علي بن إبراهيم بن عبد الرحمن العمادي

تاريخ الولادة1048 هـ
تاريخ الوفاة1117 هـ
العمر69 سنة
مكان الولادةدمشق - سوريا
مكان الوفاةدمشق - سوريا
أماكن الإقامة
  • دمشق - سوريا

نبذة

علي بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن محمد بن عماد الدين الحنفي الدمشقي المعروف كأسلافه بالعمادي صدر صدور دمشق كان مهاباً محتشماً وقوراً عالماً علامة نحريراً فقيهاً أديباً ماهراً حاذقاً فائقاً ولد في دمشق ليلة الأثنين ثالث شعبان سنة ثمان وأربعين وألف ونشأ بها وقرأ على والده وعميه.

الترجمة

علي بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن محمد بن عماد الدين الحنفي الدمشقي المعروف كأسلافه بالعمادي صدر صدور دمشق كان مهاباً محتشماً وقوراً عالماً علامة نحريراً فقيهاً أديباً ماهراً حاذقاً فائقاً ولد في دمشق ليلة الأثنين ثالث شعبان سنة ثمان وأربعين وألف ونشأ بها وقرأ على والده وعميه شهاب الدين وكمال الدين العالمين الفاضلين وعلى جماعة منهم الشيخ محمود الكردي والعالم الشيخ إبراهيم الفتال والفرضي الحيسوب الشيخ رجب القصيفي الميداني وغيرهم وتولى تدريس المدرسة السليمانية في الميدان الأخضر وافتاء الحنفية بدمشق وعزل عنها وسلك بها سلوك سلفه المتقدمين وبالجملة فقد كان من الأعيان الأفاضل مرجعاً في الأمور ومحترماً ترجمه السيد محمد الأمين المحبي في نفحته وذكر له من شعره وقال في وصفه هو الآن في الحضرة الخضرة متعين في نظرائه بالمعالي النضرة فيكاد يشير إليه من يغمض عينيه ومن أرد أن يكون السعد من خدمه فليضع قدمه مكانقدمه فالاقبال كأنما خلق لأجله واليمن في مواطئه بخيله ورجله وهناك جد لو كان بظبة صارم ما تبدا غراره وبشر لو سال بصفحة البدر ما خيف سراره وأنا إذا جئت أصفه ولا أقدر أني أنصفه قلت أعلى الله مكانه وشيد في أفق النباهة أركانه فما زال إلا من يواصل هدوه والجذل بصاحب رواحه وغدوه وله السلامة التي يهنأ بها ويحيى والدنيا التي لم تزل غضة العهد طلقة المحيا وله عندي وراء ذلك وداد برى من الكلف وامتداح لوناً له البدر لأنجلى عنه الكلف وهو في الفضل كأبيه وجده وإذا قيس بهما فقد انتهى لأقصى حده وأما أدبه فقد حل من البراعة مكاناً علياً وهمي ودقه على ربا الاجادة وسمياً وولياً فإذا أجال يراعه ملأ القرطاس بلاغة وبراعه وإذا وشى الصحائف من حبائر بديهته واملأته فكأنما أفاض عليها من أنواره ولألأته وقد اثبت له ما يهيج الأدب ويزينه وإذا وزن به الشعر رجحت موازينه فمنه قوله فيما كتبه إلى الأستاذ الكبير زين العابدين الصديقي يستدعيه لدمشق
قد ألبس الروض أنواعاً من الحبر ... وتوج الغصن اكليلاً من الزهر
ومدت الأرض وسط الروض جاشية ... من الزمرد في مستنزه نضر
وقام كل خطيب في الرياض شدا ... بلحن معبد وقع الناي والوتر
وفاح نشر عبير في دمشق غدا ... يغني بطيب شذا عن عنبر عطر
كأن عطر غوان قد ضمخن به ... أتت به من بخور نسمة السحر
وراقبت فرصة الأخفاء فانغسلت ... كالسحر بين مقر الجن والشعر
فاستبضعت كل لطف مع لطافتها ... واستصحبت كل عرف طيب الأثر
فقمت أنشق رياها وقلت لها ... جودي علي فإني لأت مصطبري

وخبريني أهذا العرف منشأوه ... عن طيب مخبر أم أطيب الخبر
قالت أعيذك من هذا النباء أما ... كفاك رونق هذا العام من خير
فالشام سامية والأرض نامية ... والسحب هامية بالطل والمطر
من أجل أن امام الوقت أعنى به ... زين الأنام وكهف البدو والحضر
ذاك الامام الذي بالمجد قد بهرت ... آيات محتده الزاهي على الزهر
وابن الامام الذي ما مثله أحد ... إذ كان في الغار ثاني سيد البشر
يروم جلق قصداً أن يشرفها ... بالبشر منه فتضحى نزهة البصر
فقلت أهلاً بما أديت من نبأ ... أودعت في السمع منه أنضر الدرر

وصرت ألثم فاها فرحة وهوى ... ومنطقاً ورده أحلى من الصدر
فأنجز الوعد لطفاً منك سيدنا ... فالشام إن جزت صينت عن يد الغير
فأعين الزهر وسط الروض شاخصة ... لكي تراك فتحظى منك بالنظر
ومن شعره قوله مخمساً
إذا رأيت ليالي الوصل مقبلة ... من الحبيب فأحسنها معاملة
وقل له إن ترم مني منادمة ... أصحب نديمك أقداحاً مسلسلة
من الرحيق وأتبعها بأقداح
وأسقه أنت بغياه وطلبته ... لتجمع الراح والأفراح ليلته
ولا تلمه فإن الشرب نشأته ... من كف ريم مليح الدل ريقته
بعد الهجوع كمسك أو كتفاح
فالراح كالريح نعم القول من نبأ ... وقد روته بنو العباس عن ملأ
وقال اسحقهم ناهيك من فتأ ... لا تشرب الراح إلا من يدي رشأ
تقبيل وجنته أشهى من الراح

قوله فالراح إلى آخره هو من قول بعضهم
الراح كالريح إن مرت عطر ... تذكو وتخبث إن مرت على الجيف
ومن بدائعه قوله
عز هذا العزيز في سلطانه ... ومضى والمطال أكبر شأنه
وأرانا من سحر عينيه هارو ... ت وماروت من شبا أجفانه
فاستمال القلوب نحو محيا ... كان سلب العقول من برهانه
وحبانا من جل ما نتمنى ... غن شذا ورده ومن ريحانه
وأرانا برق الثنايا اختلاساً ... خوف واش وحاسد يريانه
ورأيت الغرام من فيه لما ... لاح فرق اللما وضؤ جمانه
فشهدت المدام في الكون طرا ... من لماه والسكر من لمعانه
وضروب الجمال قد جمعت فيه ... وفي شكله وفي ألوانه
قده كالقضيب من فوق ردف ... ذي اهتزاز يميس في أعكانه
تحت وجه كالروض أودع فيه ... كل معنى يروق في ابانه
خده كالشقيق في اللون والصد ... ع كأس الرياض في عنفوانه
تحت جيده الذي حل فيه ... خاله مخنف لجل مكانه
فافتتنا بقامة وبجيد ... وسبانا زمردي هميانه

وقوله
وكأنما المصباح وسط حديقة ... محفوفة بالورد والنسرين
بدر بدا تحت السحاب أحاطه ... قزح بقوس محكم التكوين
أو غادة قد ألبست لبهائها ... حلل الجمال بديعة التلوين
أو شادن قد خط تحت جبينه ... بالطرة العجماء تحت السين

وقوله
باكر صبوحك من فيه مشعشعة ... تضئ إن رشفت منه كمصباح
بيضاء مثل نهار الوصل رؤيتها ... وحالة الرشف تكسي لون تفاح
لأن نسبت در الثغر حالتها ... ودنها من عقيق اللون وضاح
وعاذل قال ما في الراح معتبة ... فاستغن عنها بكاسات وأقداح
فقلت يا جاهلاً في الحب معرفتي ... إليك عني فلا أصغي إلى اللاحي
لا أشرب الراح إلا من مقبل من ... تقبيل راحته أشهى من الراح
وله في العذار
ما كنت أحتسب قبل نبت عذاره ... إن العذار لحسنه تأكيد
حتى بدا في خده متجعداً ... كفتيت مسك لا يلين جديد
فكان محمر الخدود شقائق ... عن لثم أفواه الأنام تحيد
وكان معوج العذار بصدغه ... شرك لحبات القلوب يصيد
وله في البيت الأخير الاستخدام
وعاذل قال عقرب لذغت ... أحمد نوع الجمال سيده
قلت عجيب لها أما رهبت ... عقرب صدغ رأت محدده
قالوا رأته وأنت تخبره ... ذاك للسع اللقلوب ترصده
فقلت إذ بان إن عقربكم ... لما أتته رأت تأوده
خافت على قلبها يمزقه ... فزحزحته وقبلت يده
وكتب إليه الأمين المحبي المذكور يستأذنه في التنزه أياماً بقصره الذي أحاطت به السراء إحاطة النطاق بخصره سيدي وسندي أنقذ الله على يديك الخواطر من همومها وجلا عنها بحسن توجهك غياهب عمومها الزمن وما أدريك لم يبق لنا فيه إدراك من نكبات أولاً طيش وصالها لأتصلت اتصال الشؤبوب شؤبوب وذان اسلوب الدفعة من المطر وغيره وله معان أخر لسان العرب انتهى وصدمات لولا تكسر نصالها لكانت كالرمح انبوباً على انبوبانبوب ما بين كل عقدتين من القصب وكعوب الرمح النواشز في أطراف الأنابيب الصحاح فلا يعتمد ما في المصباح والقاموس عن تفسير الكعب كما نبه عليه ناج العروس انتهى ولكن ثم نفوس من الفكر طائشة لا تحسبها إلا من ناهل الحمام عائشة فهي تستدعي بعض مألوفاتها لا عن رويه طامعة في حسوة من الأماني أما قذية أو روية وذلك لدفع صائل لا يتوقع طائل وإلا فكلنا يعرف زمانه ويعلم إن النهوض فيه زمانه وقد طلبنا فلم نجد غير قصرك البهي من النوازل مفراً ولا مثل ساحته للأمن من الغوائل مقراً إذ هو القصر الذي أقرت له القصور ولبست منه الشعري العبور ثوب الغيور فعسى ما عز على العيان من لقياك نستنشق فيه من مواطئك عرف رياك فإن أذنت فمثلك منزه عن التقاضي ومثلنا موله بالتقاضي ولك الفضل الذي إذا كشر الدهر عن نابه تكشف الجوادت عنابه والثناء على سجيتك ثناء الروض المونق على الغدير المغدق والسلام على خلقك العاطر سلام النسيم على الغصن الناضر
وبقيت في يوم أغر مبشر ... بسعادة غراء تطلع في غد
لتقيم كل مأود وتنيم كل ... مسهد وتضم كل مبدد
وللمترجم
ومنذ حللنا مصبحين بروضته ... وقابلنا سلسالها بصفائه
وهب نسيم الغرب يسحب ذيله ... بنفحة طيب فاح عرف ذكائه
وقام للقيانا خطيب هزارها ... على فنن يتلو ضروب غنائه
وأفرشنا فيها الربيع مطارفاً ... وجر علينا اللهو فضل ردائه
تراقصت الأغصان في جنباتها ... وصفق فوق النهر راحة مائه
وأسكرنا من طيب راح حديثه ... نديم ندامى جملوه برائه
أكب إلى أن قلدته عقودها ... مدامة شمس أشرقت بسمائه
وجاء لنا يلقى نثير حبابها ... فشنف منا السمع عند لقائه
ورحت ومن أنفاسه بي نشوة ... كنشأته بالراح عند جلائه
وله
خلت سواداً في بياض خد من ... أربى على الشموس في إشراقه
حيرني ثم أضاء ثغره ... رأيته الأهداب من عشاقه
وله في مقام السيدة زينب رضي الله عنهاجئت بالذل للزيارة يوماً ... راجياً محو زلتي وذنوبي
وتشفعت بابنة ابنة طه ... سيد الرسل ملجأ المكروب
جازماً أن أنال منه مرادي ... آئياً من عطاه بالمطلوب
وله مشجراً
سلوه لماذا يستبيح دم الصب ... أيحسب إن الحب فيه من الذنب
يضل ويهدي من يشاء كما غدا ... يميت ويحيى بالتباعد والقرب
دعا لهواه القلب مرسل صدغه ... فراح يلبيه الفؤاد من اللب
يبيت به جفني القريح مسهداً ... ويصبح فيه الطرف أحير من ضب
بمن جعل الورد الجني مسيجاً ... بآس عذار طيب نفحه طبي
كفيت عناءي فيه داوي بلثمه ... حريق لظى وجد تسعر في القلب
ربيب فؤادي إن صبري خانني ... وضاق لفرط الوجد فيك فضا رحبي
يقيك الهي لوعتي وتولهي ... بحبك فرج بالاجابة لي كربي
وللمترجم غير ذلك وكانت وفاته في ليلة الجمعة وقت السحر في منتصف ذي الحجة سنة سبع عشرة ومائة وألف ودفن بمقبرتهم بباب الصغير رحمه الله تعالى

الثاني عشر - محمد خليل بن علي الحسيني، أبو الفضل. سلك الدرر في أعيان القرن

 

 

علي بن إبراهيم بن عبد الرحمن العمادي:
شاعر، من فقهاء دمشق وأعيانها، وممن ولي إفتاء الحنفية فيها .

-الاعلام للزركلي-