما كنت بحلب وذلك في سنة تسع وخمسين دخلها ثم البلاد الشامية وهو في ضخامة زائدة وحج في سنة إحدى وستين وترامى عليه البقاعي في هذا الآن ليتوصل به إذا رجع به للملكة الرومية في طلب كتابه المناسبات من هناك رجاء أن يحصل له رواج بذلك وتبينه زعم بمن يسره الله له ذلك بدون تكلف ولا تطلب والتزم له بتولي إشهار شرحه لجمع الجوامع وأخذ على جاري عادته في المبالغات إذا كانت موصلة لأغراضه " ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور " ولم يزل الكوراني على جلالته وطريقته حتى مات في أواخر رجب سنة ثلاث وتسعين وصلى عليه السلطان فمن دونه ولعله دفن بمدرسته رحمه الله.

ـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي.