أبي السعادات محمد بن أحمد بن علي الفاكهي المكي الكجراتي

تاريخ الولادة923 هـ
تاريخ الوفاة992 هـ
العمر69 سنة
مكان الولادةمكة المكرمة - الحجاز
مكان الوفاةأحمد آباد - الهند
أماكن الإقامة
  • مكة المكرمة - الحجاز
  • أحمد آباد - الهند
  • الهند - الهند
  • كجرات - الهند

نبذة

الشيخ محمد بن أحمد الفاكهي الشيخ الفاضل العلامة محمد بن أحمد بن علي الحنبلي الفاكهي المكي أبو السعادات الكجراتي، كان من كبار العلماء، ذكره عبد القادر الحضرمي في النور السافر، قال: إنه ولد سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، وكانت له اليد الطولى في جميع العلوم، وإنه قرأ في المذاهب الأربعة

الترجمة

وفيهَا فِي يَوْم الْجُمُعَة الْحَادِي وَالْعِشْرين من جُمَادَى الأولى توفّي الشَّيْخ الْعَلامَة أَبُو السعادات مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ الفاكهي الْمَكِّيّ الْحَنْبَلِيّ وَكَانَ مولده سنة ثَلَاث وَعشْرين وَتِسْعمِائَة وَكَانَت لَهُ الْيَد الطُّولى فِي جَمِيع الْعُلُوم وَأَنه قَرَأَ فِي الْمذَاهب الْأَرْبَعَة
وَمن شُيُوخه الشَّيْخ الْكَبِير الْمُحَقق الْعَلامَة أَبُو الْحسن الْبكْرِيّ وَشَيخ الْإِسْلَام ابْن حجر الهيتمي وَالشَّيْخ مُحَمَّد الْحطاب فِي آخَرين من أهل مَكَّة وحضرموت وزبيد يكثر عَددهمْ وَيُقَال أَن الَّذين أَخذ عَنْهُم يزِيدُونَ على التسعين وأجازوه ومقروءاته كَثِيرَة جدا لَا تَنْحَصِر وَمن محفوظاته الاربعين النواوية والعقائد النسفية وَالْمقنع فِي فقه الحنابله وَجمع الْجَوَامِع فِي أصُول الْفِقْه والفية ابْن مَالك فِي النَّحْو وتلخيص الْمِفْتَاح فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان والشطبية فِي الْقرَاءَات وَنور الْعُيُون فِي السّير لِابْنِ سيد النَّاس وَكَانَ يحفظ الْقُرْآن الْعَظِيم ويقرا للسبعة مَعَ التجويد ونظم ونثر والف غير وَاحِدَة من الرسائل المفيدة مِنْهَا الَّذِي نُكَلِّم فِيهَا على آيَة الْكُرْسِيّ وَهِي مفيدة جدا وَمِنْهَا شرح مُخْتَصر الانوار الْمُسَمّى نور الْأَبْصَار فِي فقه الشَّافِعِيَّة وَمِنْهَا رِسَالَة فِي اللُّغَة وَمِنْهَا كتاب جليل جعله باسم بعض السلاطين ورزق الْحَظ فِي زَمَانه وسمعته يَقُول الانس بِاللَّه نور سَاطِع والانس بِالنَّاسِ سم قَاطع
وَمن غَرِيب الِاتِّفَاق انه قَالَ حضرت مجْلِس بعض الوزراء فَوَقع الْكَلَام فِي الِاسْتِفْهَام الانكاري فَقَالَ بعض أهل الْعلم هَذَا كَقَوْلِه {اتأمرون النَّاس بِالْبرِّ وتنسون انفسكم وانتم تتلون الْكتاب أَفلا تعقلون} وَأَشَارَ إِلَيّ بالعريض ففهمت مِنْهُ ذَلِك فاستحضرت حِينَئِذٍ وَقلت مُخَاطبا لَهُ قَوْله {أَفَرَأَيْت من اتخذ آلهه هَوَاهُ وأضله الله على علم وَختم على سَمعه وَقَلبه وَجعل على بَصَره غشاوة فَمن يهديه من بعد الله أَفلا تذكرُونَ} فَخَجِلَ ذَلِك الرجل وَكَانَ وَالِدي يُسَمِّيه شيخ الاسلام وَكَانَ جواداً قَالَ بَعضهم مَا رايت اسخى مِنْهُ وَقَالَ آخر مَا أَظن أَن أحدا من الْأَشْرَاف وَالْعرب دخل الْهِنْد إِلَّا وَله عَلَيْهِ احسان وَكَانَ لَا يمسك شَيْئا وَلذَلِك كَانَ كثير الاستقراض وَكَانَ تغلب عَلَيْهِ الحدة وَكَانَ من شسدة تواضعه لأَصْحَابه رُبمَا ينسبونه إِلَى التملق وَكَانَ لَهُ عقيدة مفرطة فِي السَّادة آل أَبَا علوي وَذهب إِلَى حَضرمَوْت لزيارتهم فلقى جمَاعَة من اعيانهم وعادت عَلَيْهِ بركتهم وَدخل الْهِنْد وَأقَام بهَا مديدة ثمَّ رَجَعَ إِلَى وَطنه مَكَّة المشرفة فِي سنة سبع وَخمسين فحج ذَلِك الْعَام وزار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ حج فِي السّنة الَّتِي تَلِيهَا وَعَاد إِلَى الْهِنْد فِي سنة سِتِّينَ وَتِسْعمِائَة فاقام بهَا إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله وَكَانَ مَعَ جلالة قدره يغْضب من ذكر الفار وَقيل انه لقب اخيه عبد الْقَادِر لقبه بِهِ من لَا خلاق لَهُ من أهل مَكَّة فَكَانَ الَّذِي يقصدون اذيته يذكرُونَهُ لَهُ فيتعب من ذَلِك وَكتب إِلَيْهِ بَعضهم هَذَا الاستفتاء ... يَا أَيهَا الشَّيْخ يَا من ... هُوَ بِدِينِهِ فار
