معاذ بن جبل بن عمرو أبي عبد الرحمن الخزرجي الأنصاري الجشمي أبي عبد الله

معاذ بن جبل

تاريخ الولادة-20 هـ
تاريخ الوفاة18 هـ
العمر38 سنة
مكان الوفاةالأردن - الأردن
أماكن الإقامة
  • الأردن - الأردن
  • المدينة المنورة - الحجاز
  • مكة المكرمة - الحجاز
  • اليمن - اليمن
  • بلاد الشام - بلاد الشام
  • حمص - سوريا

نبذة

أحد الصحابة الذين جمعوا «القرآن» حفظا على عهد النبي صلى الله عليه وسلّم. كما وردت عنه الرواية في حروف القرآن. ذكره «ابن الجزري» ضمن علماء القراءات. قال «أنس بن مالك» رضي الله عنه: جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم أربعة كلهم من الأنصار: «أبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، وأبي زيد أحد عمومتي». وقال عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: قال رسول الله عليه وسلّم: «خذوا القرآن من أربعة: من «ابن مسعود، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة».

الترجمة

معاذ بن جبل - ت 17
أحد الصحابة الذين جمعوا «القرآن» حفظا على عهد النبي صلى الله عليه وسلّم. كما وردت عنه الرواية في حروف القرآن.
ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات.
قال «أنس بن مالك» رضي الله عنه: جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم أربعة كلهم من الأنصار: «أبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، وأبي زيد أحد عمومتي».
وقال عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: قال رسول الله عليه وسلّم: «خذوا القرآن من أربعة: من «ابن مسعود، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة».
وقال «مجاهد» لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلّم «مكة» استخلف عليها «عتّاب بن أسيد» يصلي بهم، وخلّف معاذا يقرئهم، ويفقههم.
قال «عطاء»: أسلم «معاذ بن جبل» وله ثمان عشرة سنة.وكان رضي الله عنه: أبيض، جعد الشعر، طويلا، جميلا، عظيم العينين.
قال «جابر بن عبد الله»: كان «معاذ» من أحسن الناس وجها، وأحسنهم خلقا، وأسمحهم كفّا.
وقال «أيوب بن سيّار»: قال «أبي بحرية»: «دخلت مسجد «حمص» فإذا بفتى حوله الناس: جعد- قطط- إذا تكلم كأنما يخرج من فيه نور- ولؤلؤ، فقلت: من هذا؟ قالوا: معاذ بن جبل.
وقد روى عن «معاذ» عدد كبير أذكر منهم: ابن عمر- وابن عباس- وجابر- وأنس- وأبا أمامة- وأبا مسلم الخولاني- وابن أبي ليلى- ومسروق- وآخرين.
ولقد أحبه النبي صلى الله عليه وسلّم، والدليل على ذلك قول «معاذ»:
لقيني النبي صلى الله عليه وسلّم فقال: «يا معاذ إني لأحبّك في الله» قلت: وأنا والله يا رسول الله أحبّك في الله، قال: «أفلا أعلمك كلمات تقولهن دبر كل صلاة: ربّ أعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك».
ولسموّ منزلة «معاذ» عند النبي عليه الصلاة والسلام كان يثني عليه ثناء عاطرا، والدليل على ذلك الأثر التالي: فعن «ابن غنم» قال: سمعت «أبا عبيدة» - «وعبادة بن الصامت» يقولان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «معاذ بن جبل أعلم الأولين والآخرين بعد النبيين والمرسلين، وإن الله يباهي به الملائكة».
وكان «معاذ بن جبل» رضي الله عنه ينطق بالحكمة، وقد أثر عنه في ذلك الكثير من الأخبار أذكر منها ما يلي:
1 - قال: «أبي نعيم» حدثنا «أبي» عن «معاذ بن جبل» رضي الله عنه قال: «تعلّموا العلم فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة، لأنه معالم الحلال والحرام ومنار أهل الجنة، والأنس في الوحشة، والصاحب في الغربة، والمحدث في الخلوة، والدليل على السراء، والضرّاء، والسلاح على الأعداء، والزين عند الأخلاء، يرفع الله به أقواما، ويجعلهم في الخير قادة وأئمة، تقتبس آثارهم، ويقتدي بفعالهم، وينتهي إلى رأيهم، ترغب الملائكة في خلّتهم بأجنحتها تمسحهم، يستغفر لهم كل رطب ويابس حتى الحيتان في الحجر وهوامّه، وسباع الطير وأنعامه، لأن العلم حياة القلوب من الجهل، ومصباح الأبصار من الظلم، يبلغ بالعلم منازل الأخيار، والدرجة العليا في الدنيا والآخرة، به توصل الارحام، ويعرف الحلال من الحرام، يلهمه السعداء، ويحرمه الأشقياء».
2 - وروى «سليمان بن أحمد» أن «معاذ بن جبل» رضي الله عنه كان إذا تهجّد من الليل قال: «اللهم قد نامت العيون، وغارت النجوم، وأنت حيّ قيوم، اللهم طلبي الجنة بطيء، وهربي من النار ضعيف، اللهم اجعل لي عندك هدى ترده إلى يوم القيامة، إنك لا تخلف الميعاد».ومناقب «معاذ» رضي الله عنه كثيرة أذكر منها ما يلي:
فعن «أنس» رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «أرحم أمتي بأمتي «أبي بكر» وأشدّها في دين الله «عمر» وأصدقها حياء «عثمان»
وأعلمهم بالحلال والحرام «معاذ» وأفرضهم «زيد» ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة «أبي عبيدة» .
وعن «أبي هريرة» رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:
«نعم الرجل «أبي بكر» نعم الرجل «عمر» نعم الرجل «معاذ بن جبل».
وعن «محمد بن عبد الله الثقفي» أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:
«يجيء «معاذ» يوم القيامة أمام العلماء بين يدي العلماء» وعن «عبيد بن صخر» أن النبي صلى الله عليه وسلم حين ودعه «معاذ» قال: «حفظك الله من بين يديك ومن خلفك، ودرأ عنك شرّ الانس والجنّ» .
ولقد كان «معاذ» رضي الله عنه يخشى الله حق خشيته، من أدلة ذلك ما يلي: فعن «ابن عمر» رضي الله عنهما قال: «مرّ «عمر» بمعاذ وهو يبكي فقال: ما يبكيك؟ قال: حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أدنى الرياء شرك، وأحب العبيد إلى الله الاتقياء الأخفياء، الذين غأبيا لم يفتقدوا، وإذا شهدوا لم يعرفوا، أولئك مصابيح العلم، وأئمة الهدى».
توفي «معاذ» سنة سبع عشرة من الهجرة وله ثلاث وثلاثون سنة. رحم الله «معاذ بن جبل» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

 

 

سيدنا معاذ بن جبل الأنصاري الخزرجي (رضي الله عنه)
يكنى أبا عبد الرحمن إمام الفقهاء وسيد العلماء. شهد بدراً والعقبة وكان أميراً للنبي - صلى الله عليه وسلم - على اليمن وخرج معه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماشياً ومعاذ راكباً منعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أن ينزل. أخرج ابن حبان والترمذي من طريق أبي هريرة رفعه: نعم الرجل معاذ بن جبل. كان عقبياً بدرياً من فقهاء الصحابة وأخرج الترمذي وابن ماجه "أرحم أمتي أبو بكر وفيه وأعلمهم بالحلال الحرام معاذ" وفي الصحيح "استقرئوا القرآن من أربعة: ابن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة وأبيّ بن كعب ومعاذ بن جبل" وصح عن عمر أنه قال: مَن أراد الفقه فليأت معاذاً، وقال أيضاً: عجزت النساء أن يلدن مثل معاذ ولولا معاذ لهلك عمر، وقال: مَن أراد الفرائض فليأتِ زيد بن ثابت وكان من أجمل الرجال قانتاً عابداً مجتهداً ورعاً محققاً شهد اليرموك ومات شاباً عن نيف وثلاثين سنة في طاعون عمواس سنة 18هـ.

 شجرة النور الزكية في طبقات المالكية _ لمحمد مخلوف

 

معَاذ بن جبل بن عَمْرو بن أَوْس بن عَائِذ بن عدي بن كَعْب بن عَمْرو بن أودي بن سعد بن عَليّ بن أَسد بن ساردة بن يزِيد بن جشم بن الْخَزْرَج الْأنْصَارِيّ كنيته أَبُو عبد الرحمن وَيُقَال أَبُو عبد الله شهد بَدْرًا والعقبة مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدِيثه فِي أهل الشَّام وَمَات بهَا بِنَاحِيَة الْأُرْدُن فِي طاعون عمواس سنة ثَمَان عشرَة فِي خلَافَة عمر وَله إِحْدَى وَثَلَاثُونَ سنة وَقيل إِنَّه حِين مَاتَ كَانَ لَهُ ثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ سنة وَمِنْهُم من قَالَ ثَمَان وَعِشْرُونَ سنة
روى عَنهُ أنس فِي الْإِيمَان وَعَمْرو بن مَيْمُون وَالْأسود بن هِلَال وَأَبُو الطُّفَيْل عَامر بن وَاثِلَة فِي الصَّلَاة.

رجال صحيح مسلم - لأحمد بن علي بن محمد بن إبراهيم، أبو بكر ابن مَنْجُويَه.

 

 

مُعَاذُ بْنُ جَبَلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَوْسِ بْنِ عَائِذِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبِ بْنِ غَنْمِ بْنِ أَذِنَ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ أَسَدِ بْنِ شَاذِرَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جُشَمِ بْنِ الْخَزْرَجِ

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْبَلَدِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْمِصِّيصِيُّ، نا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ ابْنِ حَلْبَسٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ»

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الْكِنْدِيُّ السُهَيْلِيُّ بِالْكُوفَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ، نا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ صَالِحٍ الْبُرْجُمِيُّ , نا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ , عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ , عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ جَلَّ: «وَجَبَتْ رَحْمَتِي لِلْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ وَجَبَتْ رَحْمَتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ»

-معجم الصحابة - أبي الحسين عبد الباقي بن قانع البغدادي-

 

 

معاذ بْن جبل بْن عَمْرو بْن أوس بْن عائذ بْن عدي بْن كَعْب بْن عمرو ابن أدي بْن سَعْد بْن علي بْن أَسَد بن ساردة بن يزيد بن جشم بن الخزرج، الأنصاري،الخزرجي، ثُمَّ الْجُشَمِيّ، يكنى أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ. وقد نسبه بعضهم فِي بني سَلَمَة بْن سَعْد بْن علي. وقال ابْن إِسْحَاق: مُعَاذ بْن جبل من بني جشم بْن الخزرج، وإنما ادعته بنو سَلَمَة لأنه كَانَ أخا سَهْل بْن مُحَمَّد بْن الجد بْن قَيْس لأمه ذكر الزُّبَيْر، عَنِ الأثرم، عَنِ ابْن الكلبي، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رهط مُعَاذ بْن جبل بنو أدي بْن سَعْد أخي سَلَمَة بْن سَعْد بْن الخزرج.
قال: ولم يبق من بني أدي أحد، وعدادهم فِي بني سَلَمَة، وَكَانَ آخر من بقي منهم عَبْد الرحمن بن معاذ بن جبل. مات بالشام فِي الطاعون فانقرضوا.

قال الْوَاقِدِيّ وغيره: كَانَ مُعَاذ بْن جبل طوالا، حسن الشعر، عظيم العينين، أبيض، براق الثنايا، لم يولد لَهُ قط قال أَبُو عُمَر: قد قيل: إنه ولد لَهُ ولد سمي عَبْد الرَّحْمَنِ، وإنه قاتل معه يَوْم اليرموك، وبه كَانَ يكنى، ولم يختلفوا أَنَّهُ كَانَ يكنى أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ، وَهُوَ أحد السبعين الذين شهدوا العقبة من الأنصار، وآخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بينه وبين عبد الله بن مَسْعُود. قال الْوَاقِدِيّ: هَذَا مالا اختلاف فِيهِ عندنا. وقال ابْن إِسْحَاق: آخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين مُعَاذ بْن جبل وبين جَعْفَر بْن أَبِي طالب، شهد العقبة وبدرا والمشاهد كلها، وبعثه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاضيا إِلَى الجند من اليمن، يعلم الناس القرآن وشرائع الإسلام، ويقضي بينهم، وجعل إِلَيْهِ قبض الصدقات من العمّال الذين باليمين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قسم اليمن على خمسة رجال:
خَالِد بْن سَعِيد على صنعاء، والمهاجر بْن أَبِي أُمَيَّة على كندة، وزياد بْن لبيد على حضرموت، ومعاذ بْن جبل على الجند، وَأَبِي مُوسَى الأشعري على زبيد وعدن والساحل، وَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمعاذ بْن جبل- حين وجهه إِلَى اليمن: بم تقضي؟ قَالَ: بما فِي كتاب الله. قال: فإن لم تجد.
قال: بما فِي سنة رَسُول اللَّهِ. قال: فإن لم تجد. قال: أجتهد رأيي فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحمد للَّه الَّذِي وفق رسول رَسُول اللَّهِ لما يحب رَسُول اللَّهِ. قال ابْن إِسْحَاق: والذين كسروا آلهة بني سلمة معاذ بن جبل، وعبد الله ابن أنيس، وثعلبة بْن غنمة، وَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أعلمهم بالحلال والحرام مُعَاذ بْن جبل. وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يأتي مُعَاذ بْن جبل يَوْم القيامة أمام العلماء. حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُفَسِّرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
كَانَ مُعَاذٌ رَجُلا شَابًّا جَمِيلا مِنْ أَفْضَلِ سَادَاتِ قَوْمِهِ، سَمْحًا لا يُمْسِكُ، فَلَمْ يَزَلْ يُدَانُ حَتَّى أُغْلِقَ مَالُهُ كُلُّهُ مِنَ الدَّيْنِ، فَأَتَى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَطَلَبَ إِلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ غُرَمَاءَهُ أَنْ يَضَعُوا لَهُ، فَأَبَوْا، وَلَوْ تَرَكُوا لأَحَدٍ مِنْ أَجْلِ أَحَدٍ لَتَرَكُوا لِمُعَاذٍ مِنْ أَجْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَاعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالَهُ كُلَّهُ فِي دَيْنِهِ، حَتَّى قَامَ مُعَاذٌ بِغَيْرِ شَيْءٍ، حَتَّى إِذَا كَانَ عَامُ فَتْحِ مَكَّةَ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ لِيُجْبِرَهُ، فَمَكَثَ مُعَاذٌ بِالْيَمَنِ أَمِيرًا، وَكَانَ أَوَّلُ مَنِ اتَّجَرَ فِي مَالِ اللَّهِ هُوَ. فَمَكَثَ حَتَّى أَصَابَ، وَحَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ عُمَرُ لأَبِي بَكْرٍ: أَرْسِلْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَدَعْ لَهُ مَا يُعِيشُهُ، وَخُذْ سَائِرَهُ مِنْهُ، فَقَالَ أبو بكر: إنما بعثه النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَسْتُ بِآخِذٍ مِنْهُ شَيْئًا إِلا أَنْ يُعْطِيَنِي، فَانْطَلَقَ عُمَرُ إِلَيْهِ إِذْ لَمْ يُطِعْهُ أَبُو بَكْرٍ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِمُعَاذٍ، فَقَالَ مُعَاذٌ: إِنَّمَا أَرْسَلَنِي إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُجْبِرَنِي، وَلَسْتُ بِفَاعِلٍ. بم أَتَى مُعَاذٌ عُمَرَ، فَقَالَ: قَدْ أَطَعْتُكَ وَأَنَا فَاعِلٌ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ، فَإِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي فِي حَوْمَةِ مَاءٍ قَدْ خَشِيتُ الْغَرَقَ، فَخَلَّصْتَنِي مِنْهُ يَا عُمَرُ. فَأَتَى مُعَاذٌ أَبَا بَكْرٍ، فَذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ لَهُ، وَحَلَفَ لا يَكْتُمُ شَيْئًا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لا آخُذُ مِنْكَ شَيْئًا، قَدْ وَهَبْتُهُ لَكَ. فَقَالَ عُمَرُ: هَذَا خَيْرٌ حَلَّ وَطَابَ، فَخَرَجَ مُعَاذٌ عِنْدَ ذَلِكَ إِلَى الشَّامِ.
وقال المدائني: مات مُعَاذ بْن جبل بناحية الأردن فِي طاعون عمواس سنة ثمان عشرة، وَهُوَ ابْن ثمان وثلاثين سنة، قَالَ: ولم يولد لَهُ قط، كما قَالَ الْوَاقِدِيّ. وذكر أَبُو حَاتِم الرازي أَنَّهُ مات وَهُوَ ابْن ثمان وعشرين سنة.
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّا النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ الْمِصْرِيِّ، قَالَ: تُوُفِّيَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً. وقال غيره:
كَانَ سنه يَوْم مات ثلاثا وثلاثين سنة.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: كَانَ عُمَرُ قَدِ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الشَّامِ حِينَ مَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ، فَمَاتَ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الطَّاعُونِ، فَاسْتَعْمَلَ مَوْضِعَهُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ. وَعَمْوَاسُ قَرْيَةٌ بَيْنَ الرَّمْلَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الْمَيْمُونِ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ، عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ، قَالَ: قَرَأْتُ فِي كِتَابِ زَيْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ تُوُفِّيَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأَبُو عُبَيْدَةَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ. قال أَبُو زُرْعَة، قَالَ لي أَحْمَد بْن حَنْبَل: كَانَ طاعون عمواس سنة ثمان عشرة، وفيه مات مُعَاذ وَأَبُو عُبَيْدَة. وقال أَبُو زرعة: كان الطاعون سنة سبع عشرة وثمان عشرة، وفي سنة سبع عشرة رجع عُمَر من سرغ بجيش المسلمين لئلا يقدمهم على الطاعون، ثُمَّ عاد فِي العام المقبل سنة ثمان عشرة حَتَّى أنى الجابية، فاجتمع إِلَيْهِ المسلمون، فجند الأجناد. ومصر الأمصار، وفرض الأعطية والأرزاق، ثُمَّ قفل إِلَى المدينة فيما حَدَّثَنِي دحيم عَنِ الْوَلِيد بْن مُسْلِم، وَذَكَرَ دُحَيْمٌ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الْمُوَقَّرِيِّ  ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَصَابَ النَّاسَ الطَّاعُونَ بِالْجَابِيَةِ، فَقَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، فَقَالَ: تَفَرَّقُوا عَنْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ نَارٍ، فَقَامَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَقَالَ: لَقَدْ كُنْتَ فِينَا وَلأَنْتَ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِكَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: هُوَ رَحْمَةٌ لِهَذِهِ الأُمَّةِ، اللَّهمّ فَاذْكُرْ مُعَاذًا وَآلَ مُعَاذٍ فِيمَنْ تَذْكُرُهُ بِهَذِهِ الرَّحْمَةِ. روى عَنْ مُعَاذ بْن جبل من الصحابة عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن الْعَاص، وعبد الله بْن عَبَّاس، وعبد الله بْن أَبِي أوفى، وأنس بْن مَالِك، وَأَبُو أمامة الباهلي، وَأَبُو قَتَادَة الأَنْصَارِيّ، وَأَبُو ثعلبة الخشني، وعبد الرحمن بْن سمرة العبشمي، وجابر بْن سمرة السوائي. حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ- النَّجَّادُ- بِبَغْدَادَ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا هُشَيْمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قُبِضَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً. رَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ ثَوْرِ بن يزيد، عن خالد بن معدان، قال:

كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَقُولُ: حُدِّثْنَا عَنِ الْعَاقِلِينَ. قَالَ: مَنْ هُمَا؟ قَالَ: هُمَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ.
وروى الشَّعْبِيّ، عَنْ فروة بْن نوفل الأشجعي ومسروق، ولفظ الحديث

لفروة الأشجعي، قَالَ: كنت جالسا مع ابْن مَسْعُود، فَقَالَ: إن معاذا كَانَ أمةً قانتا للَّه حنيفا ولم يك من المشركين. فقلت: يَا أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ، إنما قَالَ الله تعالى  : إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا للَّه حنيفا. فأعاد قوله: إن معاذا، فلما رأيته أعاد عرفت أَنَّهُ تعمد الأمر، فسكت. فقال: أتدري مَا الأمة؟ وما القانت؟
قلت: الله أعلم. قال: الأمة الَّذِي يعلم الخير ويؤتم بِهِ ويقتدي، والقانت المطيع للَّه، وكذلك كَانَ مُعَاذ بْن جبل معلما للخير مطيعا للَّه ولرسوله

الاستيعاب في معرفة الأصحاب - أبو عمر يوسف بن عبد الله ابن عاصم النمري القرطبي.

 

 

معاذ بن جبل
معاذ بْن جبل بْن عَمْرو بْن أوس بْن عائذ بْن عدي بْن كعب بْن عَمْرو بْن أدي بْن سعد بْن عَليّ بْن أسد بْن ساردة بْن تزيد بن جشم بْن الخزرج الأنصاري الخزرجي ثُمَّ الجشمي، وأدى الَّذِي ينسب إليه هُوَ: أخو سلمة بْن سعد، القبيلة التي ينسب إليها من الأنصار، وقد نسبه بعضهم فِي بني سلمة، وقال ابن إِسْحَاق: إنما ادعته بنو سلمة، لأنه كَانَ أخا سهل بْن مُحَمَّد بْن الجد بْن قيس لأمه، وسهل من بني سلمة.
وقال الكلبي: هُوَ من بني أدي، كما نسبناه أولا، قَالَ: ولم يبق من بني أدي أحد، وعدادهم فِي بني سلمة، وآخر من بقي منهم عبد الرحمن بْن معاذ، مات فِي طاعون عمواس بالشام.
وقيل: إنه مات قبل أبيه معاذ، فعلى هَذَا يكون معاذ آخرهم، وهو الصحيح.
وَكَانَ معاذ يكنى أبا عبد الرحمن، وهو أحد السبعين الَّذِينَ شهدوا العقبة من الأنصار، وشهد بدرا وأحدا، والمشاهد كلها مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وآخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينه وبين عَبْد اللَّهِ بْن مسعود.
وَكَانَ عمره لِمَا أسلم ثماني عشرة سنة.
 أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بِإِسْنَادِهِ، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عن الأَعْمَشِ، عن شَقِيقٍ، عن مَسْرُوقٍ، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ "
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا بِإِسْنَادِهِمْ: عن مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، حدثنا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، حدثنا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عن دَاوُدَ الْعَطَّارِ، عن مَعْمَرٍ، عن قَتَادَةَ، عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ ...
" وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ: " وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ "
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الْخَطِيبُ، قَالَ: حدثنا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَارِئُ، حدثنا عَلِيُّ بْنُ الْمُحَسِّنِ، حدثنا أَبُو سَعِيدٍ الْحَسَنُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ السِّمْسَارُ، حدثنا أَبُو شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، حدثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَابْلُتِّيُّ، حدثنا سَلَمَةُ بْنُ وَرْدَانَ، قَالَ: سمعت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: أَتَانِي مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " مَنْ شَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مُخْلِصًا بِهَا قَلْبُهُ، دَخَلَ الْجَنَّةَ "، فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، حَدَّثَنِي مُعَاذٌ أَنَّكَ قُلْتَ: مَنْ شَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مُخْلِصًا بِهَا قَلْبُهُ، دَخَلَ الْجَنَّةَ "، قَالَ: " صَدَقَ مُعَاذٌ، صَدَقَ مُعَاذٌ، صَدَقَ مُعَاذٌ " وروى سهل بْن أَبِي حثمة، عن أبيه، قَالَ: " كَانَ الَّذِي يفتون عَلى عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المهاجرين: عمر، وعثمان، وَعَليّ، وثلاثة من الأنصار: أَبِي بْن كعب، ومعاذ بْن جبل، وزيد بْن ثابت.
وقال جابر بْن عَبْد اللَّهِ: كَانَ معاذ بْن جبل، من أحسن الناس وجها، وأحسنه خلقا، وأسمحه كفا، فادان دينا كثيرا، فلزمه غرماؤه حَتَّى تغيب عنهم أياما فِي بيته، فطلب غرماؤه من رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يحضره، فأرسل إليه، فحضر ومعه غرماؤه، فقالوا: يا رَسُول اللَّهِ، خذلنا حقنا، فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رحم اللَّه من تصدق عَلَيْهِ "، فتصدق عَلَيْهِ ناس، وأبى آخرون، فخلعه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ماله، فاقتسموه بينهم، فأصابهم خمسة أسباع حقوقهم، فقال لَهُم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ لكم إلا ذَلِكَ ".
فأرسله رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى اليمن، وقال: " لعل اللَّه يجبرك، ويؤدي عنك دينك "، فلم يزل باليمن حَتَّى توفي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثور بْن يَزِيدَ، قَالَ: كَانَ معاذ إذا تهجد من الليل قَالَ: اللَّهُمَّ، نامت العيون، وغارت النجوم، وأنت حي قيوم، اللَّهُمَّ، طلبي الجنة بطيء، وهربي من النار ضعيف، اللَّهُمَّ، اجعل لي عندك هدي ترده إلي يَوْم القيامة، إنك لا تخلف الميعاد.
ولما وقع الطاعون بالشام قَالَ معاذ: اللَّهُمَّ، أدخل عَلَى آل معاذ نصيبهم من هَذَا، فطعنت لَهُ امرأتان، فماتتا، ثُمَّ طعن ابنه عبد الرحمن فمات.
ثُمَّ طعن معاذ بْن جبل، فجعل يغشى عَلَيْهِ، فإذا أفاق قَالَ: اللَّهُمَّ، غمني غمك، فوعزتك إنك لتعلم أني أحبك، ثُمَّ يغشى عَلَيْهِ، فإذا أفاق قَالَ مثل ذَلِكَ.
وقال عَمْرو بْن قيس: إن معاذ بْن جبل لِمَا حضره الموت قَالَ: انظروا، أصبحنا؟ فقيل: لَمْ نصبح، حَتَّى أتي فقيل: أصبحنا، فقال: أعوذ بالله من ليلة صباحها إِلَى النار، مرحبا بالموت، مرحبا زائر حبيب جاء عَلَى فاقة، اللَّهُمَّ، تعلم أني كنت أخافك، وأنا اليوم أرجوك، إِنِّي لَمْ أكن أحب الدُّنْيَا وطول البقاء فيها لكرى الأنهار، ولا لغرس الأشجار، ولكن لظمأ الهواجر، ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر.
وقال الْحَسَن: لِمَا حضر معاذا الموت جعل يبكي، فقيل لَهُ: أتبكي وأنت صاحب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنت، وأنت؟ فقال: ما أبكي جزعا من الموت إن حل بي، ولا دنيا تركتها بعدي، ولكن إنما هي القبضتان، فلا أدري من أي القبضتين أنا.
قيل: كَانَ معاذ ممن يكسر أصنام بني سلمة.
وقال النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " معاذ أمام العلماء يَوْم القيامة برتوة أو رتوتين ".
وقال فروة الأشجعي، عن ابن مسعود: إن معاذ بْن جبل، {كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا} ، ولم يك من المشركين، فقلت لَهُ: إنما قَالَ اللَّه: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ} .
فأعاد قَوْله: إن معاذا {كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ} الآية، وقال: ما الأمة؟ وما القانت؟ قلت: اللَّه ورسوله أعلم، قَالَ: الأمة الَّذِي يعلم الخير ويؤتم بِهِ، والقانت المطيع لله عزو وجل، وكذلك كَانَ معاذ معلما للخير، مطيعا لله عَزَّ وَجَلَّ ولرسوله.
روى عَنْهُ من الصحابة عمر، وابنه عَبْد اللَّهِ، وَأَبُو قتادة، وعبد اللَّه بْن عمر، وأنس بْن مالك، وَأَبُو أمامة الباهلي، وَأَبُو ليلى الأنصاري، وغيرهم.
ومن التابعين: جنادة بْن أَبِي أمية، وعبد الرحمن بْن غنم، وَأَبُو إدريس الخولاني، وَأَبُو مسلم الخولاني، وجبير بْن نفير، ومالك بْن يخامر، وغيرهم.
وتوفي فِي طاعون عمواس سنة ثماني عشرة، وقيل: سبع عشرة، والأول أصح، وَكَانَ عمره ثمانيا وثلاثين سنة، وقيل: ثلاث، وقيل: أربع وثلاثون، وقيل: ثمان وعشرون سنة، وهذا بعيد، فإن من شهد العقبة، وهي قبل الهجرة، ومقام النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة عشر سنين، وبعد وفاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمان سنين، فيكون من الهجرة إِلَى وفاته ثماني عشرة سنة، فعلى هَذَا يكون لَهُ وقت العقبة عشر سنين، وهو بعيد جدا، والله أعلم.

أسد الغابة في معرفة الصحابة - عز الدين ابن الأثير.

 

 

معاذ بن جبل بن عمرو الانصاري أبو عبد الرحمن مات بالاردن في الطاعون يعنى طاعون عمواس سنة ثماني عشرة وله ثلاث وثلاثون سنة وكان قد شهد بدرا والعقبة

مشاهير علماء الأمصار وأعلام فقهاء الأقطار - محمد بن حبان، أبو حاتم، الدارمي، البُستي (المتوفى: 354هـ).

 

 

معاذ بن جبل
(20 ق هـ - 18 هـ = 603 - 639 م)
معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي، أبو عبد الرحمن:
صحابي جليل، كان أعلم الأمة بالحلال والحرام. وهو أحد الستة الذين جمعوا القرآن على عهد النبي صلّى الله عليه وسلم. أسلم وهو فتى، وآخى النبي صلّى الله عليه وسلم بينه وبين جعفر بن أبي طالب. وشهد العقبة مع الأنصار السبعين. وشهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم وبعثه رسول الله، بعد غزوة تبوك، قاضيا ومرشدا لأهل اليمن، وأرسل معه كتابا إليهم يقول فيه: (إني بعثت لكم خير أهلي) فبقي في اليمن إلى أن توفي النبي صلّى الله عليه وسلم وولي أبو بكر، فعاد إلى المدينة. ثم كان مع أبي عبيدة بن الجراح في غزو الشام. ولما أصيب أبو عبيدة (في طاعون عمواس) استخلف معاذا. وأقره عمر، فمات في ذلك العام. وكان من أحسن الناس وجها ومن أسمحهم كفا. له 157 حديثا. توفي عقيما بناحية الأردن، ودفن بالقصير المعيني (بالغور) ومن كلام عمر: (لولا معاذ لهلك عمر) ينوه بعلمه  .

-الاعلام للزركلي-