مصطفى بن عبد الملك البابي الحلبي

مصطفى بن عثمان

تاريخ الولادةغير معروف
تاريخ الوفاة1091 هـ
مكان الولادةالباب - سوريا
مكان الوفاةمكة المكرمة - الحجاز
أماكن الإقامة
  • المدينة المنورة - الحجاز
  • بغداد - العراق
  • مغنيسا - تركيا
  • حلب - سوريا
  • دمشق - سوريا
  • طرابلس - لبنان

نبذة

مصطفى بن عبد الْملك وَقيل عُثْمَان البابى الحلبى الاديب الْفَاضِل المتمكن من المعارف وَكَانَ من أجل فضلاء الدَّهْر وأوحد أدباء الْعَصْر وَبِالْجُمْلَةِ ففضله يجل عَن التَّعْرِيف وأدبه غير مُحْتَاج الى التوصيف نَشأ بحلب وَأخذ بهَا الْعُلُوم عَن جمع من أَجلهم الشَّيْخ أَبُو الْجُود البترونى والنجم الحلفاوى.

الترجمة

مصطفى بن عبد الْملك وَقيل عُثْمَان البابى الحلبى الاديب الْفَاضِل المتمكن من المعارف وَكَانَ من أجل فضلاء الدَّهْر وأوحد أدباء الْعَصْر وَبِالْجُمْلَةِ ففضله يجل عَن التَّعْرِيف وأدبه غير مُحْتَاج الى التوصيف نَشأ بحلب وَأخذ بهَا الْعُلُوم عَن جمع من أَجلهم الشَّيْخ أَبُو الْجُود البترونى والنجم الحلفاوى وَالشَّيْخ أَبُو الوفا العرضى والمنلا ابراهيم الكردى وَالشَّيْخ جمال الدّين البابولى وَدخل دمشق صُحْبَة ابْن الحسام قاضى الْقُضَاة بِدِمَشْق فى سنة احدى وَخمسين وَألف وَأخذ بهَا عَن الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن العمادى والنجم الغزى وَأَجَازَ مشايخه ورحل الى الديار الرومية فدرس بهَا وانتفع بِهِ جمَاعَة من فضلائها ثمَّ سلك طَرِيق الموالى وَتَوَلَّى قَضَاء طرابلس الشَّام ثمَّ مغنيسا ثمَّ بَغْدَاد ثمَّ الْمَدِينَة المنورة على ساكنها أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام فى سنة احدى وَتِسْعين وَحج فى هَذِه السّنة فتوفى بِمَكَّة وأشعاره كلهَا نفيسة فائقة مطربة رائقه وهى فى الجزالة والفصاحة فَوق شعر المفلقين من الْمُتَقَدِّمين وفى الرشاقة وَحسن التخيل تفوق قَول المجيدين من الْمُحدثين وَهَا أَنا أتلو عَلَيْك مِنْهُ مَا بِهِ الارواح تنتعش والجمادات ترتعش فَمن ذَلِك قَوْله من قصيدة يمدح بهَا ابْن الحسام
(سرى عَائِدًا حَيْثُ الضنى رَاع عودى ... سرى الْبَدْر طيف بالدجنة مُرْتَد)
(وَمَا رق لَو لم يرع وجدى وَلَا سرى ... على الْبعد فى ثوب الْحداد المرقد)
(فأعجبه شوقى اليه على النَّوَى ... كَذَا كَانَ حَيْثُ الشمل لم يتبدد)
(وعاتبته وَالظَّن أيأس طامع ... فجاوبنى وَالْقلب أطمع مجتد)
(ولاطفته حَتَّى استملت فُؤَاده ... فيا لَك سَعْدا بعضه لين جلد)
(وَبت كَانَ الدَّهْر ألْقى زمامه ... الى وصافانى فأحرزت مقصدى)
(وحكمنى من جيده وَهُوَ عاطل ... فحلاه دمعى بالجمان المنضد)
(الى أَن نعى بالبين صبح كَأَنَّهُ ... غراب النَّوَى لكنه غير أسود)
(وَقد جدد التذْكَار مَا أخلق الضنى ... وأى عهود مثلهَا لم تجدّد)
(فيا لَيْت أبقى ذكرهَا لي عِبْرَة ... لابكى بهَا أَو لَيْت أبقى تجلدى)
(خليلى مَا آليتما جهد نَاصح ... وَلَكِن حيران القضا كَيفَ يهتدى)
(أما تصلح الايام بعد فَسَادهَا ... فَلم تبْق من عيشى صلاحا لمفسد)
(وَقد زادنى ظلما وأوسعنى أَذَى ... يدا عصبَة لم تخش لله من يَد)
(فأكبادهم للنحر فى جَوف جلمد ... وألسنهم للشر فى فَم أسود)
(عَسى يهدم الاحسان مَا شيد الاذى ... اذا لذت بالركن الشَّديد المشيد)
(امام أَقَامَ الدَّهْر من عثراته ... وأحيت مساعيه شَرِيعَة أَحْمد)
(كَانَ أَمَالِيهِ الرياض ثمارها الدرارى والاقلام صَوت المغرد ... )
مِنْهَا
(يجود الحيا بِالْمَاءِ بابك وجوده ... مَعَ الْبشر يهمى من لجين وعسجد)
(تقلدت الشَّهْبَاء صارم عدله ... وَلَوْلَا مضاء السَّيْف لم تتقلد)
(وَلَو كلف الْمَخْلُوق مَا فَوق وَسعه ... سعت للقاه سعى صَاد لمورد)
(أَتَى وظلام الشّرك فِيهَا كَأَنَّهُ ... وساوس شرك فى فؤاد موحد)
(فأشرق بدر الْعدْل فى عرصاتها ... بِوَجْه أغر مبرق الْعَزْم مرعد)
(تردت بِثَوْب بالصيانة معلم ... وحفت ببحر بالمكارم مُزْبِد)
(عزائم بَانَتْ فاختفى كل جَاحد ... وَقَامَت فألفى وفرها كل مقْعد)
(وَسَاخَتْ أياديه فشردت الندى ... وَردت من العلياء كل مشرد)
(غَدَتْ تقْرَأ التَّحْمِيد سُورَة حَمده ... سجودا وَمن يسْتَوْجب الْحَمد يحمد)
وَقَوله من أُخْرَى يمدح بهَا ممدوحه الْمَذْكُور فَقَالَ
(عوجا على رسم ذَلِك الطلل ... نفضى حُقُوق الليالى الاول)
(لَعَلَّ نثنى أعطاف ثَانِيَة ... وَقد ترجيت غير مُحْتَمل)
(فالدهر يَأْبَى بَقَاء مغتنم ... فَكيف يُرْجَى لرد مرتحل)
(لكل مَاض من شبهه يدل ... وَمَا لعهد الشَّبَاب من بدل)
(سقى لَو يلا تنابذى سلم ... كل ملث الربَاب منهمل)
(معاهد طالما اقتطفت بهَا ... زهر الهنا من حدائق الجذل)
(وأطلع السعد فى معالمها ... بدر المنى فى غياهب الامل)
(حَيْثُ قطوف اللَّذَّات دانية ... ومورد الانس مغدق النهل)
(تعثر تيها فى ذيل لذتها ... فى هضبات العناق والقبل)
(بِكُل مستوقف الْعُيُون سنا ... يَدْعُو فرَاغ الْقُلُوب للشغل)
(أثقل اعطافه بخفته ... لطف التصابى فخف بالثقل)
(وعطلت من حلى النَّبَات عذاراه فحلاه الْحسن بالعطل ... )
(ألْقى عَلَيْهِ الْجمال حلته ... وحلة الْحسن أحسن الْحلَل)
(اذا رمتنا من قَوس حَاجِبه ... سِهَام جفنيه مَا بَنو ثعل)
(وَا رحمتا العاشقين قد دهمتهم المنايا فى صُورَة الْمقل ... )
(وَقد تفاءلت من مصَارِعهمْ ... أَن تلافى بالاعين النجل)
(أسى لقد أزعج الاسى وَهوى ... أهويت من أَجله على أجلى)
(فَذا الذى حجبت محاسنه ... عَنَّا مساوى الصدود وَالنَّقْل)
(من كَانَ عَنى قبل النَّوَى صلفا ... أبعد من مسمعى عَن العذل)
(مَا زِدْت عَنهُ بعدا بفرقته ... لَا واخذ الله الْبَين من قبلى)
(وفى امتداحى لَيْث العرين غنى ... عَن الْغِنَا بالغزال والغزل)
(مولى غَدا فى علاهُ عَن رجل ... أبعد عَن حاسديه من زحل)
(النّدب عبد الرَّحْمَن من فضحت ... غر سجاياه الشَّمْس فى الْحمل)
(أَقَامَ للفضل دولة حسنت ... ودولة الْفضل أفضل الدول)
(فأغدقت للورى مناهله ... من بَعْدَمَا كَانَ غائض الوشل)
(قد انتضى الله مِنْهُ فى حلب ... سيف سداد لَهَا من الْخلَل)
(حَتَّى كساعد لَهُ الليالى والايام ثوب الاسحار والاصل ... )
(واستتر الظُّلم من عَدَالَته ... بَين جفون الظباء بالكحل)
(بأبيض الْعدْل مَا تركت بهَا ... سَواد ظلم إِلَّا من الْمقل)
(واعتدلت حَتَّى مَا اسْتمرّ بهَا ... لَوْلَا قدود ألحان ذُو ميل)
(مَا كنت أدرى من قبل رُؤْيَته ... كَيفَ انحصار الانام فى رجل)
(حَتَّى رَأَيْت امْرأ يقوم لَهُ الدَّهْر على سَاقه من الوجل ... )
(ان ادّعى مبصر لَهُ شبها ... فاحكم على ناظريه بالحول)
(وان يكن فى الْعُيُون بُد على ... فبأسه فى الْقُلُوب سيف على)
(رام المهى سأو مجده فَسَهَا ... جزى بِطرف بالسهد مكتحل)
(واعتل من لطفه الصِّبَا حسدا ... لَا بَرحت حاسدوه فى علل)
(وزور الْغَيْث سح رَاحَته ... حَتَّى اعتزى للسخاء بالحيل)
(يَا سيدا أَصبَحت مكارمه ... أشهر بَين الانام من مثل)
(كَادَت معانى الثَّنَاء تسبقنا ... اليك وَالْحق وَاضح السبل)
(يهنيك عيد بِهِ الهناء لَهُ ... كَمَا أهنيك والهنا بك لى)
(وهاكها رَوْضَة لقد صبغت ... مِنْهَا خدود الربى من الخجل)
(لَو نَالَ فصل الرّبيع بهجتها ... مَا سلبت عَنهُ حلَّة الخضل)
(وانما الْمجد دولة جعلت ... لَهَا معانى الثَّنَاء كالخول)
وَله هَذِه النونية يمدحه أَيْضا
(أفى كل يَوْم لوعة وحنين ... وَمن كل فج للفراق كمين)
(وكل طَرِيق هَكَذَا غير موعر ... فلى طرق كَانَت اليك تهون)
(نقضت عهودا باللوى وتصرمت ... وعود وخابت يَا بثين ظنون)
(وَوَلَّتْ لذاذات عهِدت وأسفرت ... نوى غربَة مَا تنقضى وشطون)
(كَانَ لم تدر تِلْكَ المناجات بَيْننَا ... وَلَا هصرت ذَاك القوام يَمِين)
(وَلَا أخضلت تِلْكَ لمعاهد بَعدنَا ... وَلَا هطلت فِيهَا سحائب جون)
(على لهَذَا الْخطب ايقاضة همة ... يضج لَهَا صلد الصَّفَا ويلين)
