الحسين بن محمد بن عبد الله الحناطي الطبري
أبي عبد الله الحناطي
تاريخ الوفاة | 401 هـ |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
أبو عبد الله الحناطي الطبري:واسمه الحسين بن محمد بن عبد الله من أئمة طبرستان، وقدم بغداد في أيام الشيخ أبي حامد الإسفرايني.
- طبقات الفقهاء / لأبو اسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي -.
الإمام أبو عبد الله حسين بن محمد الطَّبَري الشَّافعي، المعروف بالحنَّاطى، ذو المصنَّفات الكثيرة، حدَّث ببغداد عن عبد الله بن عدي وأبي بكر الإسمعيلي وله فتاوى. ذكره السبكي.
سلم الوصول إلى طبقات الفحول - حاجي خليفة.
الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عبد الله الشَّيْخ الإِمَام الْكَبِير أَبُي عبد الله الحناطي الطَّبَرِيّ
والحناطي بحاء مُهْملَة بعْدهَا نون مُشَدّدَة وَهَذِه النِّسْبَة لجَماعَة من أهل طبرستان مِنْهُم هَذَا الإِمَام وَلَعَلَّ بعض آبَائِهِ كَانَ يَبِيع الْحِنْطَة
كَانَ الحناطي إِمَامًا جَلِيلًا لَهُ المصنفات وَالْأَوْجه المنظورة
قدم بَغْدَاد وَحدث بهَا عَن عبد الله بن عدي وَأبي بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ وَنَحْوهمَا
قَالَ الْخَطِيب حَدثنَا عَنهُ أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بن أَحْمد بن شُعَيْب الرَّوْيَانِيّ وَالْقَاضِي أَبُو الطّيب الطَّبَرِيّ
قلت وَقَالَ القَاضِي أَبُو الطّيب فِي تعليقته فِي بَاب التحفظ فِي الشَّهَادَة عِنْد الْكَلَام على الحناطي كَانَ الحناطي رجلا حَافِظًا لكتب الشَّافِعِي ولكتب أبي الْعَبَّاس انْتهى
ذكره بعد مَا قَالَ الَّذِي شاهدت عَلَيْهِ أَصْحَابنَا الْعِرَاقِيّين أَنهم يَقُولُونَ إِن الْمَذْهَب أَن شَهَادَته لَا تسمع وَأَن ابْن سُرَيج قَالَ تسمع وَأَنه سمع الحناطي يعكس وَيَقُول الْمَذْهَب أَنَّهَا تسمع وَابْن سُرَيج يَقُول لَا تسمع قلت وَالْأول مَا نَقله الْحسن بن أَحْمد الْبَصْرِيّ فِي كتاب أدب الْقَضَاء فَإِنَّهُ ذكر أَن أَكثر أَصْحَابنَا قَالُوا لَا تقبل وَإِن ابْن سُرَيج قَالَ تقبل
قَالَ وَهُوَ الْقيَاس
قلت ووفاة الحناطي فِيمَا يظْهر بعد الأربعمائة بِقَلِيل أَو قبلهَا بِقَلِيل وَالْأول أظهر
وَمن الغرائب والمسائل عَن الحناطي
رَأَيْت فِي فَتَاوِيهِ أَنه لَا يجوز جعل الذَّهَب وَالْفِضَّة فِي كاغد كتب عَلَيْهِ {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وأوقفت الشَّيْخ الإِمَام الْوَالِد على ذَلِك فأقره
وفيهَا أَن من صلى فِي فضاء من الأَرْض بِأَذَان وَإِقَامَة ثمَّ حلف أَنه صلى فِي جمَاعَة أَنه يبر لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الْمَلَائِكَة تصلي خَلفه) وَوَافَقَهُ الشَّيْخ الإِمَام أبي رَحمَه الله
وَأَنه لَو قَالَ لغريمه أحللتك فِي الدُّنْيَا دون الْآخِرَة برىء فِي الدَّاريْنِ لِأَن الْبَرَاءَة فِي الْآخِرَة تَابِعَة للبراءة فِي الدُّنْيَا
قلت وَقد يُنَازع فِي ذَلِك وَيُقَال لَا يلْزم من الْبَرَاءَة فِي الدُّنْيَا الْبَرَاءَة فِي الْآخِرَة
وَإِنَّمَا هُوَ كتأجيل الدّين وَلَا أَعنِي صَيْرُورَته مُؤَجّلا وَأَن الْحَال لَا يُؤَجل وَإِنَّمَا أَعنِي نَحْو الْوَصِيَّة أَو نذر تَأْخِير الْمُطَالبَة وَكَأَنَّهُ ترك حَقه من الْمُطَالبَة فِي الدُّنْيَا نعم يتَّجه أَن يُقَال لَا يبرأ مُطلقًا وَيبقى الدّين فِي ذمَّته كَمَا كَانَ غير أَن الدَّائِن لَا يسْتَحق الْمُطَالبَة بِهِ فِي الدُّنْيَا وَإِن أحب الْمَدِين الْبَرَاءَة الْكُلية الَّتِي لَا يتبعهُ مَعهَا فِي دنيا وَلَا أُخْرَى وَفِي الدَّائِن دينه ثمَّ للدائن أَخذه وَلَا يمنعهُ إبراؤه فِي الدُّنْيَا لأَنا قد قُلْنَا إِن معنى الْإِبْرَاء فِي الدُّنْيَا ترك حق الْمُطَالبَة فغايته تَأْجِيل الْحَال ثمَّ من لَهُ دين مُؤَجل قد يعجل لَهُ
فَإِن قلت أيصح رد كَلَام الحناطي بِأَن يعكس قَوْله لما أَبرَأَهُ فِي الدُّنْيَا بَرِيء فِي الْآخِرَة وَيُقَال لما لم يبرأ فِي الْآخِرَة لم يبرأ فِي الدُّنْيَا يعين مَا قَالَه فَإِنَّهُ علله بِأَن الْآخِرَة تَابِعَة وكما لَا ينْفَصل التَّابِع عَن الْمَتْبُوع كَذَلِك لَا ينْفَصل الْمَتْبُوع عَن التَّابِع وَذَلِكَ شَأْن المتلازمين
قلت لَا يَصح ذَلِك لِأَن إِعْمَال قَوْله أَبْرَأتك فِي الدُّنْيَا أولى من إِعْمَال لم أبرئك فِي الْآخِرَة فَإِن قَوْله دون الْأُخْرَى لَا يزِيد على أَنه بَقِي الْأَمر فِي الْآخِرَة على مَا كَانَ عَلَيْهِ
وَذَلِكَ مُسْتَفَاد من قبل الْإِبْرَاء وَهُوَ إِنَّمَا أصدر الْإِبْرَاء فِي الدُّنْيَا وَجعل صدر كَلَامه مَكَانَهُ أولى بِأَن ينظر إِلَيْهِ ويحذف مَا بعده لوُقُوعه كالمعارض لَهُ فَهُوَ يشبه رفع الشَّيْء بعد ثُبُوته فَلَا يسمع كألف من ثمن خمر
وَأَنه سُئِلَ عَن مَرِيض تحقق مَوته فِي مَرضه هَل تصح وَصيته فَقَالَ لَا تصح وَلَا قصاص على قَاتله وَإِن أَثم
انْتهى
وَمرَاده من انْتهى إِلَى حَرَكَة المذبوحين وَلم يبْق فِيهِ حَيَاة مُسْتَقِرَّة وَلَا يحمل التَّأْخِير لَحْظَة
وَبِذَلِك صرح الْعِرَاقِيُّونَ فِي كتاب الْوَصَايَا فَقَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد إِذا كَانَ فِي النزع وَقد شخص بَصَره وانتصبت عَيناهُ فَلَا قَود وَلَا دِيَة وَلَا كَفَّارَة
وَتَبعهُ جماعات مِنْهُم الْمُتَوَلِي والرافعي وَالنَّوَوِيّ لكِنهمْ جَمِيعًا صَرَّحُوا فِي كتاب الْجراح بِوُجُوب الْقود فَقَالُوا والعبارة للْإِمَام رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَو انْتهى الْمَرِيض إِلَى سَكَرَات الْمَوْت وبدت مخايله وتغيرت الأنفاس فِي الشراسيف فَلَا يحكم لَهُ بِالْمَوْتِ وَإِن كَانَ يظنّ أَنه فِي حَالَة المقدود لِأَن بُلُوغه إِلَى تِلْكَ الْحَالة غير مَقْطُوع وَقد يظنّ بِهِ ذَلِك ثمَّ يشفى بِخِلَاف المقدود
قَالَ الإِمَام وَكم من مذفف شقّ عَلَيْهِ الْجُيُوب وَشد حنكه ثمَّ تثور قوته وتعود فَلَا يتَصَوَّر الحكم بِالْمَوْتِ على ثِقَة مَا لم يخمد ويفض نَفسه فَإِذا ضرب ضَارب رقبته وَهُوَ يتنفس فنجعله قَاتلا على التَّحْقِيق
هَذَا كَلَام الإِمَام وَتَبعهُ الْأَصْحَاب وَسَبقه غَيره وَهُوَ مَنْصُوص للشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنهُ
وَلقَائِل أَن يَقُول التَّعْبِير بِأَنَّهُ فِي سَكَرَات الْمَوْت وَأَنه انْتهى إِلَى حَرَكَة الْمَذْبُوح مَعَ تفرقتهم بِأَن بُلُوغه إِلَى تِلْكَ الْحَالة غير مَقْطُوع لَيْسَ بصواب بل الصَّوَاب التَّعْبِير بِعِبَارَة صَاحب الْمُهَذّب فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْأُم من جنى على رجل يرى من حَضَره أَنه فِي السِّيَاق وَأَنه يقبض مَكَانَهُ فَضَربهُ بحديدة فَمَاتَ فَعَلَيهِ فِيهِ الْقود لِأَنَّهُ قد يعِيش بعد مَا يرى أَنه يَمُوت
انْتهى
وَأَنه وصل إِلَى حَرَكَة الْمَذْبُوح قد لَا يكون فِي نفس الْأَمر كَذَلِك فَيجب الْقصاص على قَاتله وَهُوَ مَا جزم بِهِ الْأَصْحَاب فِي كتاب الْجراح
وَمن تَيَقنا أَنه انْتهى إِلَى حَرَكَة الْمَذْبُوح وَأَن الْحَيَاة فِيهِ غير مُسْتَقِرَّة فَلَا قصاص فِيهِ وَهُوَ مَا ذكره فِي بَاب الْوَصَايَا فَلَا تنَاقض بَين الْمَوْضِعَيْنِ
وَمن شككنا أَنه وصل إِلَى هَذِه الْحَالة فَالصَّوَاب أَلا يحكم بوصوله إِلَيْهَا وَأَن نوجب الْقصاص على قَاتله جَريا على الأَصْل
هَذَا مَا يظْهر وَبِه يجْتَمع كَلَام الْأَصْحَاب فِي الْوَصَايَا والجراح وَلَا يعد تناقضا وَإِنَّمَا أُتِي من أُتِي من سوء التَّعْبِير
فَإِذا قَالَ قَائِل يجب الْقصاص على قَاتل الْمَرِيض وَإِن ظن انتهاؤه إل حَرَكَة الْمَذْبُوح بِخِلَاف من تَيَقّن أَنه انْتهى إِلَى هَذِه الْحَالة كَمَا صَرَّحُوا بِالْأولِ فِي الْجراح وَبِالثَّانِي فِي الْوَصَايَا كَانَ مصيبا
وَإِذا زَاد فَقَالَ لَكِن مَا ذَكرُوهُ فِي بَاب الْوَصَايَا لَا يتَحَقَّق مَحَله لِأَن تِلْكَ الْحَالة لَا يتَحَقَّق الِانْتِهَاء إِلَيْهَا فإطلاق وجوب الْقصاص صَحِيح كَانَ مصيبا أَيْضا
وَهَذَا مُخْتَصر من جملَة مُطَوَّلَة متشعبة فِي كَلَام الْأَصْحَاب قد لخصتها لَك هُنَا خرج لَك منا أَن مَا ذكره الحناطي فِي فَتَاوِيهِ وَإِن كَانَ حَقًا فِي نفس الْأَمر إِذا حمل على من تَيَقّن أَنه انْتهى إِلَى حَرَكَة الْمَذْبُوح وَقع ألفاظا وفقا لما ذكره فِي بَاب الْوَصَايَا لكنه غير مَعْمُول بِهِ لعدم تَيَقّن تِلْكَ الْحَالة وَأما الظَّن بالحناطي أَنه يَقُول لَا قصاص وَإِن لم ينْتَه إِلَى حَرَكَة الْمَذْبُوح إِذا تَيَقنا مَوته بذلك الْمَرَض فَهَذَا ظن بَاطِل إِذْ لَا يَقُول بذلك عَاقل بل لَو تَيَقنا مَوته بذلك الْمَرَض وَأَنه لَا يعِيش إِلَّا لَحْظَة وَاحِدَة فَقتله قَاتل وَجب عَلَيْهِ الْقود جزما لِأَن الْمَوْت محَال على قَتله فَإِن الْمَرَض قد كَانَ يبقيه تِلْكَ اللحظة ففوتها الْقَاتِل عَلَيْهِ وَإِن كَانَ الْقَاتِل عندنَا معاشر أهل السّنة لَا يقطع أَََجَلًا لَكِن ذَلِك وَاد آخر من غير هَذَا الْوَادي الفقهي الَّذِي نَحن الْآن نمشي فِيهِ
طبقات الشافعية الكبرى - تاج الدين السبكي