أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن علي بن أسلم البكري الجبنياني: سلفه من أهل الخطط النبيهة أحد أئمة المسلمين والعلماء العاملين والأولياء الصالحين، مجمع على فضله وورعه، أخذ عن عيسى بن مسكين بالإجازة وكتب عن ابن اللباد وسمع منه وانتفع به، وأخذ عن أبي محمَّد بن سهلول الفقيه الزاهد صاحب محمَّد بن عبدوس وصحبه كثير من أهل العلم والفضل والصلاح، كان ابن أبي زيد يعظم شأنه والقابسي أيضاً ويقول: الجبنياني إمام يقتدى به، ألّف في أخباره تلميذه أبو القاسم اللبيدي وأبو بكر المالكي وابن شرف. توفي في المحرم سنة 369 هـ[979 م] وقبره بجبنيانة معروف متبرك به.
شجرة النور الزكية في طبقات المالكية _ لمحمد مخلوف
الشيخ أبو إسحق إبراهيم بن أحمد بن علي بن مسلم البكري الجُبُنْيَانيّ القيرواني المالكي، المتوفى بجُبنيانة قرية من قرى القيروان، في محرم سنة تسع وستين وثلاثمائة وله تسعون سنة.
كان رحمه الله من أولياء الله الصالحين وقد جمع الفقيه أبو القاسم اللبيدي وأبو بكر المالكي من أخباره وسيره ما لخصه القاضي عياض في "ترتيب المدارك".
سلم الوصول إلى طبقات الفحول - حاجي خليفة.
إبراهيم بن أحمد بن علي بن أسلم أبي إسحاق الجبنياني البكري من بكر بن وائل أحد أئمة المسلمين وأبدال أولياء الله الصالحين وقد جمع الفقيه أبي القاسم اللبيدي وأبي بكر المالكي من أخباره وسيره كثيراً وكان سلفه من أهل الخطط بالقيروان وكان من أعلم الناس باختلاف العلماء عالماً بعبارة الرؤيا ويعرف حظاً من اللغة والعربية حسن القراءة للقرآن بحسن تفسيره وإعرابه وناسخه ومنسوخه لم يترك حظه من دارسة العلم بالليل إلا عند ضعفه قبل موته بقليل.
وكان لا يفتي إلا أن يسمع أحداً يتكلم بما لا يجوز فيرد عليه أو يرى من يخطئ في صلاته فيرد عليه. وكان أبي الحسن القابسي يقول: الجبنياني إمام يقتدى به. وكان أبي محمد بن أبي زيد يعظم شأنه ويقول: طريق أبي إسحاق خالية لا يسلكها أحد في الوقت. وكان أبي إسحاق قلما يتغير على أحد فيفلح. وكان إذ رئي ذكر الله تعالى من هيبته قد جف جلده على عظمه واسود لونه. كثير الصمت قليل الكلام فإذا تكلم نطق بالحكمة.
وكان قلما يترك ثلاث كلمات جامعة للخير وهي: " اتبع لا تبتدع ". " اتضع لا ترتفع " " من ورع لم يتسع ". وكان له من الولد سبعة كلهم خير تقي. توفي رحمه الله سنة تسع وستين وثلاثمائة وسنه تسعون سنة وما وجد له من الدنيا قليل ولا كثير غير أمداد شعير في قلة مكسورة
الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب - ابن فرحون، برهان الدين اليعمري
اللغوي، المفسر: إبراهيم بن أحمد بن علي بن أسلم البكري، أبي إسحاق الجبنياني البسكَري.
ولد: سنة (279 هـ) تسع وسبعين ومائتين.
من شيوخه: عيسى بن مسكين، وابن اللباد، وأبي محمد بن سهلول وغيرهم.
من تلامذته: أبي القاسم اللبيدي، وأبي بكر المالكي وغيرهما.
كلام العلماء فيه:
* ترتيب المدارك: "أحد أئمة المسلمين، وأبدال أولياء الله الصالحين" ثم قال: "فكان ربما لقيه قوم فيسلم على بعضهم ويتفرس في آخرين فراسة سوء، فيقف عن السلام عليهم، فيكشف عنهم، فيوجدون على ضلالة، وله في هذا الباب أخبار مأثورات كثيرة .. ".
وقال: "قال عمر بن مثنى: كل من أدركت بهذا الساحل من عالم أو عابد، يستتر ويتروى بدينه، خوفًا من بني عبيد، إلا أبا إسحاق، فإنه واثق بالله، ملم .. ومسك الله به قلوب المؤمنين، وأعز به الدين، وهيّبه في أعين المارقين".
قلت: وكان له مع الشيعة مواقف يذود عن السنة ضدهم كما في حادثته مع سلطان الشيعة في وقته عندما أراد به السوء، وأرسل له من يتجسس له ضده، فعندما علم به الشيخ البكري دعا على الرجل الذي تجسس عليه بعد أن ادعى ذلك الرجل عن الشيخ: أنه عدو السلطان في دينه وأموره، فذهبت عيناه. انظر الترتيب نقلناها منه مختصرًا.
وهو في ذلك لا يعطي للسلطان أو غيره من الشيعة مجالًا ضد أهل السنة، رحمه الله تعالى.
وذكر أيضًا في الترتيب: "قال بعض أصحابه: لما حججت أتيت معي بحصيات من حصباء المسجد الحرام، فقلت لأبي إسحاق: إني أتيت معي بحصيات من حصباء المسجد الحرام، أتحب أن أعطيك منهن شيئًا تسبح بها؟ فقال لي: يا أحمق، أرم بهن، فعلى أقل من هذا، عبدت الحجارة".
وقال: "قال محمد بن سهلون: قلت لأبي إسحاق، ما تقول في يزيد بن معاوية؟ فسكت عني. ثم قال لي: إن أهل السنة لا يكفرون أحدًا من أهل القبلة بذنب دون الشرك. ولكن ليس على المرء أن يحب ما يكره، كما يحب ما يحبه". ثم قال القاضي عياض: "وقال: لو سألت عنه المسألة أبا الحسن الأشعري فيما أراه ما كان يجيب فيها بأكثر من هذا .. " أ. هـ.
* الديباج: "كان من أعلم الناس باختلاف العلماء عالمًا بعبارة الرؤيا، ويعرف حظًا من اللغة والعربية، حسن القراءة للقرآن، يحسن تفسيره وإعرابه، وناسخه ومنسوخه .. "
وقال أيضًا: "وكان أبي الحسن القابسي يقول: الجبنياني إمام يقتدى به، وكان أبي محمد بن أبي زيد يعظم شأنه، . ويقول: طريق أبي إسحاق خالية لا يسلكها أحد في الوقت" أ. هـ.
* شجرة النور: "من العلماء العاملين والأولياء الصالحين مجمع على فضله وورعه، معروف يتبرك به" أ. هـ.
قلت: ولقد ذكر له القاضي عياض في ترتيب المدارك أحوالًا من الكرامات والزهد والورع والعبادة واستقصاره بنفسه وعلى أهله ما يدل على فضله وحسن دينه على ما فيه من تقشف واقتصار ينهج فيه نهج المتصوفة في وقته. كما قال عندما عوتب في تقشفه هذا: "الرقاد مع الكلب على المزابل وأكل خبز الشعير، بنخالته، كثير لمن كان يرجو في الآخرة شيئًا" أ. هـ. من ترتيب المدارك.
فائدة من أقواله: وكان قلما يترك ثلاث كلمات جامعة للخير: "اتبع لا تبتدع، اتضع لا ترتفع، منْ ورع لم يتسع"، ويقول: "إذا رأتك زوجتك وولدك وخادمك تعصي الله كان أول من يذلك هم".
وفاته: سنة (369 هـ) تسع وستين وثلاثمائة.
الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة ص8