يَا من إِذا مَا اشْتغل ... نَار الذكاء مِنْهُ فار
مَاذَا تَقول لنا ... فِي بركَة مَاتَ بهَا فار
تبددت مِنْهُ أجزاؤه ... وَلم يبْق فار
اجب لنا مسرعاً ... المَاء فِي التَّنور فار ...
وللأديب عَليّ أَبَا كثير الْمَكِّيّ رَحمَه الله فِي الْمَعْنى ... يَا عُلَمَاء الْعَصْر مَا قَوْلكُم ... فِي مُشكل حير كل الْأُمَم
رَأَيْت فَارًّا عنْدكُمْ وَهُوَ لَا ... ييقتل فِي الْحل وَلَا فِي الْحرم ...
وَمن شعره ... طبعت على حب المعزة وَالثنَاء ... وأرجوهما فِي طول عمري ديدبي
وَهَا أَنا أوصِي كل خل معزز ... بَان لَا يداني للدنا من يَدي دني ...
ومدحه الشَّيْخ الْفَاضِل عبد اللَّطِيف الابير بقصيدة مِنْهَا ... يَا عَلامَة الدِّينَا وَيَا علم غَدا ... يقصر عَن غاياته فِي العلى الْبَدْر
وَمن لَاحَ مثل الصُّبْح فضل كَمَاله ... فضاء بِهِ الأقطار وافتخر الْعَصْر
وَيَا أَيهَا الْبَحْر الخضم لعلمه ... وللرفق بالطلاب يَا أَيهَا الْبر
وَفَاكِهَة الدِّينَا يهناه ذَا الهنى ... وَجمع عُلُوم فاح من طيبها النشر
أَب لسعادات وَاصل محامد ... فَمن أمه بالنجح آل كَذَا الْيُسْر
تباهب بِهِ كجرات لما ثوى بهَا ... فَإِن فخرت يَوْمًا يحِق لَهَا الْفَخر
وَمن الْعَجَائِب أَن الْمَشَايِخ الثَّلَاثَة هُوَ واخوه الشَّيْخ عبد الله وَالشَّيْخ عبد الْقَادِر كَانُوا كلهم أهل فضل وَعلم وكل وَاحِد من الثَّلَاثَة مَاتَ قبل الآخر بِعشر سِنِين فَكَانَ أَوَّلهمْ موتا الشَّيْخ عبد الله وَآخرهمْ صَاحب التَّرْجَمَة رَحِمهم الله تَعَالَى آمين غَرِيبَة
ذكر شيخ الاسلام أَبُو حجر الْعَسْقَلَانِي فِي مُعْجَمه أَن الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة وهم الْعِرَاقِيّ والبلقيني وَابْن الملقن كَانُوا أعجوبة هَذَا الْعَصْر على رَأس القرن الأول فِي معرفَة الحَدِيث وفنونه وَالثَّانِي فِي التَّوَسُّع فِي معرفَة مَذْهَب الشَّافِعِي وَالثَّالِث فِي كَثْرَة التصانيف قَالَ وَمن الْعَجَائِب أَن كل وَاحِد من الثَّلَاثَة ولد قبل الآخر بِسنة وَمَات قبله بِسنة فأولهم ابْن الملقن ثمَّ البُلْقِينِيّ ثمَّ الْعِرَاقِيّ وَحكى بعض الْفُقَرَاء الصَّالِحين قَالَ سَمِعت الشَّيْخ أَبَا اللسعادات الفاكهي رَحمَه الله يَقُول لما سمع الْعَلامَة القَاضِي ابْن أبي عقامة اليمني قَول المعرري قابله الله بعدله ... إِذا مَا ذكرنَا آدماً وفعاله ... وتزويج بنتيه بابنيه فِي الدنا
علمنَا بِأَن الْخلق مكن أصل زنية ... وَأَن جَمِيع النَّاس من عنصر الزِّنَا ...
قَالَ مجيبا لَهُ وراداً عَلَيْهِ ... لعمرك أَن القَوْل فِيك لصَادِق ... وَتكذب فِي البَاقِينَ من شط أَو دنا
كَذَلِك اقرار الْفَتى لَازم لَهُ ... وَفِي غَيره لَغْو بذا جَاءَ شرعنا ...
قلت وللمعري أَيْضا ... يَد بِخمْس مئين عسجد وديت ... مَا بالها قطعت فِي ربع دِينَار ...
قَالَ الشريف الرضي راداً عَلَيْهِ ... صِيَانة النَّفس أغلتها وأرخصتها ... خِيَانَة المَال فَانْظُر حِكْمَة الْبَارِي ...
وَله أَيْضا وَهُوَ مِمَّا يدل على عدم إيمَانه بِالْبَعْثِ والنشور قبحه الله ... ضحكنا وَكَانَ الضحك منا سفاهة ... وَحقّ لسكان البسيطة أَن يبكوا
تحطمنا الْأَيَّام حَتَّى كأننا ... زجاج وَلَكِن لَا يُعَاد لَهُ سبك ...
ورد عَلَيْهِ الإِمَام مُحَمَّد بن عَتيق التَّمِيمِي فَقَالَ ... كذبت وَبَيت الله حلفه صَادِق ... سيبكينا بعد الثوى من لَهُ الْملك
وَنَرْجِع أجساماً صحاحا سليمَة ... تعرف فِي الفردوس مَا عندنَا شكّ ...                                             