(ووجبة ارقال ينْكث بأسها ... قوى الباس تدرى الْعَزْم كَيفَ يكون)
(فان فؤادا بَين جنبى حشوه ... أَمَان ولى عِنْد الزَّمَان دُيُون)
(وسائلة عيسا اأعيى عَن النَّوَى ... عَنى وعتاب الغانيات شجون)
(أجل من تقصى الْمجد يَا ابْنة مَالك ... تولى شمالا شَمله وَيَمِين)
(فَلَا تتعبينى واعلمى أَنما الْعلَا ... أَسِير على وَجه القلاص رهين)
(أتلك المطايا البزل أم سفن طَغى ... بهَا الْآل تخفى مرّة وَتبين)
(تمور لرجع الحدى مورا كانما ... عراها بِأَصْوَات الحداة جُنُون)
(اذا لمحت برق العواصم لم تكد ... مناسمها تقوى بِهن حزون)
(تلفت تِلْقَاء الشآم كانما ... تخلى لَهَا بالرقتين جَنِين)
(اذا أبْصر الخالى بهَا قَالَ علقت ... مشا فرهاتى بالغبيط يَمِين)
(وصلنا السرى بالسير حَتَّى كانما ... من الوخد أَخْفَاف لَهَا ومتون)
(فرينا بهَا أَو داج كل مطوق ... من السحب مَمْنُوع الفناء حُصَيْن)
(جبال تمطت للعلى لَو رَأَيْتهَا ... لَقلت لَهَا بَين النُّجُوم دُيُون)
(أشابت نَوَاصِيهَا الثلوج فَمَا رقت ... لَهَا بعد فقدان الشَّبَاب عُيُون)
(وَيَا رب ليل ضل فِيهِ دليلنا ... فيهديه من نجل الحسام جبين)
(فَتى لَا ضلال بعد رُؤْيَة وَجهه ... وَلَا بارق الافضال مِنْهُ يَمِين)
(علاهُ رقى نسر السما بجناحه ... وَعرض بعيد الغايتين مصون)
(ورقة خلق رَاح يحسدها الصِّبَا ... فأضحى عليلا يَعْتَرِيه أَنِين)
(وبذل تذوب السحب مِنْهُ خجالة ... وبأس بِهِ يمضى القضا ويدين)
(وَعلم لَو ان النَّاس قَامَت بِبَعْضِه ... وهى الْجَهْل حَتَّى لَا يكَاد يبين)
(من الْقَوْم شادوا ذرْوَة الْبَأْس والندى ... لُيُوث لَهُم قصب اليراع عرين)
(هَنِيئًا حسام الدّين يَا خير ماجد ... بِهِ شيدت للمكرمات حصون)
(بِمقدم مولى قد هدت بقدومه ... قُلُوب وقرت للكرام عُيُون)
(أَنَاخَ بِأَرْض الرّوم أكْرم قادم ... لَهُ السعد خدن والعلا قرين)
(وَقد وفدت أخباره الغر قبله ... تطوق أَعْنَاق العلى وتزين)
(أَلا هَكَذَا فى الله من يَك سَعْيه ... تدين لَهُ أَيَّامه وتلين)
(فيا آل عُثْمَان تهنوا بِمَا جد ... يذب لكم عَن عرضكم ويصون)
(رغمتم بِهِ أنف الْعَدو وانما الزَّمَان بِهِ عَن غَيْركُمْ لضنين ... )
(أطلاب مسعاه هلموا أدلكم ... عَلَيْهِ فانى فى الْمقَال أَمِين)
(ضَعُوا يدكم فى جنح عنقاء مغرب ... وأرجلكم فى الرّيح فَهُوَ متين)
(وهام السهى فارقوا اذا حلقت بكم ... اليه فَمَا رمتم هُنَاكَ يكون)
(أجاذب ضبعى اذ قواى ضئيلة ... ومأمن روعى وَالزَّمَان خؤون)
(أما انه لولاك مَا فتقت بِنَا ... الى الرّوم رتق الراسيات ظعون)
