بكر بن محمد بن بقية

أبي عثمان المازني

تاريخ الولادةغير معروف
تاريخ الوفاة240 هـ
مكان الولادةغير معروف
مكان الوفاةالبصرة - العراق
أماكن الإقامة
  • البصرة - العراق

نبذة

وأما أبو عثمان بكر بن محمد بن بقية -وقيل بكر- بن محمد بن عدي بن حبيب المازني العدوي؛ من بني مازن بن شيبان من أهل البصرة، أخذ عن أبي عبيدة والأصمعي، وأخذ عنه أبو العباس المبرد، والفضل بن محمد البريدي، وغيرهم. وله تصانيف كثيرة؛ منها: كتاب التصريف، وكتاب ما تلحن فيه العامة، وكتاب الألف واللام، وكتاب العروض، وكتاب القوافي.

الترجمة

بكر بن محمد بن بقية

عن بكار بن قتيبة أنه قال: ما رأيت نحوياً قط يشبه الفقهاء إلا حيان بن هلال والمازني.
وحكى أبو العباس المبرد، قال: قصد بعض أهل الذمة من أهل اللغة أبا عثمان المازني ليقرأ عليه كتاب سيبويه، وبذل له مائة دينار على تدريسه، فامتنع أبو عثمان من قبول بذله وأضب على رده، قال: فقلت له: جعلت فداك؟ أترد هذه النفقة مع فاقتك وشدة إضاقتك! فقال: إن هذا الكتاب بشتمل على ثلثمائة وكذا وكذا آية من كتاب الله تعالى، ولست أرى أن أمكن منها ذمياً غيرة على كتاب الله تعالى وحمية له. قال: فاتفق أنه أشخص إلى الواثق، وكان السبب في ذلك أن جارية غنت:
أظلوم إن مصابكم رجلاً ... أهدى السلام تحية ظلم

فرد عليها بعض الناس نصبها "رجلاً" وتوهم أنه خبر "إن"، وليس كذلك؛ وإنما هو معمول "لمصابكم" لأنه في معنى "إصابتكم"، وظلم خبر "إن"، فقالت الجارية: لا أقبل هذا وقد قرأته على أعلم الناس بالبصرة أبي عثمان المازني. فتقدم بإحضاره.
قال المبرد: قال لي أبو عثمان: لما قدمت من البصرة إلى سر من رأى، دخلت على الخليفة، فقال لي: يا مازني، من خلفت وراءك؟ فقلت: خلفت يا أمير المؤمنين أُخية أصغر مني، أقيمها مقام الولد؛ فقال: ما قالت لك حين خرجت؟ قلت: طافت حولي وقالت وهي تبكي: أقول لك يا أخي ما قالت بنت الأعشى لأبيها:
تقول ابنتي حين جد الرحيل ... أرانا سواء ومن قد يتم
أبانا فلا رمت من عندنا ... فإنا بخير إذا لم ترم
ترانا إذا أضمرتك البلا ... د نجفى ويقطع منا الرحم
قال: فما قلت لها؟ قال: قلت: أقول لك يا أخية ما قال جرير لزوجته أم حرزة