وَفِي عجائب الْبلدَانِ للقزويني قَالَ وَذكر أَنه فِي آخر عمره تَابَ عَن أَمْثَال هَذِه واستغفر وَحسن اسلامه
قَالَ الْمجد الفيروزابادي صَاحب الْقَامُوس فِي كِتَابه الْبلْغَة فِي تَارِيخ أَئِمَّة اللُّغَة وَالنَّاس فِيهِ فرقتان فَمنهمْ من يكفره وَيَزْعُم أَنه كَانَ زنديقاً وَمِنْهُم من هُوَ بضد ذَلِك وَفِي ظَاهر أشعاره زندقة كَثِيرَة على أَن فِي شعره مَا يدل على التَّوْحِيد الصَّرِيح والاعتقاد الصَّحِيح كَقَوْلِه ... خلق النَّاس للبقاء فضلت ... أمة يحسبونها للنفاد
إِنَّمَا ينقلون من دَار أَعمال إِلَى دَار شقوة أَو رشاد ...
وَذكر عَنهُ أَنه املأ الْمُحكم والمخصص من صَدره
وَفِي عجائب الْبلدَانِ أَنه كَانَ لَهُ سَرِير يجلس عَلَيْهِ فجعلوتا فِي غيبته تَحت قوائمه أَرْبَعَة دراهنم تَحت كل قَائِمَة درهما فَقَالَ أَن الأَرْض قد ارْتَفَعت عَن مَكَانهَا شَيْئا يَسِيرا أَو السَّمَاء نزلت قَالَ وَمن الْعجب أَنه مَعَ ذكائه اختفت عَلَيْهِ الموجودات الَّتِي لَيست مجسمة كالجواهر الروحانية فَاعْتقد أَن كل مَوْجُود يكون مجسماً
قلت وَلَا عجب لِأَن الْهِدَايَة والضلال ليسَا إِلَّا بِتَوْفِيق الله وهدايته أَو خذلانه وَعدم رعايته وَأَن غير الْعَاقِل قد يلهم كثيرا مِمَّا يحرمه الْعَاقِل قَالَ الله تَعَالَى {فَمن يرد الله أَن يهديه يشْرَح صَدره لِلْإِسْلَامِ وَمن يرد أَن يضله يَجْعَل صَدره ضيقا حرجا كَأَنَّمَا يصعد فِي السَّمَاء} وَمن يهد الله فَلَا مضل لَهُ وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ ولعمري أَن الْعُقُول الَّتِي لم تستضيء بِنور الشَّرْع هِيَ عقول أضلها باريها وَقضى عَلَيْهَا بالشقاء قاضيها رزقنا الله تَعَالَى مُتَابعَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتعظيم شَرِيعَته وَجَعَلنَا من خِيَار أمته وانصار مِلَّته بمنه وَكَرمه آمين وَمَا أحسن قَول البوصري رَحمَه الله ... رب إِن الْهدى هداك وآياتك ... نور تهدي بهَا من تشَاء
كم رَأينَا مَا لَيْسَ يعقل قد ... الْهم مَا لَيْسَ يلهم الْعُقَلَاء ...