(وَلَا كنت أدرى كَيفَ تكتسب العلى ... وَلَا كَيفَ صَعب الحادثات يهون)
(أقلت عثار الْحَال منى اذ همى ... على سَحَاب من علاك هتون)
(وانى لادرى ان فضل كَامِل ... لبانات طلاب الْكَمَال ضمين)
(ومالى بعد الله غَيْرك مسعد ... من النَّاس فى نيل المُرَاد معِين)
(وفى بَابَكُمْ حطت رحال مطامعى ... وَمَا تمّ لى إِلَّا اليه سُكُون)
(وانك أدرى من فؤادى بحاجتى ... وحسبى بِهَذَا كاشف ومبين)
وَكَانَ وقف على هَذِه القصيدة أديب الزَّمَان مُحَمَّد القاسمى فاتهم البابى بانتحالها فَكتب اليه البابى هَذِه القصيدة وهى
(أيشعر هَذَا الْبَرْق أى المناسم ... سرى فيذكر تابآى المعالم)
(وَكم دونهَا من سبسب دون وَطنه ... سرى دونه وخد القلاص الرواسم)
(بريق الغضا هلا درى كَيفَ حَالنَا ... على الْبعد أخدان لنا بالعواصم)
(أسائلهم مَا لَا تطِيق قُلُوبهم ... صدعت اذن بالظلم قلب المراحم)
(سقى الله أَرضًا خيموا بفنائها ... وباكرها صوب الحيا المتراكم)
(وَلَا زَالَ طِفْل النبت فى مهد تربها ... تدر عَلَيْهِ من دموع الغمائم)
(وَلَو سقيت أَمْثَالهَا قبلهَا دَمًا ... لَقلت سَقَاهَا من دموعى السواجم)
(معاهد كَانَ اللَّهْو فِيهَا مساعدى ... على وفْق قصدى وَالزَّمَان مسالمى)
(أأيامنا بالأجرع الْفَرد هَل لنا ... سَبِيل الى عهد الصِّبَا المتقادم)
(ليالى لَا أقداح مرضى مدارة ... علينا سوى أحداق ظبى ملائم)
(وَلَا الْخمر الا من رضاب مبرد ... وَلَا الْورْد الا من خدود نواعم)
(وسل أثلات الْجزع تخبرك اننا ... نعمنا بعيش فى ذراهن ناعم)
(اذا الرَّوْض مخضل الربى وغصونه ... تقلد من قطر الندى بتمائم)
(وفى خلل الاغصان نور كَأَنَّهُ ... مجامر ند فى حجور الكمائم)
(يُصَافح بَعْضًا بعضه بيد الصِّبَا ... كباسم ثغر راشف ثغر باسيم)
(محَاسِن غطتها مسَاوٍ من النَّوَى ... وأعراس لَهو بدلت بمآتم)
(سل اليعملات البزل كم فتقت لنا ... بأيدى السرى من رتق أغبر قاتم)
(وَكم شدخت أخفافها هام سامد ... من الشم تيها توجت بالغمائم)
(وَكُنَّا اذا فل السرى غرب عزمنا ... تشحذه ذكرى لِقَاء ابْن قَاسم)
(مقل لِوَاء الْفضل غير مدافع ... وحامى ذمار الْمجد غير مُزَاحم)
(حديقة فضل لَا يصوح نورها ... وبحر بأمواج الذكا متلاطم)
(عنت لمعانيه الْكَوَاكِب واقتدت ... بهَا فاغتدت مَا بَين هاد وراجم)
(وَلَوْلَا مقَال جاءنى مِنْهُ أطرقت ... حَيَاء لَهُ الْآدَاب اطراق واجم)
(وَقطع أمعاء القريض لهوله ... ورد القوافى وهى سود العمائم)
(امام العلى انى أحاشيك أَن ترى ... بِعَين الْمعَانى عرضة للوائم)
(زعمت بأنى سَارِق غير شَاعِر ... صدقت بِمَعْنى سَاحر غير ناظم)
