شاكر بن مصطفى بن عبد القادر العمري

ابن عبد الهادي

تاريخ الولادة1140 هـ
تاريخ الوفاة1194 هـ
العمر54 سنة
مكان الولادةدمشق - سوريا
مكان الوفاةدمشق - سوريا
أماكن الإقامة
  • استانبول - تركيا
  • جبلة - سوريا
  • دمشق - سوريا

نبذة

شاكر بن مصطفى بن عبد القادر بن بهاء الدين بن نبهان بن جلال الدين العمري المعروف بابن عبد الهادي الحنفي الدمشقي أحد الأفاضل البارعين بفنون الأدب كان أديباً أريباً عرافاً حاذقاً لطيفاً نبيهاً فاضلاً صاحب نكت ونوادر حسن المطارحة رقيق الطبع مع خط حسن وإنشاء بديع في اللغة العربية والتركية.

الترجمة

شاكر بن مصطفى بن عبد القادر بن بهاء الدين بن نبهان بن جلال الدين العمري المعروف بابن عبد الهادي الحنفي الدمشقي أحد الأفاضل البارعين بفنون الأدب كان أديباً أريباً عرافاً حاذقاً لطيفاً نبيهاً فاضلاً صاحب نكت ونوادر حسن المطارحة رقيق الطبع مع خط حسن وإنشاء بديع في اللغة العربية والتركية وكن له نظم رائق وحسن مذاكرة ولد بدمشق في ليلة الثلاثاء بعد العشاء بساعة ونصف السادس عشر من شوال سنة أربعين ومائة وألف وتوفي والده وهو صغير عمه ثلاث سنين وكذلك والده لما توفى والده الشيخ عبد القادر كان صغيراً عمره ثلاث سنوات وهذا من عجيب الاتفاق فنشأ المترجم يتيماً كما نشأ والده يتيماً وقرأ القرآن وأخذ الخط حتى أتقنه ومهر بصناعة الشعر ولازم الاستفادة والدروس ومن مشايخه الشيخ أحمد المنيني والشيخ محمد الغزي مفتي الشافعية ابن عبد الرحمن والشيخ محمد العبي والشيخ أبو الفتح العجلوني والشيخ أحمد التونسي المغربي نزيل دمشق وغيرهم وبرع وتفوق وحصل فضلاً مع أدب أينعت رياضه وراقت حياضه وكمالات ومعارف تفيأ في ظلها الوارف ثم ارتحل إلى اسلامبول واستقام بها مدة سبع سنين ينسخ ويقابل الكتب مع أركان الدولة الذين كان يتردد إليهم وأخذبها بعض العلوم وقرأ على بعض المحققين ثمة ولما توفي أحمد البقاعي نزيل اسلامبول أخذ وظائفه ووجهت عليه لموته عن غير ولد وكانت على البقاعي نصف قرية بسيما من نواحي دمشق بطريق المالكانة فوجهها الوزير محمد راغب باشا صدر الدولة إذ ذاك للمترجم أيضاً والسبب في إعطائها له إنشاء المترجم مكتوباً عن لسان الوزير المذكور إلى شريف مكة فوقع عند الوزير موقع الهيبة والقبول وقابله بالمالكانة المزبور وصارت له رتبة الخارج من شيخ الاسلام المولى فيض الله دامادزاده مفتي الدولة ثم لم يزل يتنقل إلى أن صارت له رتبة ابتداء التمشلي في دمشق وأعطى قضاء جبلة على طريق الاربلق بسعي وهمة من المولى إسحق منلاجق زاده قاضي العساكر في روم ايلي لكون المترجم من اخصائه ومنسوبيه وتولى بدمشق القسمة العسكرية ونيابة محكمة الباب مراراً وفي آخر أمره ترك ذلك ولازم العالم الشيخ عمر البغدادي نزيل دمشق وتلمذ له وأخذ عنه وقرأ عليه التصوف وحضره في التفسير وغيره إلى أن مات وكان رحمه الله إذا حضر بمجلس يبدي الحكايات المستظرفة والنكات اللطيفة وبالجملة فقد كان من الأفاضل والأدباء وله شعر حسن فمن ذلك قوله مشطراً قصيدة العارف بالله محمد بن إسرائيل الدمشقي ومطلعها