ثقي بالله ليس له شريك ... ومن عند الخليفة بالنجاح
فقال: لا جرم! إنك ستنجح، وأمر له بثلاثين ألف درهم.
وفي غير هذه الرواية أنه لما دخل عليه قال: باسمك؟ - قال المازني: أراد أن يعلمني معرفته بإبدال الباء مكان الميم في هذه اللغة - فقلت: بكر بن محمد المازني، فقال: مازن شيبان أم مازن تميم؟ فقلت: مازن شيبان؛ فقال: حدثنا، فقلت: يا أمير المؤمنين، هيبتك تمنعني من ذلك [وقد] وقال الراجز:
لا تفلواها وادلواها دلوا ... إن مع اليوم أخاه غدوا
قال: فسره، فقلت: لا تقلواها، لا نعنفاها في السير، يقال: فلوت؛ إذا سرت [سيراً] عنيفاً، ودلوت إذا سيراً رفيقاً - ثم أحضر التوزي - وكان في دار الواثق، وكان التوزي قد قال: "إن مصابكم رجل" توهما أنه خبر "إن" - فقال له المازني: كيف تقول إن ضربك زيداً ظلم؟ فقال التوزي: حسبي، وفهم.
ويحكى عن أبي عثمان أنه قال: حضرت أنا ويعقوب بن السكيت مجلس محمد بن عبد الملك الزيات، وأفضنا في شجون الحديث، إلى أن قلت: كان الأصمعي يقول: "بينا أنا جالس إذا جاء عمرو"، فقال ابن السكيت: هكذا كلام الناس، قال: فأخذت في مناظرته عليه؛ فقال محمد بن عبد الملك: دعني حتى أبين له ما اشتبه عليه، ثم التفت إليه، وقال: ما معنى "بينا"؟ قال: "حين"، قال: أفيجوز أن يقال: حين جاء عمرو إذ جاء زيد! قال: فسكت.
ويحكى أن أبا عثمان المازني سئل بحضرة المتوكل على الله تعالى عن قوله عز وجل:] وما كانت أمك بغيا [، فقيل له: كيف حذفت الهاء، وبغي "فعيل"، و"فعيل" إذا كان بمعنى "فاعل" لحقته الهاء، نحو فتى وفتية؟ فقال: إن "بغوي"، ومن أصول التصريف: إذا اجتمعت الواو والياء، والسابق منهما ساكن، قلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، كما قالوا: شويت شيّاً، وكويت الدابة كيّاً؛ والأصل فيهما "شوياً و"كوياً"، فعلى هذه القضية، قيل: "بغي"، ووجب حذف التاء منهما؛ لأنها بمعنى "باغية"، كما يحذف من صبور بمعنى صابرة.
وكان أبو عثمان المازني مع علمه بالنحو كثير الرواية، قال المازني: حدثني رجل من بني ذهل بن ثعلبة، قال: شهدت شبيب بن شيبة، وهو يخطب إلى رجل من الأعراب بعض حرمه، وطول. وكان للأعرابي حاجة يخاف أن تفوته، فاعترض الأعرابي على شبيب، وقال له: ما هذا؟ إن الكلام ليس للمتكلم المكثر، ولكن للمقل المصيب، وأنا أقول: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد سيد المرسلين، وخاتم النبيين، أما بعد: فقد أدليت بقرابة، وذكرت حقاً، وعظمت مرغبا؛ فقولك مسموع، وحبلك موصول، وبذلك مقبول، وقد زوجناك صاحبتك على اسم الله تعالى.
وروى أبو عثمان، قال: حدثني أبو زيد قال: سمعت رؤبة يقرأ:] فأما الزبد فيذهب جفاء [، قال: فقلت: "جفاء"، قال: لا، إنما الريح تجفله، أي تقلعه.

وقال المازني: سألني الأصمعي عن قوله:
يا بئرنا بئر بني عدي ... لا ينزحن قعرك بالدلى
حتى تعودي أقطع الولي
فقلت: "حتي تعودي قليباً أقطع الولي"، وكان حقه أن يقول: قطعاء الولي" لقوله: تعودي".
وعن أبي سعيد السكري قال: توفي سنة سبع وأربعين ومائتين، وكان ذلك في السنة التي قتل فيها المتوكل وبويع المنتصر بالله أبو جعفر محمد بن المتوكل.
نزهة الألباء في طبقات الأدباء - لكمال الدين الأنباري.

 

- أَبُو عُثْمَان المازنيّ
اسْمه بكر بن مُحَمَّد.

كتب أَبُو غَسَّان رَفيع إِلَيْهِ بِأَبْيَات، فَقَالَ: مَا سَأَلَني فيتعبني، وَيُقَال: فيعييني.
والأبيات:
تَفكَّرْتُ فِي النَّحْوِ حتَّى ضَجِرْتُ ... وأتْعَبْتُ نَفْسِي لَهُ والْبَدَنْ

وأتْعَبْتُ بَكْراً وأشْيَاعَهُ ... بطُولِ الْمَسَائِلِ فِي كُلِّ فَنّ
خَلاَ أنَّ بَابا عَلَيْهِ العفا ... ءُ للفاء يَا ليته لم يَكُنْ
ولِلْواوِ بَابٌ إِلَى جَنْبِهِ ... مِن المَقْتِ أحْسَبُه قد لُعِنْ
أجَبْت لما قِيلَ هَذَا كَذَا ... على النَّصْبِ قَالُوا بإِضْمارِ أنْ

