أبي الجود بن عبد الرحمن بن محمد البتروني الحلبي
تاريخ الولادة | 949 هـ |
تاريخ الوفاة | 1039 هـ |
العمر | 90 سنة |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
الشَّيْخ أَبُو الْجُود بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد وَتقدم تَمام نسبه فِي تَرْجَمَة ابْن أَخِيه إِبْرَاهِيم ابْن أبي الْيمن البتروني الْحلَبِي الْحَنَفِيّ مفتي حلب وعالم ذَلِك الْقطر ومحط أهل دائرته وَكَانَ عَلامَة محققا بارعا ف الْمَذْهَب وَالتَّفْسِير فَارِسًا فِي الْبَحْث نظارا هَاجر بِهِ أَبوهُ وبأخويه إِلَى الْيمن وَمُحَمّد إِلَى حلب بِإِشَارَة الشَّيْخ علوان الْحَمَوِيّ وَصَارَ أبوهم واعظا وخطيبا بِجَامِع حلب وَكَانَ هُوَ وَولده أَبُو الْجُود يتعممان بالعمامة الصُّوفِيَّة واشتغل أَبُو الْجُود على عُلَمَاء عصره وَولي بعد أَبِيه الْوَعْظ والخطابة بالجامع وَكَانَ يقْرَأ الدُّرُوس فِي الرواق الشَّرْقِي ثمَّ ولي الأفناء وتقاعد عَن قَضَاء الْقُدس ثمَّ عَن قَضَاء الْمَدِينَة ونال من الرُّتْبَة مَا لم ينله أحد مِمَّن تقدمه وَكَانَ لَهُ سخاء ومروءة وحمية ومدحه شعراء عصره وخلدوا مدائحه فِي دواوينهم فَمنهمْ حُسَيْن الْجَزرِي وَفتح الله بن النّحاس وحسين بن جاندار البقاعي وَفِيه يَقُول بعض شعراء حلب
(أبي الْجُود فِي الدُّنْيَا سواك لِأَنَّهُ ... تفرع من جود وَأَنت أَبُو الْجُود)
(وأضدادك الْوَادي لَهُم سَالَ واستوت ... سفينة بَحر الْعلم مِنْك على الجودى)
وَذكره البديعي فِي ذكري حبيب وَأثْنى عَلَيْهِ كثيرا وَقَالَ فِي تَرْجَمته دخل مرّة على بعض الوزراء الْعِظَام ومجلسه غاص بالخاص وَالْعَام بعد غضب يمْنَع لَذَّة الهجود وَمن ذَا يقر على زئير الْأسود فخاطبه بجرس جَهورِي وَلَفظ جوهري يزِيل الأحن من الْقُلُوب وَتغْفر بِمثلِهِ الذُّنُوب بِمَا نَصه نَام أَعْرَابِي لَيْلَة عَن جمله فَفَقدهُ فَلَمَّا طلع الْقَمَر وجده فَرفع إِلَى الله يَده وَقَالَ أشهد أَنَّك أعلينه وَجعلت السَّمَاء بَيته ثمَّ نظر إِلَى الْقَمَر وَقَالَ إِن الله صورك ونورك وعَلى البروج دورك فَإِذا شَاءَ قدرك وَإِذا شَاءَ كورك فَلَا أعلم مزيدا أسأله لَك الدَّوَام وَلَئِن أهديت إِلَى قلبِي سروره لقد أهْدى الله إِلَيْك نوره فَأَنا ذَلِك الْأَعرَابِي والوزير ذَلِك الْقَمَر الْمُضِيّ لقد أَعلَى الله قدره وأنفذ أمره وَنظر أليه وَإِلَى الَّذين يحسدونه فَجعله فَوْقهم وجعلهم دونه فَلَا أعلم مزيدا أَدْعُو لَهُ إِلَّا الدَّوَام فَالله يديم لَهُ ظلال النِّعْمَة ومجال الْقُدْرَة ومساق الدولة ووقفت على تفريظ كتبه على مؤلف الْعَلامَة الطرابلسي الدِّمَشْقِي الَّذِي شرح بِهِ فَرَائض ملتقى الأبحر وَهُوَ أمعنت النّظر فِي هَذَا التَّحْرِير وأجلت الْفِكر فِيمَا حواه من التَّصْوِير والتقرير فرأيته الْبَحْر الْمُحِيط إِلَّا أَنه ثجاج والوبل الغزير خلا أَنه مواج وجزمت بِأَنَّهُ السحر الْحَلَال والكمال الَّذِي لَا يحكيه فِي فنه كَمَال لأزالت شموس فَوَائِد مؤلفة مشرقة وَلَا بَرحت أَغْصَان فَوَائده مورقة مَا زينت أَقْلَام الْعلمَاء الْأَعْلَام بوشي سطورها وجنات الطروس فأشرقت لذَلِك صُدُور الصُّدُور وإشراق الشموس وَكَانَت وَفَاته غرَّة صفر سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَألف وَقد ناهز التسعين وَهُوَ فِي نشاط أَبنَاء الْعشْرين وَقيل فِي تَارِيخ مَوته
(إِن أَبَا الْجُود الَّذِي فاق الورى ... وروج الْعلم وساد سؤددا)
(أدْركهُ الْمَوْت الَّذِي تَارِيخه ... الْعلم مَاتَ بعده وأرقدا)
ورثاه السَّيِّد مُحَمَّد بن عمر العرضي بقصيدة عَجِيبَة ذكرتها برمتها ميلامني لشعر هَذَا السَّيِّد وَكَذَا أفعل فِي كل آثاره وَهِي
(بفقدك قَامَت نواعي الحكم ... وَقد فل بعْدك حد الْقَلَم)
(أَقَامَت مآتمها المشكلات ... عَلَيْك وسود وَجه الرقم)
(فتبا ليومك من طَارق ... نسخت بِهِ لذتي بالألم)
(ورثت بِهِ حالكات الهموم ... كَمَا ورث ابْنك عز النعم)
(ورعيا لدهر أثر نابه ... نَقِيع المباحث فِي المزدحم)
(نجاذب أطرافها ساعيين ... إِلَى حلبة السَّبق سعي الْقدَم)
(صراح الزَّمَان صراح النكال ... عَلَيْك وَحقّ لَهُ بِالْعدمِ)
(فقد كنت سدة ثلمانة ... وَآخر نعماءه للأمم)
(وعذرا لأبنائه إِنَّهُم ... ذنُوب لَهُم بل صروف النقم)
(فقدتك فقدان روق الشَّبَاب ... وَشعب الْأَمَانِي بِهِ ملتئم)
(ليبكيك دَار الضُّحَى والأصيل ... وَدَار الصَّباح وَدَار الظُّلم)
(لبست عَلَيْك ثِيَاب الْحداد ... وشبت غضارة دمعي بِدَم)
(لقد ثكلت كل من لم تَلد ... نظيرك فِي خيمه والشيم)
(حنانيك عَن مهجة رعتها ... ولبيك عَن كبد تضطرم)
(أَبَا الْجُود قُرَّة عين الْعلَا ... وغرة جبهتها فِي الْقدَم)
(لقد خَابَ بعْدك من ينتضي ... سيوف معاليك فِي الملتطم)
(أيصفر فِي الجو بعد العتاة ... وشهب البزاة بغاث الرخم)
(دفنت بدفنك فِي خاطري ... مبَاحث علم غَدَتْ كالرمم)
(قضيت وَلم تقض مِنْك المنى ... لباناتها والقضا محتتم)
(فَإِن كَانَ قبرك دون الثرى ... فقدرك فَوق عوالي الهمم)
(يعز عَليّ بِأَن ينطوي ... بِسَاط الدُّرُوس وَنشر الحكم)
(فقد شدت مجْلِس أهل الْعلم ... وَلَكِن بأيدي الْمنون انْهَدم)
(سقى جدثا أَنْت ثاوبه ... رخى السُّيُول مفاض الديم)
- خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.