موسى الرام حمداني الحلبي
تاريخ الوفاة | 1089 هـ |
مكان الولادة | حلب - سوريا |
مكان الوفاة | حلب - سوريا |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
السَّيِّد مُوسَى الرام حمدانى الحلبى الْبَصِير الشافعى الْمَذْهَب فَاضل حلب وأديبها ولد برام حمدَان من قرى حلب ثمَّ توطن حلب واشتغل بتحصيل الْفُنُون حَتَّى تفنن فى الْعُلُوم الرياضيات وبرع فى الْعُلُوم الْحكمِيَّة وَأما مَعْرفَته بِعلم الْحَرْف فانه الْمُتَصَرف فِيهِ وَكَانَ مطلعا على مواقع الْعَرَب وغرر الاخبار وَهُوَ فى ذَلِك بَحر زاخر لَيْسَ لَهُ قَرَار وَأما علم الادب وَالشعر فقد أبدع فِيهِ غرائب أَنْوَاع السحر وَكَانَ من المنتصرين لابى الْعَلَاء المعرى ويحفظ أَكثر شعره وَيَرْوِيه وَيكرهُ كل من يذمه أَو يسيئ الظَّن فِيهِ واذا ذكر فى مَجْلِسه يمدحه غَايَة الْمَدْح وَيَقُول هَل خلا كَامِل غَيره من الْقدح وَيَقُول جَمِيع مَا نسب اليه من الاقوال المذمومة افتراء عَلَيْهِ وَيُقِيم الادلة على ذَلِك وينشد لَهُ من الشّعْر مَا يُنَاقض مَا هُنَالك وَله مؤلفات مِنْهَا نظم الاسماء الْحسنى يدل على علو مقَامه وَذكره البديعى فَقَالَ فى وَصفه فَاضل تقتبس مشكاة الصّلاح من نوره وتطلب الْهِدَايَة من جَانب طوره وموشحاته وشحت كل جمع وقرعت كل سمع وَمن خوارقه أَنه بعد مَا بلغ اشده خَاضَ بَحر القريض واستمده والشاعر يَقُول فى الْمَعْنى
(وماذا يطْلب الشُّعَرَاء منى ... وَقد جَاوَزت حد الاربعين)
وَقد أَشَارَ اليه السَّيِّد أَحْمد بن النَّقِيب فى مُكَاتبَة كتبهَا اليه يَقُول فِيهَا
(قسما بِمن جعل الْفَضَائِل والمعالى حَشْو بردك ... )
(وحباك مِنْهُ قريحة ... كعصا سميك فى أشدك)
(أبطلت سحر بنى القريض بهَا فَكنت نَسِيج وَحدك)
(فتلقفت مَا يصنعون فآمنوا رغما بمجدك ... )
(ان القوافى قد ملكت زمامها بعلو جدك ... )
(وَأخذت كل فريدة ... مِنْهَا تضئ بسمط عقدك)
(وَبَلغت مِنْهُ مَا تروم فَلم يصل أحد لحدك)
(فَلَانَتْ فى شهبائها ... ملك القريض برغم ضدك)
(فَاسْلَمْ وَلَا رميت بَنو الْآدَاب فى حلب بفقدك ... )
فَأَجَابَهُ بقصيدة طَوِيلَة مِنْهَا
(فَوق الشداد تشرعت ... يَا ابْن النَّقِيب قباب مجدك)
(وأطاعك الشّرف الرفيع فَأَنت فِيهِ نَسِيج وَحدك ... )
(أَتعبت جد بنى الْعُلُوم فقصروا عَن نيل جدك ... )
(وغدوت ترفل فى العلى ... تيها وترغم أنف ضدك)
قَالَ وأخبرنى السَّيِّد يحيى الصادقى أَن السَّيِّد مُوسَى انتحل شَيْئا من شعره فَقَالَ يداعبه
(أَقْسَمت بِالسحرِ الْحَلَال وَحُرْمَة الادب الخطير ... )
(ومجالس الانس الَّتِى ... عقدت على عقد السرُور)
(ان كَانَ مُوسَى ذُو الايادى الْبيض والادب الغزير ... )
(لم يرجع الْمَغْصُوب من ... شعرى وَمَا أبدى ضمير)
(لاذيقه مر العتاب لَدَى الكبيرى مَعَ الصَّغِير ... )
(بل وَالْخِصَام لَدَى الْهمام رئيسنا صدر الصُّدُور ... )
(وأصوغ من دُرَر القوافى عقد لوم مستتير ... )
(ينسى أولى الالباب مَا ... فعل الفرزدق مَعَ جرير)
فَأَجَابَهُ بقصيدة طَوِيلَة مِنْهَا قَوْله
(مالى وللقنص الصَّرِيح وهمتى صقر الصقور ... )
(وعصاى طوع يدى تلقف كل سحر مستطير ... )
(ان ألقها انبجست عُيُون الْمجد من صم الصخور ... )
(وَبهَا على الدّرّ الثمين أغوص فى لجج البحور ... )
(ولى الْيَد الْبَيْضَاء بَين الْجمع والجم الْغَفِير ... )
(أسْتَغْفر الرَّحْمَن من ... دَعْوَى تدنس بِالْفُجُورِ)
(هذى قوافى الشّعْر حَاضِرَة لَدَى الْمولى الْكَبِير ... )
(نجل الحسام المستبد ... بِرَأْيهِ اللَّيْث الهصور)
(من شرفت حلب بِهِ ... وعلت على هام النسور)
(ان كَانَ مَا زعموه حَقًا فَهُوَ أدرى بالامور)
وَكتب اليه بعض الظرفاء عَن لسانى قصيدة منحولة وَاقْتضى الامر عدم اخباره بذلك فَأجَاب بقصيدة مِنْهَا
(يَا دير سمْعَان ذكرتنى ... رسومك الدَّرْس الدريسا)
(أودت بسكانك الليالى ... وَلم تدع مِنْهُم أنيسا)
(فَلَا أغبتك غانيات ... وَلَا عدت ربعك الدريسا)
(وَالنَّاس مثل الرَّسُول الا ... اذا حبوا فاخرا نفيسا)
فَكتب لَهُ
(لَيْسَ الا بِالْقَلْبِ مَا بك يوسى ... من جوى دونه يذيب النفوسا)
(قد سقتك الايام خمرة وجد ... وأدارت من البعاد كؤسا)
(بَعدت عَنْك من تحب وَهَذَا الدَّهْر يُولى الْفَتى نعيما وبوسا ... )
(أَيْن أوقاتك الَّتِى كنت فِيهَا ... لم تبت من رضَا حبيب يؤسا)
(حَيْثُ يسقيك خندر يَا حبيب ... رِيقه العذب يزدرى الخندريا)
(ذُو قوام مَا مَاس فى الرَّوْض الا ... علم الْغُصْن قده أَن يميسا)
(طالما زار فى الدجا وثرياه تحاكى فى الْمغرب الانكيسا)
(غلسا خوف لائم والذى يكتم وصلا يحاول التغليسا ... )
(فسقى عَهده بجلق عهد الدمع من مقلتى وربعا أنيسا ... )
(بَلْدَة مَا ذكرتها قطّ الا ... حرك الشوق من غرامى رسيسا)
(واستهلت مدامعى كالغوادى ... وَغدا الْقلب من جواه وطيسا)
(مُنْذُ فَارَقت أَهلهَا لم يرق لى ... صفو عَيْش وَلَا نديم سؤسا)
مِنْهَا
(من أنَاس زكوا أصولا وَكَانُوا ... من أنَاس نموا وطابوا غروسا)
(نصروا دين بهم بمواض ... كم أذلت جحافلا وخميسا)
(يقف النَّاس هَيْبَة ووقارا ... بحماهم اذا رَأَوْهُمْ جُلُوسًا)
(أذهب الله عَنْهُم الرجس والفحشاء دون الانام والتدنيسا ... )
وَبعد أَن رأى هَذِه القصيدة المنحولة أَخذه مَا أَقَامَهُ وَأَقْعَدَهُ وَملكه مَا أزعجه وأكمده وَلم يبْق أحد الا زَارَهُ واشتكى وحياه وَبكى فَكتب اليه معتذرا
(مَا لمُوسَى الشريف أصبح يبدى ... بعد ذَاك الإقبال هجري وصدي)
(مَا كفى أَنه أَرَادَ لى الكيد مرَارًا وَلم ينل غير وجد ... )
(زار دَار النَّقِيب ذُو الْفضل من أَوْصَافه الغر لَيْسَ تحصى بعد ... )
(ذُو المعالى والمكرمات حجازى ... من غَدا فى الانام من غير ضد)
(سيد جوده لَو اقتسمته ... النَّاس طرا لم تلف طَالب رفد)
(الْجَلِيل الشهير بِابْن قضيب البان لَا زَالَ للورى بدر سعد ... )
(واشتكى عِنْده وذم وَلَكِن ... ذمّ مثلى من مثله لَيْسَ يجدى)
(شاتما مَلأ فِيهِ فى معرض الْهزْل ... وَوَاللَّه لم يرم غير جد)
(مسبلا دمعه كَانَ حبيبا ... بعد قرب مِنْهُ رَمَاه ببعد)
(مبديا من حرارة الْقَهْر مَا لَو ... حلت الْكَوْن لم يكن كنه برد)
(وبدا مغرما هُنَاكَ بشتمى ... آدمى غَدا بهيئة قرد)
(والذى أوجب التخاصم أَنى ... كنت قدما منحته صفو ودى)
(ثمَّ كلت قريحتى عَن مديح ... فاستعارت لَهُ حديقة حمد)
(وَرَآهَا من بعد حول وشهرين بدرج قد كَانَ من قبل عندى ... )
(فَبَدَا مِنْهُ مَا بدا وسقانى ... وتحسى من أكؤس الذَّم دردى)
(وعَلى كل حَالَة سيد الاحكام أَرْجُو وَمَا سواهُ تعدى ... )
وَمِمَّا وقفت عَلَيْهِ أَنا الْفَقِير من شعره هَذِه القصيدة يمدح بهَا النَّجْم مُحَمَّد الحلفاوى خطيب حلب فَقَالَ
(حَيا الحيا حلب العواصم والقلاع الاعصميه ... )
(وَسَقَى معالمها الممنعة المحصنة الْأَبْنِيَة)
(وتداركها بالعناية كل ألطاف خفيه ... )
(بلد تكنفها الحدائق والرياض الاريضيه ... )
(فاحت على أرجائها ... نفحات أزهار زهيه ... )
(وترنحت عرصاتها ... بالرائحات المندلية)
(وتقمصت أبناؤها ... حللا من الزلفى العليه)
(ولمائها وهوائها ... وبنائها أوفى مزيه)
(فاقت على الدُّنْيَا فَوَافَقَ اسْمهَا حلب العديه ... )
(بلد هى الْملك المطاع وكل مملكه رعيه ... )
(زهر النُّجُوم لنجمها السامى الذرى خضعت وليه ... )
(نجم الْهِدَايَة والدراية والاسانيد القويه ... )
(واللوذعى الالمعى ... السَّيِّد الوافى العطيه)
(لما اسْتهلّ نواله الْغمر الذى غمر البريه ... )
(صدحت بلابل روضها ... سحرًا بِأَصْوَات شجيه)
(عقدت بأعناق العفاة شوارد المنن الخفيه ... )
(غرر القلائد والقصائد والعقود الجوهريه ... )
(ضاهى بهَا السَّبع الشداد على مَنَازِله العليه ... )
(وكواكب الجوزاء تشهد أَن رتبته سنيه ... )
(وتلونت شمس الظهيرة عِنْد غرته المضيه ... )
(وتواضع الْقَمَر الْمُنِير لحسن طلعته البهيه ... )
(وتمنت الافلاك لَو ... دارت بِحَضْرَتِهِ المليه)
(أَلْقَت أعنتها الْعُلُوم اليه وانقادت أَبِيه ... )
(وسعت لناديه أَبْيَات الْعُلُوم الفلسفيه ... )
(فالفضل كل الْفضل من ... فحوى فَتَاوِيهِ الجليه)
(والجود كل الْجُود من ... جدوى أياديه النديه)
(مولى يُعَامل من أَسَاءَ بِحسن أَخْلَاق رضيه ... )
(ويصد عَن كيد الحسود رجا الحظوظ الاخرويه ... )
(وَيرد من خوف الاله عَن الامور الدنيويه ... )
(مَاتَت بغيظهم العدا ... كمداو أنفسهم سخيه)
(يَا زهرَة الدُّنْيَا فداؤك كل نفس موسويه ... )
(وكما تحب وقتك آرام الظباء العيسويه ... )
(ومنحت مَا تخْتَار من ... لثم الشفاه الالعسيه)
(وسقتك من خمر اللمى ... كأس الثغور الاشنبيه)
(وسلمت يَا مولاى من ... سحر اللحاظ البابليه)
(ومنيت مَا تهواه من ... هصر الخصور الخاتميه)
(وغنتك سودات المحاجر بالبنان العندميه ... )
(وتمايلت شوقا لجبهتك القدود السمهريه ... )
(ورنت لرؤيتك اللحاظ الناعسات الجؤذريه ... )
(يَا عَالم الدُّنْيَا نداك على البوادى والبريه ... )
(وَاذْكُر حليفك بل أليفك فِي الديار الأحسنية)
(وامظر قديمك بل خديمك فِي الربوع الأنعمية)
(واعذر كليمك مَا طوى ... تِلْكَ الدُّرُوس الطورويه)
(وادى المزار وَلَا مَزَار اذا تعرضت المنيه)
(واجمع تبدد شملنا ... بك والليالى الاسعديه)
(فهوا كَمَا لم يبْق لى ... فرط الغرام بِهِ بقيه)
(فاذا تشَاء منازلى ... يَا غايتى مِنْهُ الدنيه)
(وعلام أَعتب ان رضيت لى المقامات القصيه ... )
(بجوار قوم مُرْمِلِينَ من الْخلال الآداميه ... )
(لَا مصر دارى يَا همام ولامرابعها العليه ... )
(كلا ولالى مَا حبيت بجلق والكوخ نيه ... )
(الا جوارك منيتى ... وَكَذَا مراتعه الشهيه
(حَيْثُ الاخلاء الْكِرَام ذوى المروآت الوفيه)
(راق النسيم تلطفا ... بهم ورقتهم سجيه)
(لَا خانك الدَّهْر الخون وَلَا منتك يَد المنيه ... )
(وسلمت من غدر الزَّمَان وَلَا ملتك بِهِ مليه ... )
(فَعَلَيْك منى مَا ترنم طَائِر أزكى تحيه ... )
(مفتوقة بشذا العبير ونافجات عنبريه ... )
(واسلم وَدم يدم الزَّمَان فَأَنت ميزَان البريه ... )
وَله أَيْضا فى وصف الاخوة
(خليلى من ان جِئْت طَالب مقصد ... كفانى مؤنات المطالب وَالْقَصْد)
(وان صممت خيلى على شن غَارة ... وقى شَرها مِمَّا يشين وَمَا يردى)
(وان نابنى خطب من الدَّهْر هائل ... تولى معاناة الخطوب بِمَا يجدى)
(وان أسلمتنى للردى شقة الردى ... أَقَامَ باقوام جرت بَيْننَا بعدى)
(فَذَاك خليلى ان ظَفرت بِمثلِهِ ... فرشت مراعاته لمرضاته خدى)
(وأشغلت بالى فى منامى ويقظتى ... بِمَا يرتضيه حَالَة الْقرب والبعد)
(وأسهرت ليلى فى صَلَاح شؤنه ... وَعنهُ جبال الضيم أحملها وحدى)
(وَكنت لَهُ حصنا منيعا وموئلا ... وصنت بنفسى نَفسه صولة الاسد)
(فانى مَا أدّيت مَا يسْتَحقّهُ ... وَلَو طاقتى فِيهِ بذلت مَعَ الْجهد)
(وَمن أَيْن للايام عين بِأَن ترى ... لذَلِك مثلا لَا يكون بِلَا ند)
وَمن مقاطيعه أَيْضا قَوْله وأجاد
(أَشد من الْمَوْت الزؤام مرَارَة ... وأصعب من قيد الهوان وحبسه)
(معاشرة الانسان من لَا يطيقه ... وَحشر الْفَتى مَعَ غير أَبنَاء جنسه)
وَله غير ذَلِك وَكَانَت وَفَاته فى سنة تسع وَثَمَانِينَ بعد الألف بحلب رَحمَه الله تَعَالَى
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر للمحبي الحموي.
الرَّام حَمْداني
(1004 - 1089 هـ = 1595 - 1678 م)
موسى الرام حمداني:
أديب، له نظم جيد، منه (قصيدة - خ) من المدائح النبويّة، و (نظم الأسماء الحسنى) قال المحبي: يدل على علو مقامه. مولده في (رام حمدان) من قرى حلب، وشهرته ووفاته بحلب .
-الاعلام للزركلي-