غنها باسم من إليه سراها ... كي تراها تطير في مسراها
واذكر المنزل الشريف لديها ... تغن عن حثها وجذب براها
ثم عدها عيون حمزة وردا ... تعد شوقاً إلى شفاء جواها
فلديها تلك المناهل تروى ... فهي تشفى لا ماء صدى صداها
طالعات من الثنايا سراعا ... تتهادى والشوق قد انضاها
ليس تثنى عن المنازل عزما ... لو تبدى لها الردى ما ثناها
ناجيات من المفاوز نصبا ... ناصبات آذانها لحداها
قد أماطت أزمة الصبر عنها ... والمطايا نجاتها في نجاها
جاعلات ريف الشآم وراء ... منذ شامت من طيبة أضواها
وترامت تفلي الفيافي شوقاً ... حين أمت من الحجاز هواها
قد وصلن الهجير والآل قصدا ... قاطعات من الغرام كراها
ثم واصلن يومها بالليالي ... وهجرن الظلال والأمواها
كلما خفن في القفار ضلالاً ... حفها النور فاهتدت بسراها
ماذا ضلت المفاوز يوماً ... لاح برق من طيبة فهداها
حيث نور الهدى بلوح سناه ... ورياح الندى يفوح شذاها
أيها الظاعنون دعوة صب ... صب دمعاً والعين قد أجراها
قد أضر البعاد فيه وهذي ... نفسه كثر الخطايا خطاها
كم تمنت لقاء تلك المغاني ... فالأماني للنفس ما تهواها
ولكم حاولت وصالا لقرب ... وتحول الأقدار دون مناها
وإذا ما دنت بنية صدق ال ... قلب قرت عيونها إذ نواها
ولئن جادها القبول بحسن القص ... د والشوق لم يضرها نواها
خفف الله عنكم ثقل السي ... ر حداة المطي في مغناها
ولقيتم في سعيكم وافر الخي ... ر ووطا سبيلكم وطواها
وسقاكم على الظما سبيل الغي ... م وروى ركابكم وشفاها
وحماكم في السير من عنا العيث ... وقوي ركابكم في قواها
إن رحلتم من بئر عثمان نيلاً ... قاصدين الخيام مع ما حواها
وطويتم تلك الفيافي سراعاً ... والمطايا قد خف ثقل مطاها
ثم شارفتم النخيل صباحاً ... وشهدتم من المغاني علاها
وتراءت منارة المسجد الأش ... في لقلب المشتاق نور علاها
ورأيتم أنوار ساكنه الأش ... رف والحجرة المنير سناها
حبذا ذاك من صباح سعيد ... قرت العين فيه في لقياها
ياله من لقاء فوز ونحج ... تحمد العيس عنده مسراها
عندما تهبطون خير بلاد ... تر بها في العيون كحل جلاها
قد حوت أفضل البرايا جميعاً ... أرضها بالسمو تعلو سماها
بلدة حلها ضريح كريم ... يخلى الجلال قد حلاها
فيه بدر الدجى وشمس المعالي ... صفوة الله قبل خلق براها
وهو هادي الورى ببعثة حق ... والذي نوره جلا الاشتباها
سيد المرسلين أحمد خير النا ... س والمرتجى ليوم عناها
الرؤف الرحيم ذو الحمد أسمى ... الخلق طراً من كهلها وفتاها
فابلغوا ذلك الجناب سلاماً ... حين تاتوا الأعتاب منه شفاها
بلغوه كما يليق التحايا ... وصلاة بهولكم رباها
وهي طويلة تنوف على مائة وثلاثين بيتاً ومن شعره قوله من قصيدة امتدح بها شيخ الاسلام مفتي الدولة العثمانية المولى ولي الدين حين ولي الافتاء في سنة ثلاث وسبعين ومائة وألف المرة الأولى بقوله
زهر العلا من مطلع التمكين ... حلت بسعد في الهدى مقرون
أبدت لنا بالبشر أنوار الهنا ... يجلي على الأفضال بالتبيين
يزهو بها برج الهنا وبصفوها ... ثغر المعالي مشرق الترصين
دانت بعليا من صفا بعلومه ... للخلق سبل الفرض والمسنون
