الحسين بن الضحاك أبي علي الباهلي

الخليع

تاريخ الولادة162 هـ
تاريخ الوفاة250 هـ
العمر88 سنة
مكان الولادةالبصرة - العراق
مكان الوفاةبغداد - العراق
أماكن الإقامة
  • البصرة - العراق
  • بغداد - العراق

نبذة

الخليع: الشَّاعِرُ المُفْلِقُ, أبي عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ الضَّحَّاكِ البَاهِلِيُّ مَوْلاَهُمُ, البَصْرِيُّ, الخَلِيْعُ.

الترجمة

الخليع:
الشَّاعِرُ المُفْلِقُ, أبي عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ الضَّحَّاكِ البَاهِلِيُّ مَوْلاَهُمُ, البَصْرِيُّ, الخَلِيْعُ.
مَدَحَ الخُلَفَاءَ، وَسَارَ شِعرُهُ، وَعُمِّرَ دَهْراً، وَكَانَ يَذْكُرُ مَوْتَ شُعْبَةَ، وَكَانَ ذَا ظَرْفٍ وَمُجُونٍ، وَتَفُنُّنٍ فِي بَدِيعِ النَّظمِ، وَكَانَ نَدِيْماً مَعَ إِسْحَاقَ المَوْصِلِيِّ.
مَاتَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ بِضْعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً. وشهر بالخليع؛ لمجونه وهناته، وهو القائل:
ولا وَحُبِّيكِ لاَ أُصَا ... فِحُ بِالدَّمْعِ مَدْمَعَا
مَنْ بَكَى شَجْوَهُ اسْتَرَا ... حَ وَإِنْ كَانَ مُوجِعَا
كَبِدِي فِي هَوَاكِ أَسْـ ... ـقَمُ مِنْ أَنْ يُقَطَّعَا
لَمْ تَدَعْ سَوْرَةُ الضَّنَى ... فِيَّ لِلسُّقْمِ مَوْضِعَا
وَلَهُ:
صِلْ بِخَدِّي خَدَّيْكَ تَلْقَ عَجِيْبا ... مِنْ مَعَانٍ يَحَارُ فِيْهَا الضَّمِيْرُ
فَبِخَدَّيْكَ لِلرِّيَاضِ ربيع ... وبخدي للدموع غدير
سير أعلام النبلاء: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن  قايمازالذهبي

 

 

 

 