(لقد قَالَهَا من قبل قوم فألقموا ... بأيدى الهجا حاشاك صم الصلادم)
(رَأَوْا مثل مَا عَايَنت ابداع أَحْمد ... وبادرة الطائى وطبع كشاجم)
(حنانيك بعض البغى لابدع ان أَتَى ... بِشعر حبيب من رأى جود حَاتِم)
(وان ندى نجل الحسام لروضة ... أينكر فِيهَا طيب سجع الحمائم)
(فدونكها ابكار فكر تزفها ... يَد الشوق عَن ود من الريب سَالم)
(مشيدة الْبُنيان لَا يستريبها ... حسود وَلَا يقوى بهَا كف هَادِم)
وَمن مختاراته قصيدته الَّتِى مدح بهَا السَّيِّد مُحَمَّد العرضى ومطلعها قَوْله
(هُوَ الْفضل حَتَّى لَا تعد المناقب ... بل الْعَزْم حَتَّى تطلبنك المطالب)
(وَمَا قدر الاسنان الا اقتداره ... أجل وعَلى قدر الرِّجَال الْمَرَاتِب)
(أَقَامَ الْفَتى العرضى للفضل دولة ... لَهَا قَائِد من ناظريه وحاجب)
(بهَا اعتذرت أيامنا عَن ذنوبها ... وَأَقْبل جانى دَهْرنَا وَهُوَ تائب)
(يجددها رأى من الْعَزْم صائب ... ويحرسها بَأْس مَعَ الْحلم عاطب)
(وللمجد مثل النَّاس سقم وَصِحَّة ... وَفِيه كَمَا فيهم صَدُوق وكاذب)
(أنيط بِهِ حَتَّى لَو اخْتَار نَزعه ... لحسن اليه وَهُوَ ثكلان نادب)
(وَمن لم يُوفى للمعالى حُقُوقهَا ... فان مساعيه الحسان مثالب)
(ألم تَرَهَا كَيفَ اقتناهما مُحَمَّد ... تجاذ بِهِ أذياله ويجاذب)
(اذا النَّاس لم تشتق لشارب عذبها ... فَلَا عذبت يَوْمًا عَلَيْهَا المشارب)
(فسأس طواغيها وراض شماسها ... وأضحى لَهُ مِنْهَا وَزِير وحاجب)
(حوى سوددا تبدو ذكاه بِوَجْهِهِ ... وترنو لعينيه النُّجُوم الثواقب)
(تغرب لَا يرضى ذرى الْمجد موطنا ... وَأَمْثَاله حَيْثُ اسْتَقَرَّتْ غرائب)
(دَعَاهُ العلى شوقا اليه وَغَيره ... دَعَتْهُ فلباها النِّسَاء الكواعب)
(وَمن حسر الراحات يكْتَسب العلى ... وَبَعض خسارات الرِّجَال مكاسب)
(فآب بِمَا يشجى العدى ويسره ... فَوَائِد قوم عِنْد قوم مصائب)
(لِيهن علاهُ منصب طالما صبا ... لَهُ بل تهنى اذ رضيها المناصب)
(من الْقَوْم أما عرضهمْ فَمنع ... حُصَيْن وَأما عرفهم فَهُوَ سائب)
(يدين لَهُم بالمجد دَان وشاسع ... وينعتهم بِالْفَضْلِ ساع وراكب)
(ففيهم والا لَا تقال مدائح ... وَمِنْهُم والا لَا ترام الرغائب)
(اليك امام الْفضل منا تَوَجَّهت ... كتائب الا أَنَّهُنَّ مواكب)
(معَان تعير الْعين سحر عيونها ... وتسخر مِنْهَا بِالْعُقُودِ الترائب)
(قد انسدلت بَين الطروس سطورها ... كَمَا انسدلت فَوق الصُّدُور الذوائب)
(لَهَا من براح الشوق حاد وقائد ... اليك وَمن لقياك دَاع وخاطب)
(محملة معنى الهناء بِمنْصب ... تسير ببشراه الصِّبَا والجنائب)
(وان سرنى اخبار أَنَّك قادم ... فقد ساءنى تَقْدِير أَنى غَائِب)
(قد اتسعت مَا بَيْننَا شقة النَّوَى ... وَضَاقَتْ على وَجه اللِّقَاء الْمذَاهب)
(فيا للموالى للعبيد بأوبة ... ليهدا بهَا قلب من الْبعد وَاجِب)
(وتسعد آمال وتسكن لوعة ... ويفرح محزون ويبسم قاطب)
وَمن مبتدعاته الْمَشْهُورَة الَّتِى توسل بهَا وهى هَذِه
(هوت المشاعر والمدارك عَن معارج كبريائك)
(يَا حى يَا قيوم قد ... بهر الْعُقُول سنا بهائك)
(أثنى عَلَيْك بِمَا علمت فَأَيْنَ علمى من ثنائك ... )
(متحجب فى غيبك الاحمى منيع فى علائك ... )
(فظهرت بالآثار والافعال باد فى جلائك ... )
(عجبا خفاؤك من ظهورك أم ظهورك من خفائك ... )
(مَا الْكَوْن الا ظلمَة ... قبس الاشعة من ضيائك)
(بل كل مَا فِيهِ فَقير مستميح من عطائك ... )
(مَا فى العوالم ذرة ... فى جنب أَرْضك أَو سمائك)
(الا ووجهتها اليك بالافتقار الى غنائك ... )
(انى سَأَلتك بالذى ... جمع الْقُلُوب على ولائك)
(نور الْوُجُود خُلَاصَة الكونين صفوة أوليائك ... )
(الا نظرت لمستغيث عَائِذ بك من بلائك ... )
(قذفت بِهِ من شَاهِق ... أيدى امتحانك وابتلائك)
(ورمته من ظلم العناصر والطبائع فى شبائك)
(وسطت عَلَيْهِ لَوَازِم الامكان صدا عَن ثنائك)
(فاذا ارعوى اوكاد نادته الْقُيُود الى ورائك ... )
(فالطف بِهِ فِيمَا جرى ... فى طى علمك من قضائك)
وَله غير ذَلِك من الْبَدَائِع وَكَانَت وَفَاته فى أَوَاخِر ذى الْحجَّة سنة احدى وَتِسْعين وَألف وَدفن بالمعلاة بعد أَن قضى مَنَاسِكه والبابى نِسْبَة الى الْبَاب قَرْيَة من قرى حلب لَهَا وَاد مَشْهُور بِطيب الْهَوَاء وَكَثْرَة الرياض وَفِيه يَقُول زين الدّين عمر بن الوردى هَذِه الابيات وهى
(ان وادى الْبَاب قد ذكرنى ... جنَّة المأوى فَللَّه الْعجب)
(فِيهِ دوح يحجب الشَّمْس اذا ... قَالَ للنسمة جوزى بأدب)
(طيره معربة فى لحنها ... تطرب الحى كَمَا تحيى الطَّرب)
(مرجه مبتسم مِمَّا بَكت ... سحب فى ذيلها الطّيب انسحب)
(فِيهِ روضات أَنا صب بهَا ... مثل مَا أصبح فِيهَا المَاء صب)
(نهره ان قَابل الشَّمْس ترى ... فضَّة بَيْضَاء فى نهر ذهب)
وَلِصَاحِب التَّرْجَمَة فِيهِ قصائد وأبيات مِنْهَا جانبا فى كتابى النفحة فَارْجِع اليها فِيهِ وَالله أعلم
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر للمحبي الحموي.

 

 

مصطفى بن عبد الملك (أو عثمان) البابي الحلبي:
شاعر، من القضاة. نشأ بحلب وولي قضاء طرابلس الشام، ثم مغنيسيا، فبغداد، فالمدينة المنورة (سنة 1091) وحج تلك السنة فتوفي بمكة.
له (ديوان شعر - ط) صغير ونسبته إلى (الباب) من قرى حلب .
-الاعلام للزركلي-