كل الورى بالشكر تبدي مذ سما ... حمداً بأدعية مع التأمين
الله أسماه إلى شرف العلا ... بالسعد والتوفيق والتزيين
لله ما أذكاه من متورع ... كالبدر بل كالليث وسط عرين
رد الضلال إلى مشارع شرع من ... جلت شعائره عن التوهين
حتى لقد أسدى فأحيى عافياً ... وأبان للسؤال طرق الدين
مهما يرم أحد لنائل جوده ... دهراً يصب من دره المكنون
نالت به الفتيا مفاخر إذ بدا ... كالليث يحمي وردها عن دون
بالسدة العلياء من أعتابه ... ممتاز حق عن هوى المفتون
أمته قاصدة على جنابه ... تعنو له إذ كان خير أمين
لما رأته بدر فلك سمائها ... وجمالها وافته في تمتين
تدعو لسؤدده العباد وترتجي ... جود الآله لشخصه المأمون
وتقول هذا سيد العلماء من ... هبت خلائقه بحسن شؤون
فالبحر من أقلامه والدر من ... أفضاله قد جل عن ثمين
ومن شعره
قوله وامتدحني بها حين توليت الأفتاء بدمشق ومطلعها
هل لجفن أضحى حليف السهاد ... غير طيف يجود غب البعاد
يا لقلبي من الغرام فوجدي ... شب فيه مشيب الأفواد
طال شوقي إلى اللقاء ومن لي ... بالتداني لظل هذا النادي
يا رعى الله شملنا في رياض ... حيث ورق السرور في الأعواد
وغياض قد كللتها زهور ... مشرقات كالدرر في الأجياد
والهوى قد أمال منها غصوناً ... كقدود الحسان عند التهادي
وبها الماء والأزاهير راقت ... وتسامت بالورد والأوراد
حيث كنا ندير خمر المعاني ... بكؤوس الانشاء والانشاد
والأماني لنا سوانح فكر ... سطرتها الرواة في الايراد
وترانا نميد في سوح فضل ... بيان يشفي غليل الصوادي
يالها من رياض أنس حكاها ... شعب بوان نزهة الوراد
فكان الزهور فيها استعارت ... عرف خيم الهمام نجل المرادي
وكأن الطيور تملي علينا ... وصف زاكي النجار سامي العماد
وكأن الأنهار تجري لتحكي ... غيث فضل من ذهنه الوقاد
عين شمس الفخار خدن المعالي ... وخليل الاسعاف والاسعاد
منها
يا هماماً سما بفضل وجود ... وكمال من ساعة الميلاد
فاعف واصفح عن القصور وسامح ... شاكراً قد أتى بنغبة صادي
وتهنا لدى المعالي بفتوى ... بل لها البشر بل لكل العباد
آل بيت المرادي دمتم ودامت ... في حماكم مطامح القصاد
فلأنتم شموس جلق حيث ... الفضل فيكم من النبي الهادي
وأنشدني من لفظه لنفسه متوسلاً
يا نبياً له السنا والسناء ... أنت للخلق نعمة غراء
يا رسولاً إلى العوالم طرا ... حيث من فضل نورك الابتداء
كن مغيثي يا سيدي ومعيني ... في زمان عنى به الأكداء
فلقد أثقل الظهور ذنوب ... طال منها البلاء لي والعناء
ليس الا علاك أرجو مجيراً ... يا شفيع العصاة أنت الرجاء
وعليك الآله صلى دواماً ... مع سلام لا يقتفيه انتهاء
وعلى الآل والصحابة جمعاً ... ما تغنت حمامة ورقاء
وله في أعرج ارتجالاً
قال العذول لقد شغفت بأعرج ... في مشيه غمز حوى كل السرف
فأجبته ما ذاك من عيب به ... ذا غصن بان مال نحوي وانعطف
قد شام من شعاقه أيدي المنى ... لعبت بملعب خصره فلذا انحرف