أدْرك أَبَا الْحسن الْأَخْفَش، وَقَرَأَ عَلَيْهِ أَكثر " الْكتاب "، وكمَّله على الْجرْمِي.
وَيُقَال: إِنَّه تَحَرَّف من حمله فِي كُمِّه مَرَّات، وَكَانَ يعظِّم شَأْنه.
ويُروى أَنه قَالَ؛ من أَرَادَ أَن يعْمل كتابا كَبِيرا فِي النَّحْو بعد سِيبَوَيْهٍ فليستحي.
وَعمل كتبا لَطِيفَة؛ " كتابا فِي التَّصريف "، و " كتاب الْألف وَاللَّام "، و " كتاب مَا يلحن فِيهِ الْعَامَّة ".
وَكَانَ الواثق أَمر بإحضاره من الْبَصْرَة، للخُلْفِ الْوَاقِع بَين جَارِيَة

مغنية وَبَين ابْن السّكيت، فِي قَول الشَّاعِر:
أظَلُومُ إنَّ مُصَابَكُمْ رَجُلاً ... أهْدَى السَّلامَ تَحِيَّةً ظُلْمُ

أنشدته الْجَارِيَة هَكَذَا بِنصب " رجل "، وَقَالَ يَعْقُوب: " رجلٌ ". فَلم ترجع إِلَى قَوْله، وَذكرت أَنَّهَا أَخَذته عَن المازنيِّ. والحكاية مَشْهُورَة.
وَاخْتلف فِي وَفَاته، فَقَالَ بعض المصنفين الْمُتَقَدِّمين: سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ. وَقَالَ أَحْمد بن أبي يَعْقُوب: سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ.

قَالَ الْمَازِني: سَأَلَني الْأَصْمَعِي عَن قَول الرَّاوِي:
يَا بِئْرُ يَا بئرَ بني عَدِيِّ
لأَنْزَحَنْ جَوْفَكِ بالدُلِيِّ
حَتَّى تَعُودِي اقْطَعَ الْوَلِيِّ

فَقلت: أَرَادَ قليباً أقْطَعَ الوليّ.
فَاسْتحْسن جوابي.
* * *

تاريخ العلماء النحويين من البصريين والكوفيين وغيرهم-لأبو المحاسن المفضل التنوخي المعري.

 

بكر بن محمد بن حبيب بن بقية، أبو عثمان المازني، من مازن شيبان:
أحد الأئمة في النحو، من أهل البصرة. ووفاته فيها. له تصانيف، منها كتاب (ما تلحن فيه العامة) و (الألف واللام) و (التصريف) و (العروض) و (الديباج) .

-الاعلام للزركلي-
 

المازني النحوي
أبو عثمان بكر بن محمد بن عثمان - وقيل: بقية، وقيل: عدي - بن حبيب المازني البصري النحوي؛ كان إمام عصره في النحو والأدب، وأخذ الأدب عن أبي عبيدة والأصمعي وأبي الأنصاري وغيرهم، وأخذ عنه أبو العباس المبرد وبه انتفع وله عنه روايات كثيرة، وله من التصانيف كتاب ما تلحن في العامة وكتاب التصريف وكتاب العروض وكتاب القوافي وكتاب الديباج عللاً خلاف كتاب أبي عبيدة.
قال أبو حعفر الطحاوي الحنفي المصري: سمعت القاضي بكار بن قتيبة،
قاضي مصر، يقول: ما رأيت نحوياً قط يشبه الفقهاء إلا حيان بن هرمة والمازني، يعني أبا عثمان المذكور، وكان في غاية الورع.
ومما رواه المبرد أن بعض أهل الذمة قصده ليقرأ عليه كتاب سيبويه وبذل له مائة دينار في تدريسه إياه، فامتنع أبو عثمان من ذلك، قال: فقلت له: جعلت فداك، أترد هذه المنفعة مع فاقتك وشدة إضاقتك فقال: إن هذا الكتاب يشتمل على ثلثمائة وكذا وكذا آية من كتاب الله عز وجل، ولست أرى أن أمكن منها ذمياً غيرة على كتاب الله وحمية له؛ قال: فاتفق أن غنت جارية بحضرة الواثق بقول العرجي :
أظلوم إن مصابكم رجلاً ... أهدى السلام تحية ظلم فاختلف من كان بالحضرة في إعراب رجلاً، فمنهم من نصبه وجعله اسم إن، ومنهم من رفعه على أنه خبرها، والجارية مصرة على أن شيخها أباعثمان المازني لقنها إياه بالنصب، فأمر الواثق بإشخاصه.
قال أبو عثمان  : فلما مثلت بين يديه قال: ممن الرجل قلت: من بني مازن، قال: أي الموازن أمازن تميم ، أم مازن قيس، أم مازن ربيع قلت: من مازن ربيعة، فكلمني بكلام قومي، وقال: باسمك لأنهم يقلبون الميم باء والباء ميماً، قال: فكرهت أن أجيبه على لغة قومي كيلا أواجهه بالمكر ، فقلت: بكر يا أمير المؤمنين، ففطن لما قصدته، وأعجب به، قم قال: ماتقول في قول الشاعر:
أظلوم إن مصابك رجلاً ...
أترفع رجلاً أم تنصبه فقلت: بل الوجه النصب يا أمير المؤمنين، فقال: ولم ذلك فقلت: إن مصابكم مصدر بمعنى إصابتكم، فأخذ اليزيدي في معارضتي، فقلت: هو بمنزلة قولك إن ضربك زيداً ظلم فالرجل مفعول مصابكم وهو منصوب به والدليل عليه أن الكلام معلق إلى أن تقول ظلم فيتم، فاستحسنه الواثق وقال: هل لك من ولد قلت: نعم بنية يا أمير المؤمنين، قال: ما قالت لك عند مسيرك فقلت: [طافت حولي] وأنشدت [وهي تبكي] قول الأعشى:
أيا أبتا لا ترم عندنا ... فإنا بخير إذا لم ترم
أرانا إذا أضمرتك البلا ... د تجفى وتقطع منا الرحم قال: فما قلت لها قال: قلت [لها ما قال جرير] لابنته:
ثقي بالله ليس له شريك ... ومن عند الخليفة بالنجاح قال: على النجاح، إن شاء الله تعالى، ثم أمر لي بألف دينار، وردني مكرماً ، قال المبرد: فلما عاد إلى البصرة قال لي: كيف رأيت يا أبا العباس رددنا لله مائة فعوضنا ألفا.
[وكان أبو عثمان مع علمه بالنحو متسعاً في الرواية؛ قال أبو القاسم الكوكني: حدثني العنزي قال: أنشد رجل أبا عثمان المازني شعراً له وقال: كيف تراه قال: أراك قد عملت عملاً بإخراج هذا من صدرك لأنك لو تركته لأورثك السل] .
وروى المبرد عنه أيضاً قال: قرأ علي رجل كتاب سيبويه في مدة طويلة،
فلما بلغ آخره قال لي: أما أنت فجزاك الله خيرا، وأما أنا فما فهمت منه حرفاً.
وتوفي أبوعثمان المازني المذكور في سنة تسع وأربعين ومائتين، وقيل: ثمان وأربعين، وقيل: ست وثلاثين ومائتين بالبصرة، رحمه الله تعالى.

وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - لأبو العباس شمس الدين أحمد ابن خلكان البرمكي الإربلي

 