الخليع الشاعر
أبو علي الحسين بن الضحاك بن ياسر الشاعر البصري المعروف بالخليع، مولى لولد سلمان بن ربيعة الباهلي الصحابي رضي الله عنه، وأصله من خراسان؛ وهو شاعر ماجن مطبوع حسن الافتنان في ضروب الشعر وأنواعه، واتصل في مجالسه الخلفاء إلى ما لم يتصل إليه إلا إسحاق بن إبراهيم النديم الموصلي، فإنه قاربه في ذلك أو ساواه، وأول من صحب منهم الأمين محمد بن هارون الرشيد، وكان اتصاله به في سنة ثمان وتسعين ومائة وهي السنة التي قتل فيها الأمين، ولم يزل مع الخلفاء بعده إلى أيام المستعين، [ما عدا المأمون، فإنه لم يدخل عليه ولم يختلط به وذلك لأنه رثى الأمين فقال:
هلا بقيت لسد فاقتنا ... أبداً وكان لغيرك التلف
وقد كان فيك لمن مضى خلف ... فاليوم أعوز بعدك الخلف فلما ورد المأمون بغداد أمر أن يكتب من يصلح لمنادمته من أهل الأدب فأثبت له قوم وذكر فيهم الحسين بن الضحاك فقال: أليس القائل: وكان لغيرك التلف والله لا أرى وجهه على الطريق؛ فلم يحظ في أيام المأمون بشيء]  [وقد كان وقت خدمته للمتوكل ضعف كبراً فكتب إليه يستعفيه من الخدمة بأبيات :
أسلفت أسلافك من خدمتي ... في مدتي إحدى وستينا
وكنت ابن عشرين وخمس وقد ... وفيت بضعاً وثمانينا
إني لمعروف بضعف القوى ... وإن تجلدت أحايينا
فإن تحملت على كبرتي ... خدمة أبناء الثلاثينا
هدت قواي ووهت أعظمي ... وصرت في العلة عزونا وعزون هذا كان نديماً للمعتصم ثم للمتوكل] .
وهو في الطبقة الأولى من الشعراء المجيدية وبينه وبين أبي نواس ماجريات لطيفة ووقائع حلوة. وسمي بالخليع لكثرة مجونه وخلاعته. ذكره ابن المنجم في كتابه " البارع " وأبو الفرج الأصبهاني في " الأغاني " وكل منهما أورد طرفاً من محاسن شعره، فمن ذلك قوله :
صل بخدي تلق عجيبا ... من معان يحار فيها الضمير
فبخديك للربيع رياض ... وبخدي للدموع غدير وله أيضاً:
أيا من طرفه سحر ... ويا من ريقه خمر
تجاسرت فكاشفت ... ك لما غلب الصبر
وما أحسن في مثل ... ك أن ينتهك الستر
فإن عنفني الناس ... ففي وجهك لي عذر وله:
لا وحبيك لا أصا ... فح بالدمع مدمعا
من بكى شجوه استرا ... ح وإن كان موجعا
كبدي في يهواك أس ... قم من أن تقطعا
لم تدع صورة الضنى ... في السقم موضعا وذكر في كتاب " الأغاني " أن هذه الأبيات أوردها أبو العباس ثعلب النحوي - المقدم ذكره - للخليع المذكور وقال: ما بقي من يحسن أن يقول مثل هذا.
وله:
إذا خنتم بالغيب عهدي فمالكم ... تدلون إدلال المقيم على العهد
صلوا وافعلوا فعل المدل بوصله ... وإلا فصدوا وافعلوا فعل ذي الصد وله من قصيدة:
سقى الله عصراً لم أبت فيه ليلة ... من الدهر إلا من حبيب على وعد وذكر أبو عبد الله ابن حمدون عن الحسين بن الضحاك قال: كان يألفني فتى من أهل الشام عجيب الخلقة والشكل غليظ جلف جاف، فكنت أحتمل ذلك منه وكان حظي التعجبن منه، وكان يأتيني بكتب عشقية له ما رأيت كتبا أحلى منها ولا أظرف ولا أشكل من معانيها، ويسألني أن أجيب عنها فأجهد نفسي في الجوابات وأصرف عنايتي إليها على علمي أن الشامي بجهله لا يميز بين الخطإ والصواب، ولا يفرق بين الابتداء والجواب، فلما طال ذلك علي حسدته وتنبهت على إفساد حاله عندها فسألته عن اسمها فقال: بصبص، فكتبت إليها عنه في جواب كتاب منها كان جاءني به:
أرقصني حبك يا بصبص ... والحب يا سيدتي يرقص
أرمصت أجفاني لطول البكا ... فما لأجفانك لا ترمص
أوحشني وجهك كذاك الذي ... كأنه من حسنه عصعص قال: فجاءني بعد ذلك فقال: يا أبا علي ما كان ذنبي إليك وما أردت بما صنعت بي فقلت له: وما ذاك عافاك الله فقال: ما هو إلا أن وصل إليها ذلك الكتاب حتى بعثت إلي: إني مشتاقة إليك والكتاب لا ينوب عن الرؤية، فتعالى إلى الروشن الذي بالقرب من بابنا، فقف بحياله حتى أراك؛ فتزينت بأحسن ما قدرت عليه وصرت إلى الموضع، فبينا أنا واقف أنتظر مكلماً لي أو مشيراً إلي وإذا شيء قد صب علي فملأني من فرقي إلى قدمي فأفسد ثيابي وسرجي وصبرني وجميع ما علي ودابتي في نهاية السواد والنتن والقذر، وإذا هو ماء قد خلط ببول وسواد وسرجين، وانصرفت بخزى وكان ما مر بي من الصبيان وسائر من مررت به من الطنز والضحك والصياح أعظم مما جرى علي ولحقني من أهلي ومن منزلي، وشر من ذلك وأعظم من كل ما ذكرت أن رسلها انقطعت عني جملة، قال: فجعلت أعتذر إليه وأقول: إن الآفة أنها لم تفهم الشعر لجودته، وأنا أحمد الله على ما ناله وأسر بالشماتة به] .
[حدث محمد بن جعفر بن قدامة عن محمد بن عبد الملك قال: كنا في مجلس ومعنا الحسين بن الضحاك ونحن على شراب وعندنا مغنية فعبث الخليع بالمغنية وجمشها فصاحت بالحسين واستخفت به، فأنشأ الخليع يقول  :
لها في خدها عكن ... وثلثا وجهها ذقن
وأسنان كريش البط ... بين أصولها عفن قال: فضحكنا وبكت المغنية حتى قلنا إنها عميت وما انتفعنا بها بقية يومنا؛ وشاع هذان البيتان فكسدت من أجلهما، وكانت إذا حضرت في مجلس أنشدوا البيتين فتجن؛ ثم إنها هربت من سر من رأى فما عرفنا لها بعد ذلك خبراً.
حدث الصولي عن أحمد بن حمدون قال: أمر المتوكل بأن ينادمه الحسين بن الضحاك ويلازمه فلم يطق ذلك لكبر سنه، فقيل له: هو يطيق الذهاب إلى القرى والمواخير فيشرب فيها ويعجز عن خدمتك، فبلغه ذلك؛ قال ابن حمدون: فدفع إلي أبياتاً فأوصلتها إلى المتوكل وهي قوله :
أما في ثمانين وفيتها ... عذير وإن أنا لم أعتذر
فكيف وقد جزتها صاعداً ... مع الصاعدين بتسع أخر
وقد رفع الله أقلامه ... عن ابن ثمانين دون البشر
سوى من أصر على فتنة ... وألحد في دينه أو كفر
وإني لمن أسراء الإله ... في الأرض نصب صروف القدر
فإن يقض لي عملاً صالحاً ... أناب وإن يقض سوءاً غفر
وقد بسط الله لي عذره ... فمن ذا يلوم إذا ما عذر
وما للحسود وأشياعه ... وكذب بالوحي إلا حجر قال ابن حمدون: فلما أوصلتها شفعتها بكلام أعتذر وأقول: لو أطاق خدمة أمير المؤمنين لكان أسعد بها، فقال المتوكل: صدقت، خذ له عشرة آلاف درهم فاحملها إليه، فأخذتها وحملتها .
حدث أبو العيناء قال: حج الحسين بن الضحاك فمر في منصرفه على موضع يعرف بالقريتين، وإذا جارية كأنها القمر في ليلة التم تتطلع من تحت ثيابها وتنظر إلى حرها ثم تضربه بيدها وهي تقول: ما أضيعني وأضيعك، فأنشأ الحسين يقول :
مررت بالقريتين منصرفاً ... من حيث يقضي ذوو الهوى النسكا
إذا فتاة كأنها قمر ... للتم لما توسط الفلكا
واضعة كفها على حرها ... تقول واضيعتي وضيعتكا قال: فلما سمعت قوله ضحكت وغطت وجهها وقالت: وافضيحتاه وقد سمعت ما قلت!
وقال الحسين بن الضحاك: كنت جالساً في داري في يوم شات وقد أفطر المأمون وأمر الناس بالإفطار فجاءتني رقعة الحسن بن رجاء يقول فيها :
هززتك للصبوح وقد نهاني ... أمير المؤمنين عن الصيام
وعندي من قيان الكرخ عشر ... يطيب بها مصافحة المدام
ومن أمثالهن إذا انتشينا ... ترانا نجتني ثمر الحرام
فكن أنت الجواب فليس شيء ... أحب إلي من حذف الكلام فوردت رقعته وقد أرسل إلى محمد بن الحارث غلاماً له نظيف الوجه ومعه ثلاثة غلمان حسان، ومعه رقعة منشورة قد ختم أسفلها مثل المناشير فيها :
سر على اسم الله يا أحسن من غصن لجين ...

في ثلاث من بني الروم إلى دار حسين ... فاسخص الكهل إلى مولاك يا قرة عيني ... أره العنف إن استعصى وطالبه بدين ... ودع اللفظ وكلمه بغمز الحاجبين ... واحذر الرجعة من وجهك في خفي حنين ... قال: فمضيت مع غلمان محمد بن الحارث وتركت الحسن] .
وكانت وفاته سنة خمسين ومائتين وقد قارب مائة سنة، رحمه الله تعالى. وقال الخطيب في " تاريخ بغداد "، يقال: إنه ولد في سنة اثنتين وستين ومائة.

 

وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - لأبو العباس شمس الدين أحمد ابن خلكان البرمكي الإربلي

 

 

 

 

الحسين بن الضحاك بن ياسر الباهلي، من مواليهم أو هو منهم، أبو علي:
شاعر، من ندماء الخلفاء، قيل: أصله من خراسان. ولد ونشأ في البصرة، وتوفي ببغداد. اتصل بالأمين العباسي ونادمه ومدحه. ولما ظفر المأمون، خافه الخليع، فانصرف إلى البصرة، حتى صارت الخلافة للمعتصم. فعاد ومدحه ومدح الواثق. أخباره كثيرة، وكان يلقب بالأشقر، وأبو نواس متهم بأخذ معانيه في الخمر. وشعره رقيق عذب جمع عبد الستار أحمد فراج طائفة منه باسم (أشعار الخليع - ط) .

-الاعلام للزركلي-