يحيى بن زكريا بن بيرام الرومي
تاريخ الولادة | 999 هـ |
تاريخ الوفاة | 1053 هـ |
العمر | 54 سنة |
مكان الولادة | استانبول - تركيا |
مكان الوفاة | استانبول - تركيا |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
يحيى بن زَكَرِيَّا بن بيرام شيخ الاسلام واوحد عُلَمَاء الرّوم بِاتِّفَاق الاعلام ذكره والدى رَحمَه الله تَعَالَى فَقَالَ فى حَقه سُلْطَان عُلَمَاء الْمغرب والمشرق ومطلع كَوْكَب أفق السَّعَادَة الْمشرق شيخ الْكل فى الْكل من الدق والجل وَاحِد الزَّمَان وثانى النُّعْمَان من بمكارم الاخلاق فى الْآفَاق مَوْصُوف وفى تعداد افراد النَّوْع الانسانى وَاحِد يعدل أُلُوف كَبِير المملكة السُّلْطَانِيَّة دون مُنَازع بركَة الدولة العثمانية من غير مدافع عُمْدَة الْمُلُوك مرشد اهل الطَّرِيق والسلوك بَحر المعارف بدر اللطائف صَاحب الْكَلم النوابغ من ثوب انعامه على الانام سابغ الذى ألقيت اليه أزمة السّلم واحتوى على جَوَامِع الْعلم وبدائع الحكم محط رحال الآمال وكعبة أَرْبَاب الْكَمَال من لم تسمح بِمثلِهِ الادوار وَلم يَأْتِ بنده الْفلك الدوار يُقَال فِيهِ
(هَيْهَات لَا يأتى الزَّمَان بِمثلِهِ ... ان الزَّمَان بِمثلِهِ لبخيل)
ولد بقسطنطينية وَنَشَأ بهَا واجتهد فى التَّحْصِيل على عُلَمَاء عصره حَتَّى برع وتفوق ثمَّ لَازم من شيخ الاسلام السَّيِّد مُحَمَّد بن مَعْلُول كَمَا أَن وَالِده لَازم من وَالِد السَّيِّد الْمَذْكُور ثمَّ درس بمدارس قسطنطينية وَحج فى خدمَة وَالِده سنة أَربع وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ وَالِده اذ ذَاك مُنْفَصِلا عَن قَضَاء الْعَسْكَر باناطولى وَلما رَجَعَ ترقى فى الْمدَارِس الى ان وصل الى احدى الثمان وَمَات أَبوهُ وَهُوَ مدرس بهَا ثمَّ درس بمدرسة الشهرزاده وَنقل مِنْهَا الى مدرسة وَالِدَة السُّلْطَان مُرَاد الثَّالِث باسكدار وَكَانَ لَهَا شَأْن عَظِيم فى حَيَاة بانيتها فَأعْطى مِنْهَا قَضَاء حلب وَكَانَت أول مناصبه وَكَذَلِكَ وَقع لوالده فَدَخلَهَا فى سنة أَربع بعد الألف خلفا عَن الْمولى الْكَمَال ابْن طاشكبرى ثمَّ بعد مُدَّة قَليلَة وَقع بَينهمَا مُبَادلَة فَنقل صَاحب التَّرْجَمَة الى قَضَاء دمشق والكمال الى قَضَاء حلب وَقيل فى تَارِيخ تَوليته لَهَا
(لما أحيى شرع الهادى ... قَاض عَنهُ شاع الْعدْل)
(يحيى الْمولى السامى قَالُوا ... حَقًا أرخ قَاض عدل)
وَكَانَت سيرته فى هذَيْن القضاءين من أحسن سيرة لقاض ثمَّ عزل وَتوجه من دمشق الى معرة النُّعْمَان قَاصِدا دَار الْخلَافَة وَكَانَ خرج من دمشق وَعَلِيهِ دين سَابق لم يقدر على وفائه وَكَانَ قصد ان يمر على حلب ويستدين من بعض أَهلهَا مبلغا يُوفى بِهِ مِمَّا عَلَيْهِ وَاتفقَ ان كتخداه دخل عَلَيْهِ وشكى من المضايقة فَلم يستتم الْكَلَام الا وَدخل عَلَيْهِم قَاصد من طرف الدولة وَمَعَهُ أَمر بتوجيه قَضَاء مصر الى صَاحب التَّرْجَمَة فسر بذلك وَعَاد مبلغ المُرَاد وَسَار اليها وسلك مسلكه الْمُعْتَاد ة وَنقل انه كَانَ فى خدمته أحد عشر نَائِبا من ملازمى وَالِده وَمن طلبته فاتفق أَنه ولى مِنْهُ سنة قَضَاء مصر بعد مُدَّة وعزل عَن قَضَاء مصر فَأعْطى كلا مِنْهُم مبلغا من الدَّرَاهِم من مَاله زِيَادَة على مَا حصل لَهُم من الِانْتِفَاع فى أَيَّام قَضَائِهِ وَكَانَ ابْن أُخْته اسماعيل الذى صَار آخر أمره أحد صناجق مصر فى خدمته وَكَانَ وَجه اليه نِيَابَة المحاسبات فَبَلغهُ انه أَخذ من بعض النظار عشرَة سلطانية من غير وَجه فناداه اليه وَهُوَ فى دَاخل الْحمام وَقَالَ لَهُ بلغنى انك أخذت من فلَان كَذَا فاعترف فَقَالَ لَهُ اذن ترحل عَنى الى الرّوم وَالْيَوْم سفينة فلَان متجهزة فَلَا تتخلف عَنْهَا فأقلع من وقته وَلما عزل أَقَامَ ببولاق بعض أَيَّام عِنْد القاضى زين الدّين العبادى كَاتب المحاسبات بأوقاف مصر وَكَانَ العبادى الْمَذْكُور من الرياسة وَالنعْمَة بمَكَان لَكِن حصل مِنْهُ تَقْصِير فى خدمته وَاتفقَ انه شكى اليه كَثْرَة الناموس وَطلب مِنْهُ ناموسية فتهاون فى ارسالها اليه فَبعث صَاحب التَّرْجَمَة الى محافظ مصر يَسْتَأْذِنهُ فى الذّهاب بحرا فَلَمَّا وصل رَسُوله الى المحافظ وَعرض عَلَيْهِ أَجَابَهُ بِأَن يتربص أَيَّامًا فَقَامَ الرَّسُول ليذْهب واذا ببريد قدم من قسطنيطينية وَمَعَهُ أَمر بتقرير صَاحب التَّرْجَمَة فى قَضَاء مصر فَعَاد الرَّسُول مسرعا وَأخْبرهُ ثمَّ أرسل الْوَزير الامر فَدخل الزين العبادى مهنيا وَأظْهر كَمَال الريا وَكَانَ صَاحب التَّرْجَمَة حقد عَلَيْهِ جدا فَأخْرج فى الْحَال عَنهُ جَمِيع مَا فى يَده من جِهَات ومعاليم ووجهها الى فُقَرَاء الازهر وَكَانَت اشياء كَثِيرَة مَعَ عدم احْتِيَاجه اليها لكَونه فى غنية زَائِدَة وعزله عَن كِتَابَة المحاسبات وبقى مقهورا مُدَّة أَيَّام ثمَّ مَاتَ من قهره ثمَّ عزل وَسَار الى قسطنطينية بعد مُدَّة صَار قَاضِيا ببروسة ثمَّ ولى قَضَاء أدرنه ثمَّ قَضَاء قسطنطينة ثمَّ صَار قاضى الْعَسْكَر باناطولى مُدَّة يسيرَة وَنقل الى روم ايلى ثمَّ عزل وأعيد مرّة ثَانِيَة سنة ثَمَان عشرَة وَقيل فى تَارِيخه فضل حق وَوَقع فى أَيَّام قَضَائِهِ ان درويش باشا الْوَزير الاعظم أَمر بقتل رجل فى الدِّيوَان فَقَالَ لَهُ صَاحب التَّرْجَمَة مَا الذى أوجب قَتله فَقَالَ لَهُ أَنْت مَالك علاقَة بِهَذَا فَقَامَ من الدِّيوَان وَترك منصب قَضَاء الْعَسْكَر فَلَمَّا سمع السُّلْطَان أَحْمد بذلك بعث اليه يستخير مِنْهُ عَن قَضِيَّة تَركه فَأَجَابَهُ بقوله ان الْقَضَاء أَمَانَة وَالسُّلْطَان انما يُولى قَضَاء الْعَسْكَر لسَمَاع الدَّعَاوَى وانصاف الظَّالِم من الْمَظْلُوم والآن قد قتل رجل من غير ان يُوجب الشَّرْع قَتله فَلم يُوجد اتصاف بِمَا ولينا لاجله الْقَضَاء فتركنا المنصب لذَلِك ففى ذَلِك الْيَوْم قتل السُّلْطَان أَحْمد درويش باشا الْمَذْكُور وَحصل لصَاحب التَّرْجَمَة غَايَة الاقبال من السُّلْطَان وعزل بعد مُدَّة وأعيد ثَالِثا ثمَّ ولى الافتاء السلطانى فى يَوْم جُلُوس السُّلْطَان مصطفى وَهُوَ الْيَوْم السَّادِس من رَجَب سنة احدى وَثَلَاثِينَ وَألف وَقَالَ الْعَلامَة عبد الرَّحْمَن العمادى مؤرخا تَوليته بقوله
(لقد صَار مفتى الرّوم يحيى الذى سما ... سناء سَمَاء الْمجد وَالْعلم وَالتَّقوى)
(فَنَادَى بشير السعد فِيهَا مؤرخا ... لمولاى يحيى منصب الْعلم وَالْفَتْوَى)
وَكَانَ أول سُؤال كتب اليه اول وَاجِب على الْمُكَلف مَا هُوَ فَأجَاب هُوَ معرفَة الله تَعَالَى فَاعْلَم انه لَا اله الا الله وَبنى فى تَوليته هَذِه مدرسته الْمَعْرُوفَة قَرِيبا من دَاره بمحلة جَامع السُّلْطَان سليم الْقَدِيم وأرخ عَام تَمامهَا الاديب مُحَمَّد الحتاتى المصرى بقوله
(مفتى البرايا بنى لله مدرسة ... لَهَا من الانس أنوار تغشها)
(على الْهدى أست واليمن أرخها ... دَار الْعُلُوم فيحيى الْعدْل منشها)
ثمَّ عزل وأعيد ثَانِيًا وَكَانَ أول سُؤال رفع اليه الْمُؤمن اذا أَرَادَ الشُّرُوع فى أَمر ذى بَال بِمَاذَا يبْدَأ حَتَّى يكون مَا شرع فِيهِ مُبَارَكًا فَأجَاب يبْدَأ بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ثمَّ عزل ثَانِيًا فى رَجَب سنة احدى وَأَرْبَعين فى حَرَكَة الْعَسْكَر بمخامرة الْوَزير رَجَب باشا وَشَيخ الاسلام حُسَيْن ابْن اخى وجمعوا جمعا عَظِيما عِنْد السُّلْطَان مُرَاد وَأَرْسلُوا الى صَاحب التَّرْجَمَة رَسُولا يطلبونه الى الدِّيوَان على لِسَان السُّلْطَان وَكَانُوا صمموا على قَتله فى الطَّرِيق اذا جَاءَ حَتَّى انهم رأوى الْمولى مُحَمَّد الشهير بجشمى قاضى الْعَسْكَر باناطولى وَهُوَ مُتَوَجّه فظنوه هُوَ وَمَا حققوه بِعَيْنِه فَلَمَّا عرفوه أطْلقُوا سَبيله فَأرْسل إلى صَاحب التَّرْجَمَة رَسُولا يحذرهُ الْحُضُور من الطَّرِيق الْعَام فَسَار من طَرِيق آخر فَلَمَّا رَآهُ السُّلْطَان عرف انها مكيدة فَأَشَارَ اليه بِالْعودِ بِيَدِهِ فَلم يُمكنهُ ذَلِك فَأرْسل اليه السُّلْطَان رَسُولا وَأَخذه الى الدَّاخِل ثمَّ ان الْعَسْكَر قتلوا الْحَافِظ الْوَزير الاعظم ونصبوا رَجَب باشا مَكَانَهُ وَجعلُوا ابْن أخى مفتيا وخمدت الْفِتْنَة ثمَّ ان السُّلْطَان الْتفت الى صَاحب التَّرْجَمَة وَقَالَ لَهُ قد عزلك الْقَوْم وَأَنا مَا عزلتك فسر الى حديقتك واشتغل لنا بِالدُّعَاءِ واذا صَار سلطانك سُلْطَانا كَمَا كَانَ صرت مفتيا كَمَا كنت ثمَّ فَارقه فَسَار الى دَاره ثمَّ توجه الى بستانه الْمَعْرُوف بِهِ بطوب قبوسى من أَبْوَاب قسطنطينية وبقى ثمَّة الى أَن قتل ابْن أخى فى رَجَب سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين فأعيد وبقى فى هَذِه الْمرة الى ان مَاتَ وَلم يتَّفق لَاحَدَّ من الْمُفْتِينَ مَا اتّفق لَهُ من طول الْمدَّة والاقبال وَالْحُرْمَة وَالْجَلالَة وَلم يمدح أحد بِمَا مدح بِهِ من مشاهير الشُّعَرَاء ومدائحه الَّتِى جمعهَا التقى الفارسكورى وَقد تقدم ذكر خَبَرهَا فى تَرْجَمَة من ابْتِدَاء تَوليته قَضَاء حلب الى ان ولى قَضَاء الْعَسْكَر بروم ايلى وَمَا بعد ذَلِك فقد تكفل والدى بِجمع حِصَّة مِنْهَا بلغت مِقْدَار ثَلَاثَة كراريس وهى قَطْرَة من بَحر ورزق السَّعَادَة فى الجاه والحفدة بِحَيْثُ صَار أحد ملازميه وَهُوَ الْمولى عبد الله بن عمر خواجه زَاده قاضى الْعَسْكَر بروم ايلى وَولى الافتاء من جماعته ثَلَاثَة وهم مصطفى البولوى وَمُحَمّد البورسوى وَمُحَمّد الانقروى وَأما من ولى مِنْهُم قَضَاء العسكرين وَغَيرهمَا من المناصب والمدارس وَالْقَضَاء من أهل الرّوم ودمشق وحلب وَغَيرهَا فَلَا يُحصونَ كَثْرَة وَأَكْثَرهم شاعت فضائلهم وعمت فواضلهم وَبِالْجُمْلَةِ فانه أستاذ الاساتذة وَأعظم الصُّدُور الجهابذة وَقد جمع شيخ الاسلام مُحَمَّد البورسوى فَتَاوِيهِ الَّتِى وَقعت فى عَهده فى كتاب سَمَّاهُ فَتَاوَى يحيى وَهُوَ الْآن مَشْهُور متداول وَأما شعره العربى فَمِنْهُ تخميس الْبردَة للبوصيرى يَقُول فى مستهله
(لما رَأَيْتُك تذرى كالغنم ... غرقت فى لجج الاحزان والالم)
(فَقل وسر الْهوى لَا تخش من نَدم ... أَمن تذكر حيران بذى سلم)
(مزجت دمعا جرى من مقلة بِدَم ... )
(تمسى بِعَين بوبل الدمع ساجمة ... ونار وجد بجوف الْقلب ضارمة)
(فَهَل بريد أَتَى من حى فَاطِمَة ... أم هبت الرّيح من تِلْقَاء كاظمة)
(وأومض الْبَرْق فى الظلماء من اضم ... )
(مَتى السلو لاهل الْعِشْق عَنهُ مَتى ... وَحب حب سليمى فى الحشا بِنَا)
(ان تنكر الوجد عندى بعد مَا ثبتا ... فَمَا لعينيك ان قلت اكففا همتا)
(وَمَا لقلبك ان قلت استفق يهم ... )
(تُرِيدُ تخفى الْهوى والدمع منسجم ... وفى حشاك لظى الاشواق مضطرم)
(هَيْهَات كاتم سر الْعِشْق منعدم ... أيحسب الصب أَن الْحبّ منكتم)
(مَا بَين منسجم مِنْهُ ومضطرم ... )
(تَقول قلبى سلا عَن أعين نجل ... وتدعى السحو والسلوان عَن مقل)
(انى أَخَاف وَحقّ الود من وغل ... لَوْلَا الْهوى لم ترق دمعا على طلل)
(وَلَا أرقت لذكر البان وَالْعلم ... )
مِنْهَا
(اذا وجدت امْرأ بِاللَّه معتصما ... اسْمَع ماقلته مسترشدا فهما)
(وَكن لصحبة العلياء مغتنما ... وَخَالف النَّفس والشيطان واعصهما)
(وان هما محضاك النصح فاتهم ... )
(حكمت نَفسك والشيطان فاحتكما ... يَا قلب وَيحك مَاذَا الْخبط وَيحك مَا)
(لَا تقبلن مِنْهُمَا حكما وان حكما ... وَلَا تُطِع مِنْهُمَا خصما وَلَا حكما ... فَأَنت تعرف كيدا الْخصم وَالْحكم)
وَمن لطائف شعره أَيْضا
(ورد النسيم بأطيب الاخبار ... طَابَ الْوُرُود وَسَائِر الازهار)
(سَكِرُوا بِخَمْر الشوق حَتَّى أظهرُوا ... مَا فى ضمائرهم من الاسرار)
(فى جمعهم لم تلق الا ماسكا ... قدحا من الابريز والبلار)
(والحوض فِيهِ مجَالِس ملكية ... والورد كالسلطان فى الانوار)
(لعب الشُّمُول بهم فحركهم كَمَا ... لعب الشمور بزمرة الشطار)
وَقَوله هوه // معنى جيد //
(كَانَ ورد خَدّه عقار ... شربتها حَتَّى بدا البلار)
والبلار لُغَة فى البلور رَأَيْته فى اسْتِعْمَال المولدين مِنْهُم المعتمدين بن عباد على مَا ذكره الْفَتْح فى قلائد العقيان
(جاءتك لَيْلًا فى ثِيَاب نَهَار ... من نورها وغلالة البلار)
وَالشرب فى بَيته كِتَابَة عَن التقبل زَالَت بِهِ الْحمرَة فَبَدَا الْبيَاض وَمن لطائفه)
أَيْضا قَوْله
(بحلة حَمْرَاء جَاءَ وَقد ... تفوح بالعنبر أذيالها)
(حليتها الْعَسَل وياقوتة ... صبغ من العسجد خلْخَالهَا)
وَمن انشائه الباهر مَا كتبه على كتاب فى الطِّبّ اسْمه مغتى الشفا ياله من رَوْضَة شحاريرها أَقْلَام المادحين من التحارير وألحان سواجعها مَا سمع لَدَى التَّحْرِير من الصرير غصونها أورقت وَلَكِن بصحائف كانها مَمْلُوءَة باللطائف أطباق وأثمرت وَالْعجب ان منابت ثمارها بطُون الاوراق من وقف عَلَيْهَا وَتوقف فِيمَا قلته من الْوَصْف العارى عَن المراء فَلَا شكّ انه مبتلى بداء التّرْك وَلَيْسَ لَهُ دَوَاء وَلما أجلت نظرى فى ربوة حسنها وبهجتها ونشقت شذار رياحينها وشممت عرف نفحتها وعاينت مجَالِس أُنْسُهَا وقضيت مِنْهَا الْعجب وحرك منى سطور طروسها مَا يحدثه القانون من الطَّرب تَوَجَّهت بِمَجَامِع قلبى اليها وَقلت موثرا موجز القَوْل فى الثَّنَاء عَلَيْهَا هَذِه الابيات وفى قولى
(يَا رَوْضَة فى رباها ... دوح غَدا سجع طيره)
(مغنى الشِّفَاء ومغن ... عَن الشِّفَاء وَغَيره)
وَكَانَت وِلَادَته فى سنة تسع وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة وَتوفى فى ذى الْحجَّة سنة ثَلَاث وَخمسين وَألف وَدفن عِنْد وَالِده بمدرسته الْمَعْرُوفَة بِهِ وَقَالَ الْمولى مُحَمَّد عصمتى مؤرخا وَفَاته بقوله
(مفتى الورى يحيى بِهِ ... سما العلى وحية)
(لما مضى موليا ... عَن هَذِه الدنية)
(سَمِعت من جهزه ... بِأَحْسَن التَّحِيَّة)
(يَقُول تَارِيخا لَهُ ... فى جنَّة علية)
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر للمحبي الحموي.
يَحْيى أَفَنْدي
(999 - 1053 هـ = 1590 - 1644 م)
يحيى " أفندي " بن زكريا بن بيرام:
شيخ الإسلام ومفتي الديار الروميّة في عصره. تركي الأصل، مستعرب. ولد ونشأ باستامبول. وولي قضاء الشام، ثم نقل إلى قضاء مصر. وعزل، وولي قضاء بروسة، ثم قضاء أدرنة، فقضاء استامبول. وعزل وولي مرارا. وما زال يتنقل إلى أن توفي في الروم ايلي. وكان له في عصره الشأن الرفيع، ومدحه كثير من الشعراء.
وجمعت فتاويه في كتاب سمي " فتاوي يحيى " وله نظم عربي، منه تخميس قصيدة البردة .
-الاعلام للزركلي-