المازني:
إِمَامُ العَرَبِيَّةِ، أبي عُثْمَانَ، بَكْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَدِيٍّ البَصْرِيُّ، صَاحِبُ "التَّصْرِيْفِ" وَالتَّصَانِيْفِ.
أَخَذَ عَنْ: أَبِي عُبَيْدَةَ، وَالأَصْمَعِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: الحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ، وَمُوْسَى بنُ سَهْلٍ الجَوْنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ المُبَرِّدُ، وَلازَمَهُ، وَاختَصَّ بِهِ، وَقَدْ دَخَلَ المَازِنِيُّ عَلَى الوَاثِقِ بِاللهِ، فَوَصَلَهُ بِمَالٍ جَزِيلٍ.
قَالَ المُبَرِّدُ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ بَعْدَ سِيْبَوَيْه أَعْلَمَ بِالنَّحْوِ مِنَ المَازِنِيِّ، قَالَ: وَذَكَرَ لَنَا المَازِنِيُّ: أَنَّ رَجُلاً قَرَأَ عَلَيْهِ "كتاب سيبويه" في مدة طويلة فَلَمَّا بَلَغَ آخِرَهُ، قَالَ: أَمَا إِنِّي مَا فَهِمْتُ مِنْهُ حَرْفاً، وَأَمَّا أَنْتَ فَجَزَاكَ اللهُ خَيْراً.
وَقَالَ المَازِنِيُّ: قَرَأْتُ القُرْآنَ عَلَى يَعْقُوْبَ، فَلَمَّا خَتَمتُ، رَمَى إليَّ بِخَاتَمِهِ، وَقَالَ: خُذْهُ، لَيْسَ لَكَ مِثْلٌ.
وَقِيْلَ: كَانَ المَازِنِيُّ ذَا وَرَعٍ وَدِينٍ، بَلَغَنَا أَنَّ يَهُوْدِيّاً حَصَّلَ النَّحْوَ، فَجَاءَ لِيَقرَأَ عَلَى المَازِنِيِّ "كِتَابَ سِيْبَوَيْه"، فَبذَلَ لَهُ مائَةَ دِيْنَارٍ، فَامْتَنَعَ، وَقَالَ: هَذَا الكِتَابُ يشتمل على ثلاثمائة آيَةٍ وَنَيِّفٍ، فَلا أُمَكِّنُ مِنْهَا ذِمِّيّاً.
قَالَ القَاضِي بَكَّارُ بنُ قُتَيْبَةَ: مَا رَأَيْتُ نَحْوِيّاً يُشْبِهُ الفُقَهَاءَ إلَّا حَبَّانَ بنَ هِلاَلٍ وَالمَازِنِيَّ.
وَقَالَ المُبَرِّدُ: كَانَ المَازِنِيُّ إِذَا نَاظَرَ أَهْلَ الكَلاَمِ، لَمْ يَسْتَعِنْ بِالنَّحْوِ، وَإِذَا نَاظَرَ النُّحَاةَ، لَمْ يَسْتَعِنْ بِالكَلاَمِ.
وَعَنِ المَازِنِيِّ قَالَ: قُلْتُ لاِبْنِ السِّكِّيتِ: مَا وَزْنُ "نَكْتَلُ"؟ قَالَ: "نَفْعَلُ". قُلْتُ: اتَّئِدْ. فَفَكَّرَ، وَقَالَ: "نَفْتَعِلُ". قُلْتُ: فَهَذِهِ خمسة أَحرُفٍ. فَسَكَتَ فَقَالَ المُتَوَكِّلُ: مَا وَزْنُهَا? قُلْتُ: وَزنُهَا فِي الأَصْلِ "نَفْتَعِلُ"؛ لأَنَّهَا "نَكْتِيْلُ"، فَتَحَرَّكَ حَرْفُ العِلَّةِ، وَانفَتَحَ مَا قَبْلَهُ، فَقُلِبَ أَلِفاً، فَصَارَ نَكْتَالُ، فَحُذِفَتْ أَلِفُهُ لِلْجَزْمِ، فَبَقِيَ "نَكْتَلُ".
مَاتَ المَازِنِيُّ: سَنَةَ سَبْعٍ -أَوْ ثَمَانٍ- وَأَرْبَعِيْنَ ومائتين.
سير أعلام النبلاء: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن  قايمازالذهبي

 

الإمام أبو عثمان بكر بن محمد بن بقِية وقيل ابن عدي، بن حبيب المازني، مازن بني شيبان، البصري النحوي، المتوفى سنة تسع أو ثمان وأربعين ومائتين وقيل ثلاثين ومائتين: وهو أول من دوَّن علم التصريف.
روى عن أبي عُبيدة والأصمعي وأبي زيد وعنه المبرِّد واليزيدي وجماعة.
وكان إماماً في العربية، متسعاً في الرواية، يقول بالإرجاء وكان مناظراً.
قال المبرّد: لم يكن بعد سيبويه أعلم بالنحو من أبي عثمان وأخذ عن الأخفش وقيل: بل عن الجرمي. وله من التصانيف "كتاب ما في القرآن"، "علل النحو"، "تفاسير كتاب سيبويه"، " ما يلحن فيه العامة" "كتاب الألف واللام"، "كتاب التصريف"، "كتاب العَرُوض"، "كتاب القوافي"، "كتاب الدِّيباج"، "جامع كتاب سيبويه" وكلها لطائف. ذكره ابن خلِّكان.
سلم الوصول إلى طبقات الفحول - حاجي خليفة.