وَوجدت فِي بعض التَّعَالِيق بِخَط صاحبنا الْعَلامَة الشَّيْخ أَحْمد بن عَليّ البسكري ان الشَّيْخ عبد النافع بن الشَّيْخ أَحْمد بن عراق دَعَا الشَّيْخ أَبَا السعادات الفاكهي إِلَى ضِيَافَة مَعَ صَاحب لَهُ يُسمى بَاب الْمجد وَكتب إِلَيْهِ فِي الاستدعاء هذَيْن الْبَيْتَيْنِ ... أَبَا السعادات وَابْن الْمجد خادمكم ... أَخُو التضرع عبد النافع الدَّاعِي
يدعوكم سَاعَة تِلْقَاء منزله ... وَلَيْسَ يخفى الَّذِي فِي الشَّرْع للداعي ...
وَرَأَيْت بِخَط صاحبنا الْعَلامَة شهَاب الدّين ابْن الشَّيْخ أَحْمد بن عَليّ البسكري الْمَكِّيّ المغربي الْمَالِكِي رَحمَه الله تَعَالَى مَا صورته وجدت فِي تذكرة مَوْلَانَا الْعَلامَة ذِي الكمالات الشَّيْخ أبي السعادات هذَيْن الْبَيْتَيْنِ وهما ... يَا أهل تدريس الْعُلُوم جَمِيعه ... وَذَوي عقول قد صفت من رِيبَة
هَل تعلمُونَ محلّة مَعْرُوفَة ... جمعت كمكة فِي عداد فَضِيلَة ...
فَكتبت جوابها زأنا الفقي إِلَى عَفْو الله أَحْمد البسكري فَقلت ... لَا وَالَّذِي برأَ الْأَنَام بأسرها ... مَا مثل مَكَّة شرفت من قَرْيَة
وَكَذَلِكَ مَا مثل الْحطيم وزمزم ... والمشعرين وركنها فِي خطه
وَكَذَا الصَّفَا وَالْحجر والميزاب ... وَالْبَيْت الشريف فَذَاك أعظم نعْمَة
إِلَّا على قَول الهزبر إمامنا ... شيخ الْأَنَام إِمَام أهل السّنة
ان الْمَدِينَة شرفت بمقام من ... قد حل فِيهَا فَهِيَ اشرف بقْعَة
صلى عَلَيْهِ الله رَبِّي سرمدا ... أبدا دواما مَا توالت غمضة ...
-النور السافر عن أخبار القرن العاشر-لمحي الدين عبد القادر بن شيخ بن عبد الله العيدروس.

 

 

(الفاكهي) (923 - 992 ه = 1517 - 1584 م) محمد بن أحمد بن علي الفاكِهي المكيّ، أبو السعادات: فقيه حنبلي، عارف بالأدب. مولده بمكة ووفاته في الهند.
من كتبه (نور الأبصار شرح مختصر الأنوار) فقه، و (رسالة في اللغة) .

-الاعلام للزركلي-

 

 

الشيخ محمد بن أحمد الفاكهي
الشيخ الفاضل العلامة محمد بن أحمد بن علي الحنبلي الفاكهي المكي أبو السعادات الكجراتي، كان من كبار العلماء، ذكره عبد القادر الحضرمي في النور السافر، قال: إنه ولد سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، وكانت له اليد الطولى في جميع العلوم، وإنه قرأ في المذاهب الأربعة، ومن شيوخه الشيخ الكبير المحقق العلامة أبو الحسن البكري وشيخ الإسلام بن حجر الهيتمي والشيخ محمد بن الخطاب في آخرين من أهل مكة وحضر موت وزبيد يكثر عددهم، ويقال إن الذين أخذ عنهم يزيدون عن تسعين وأجازوه، ومقروءاته كثيرة جداً لا تنحصر، ومن محفوظاته: الأربعين النواوية، والعقائد النسفية، والمقنع في فقه الحنابلة، وجمع الجوامع في أصول الفقه، وألفية ابن مالك في النحو، وتلخيص المفتاح في المعاني والبيان، والشاطبية في القراءات، ونور العيون في السير لابن سيد الناس، وكان يحفظ القرآن الكريم، ويقرأ للسبعة مع التجويد، ونظم ونثر، وألف غير واحدة من الرسائل المفيدة، منها رسالة تكلم فيها على آية الكرسي وهي مفيدة جداً، ومنها شرح مختصر الأنوار المسمى نور الأبصار في فقه الشافعية، ومنها رسالة في اللغة، ومنها كتاب جليل جعله باسم باب السلاطين، ورزق الحظ في زمانه، وسمعته يقول الأنس بالله نور ساطع والأنس بالناس سم قاطع، رحمه الله! ومن غرائب الاتفاق أنه قال: حضرت بعض مجالس الوزراء فوقع الكلام في الاستفهام الإنكاري فقال بعض أهل العلم، هذا كقوله تعالى "أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون" وأشار إلي بالتعريض، ففهمت منه ذلك فاستحضرت حينئذ وقلت مخاطباً له: وقوله تعالى "أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون" فخجل ذلك الرجل.
قال الحضرمي: وكان والدي يسميه شيخ الإسلام، وكان جواداً، قال بعضهم: ما رأيت أسخى منه، وقال آخر: ما أظن أحداً من الأشراف والعرب دخل الهند إلا وله عليه إحسان، وكان لا يمسك شيئاً، ولذلك كان كثير الاستقراض، وكان يغلب عليه الحدة، وكان من شدة تواضعه لأصحابه ربما ينسبونه إلى التملق، وكان له عقيدة مفرطة في السادة آل باعلوي، وذهب إلى حضرموت لزيارتهم فلقي جماعة من أعيانهم وعادت عليه بركتهم ودخل الهند وأقام بها مدة مديدة، ثم رجع إلى وطنه مكة المشرفة في سنة سبع وخمسين فحج ذلك العام وزار النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم حج في السنة التي تليها وعاد إلى الهند في سنة ستين وتسعمائة فأقام بها إلى أن توفي إلى رحمة الله، وصاحبه الشيخ الفاضل عبد اللطيف الدبير مدحه بقصيدة منها قوله: يا علامة الدنيا ويا عالم غداً يقصر عن غاياته في العلا البدر
ومن لاح مثل الصبح فضل كماله فضاء به الأقطار وافتخر العصر
ويا أيها البحر الخضم لعلمه وبالرفق للطلاب يا أيها البر
وفاكهة الدنيا ينهاه ذا الهنا وجمع علوم فاح من طيبها النشر
أب لسعادات وأصل محامد فمن أمه بالنجح آل كذا اليسر
تباهت له كجرات لما ثوى بها فإن فخرت يوماً يحق لها الفخر
توفي يوم الجمعة لتسع بقين من جمادي الأولى سنة اثنتين وتسعين وتسعمائة بمدينة أحمد آباد فدفن بها، كما في النور السافر.

الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام المسمى بـ (نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر)