شيخنا أبو محمَّد حمودة بن محمَّد تاج: تاج الأذكياء والبلغاء ولسان الأدباء والشعراء بحر المعارف وبدر اللطائف ومعدن الملح والطرف وينبوع النكت والتحف ذو الفكر الثاقب والرأي الصائب والشعر الرائق والنثر البليغ الفائق مع كرم سجية ونفس أبية وما أدري ما أقول لأني عاشق له والعاشق معذور فيما يقول، تحمل العلم عن فحول لازمهم مدة مديدة واستفاد منهم علوماً عديدة منهم حسين بن أحمد وسالم بو حاجب وعمر ابن الشيخ والشاذلي ابن القاضي ومحمد النجار وعمار بن سعيدان، تصدى للتدريس وأتى بكل نفيس وانتفع به جماعة، قرأت عليه الشيخ خالد على الأجرومية وشرح القطر لمؤلفه وشرح الماكودي على الألفية من أوله إلى منتصفه والسلم والكافي والسمرقندية ولامية الأفعال وفي أثناء قراءة القطر طرأ علىّ ما أوجب السفر إلى المنستير مسقط رأسي ومنبت غرسي ومجمع أهلي وأنسي وهو المرض الذي لوالدي عرض ولما بلغه الترحال بعث في الحال كتاباً يقول فيه بالحرف الواحد: الجناب الذي أنار بالأفق العلمي هلاله وحمدت في مدارجه خلاله فما برح فيومه خير من أمسه وفجره مؤذن ببلوغ شمسه، جناب أخينا الفاضل الشيخ سيدي محمَّد مخلوف أمنه الله من كل مخوف، أما بعد سلام يلطف مزاره ويترنم على دوح المودة هزاره، فقد بلغني النبأ الذي أجزعكم وأوجب جزعكم ما ألمّ بوالدكم عافاه الله من الألم وحكم بذلك رب اللوح والقلم وهو يا بني وإن ردع سر بي وكدر بشهادة سركم شربي إلا أني أرجو من الكريم سبحانه أن تنطفىء بعين الألطاف ناره وتمحى في قليل من الأيام آثاره:
عسى الكرب الذي أمسيت فيه .... يكون وراءه فرج قريب
وكأني بالعافية وقد ضربت عليه قبابها وأذاقته بإذن الله لبابها والله المسؤول أن يصحب كتابي هذا بعاطر الأرج من نسيم السلامة والفرج لا مسؤول سواه. حرره حمودة بن محمَّد تاج في رجب سنة 1302 هـ. ثم انتظم المترجم في سلك العدلية وتدرج حتى صار رئيسها بالقسم الجنائي وتوفي عليها حميد السيرة طيب السريرة في صفر سنة 1338 هـ[1919 م] ورثاه صديقه الملاطف المملوء الوطاب بالآداب والمعارف العلامة الفهّامة الشيخ محمَّد بن يوسف المفتي الحنفي بقصيدة وبيت التاريخ:
ودونك ما أمليت فيه مؤرخا ... إلا بعُلى الفردوس طالت منازله
ورثاه تلميذه العلامة الشاعر المطبوع الحامل راية المنقول والمسموع أخبرنا الشيخ محمود موسى المفتي بالمنستير بقصيدة رائقة أولها:
كدر الصفو عندنا من نعاك ... رفع الصوت جهرة وعناكا
شجرة النور الزكية في طبقات المالكية_ لمحمد مخلوف
تاج (نحو 1270 - 1338 هـ) (1854 - 1920 م)
حمودة بن محمد تاج، الأديب الشاعر الحقوقي.
ولد بتونس وقرأ القرآن في كتاب كوشة طاباق مع شقيقه عبد العزيز، وشيخ الإسلام الحنفي محمد بن يوسف، ثم طلب العلم بجامع الزيتونة فأخذ عن الاعلام المشاهير في ذلك العصر كالشيخ حسين بن أحمد القمار، وسالم بو حاجب، والشاذلي ابن القاضي، وعمار بن سعيدان، وعمر ابن الشيخ، ومحمد النجار.
ثم باشر التدريس بجامع الزيتونة، وأخذ عنه جماعة كالشيخ محمد مخلوف المنستيري مؤلف «شجرة النور الزكية».
ثم صار حاكما بالمحاكم العدلية التونسية، ومات وهو رئيس القسم الجنائي. وهو من أعيان الطريقة التيجانية كما وصف بذلك في طالعة تقريظه لكتاب «ميزاب الرحمة الربانية في التربية بالطريقة التيجانية» تأليف عبيدة محمد الصغير انيوجا الشنقيطي (الموريتاني). له كنّاش
كتاب تراجم المؤلفين التونسيين - الجزء الأول - صفحة 149 - للكاتب محمد محفوظ