 

 

أبي عثمان المازني
وهو بكر بن محمد من بني مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن كعب بن علي بن بكر بن وائل. وقد كان أشخص إلى الواثق وكان السبب في ذلك أن جارية غنت.
أظليم إن مصابكم رجلاً ... أهدى السلام تحية ظلم
فرد بعض الناس عليها نصب رجلاً وظن أنه خبر إن وإنما هو مفعول المصدر ومصابكم في معنى إصابتكم وظلم خبر إنّ فقالت: لا أقبل هذا أو لا أغيره وقد قرأته كذى على أعلم الناس بالبصرة أبي عثمان المازني فتقدم بإحضاره.
قال أبو العباس محمد بن يزيد حدثني المازني قال: لما قدمت سر من رأى دخلت على الخليفة فقال لي: يا مازني من خلفت وراءك؟ فقلت: خلفت يا أمير المؤمنين أخية لي أصغر مني أقيمها مقام الوالد. فقال لي: فما قالت حين خرجت. قلت: طافت حولي وقالت وهي تبكي أقول لك يا أخي كما قالت بنت الأعشى لأبيها:
تقول ابنتي حين جد الرحيل ... أرانا سواءٌ ومن قد يتم
أبانا فلا رمت من عندنا ... فإنا بخير إذا لم ترم
ترانا إذا أضمرتك البلاد ... نُجفى ويقطع فينا الرحم
قال لي: فما قلت لها؟ قال قلت: أقول لك أخية كما قال جرير لابنته:
ثقي بالله ليس له شريك ... ومن عند الخليفة بالنجاح
فقال: لا جرم إنها ستنجح. وأمر لي بثلاثين ألف درهم.

وفي غير هذه الرواية أنه لما أدخل عليه قال له: بسمك. يريد ما اسمك. قال المازني: وكأنه أراد أن يعلمني معرفته بإبدال الباء مكان الميم في هذه اللغة. فقلت: بكر بن محمد المازني. قال: أمازن شيبان أم مازن تميم؟ قلت: مازن شيبان. فقال: حدثنا، قلت: يا أمير المؤمنين هيبتك تمنعني عن ذلك وقد قال الراجز:
لا تقلواها وادلواها دلوا ... إن مع اليوم أخاه غدوا
قال: فسره لنا، قلت: لا تقلواها لا تعنفانها في السير، يقال قلوته إذا سرت به سيراً عنيفاً، ودلوت إذا سرت سيراً رفيقاً، ثم أحضر التوزي فكان في دار الواثق وكان التوزي يقول إن مصابكم رجلٌ ويظن أن مصابكم مفعول به ورجل خبر. فقال المازني: كيف تقول إن ضربك زيداً ظلمٌ. فقال التوزي: حسبي. وفهم.
وكان دِماذ أبو غسان صاحب أبي عبيدة قد قرأ من النحو إلى باب الواو والفاء ومن قول الخليل وأصحابه أن ما بعدها ينتصب بإضمار أن فنبأ فهمه عنه. قال عبد الله بن أبي سعد حدثنا عبد الله بن ماهان المروزي قال حدثنا عبد الله بن جبان النحوي قال كتب دماز إلى المازني:

فكرت في النحو حتى مللت ... وأتعبت نفسي له والبدن
وأتعبت بكراً وأًحابه ... بطول المسائل في كل فن
فكنت بظاهره عالماً ... وكنت بباطنه ذا فطن
خلا أن باباً عليه العفا ... للفاء يا ليته لم يكن
وللواو بابٌ إلى جنبه ... من المقت أحسبه قد لعن
إذا قلت هاتوا لماذا يقا ... ل لست بآتيك أو تأتين
أأجيبوا لما قيل هذا كذا ... على النصب قالوا الإضمار أن
فقد كدت يا بكر من طول ما ... أفكر في بابه أن أجن
وكان أبو عثمان مع علمه بالنحو متسعاً في الرواية.
أخبرنا أبو بكر السراج قال أبو العباس النحوي محمد بن يزيد قال أخبرنا المازني عن العتبي عن أبيه قال: قال الأحنف بن قيس: الكامل من عدت سقطاته، وأخبرنا أبو بكر قال أخبرنا أبو العباس قال أخبرنا أبو عثمان قال أخبرني أبو الحسن المدائني قال: قيل لامرأة من بني نمير وحضرتها الوفاة: أوصى بثلثك فإن ذاك لك. قالت: وما أوصى وما أوصي بشيء. قيل بل تقربي إلى الله بذلك. قالت: من الذي يقول:
لعمرك ما رماح بني نمير ... بطائشة الصدور ولا قِصار
قالوا: زياد الأعجم. قالت: وممن هو؟ قالوا: من عبد القيس. قالت: فثلثي لعبد القيس.
حدثنا أبو مزاحم قال حدثنا ابن أبي سعد قال حدثنا أبو عثمان المازني قال حدثنا الأصمعي عن عيسى بن عمر قلا: كنا نمشي مع الحسن ومعنا عبد الله بن أبي إسحاق قال فقال: حادثوا هذه النفوس فإنها طلعة ولا تدعوها فتنزح بكم إلى شر غاية. قال: فأخرج عبد الله بن أبي إسحاق ألواحه فكتبها فقال: استفدنا منك يا أبا سعيد طلعة.
حدثنا أبو مزاحم قال حدثنا ابن أبي سعد قال حدثني أبو عثمان المازني قال سمعت أبا زيد يقول: قيل للحسن يا أبا سعيد أيدالِك الرجل امرأته. قال: لا بأس إذا كان ملفجاً. والمفلج المفلس والمدالكة المماطلة.
حدثنا أبو مزاحم قال حدثنا ابن أبي سعد قال حدثنا أبو عثمان المازني حدثنا الأصمعي عن خلف الأحمر قال سمعت رؤبة يقول: ما في القرآن أعرب من قوله: (فاصدع بما تؤمر).
وبهذا الإسناد قال حدثنا أبو عثمان قال حدثني أبو زيد قال سمعت رؤبة قرأ: فأما الزبد فيذهب جفالاً. قال قلت: جفاء قال: لا إنما تجفله الريح أي تقلعه.
وبهذا الإسناد قال حدثنا أبو عثمان قال حدثنا الأصمعي قال سمعت عيسى بن عمر ينشد:
حييت عنا أيها الوجه ... ولغيرك البغضاء والنجه
النجه اسوأ الرد.
وبهذا الإسناد قال حدثنا أبو عثمان المازني قال أخبرني أحمد بن عبد الله بن علي السدوسي قال سمعت سعيد بن سلم يقول لأبي زياد الكلابي: هلم أناضلك. قال له أبو زياد: لا محمد لي بتنضال كفاى كالشن البالي. وقال المازني مرة: كفى كالشن البالي.
وبهذا الإسناد قال حدثنا أبو عثمان المازني قال: حدثني عثمان بن ثرمدة رجل من بني ذهل بن ثعلبة قال: شهدت شبيب بن شبة وهو يخطب إلى رجل من الأعراب بعض حرمته فطول وكانت للأعرابي حاجة تنزعه يخاف فوتها فاعترض الأعرابي على شبيب وقال له: يا هذا إن الكلام ليس للمكثر المطنب ولكنه للعقل المصيب وأنا أقول الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد سيد المرسلين وخاتم النبيين أما بعد فقد أدليت بقرابة وذكرت حقاً وعظمت مرعياً فقولك مسموع وحبلك موصول وبذلك مقبول وقد زوجنا صاحبك على اسم الله.
وقال أبو عثمان سألني الأصمعي عن هذا.
يا بئر يا بئر بني عدي ... ليمخضن جوفك بالدلي
حتى تعود أقطع الولي
فقلت حتى تعودي قليباً اقطع الولي كان حقه أن يقول قطعاء الولي لقوله تعودي. وكان عبد الصمد بن المعذل قد وجد من شيء كان أنكره المازني و كلام تكلم به فيه فقال يهجوه وأفحش.

بنت ثمانين بفيها لثغه ... شوهاء ورهاء كطين الردغه
ممشوطة لمتها المثمغه ... ملوية أصباغها المصمغه
مخضوبة في قمص مصبغه ... مثلبة للصاحب منزغه
فيها يعاف الخفرات ميلغه ... ملسبةٌ بالناقرات ملدغه
أعارها الغضون منه الوزغه ... والظربان كشحه وأزفغه
والديك أحذى الجيد منها النغنغه ... ألقت حليساً لي وألقت مردغه
وهامستني بحديث فغفغه ... وحلف منها وإفك مغمغه
إنك إن ذقت حمدت الممضغه ... فقلت ما هاجك قالت دغدغه
فقلت من أنت فقالت لي دغه ... وابني أبو عثمان ذو علم اللغه

فاطوِ حديثي دونه أن يبلغه ... هممت أعلو رأسها فأدمغه
فبلغ أبا عثمان فقال: قولوا له الجاهل بم نصبت فأدمغه لو لزمت مجالسة أهل العلم كان أعود عليك.

أخبار النحويين البصريين - الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرافي.