محمد بن محمد الأنصاري الحلفاوي الحلبي نجم الدين
تاريخ الوفاة | 1054 هـ |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
مُحَمَّد بن مُحَمَّد الملقب نجم الدّين الحلفاوى الانصارى الحلبى الدَّار الحنفى الْمَذْهَب خطيب جَامع حلب وصدرها الْمُسْتَوْفى اقسام النباهة والبراعة وَكَانَ فى عصره أوحد الْفُضَلَاء وابلغ البلغاء وَله الصيت الذائع بالسخاء والمروءة ووفور المهابة والفتوة ذكره الخفاجة فى الخبايا فَقَالَ فى وَصفه نجم طلع من وَافق المكارم زَائِد الِارْتفَاع وَنزل منَازِل سعد رقى فِيهَا عَن قَوس الشّرف باطول ذِرَاع يقطع أوقاته فى طلب الْفَضَائِل والكمال وَلَا ينزه طرفه فى غير سَمَاء خلال أَو رياض جمال فَلَو كَانَ الْعلم بِالثُّرَيَّا لَنَالَهُ أَو بالعيوق لطاله ثمَّ أورد لَهُ ابياتا كتبهَا الى النَّجْم فِيهَا سُؤال نحوى والابيات هى هَذِه
(أنجما أَضَاءَت سَمَاء الرتب ... بِهِ وتسامت فخارا حلب)
(أخالى واسمى أخلا لاسمه ... وَكم من اخاء يفوق النّسَب)
(أبن كلمة قيل مَبْنِيَّة ... بِغَيْر اخْتِلَاف لَهُم أَو شغب)
(وان نعتت كَانَ اعرابها ... باعراب ناعتها مَا السَّبَب)
(فتبوعها لم يزل تَابعا ... على عكس مَا فى لِسَان الْعَرَب)
(فدم نجم سعد بِرَأْس الْعلَا ... وطالع اعدائه فى الذَّنب)
فَأَجَابَهُ النَّجْم أَيْضا بقوله
(أمولاى منشى لِسَان الْعَرَب ... وقاضى دواوين أهل الادب)
(وَمن فَضله شاع فى الكائنات ... ونال بِهِ ساميات الرتب)
(سبقت الالى فى نظام القريض ... وفى كل علم بلغت الارب)
(وجادت اكفك بالنائلات ... وفاضت بهَا غاديات النشب)
(لعمرى لقد فقت كل الانام ... بذوق حلا وبفهم ثقب)
(كَانَ الْمسَائِل قطر الندا ... وفكرك كالسحب مِنْهَا انسكب)
(وَقد كنت أسمع أوصافكم ... فَلَمَّا تبدت رَأَيْت الْعجب)
(وَقد كنت فى تَعب للعلوم ... فَلَمَّا رَأَيْتُك زَالَ التَّعَب)
(وَقد شرفت بك كل الْبِلَاد ... وشاق بِفَضْلِك نَادَى حلب)
(بعثت لعبدك در النظام ... وصغت لَهُ أنجما من ذهب)
(سكرت بِخَمْر معَان صفت ... بِهِ نقط الْخط مثل الحبب)
(تضمن لغزا يُنَادى بيا ... شهَاب بن شمس حويت الطّلب)
(فَلَا زلت تنظم نثر اللآل ... وتنثر من دره الْمُنْتَخب)
(وَلَا زلت أنْشد فِيهِ المديح ... وأطوى الزَّمَان بِهِ والحقب)
(وَأثْنى عَلَيْهِ بآلائه ... وَأقرب مِنْهُ نأى أَو قرب)
(وأذهب من نور آدابه ... ظلام الدياجى وظلم النوب)
(مدى الدَّهْر مَا انقض نجم وَمَا ... شهَاب سما فى سَمَاء الرتب)
وترجمه تِلْمِيذه البديعى فَقَالَ فى وَصفه امام الْفُضَلَاء الذى بِهِ يقتدون وبأنواره من حنادس الشّبَه يَهْتَدُونَ عَالم جدد رسوم البلاغة بعد ان نسجت عَلَيْهَا العناكب واحيا ربوعها بعد أَن قَامَت عَلَيْهَا النوادب وافتتح بصوارم افكاره مقفلات صياصيها واستخرج خرائدها الممنعة بمعاقلها واسترق نَوَاصِيهَا حسن سيرته وطهر سَرِيرَته وقدزها بخطابته الْجَامِع الاكبر
(لَو أَن مشتاقا تكلّف فَوق مَا ... فى وَسعه لسعى اليه الْمِنْبَر)
وَقد نسجت افكار شعراء الْعَصْر وشائع مفاخره وخلدت فى دواوينها ظرائف مآثره وَلم تزل حَضرته الشَّرِيفَة كعبة الْجُود وسدته المنيفة قبْلَة الْوُفُود مَعَ سماحة شيم وفصاحة كلم ورجاحة كرم وَقد أصَاب شاكلة الصَّوَاب وأتى بفصل الْخطاب من قَالَ فى مدحه
(لقد بت فى الشَّهْبَاء مَا بَين معشر ... تهاب الليالى ان تروع لَهُم جارا)
(مقاديرهم بَين الانام شريفة ... وَلَكِن نجم الدّين أشرف مِقْدَارًا)
(ترى الْبشر يَبْدُو من أسارير وَجهه ... فَلَو جِئْته لَيْلًا لاهداك انوارا)
ثمَّ أنْشد لَهُ من شعره قَوْله من قصيدة
(أَتَرَى الزَّمَان يُعِيد لى ايناسى ... ويرق لى ذَاك الحبيب القاسى)
(كم قد نشرت بِهِ باسط لذائذى ... وهصرت من عطفيه غُصْن الآس)
(أَيَّام لَا غُصْن الشَّبَاب بملتو ... عَنى وَلَا حبى لعهدى ناسى)
(قطر الحيا فى وجنتيه مكلل ... مثل الْحباب على صفاء الكاس)
(ساقيته طعم المدام فَلم يشب ... صفو الْحَيَاة بكدرة الادناس)
(لم أنسه متسر بِلَا ثوب الحياه ... متبخترا فى قده المياس)
وَقَوله فى قصيدة
(نثر الدّرّ من كلامك نظما ... لم نَكُنْ بعد ورده الدَّهْر نظما)
قلت وَهُوَ مِمَّن أَخذ عَن شيخ الاسلام عمر العرضى وَغَيره وتصدر للاقراء فَانْتَفع بِهِ الجم الْغَفِير من أهل دائرته من أَجلهم الْعَلامَة مُحَمَّد بن حسن الكواكبى مفتى حلب والفاضل الاديب مصطفى الثانى وَشَيخنَا الْعَلامَة الاجل أَحْمد بن مُحَمَّد المهمندارى مفتى الشَّام وَغَيرهم وَاجْتمعَ بِهِ والدى فى عودته من الرّوم فى سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَألف وَذكره فى رحلته الَّتِى الفها وقرظ لَهُ عَلَيْهَا النَّجْم المترجم فَقَالَ بعد الحمدلة والتصلية وَبعد فَلَمَّا تشرفت الشَّهْبَاء بقدوم مَوْلَانَا فَخر الافاضل وعمدة الادباء الْوَارِث سلافة الْمجد عَن أَبِيه وجده الْحَائِز قصبات الرِّهَان فى ميدان البلاغة بعزمه وجده من فاق ببلاغته نثر النظام وسما فى متانة نظمه على البحترى وابى تَمام وَملك ديوَان الانشاء وَلَا بدع فَذَلِك فضل الله يؤتيه من يَشَاء وَكَانَ قدومه عَلَيْهَا ووروده اليها من دَار السلطنة العليه قسطنطينية المحميه راتعا طيب الْعَيْش بِحُصُول المآرب ناهلا من وُرُوده على الذ المشارب فأوقفنى على هَذِه الرحلة الَّتِى تشد اليها الرّحال وتقف عِنْدهَا مطايا الآمال فوقفت على حديقة أريجة النَّبَات وصحيفة بهيجة الصِّفَات واجلت طرفى فى الفاظ ارق من السلافه والذ من الامن بعد الاخافة وَمَعَان أحلى من لعاب النَّحْل واعذب من الخصب بعد الْمحل جمعت فَضَائِل الْآدَاب وملكت معاقل الالباب تعرب عَن بلاغة منشيها وتبلغ الانفس من امانيها فَلَا زَالَت الاعين من لقائها مبتهجة والالسن بِحسن ثنائها ملتهجة وامده الله تَعَالَى بِسَعْد لَا انْقِطَاع لحبله وأيده بمجد لَا انصداع لشمله لابرح يرتع فى رياض الْفَضَائِل ويطبق من اصول دلائله الْمسَائِل على الدَّلَائِل انْتهى وَكَانَت وَفَاته فى سنة أَربع وَخمسين وَألف وَجَاء تَارِيخ وَفَاته زفت لنجم الدّين حور الْجنان والحلفاوى بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون اللَّام ثمَّ فَاء بعْدهَا ألف مَقْصُورَة قَالَ ابْن الحنبلى فى تَرْجَمَة الْعَفِيف مُحَمَّد بن أَبى النمر أخبرنى انما قيل لاجداده بَنو حلفاء لما انه كَانَ لَهُم أَب ولد فى طَرِيق الْحجاز بجوار أَرض كَانَت تنْبت الحلفاء وَلم يكن مهد يوضع فِيهِ فَكَانَت أمه تَأْخُذ شَيْئا من ورق الحلفاء وتضعه تَحت وَلَدهَا الى ان فَارَقت تِلْكَ الاراضى فسكنى بأبى حلفاء قَالَ فَنحْن بَنو أَبى حلفاء الا انه اختصر فَقيل بَنو حلفاء بِحَذْف مُضَاف قَالَ وَكَانَ أَمر أَن يكْتب فى نسبه الانصارى فى آخر وقته لما بلغه ان أَبَاهُ كَانَ من ذُرِّيَّة حباب بن الْمُنْذر بن الجموح الانصارى الخزرجى وَهُوَ الذى ذكر ابْن دُرَيْد فى تَرْجَمته فى كتاب الاسعاف انه شهد بَدْرًا قَالَ وَهُوَ ذُو الرأى سمى لمشورته يَوْم بدر ذَا الرأى
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.