ولما قدم دمشق من الروم أحد الموالي الرومية العالم الشاعر الأديب المولى السيد يحيى المعروف بتوفيق قاضياً لدمشق اصطحب معه المترجم واختص به وأقبل عليه بكليته وكان المترجم له اختلاط بأبناء الروم لمعرفته لأحوالهم في استقامته باسلامبول وهكذا عادته فلما انفصل من القضاء وعاد ثانياً قاضياً بمكة المكرمة أهدى للمترجم هدية فكتب إليه صاحب الترجمة
أهديتني فهديتني للحمد إذ ... أوليتني رفعاً على التحقيق
وكسوتني ما لا أقوم بشكره ... أنواع ألبسة العلا الموموق
فالعذر لي في كل حال انني ... في الوصف محتاج إلى التوفيق
وكتب إليه معمياً باسمه بقوله يحيى توفيق وهو
أيا من فاق احساناً وحسناً ... وقد أربى على البدر التمام
متى توفي بقصد دون صد ... ترى بختي يعيش على الدوام
وأنشدني من لفظه لنفسه قوله
وعند ولي عن زيارته لنا ... وقد زرته وقت المصيف وفي المشتى
فقلت له لا غرو في ذا لأنه ... مثالي من يأتي ومثلك من يؤتى
وأنشدني قوله في فوارة ماء بقربها الثريا المصنوعة من القناديل
انظر إلى فوارة قد أبدعت ... رقصاً حلا بيد النسائم تهصر
فكأنما هي والثريا جنبها ... تومي للثم خدودها اذ تخطر
حسناء تاهت بالدلال فكلما ... قربت من الصب المتيم تنفر
وله قوله
يا خير خلق الله يا من فضله ... عم البرايا حيث كان لها شفا
أنت الذي داوى القلوب برحمة ... من دائها ولها بحق قد شفى
أنت الذي نجى الورى من بعدما ... كانوا لدى زيغ الضلال على شفا
صلى عليك الله ما تليت لنا ... أوصافك الغراء وما قرئ الشفا
وأنشدني معنى ابتكره فأجاد وهو قوله
قد قال لي الظبي مذ تبدي ... نمام وشي العذار عارض
من دولة الحسن قد أتاني ... خط شريف بذي العوارض
ومن شعره قوله مشطراً
وزارني طيف من أهوى على حذر ... مناد ما بعتاب لذاذ لطفا
يبدي الرضى باسماً عن ثغري جزع ... من الوشاة وداعي الصبح قد هتفا
فكدت أوقط من حولي به فرحاً ... لما أتى في برود الحسن ملتحفا
والقلب في عشقه زادت بلابله ... وكاد يهتك ستر الحب لي شغفا
ثم انتبهت وآمالي تحتيل لي ... وصلا فما زار حتى مر وانصرفا
يا للهوى ما أتى الا ليحكي لي ... نيل المنى فاستحالت غبطتي أسفا
وكتب إلى بعض أصحابه مستنجزاً وعده بالبطيخ ومداعباً
حسبي من المولى مقالة موجز ... والوعد أكرم شيمة للمنجز
مولاي يا من فضله جادلنا ... وسما بعز للقريض معجز
قد بت ليلي أشتكي حر الظما ... لا أرتوي الا بطيب الخريز
ولقد نصبت الأذن نحو الباب مر ... تقباً لآت حالة المستوفز
من بعدما مهدت في بيتي له ... كنا حصيناً مانعاً بتحرز
ومنعت نفسي من دخولي سوقه ... وانفت من سومي به وتجوزي
وشرعت اأخذ أهبتي للقائه ... وجعلت عند الباب يوماً مركزي
حاشى وعودك سيدي من أن ترى ... الا على الاسعاف للمستنجز
فابعث بها كبد ورتم أشرقت ... تروى الأوام بجوفها المتحزز
حمر وصفر عن بياض نزهت ... وزهت بخضرة جلدها المتطرز
وأسلم وسدولك البقا تختال في ... اسمي محل بالسعود معزز
وله غير ذلك من النظم والنثر وكانت وفاته في ظهر يوم الاثنين السادس والعشرين من ربيع الثاني سنة أربع وتسعين ومائة وألف ودفن بعد عصر اليوم في تربة مرج الدحداح رحمه الله تعالى وأموات المسلمين.
سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر - محمد خليل بن علي الحسيني، أبو الفضل