محمد بن نور الدين بن محمد الدمشقي

ابن الدرا

تاريخ الولادة1028 هـ
تاريخ الوفاة1065 هـ
العمر37 سنة
مكان الولادةدمشق - سوريا
مكان الوفاةدمشق - سوريا
أماكن الإقامة
  • مكة المكرمة - الحجاز
  • دمشق - سوريا
  • القاهرة - مصر

نبذة

مُحَمَّد بن نور الدّين الْمَعْرُوف بِابْن الدرا الدمشقى الشافعى الأديب الشَّاعِر المطبوع كَانَ من أنبل أَبنَاء وقته فَاضلا ممتع المحاضرة معاشرا مسلوب الِاخْتِيَار مغرما بالجمال كثير الهيام والتعشق وَلِهَذَا رق شعره وعذب موقعه فان من شفه الغرام يَأْخُذ مِنْهُ وَيدْرك مراميه فِيهِ وعَلى كل حَال.

الترجمة

مُحَمَّد بن نور الدّين الْمَعْرُوف بِابْن الدرا الدمشقى الشافعى الأديب الشَّاعِر المطبوع كَانَ من أنبل أَبنَاء وقته فَاضلا ممتع المحاضرة معاشرا مسلوب الِاخْتِيَار مغرما بالجمال كثير الهيام والتعشق وَلِهَذَا رق شعره وعذب موقعه فان من شفه الغرام يَأْخُذ مِنْهُ وَيدْرك مراميه فِيهِ وعَلى كل حَال فَمَا أرَاهُ الا محسنا فى غزلياته وان لم يطلّ بَاعه فى الشّعْر وأنواعه قَرَأَ الْعَرَبيَّة على شَيخنَا النَّجْم مُحَمَّد بن يحيى الفرضى وَحضر دروس النَّجْم الغزى وَكَانَ قبل ذَلِك حضر دروس الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن العمادى وتفوق من حِين نشأته وشاع فَضله وَبحث وناظر ونظم وَقد وقفت لَهُ على أَبْيَات من بَحر الرجز كتبهَا الى العمادى الْمُفْتى الْمَذْكُور يسْأَله فِيهَا عَن بَيت الاستاذ ابْن الفارض رضى الله تَعَالَى عَنهُ فى قصيدته الكافية وَهُوَ قَوْله
(وَمر الغمض أَن يمر بجفنى ... فكانى بِهِ مُطيعًا عصاكا)
والأبيات هى هَذِه
(مَاذَا يَقُول جهبذ الجهابذة ... وكعبة الطلاب والتلامذه)
(حبر الْعُلُوم صَاحب التَّحْقِيق ... بَحر الندى ومعدن التدقيق)
(مِفْتَاح ايضاح الْمعَانى من غَدا ... كنزا لمن رام الْهدى ومقصدا)
(هِدَايَة الفحول والاكابر ... رقى على الاشباه والنظائر)
(شيخ على مَشَايِخ الاسلام ... وَصَاحب الافتاء للانام)
(فى قَول شيخ الْوَقْت والحقيقه ... أستاذ أهل الله فى الطريقه)
(أعنى بِهِ ابْن لفارض السالك فى ... مَرَاتِب الرقى فى التصوف)
(فى فكانى حَيْثُ جَاءَ بعده ... بِهِ مُطيعًا سؤلنا مَا قَصده)
(أبن لنا اعرابه وَالْمعْنَى ... وفز بتكرار الدُّعَاء منا)
(واعذر فَعَن ضَرُورَة سؤالى ... لَا زلت ترقى رتب المعالى)
فَأَجَابَهُ بقوله
(يَا فَاضلا أهْدى لنا ارجوزه ... بديعة بليغة وجيزه)
(لَا غر وَحَيْثُ انه ابْن الدرا ... فَهُوَ بأنواع الْفُنُون أدرى)
(وجده الولى ذُو مَنَاقِب ... رؤتها عَمَّن رَوَاهَا عَن أَبى)
(عَلَيْهِم الرَّحْمَة والرضوان ... ثمَّ بهم يَرْحَمنَا الرَّحْمَن)
(سَأَلت عَن بَيت الولى الفارضى ... روحه الله بِفضل فائض)
(لكَونه من معضل الابيات ... معنى واعراباً لَدَى النجَاة)
(اما كَانَ فهى للتقريب ... ان شِئْت فَانْظُر مغنى اللبيب)
(فقد حكى الاقوال فى اعرابها ... وَكلهَا غَرِيبَة فى بَابهَا)
(ذكرت بعض أوجه لطيفه ... مِنْهَا وأعرضت عَن الضغيفه)
(ثمَّ قرنت بالوجوه الْمَعْنى ... مناسبا لما عَلَيْهِ يبْنى)
(وَذَاكَ وسع طَاقَة الامكان ... فى فهم قَول الْعَارِف الربانى)
(أوردته نثرا لضيق النّظم ... مرتجيا تقريبه للفهم)
(معترفا بِالْعَجزِ وَالتَّقْصِير ... فى مثل هَذَا المسلك الخطير)
(ثمَّ ختمته بِحَمْد ربى ... مستعفيا مُسْتَغْفِرًا لذنبى)
(مُصَليا مُسلما على النبى ... القرشى الهاشمى العربى)
(وَآله وَصَحبه الابرار ... وتابعيه السَّادة الاخيار)
(وَقَالَ ذَاك أَضْعَف الْعباد ... عبيد رَحْمَن الورى العمادى)
اعْلَم ان كَانَ فى الْبَيْت حرف تقريب على رأى الْكُوفِيّين مثلهَا فى قَوْلهم كانك بالشتاء مقبل وكانك بالفرج آتٍ وكانك بالدنيا لم تكن وكأنك بِالآخِرَة لم تزل وَقَول الحريرى من قصيدته الفريدة من مقاماته المفيدة
(كانى بك تنحط ... الى الْجهد وتنغط ... وَقد اسلمك الرَّهْط ... الى أضيق من سم)
وَقد اخْتلف النحويون فى اعراب ذَلِك على اقوال أقواها قَول أَبى على الفارسى ان الْكَاف فى كَأَنَّك حرف خطاب وَالْيَاء فى كانى حرف تكلم لَا مَحل لَهَا من الاعراب وَالْبَاء بعدهمَا زَائِدَة وَالْمَجْرُور بهَا مَحَله النصب على انه اسْم كَانَ التقريبية وَالْجُمْلَة بعْدهَا خبر ثمَّ الالطف من تِلْكَ الاقوال قَول الامام أَبى الْفَتْح نَاصِر الدّين المطرزى النحوى الْفَقِيه الحنفى خَليفَة الزمخشرى ان أصل الْكَلَام كانى ابصر الدُّنْيَا لم تكن وكانى ابصرك تنحط ثمَّ حذف الْفِعْل وزيدت الْبَاء ونقول التَّقْدِير كَأَنَّك تبصر بالدنيا أى تشاهدها من قَوْله تَعَالَى فبصرت بِهِ عَن جنب وَالْجُمْلَة بعد الْمَجْرُور وبالباء حَال وَالْمعْنَى كَأَنَّك تبصر بالدنيا وتشاهدها غير كائنة انْتهى وَقَالَ الرضى الاولى ان تبقى كَانَ على معنى التَّشْبِيه وَلَا يحكم بِزِيَادَة شئ انْتهى وَهَذَا من الرضى انتصار لمَذْهَب الْبَصرِيين فى انكار افادة كَانَ معنى التَّقْرِيب وابقائها فى مثل هَذِه الامثلة على معنى التَّشْبِيه الاصلى فَنَقُول فى اعراب الْبَيْت على قَول أَبى على الْيَاء فى كانى حرف تكلم لَا مَحل لَهَا من الاعراب وَالْبَاء فى بِهِ زَائِدَة وَالْهَاء مَنْصُوبَة الْمحل اسْم كَانَ التقريبية وَجُمْلَة عصاك خَبَرهَا ومطيعا حَال من فَاعل عصاك وَالْمعْنَى كَانَ الغمض عصاك فى حَال طَاعَته وسيأتى بَيَان صِحَة هَذَا الْكَلَام ان شَاءَ الله تَعَالَى وعَلى قَول المطرزى الْيَاء ضميرالمتكلم مَنْصُوبَة الْمحل اسْم كَانَ التقريبية وخبرها مَحْذُوف تقديرها ابصر وَالْبَاء زَائِدَة وَالْهَاء مفعول الْفِعْل الْمَحْذُوف وَجُمْلَة عصاك حَال من الْهَاء ومطيعا حَال متداخلة من فَاعل عصاك وَالتَّقْدِير كانى ابصر الغميض عَاصِيا لَك فى حَال طَاعَته وعَلى قَول الرضى الْيَاء اسْم كَانَ التَّشْبِيه وخبرها مَحْذُوف وَبِه مُتَعَلق بالمحذوف وَالتَّقْدِير كانى ابصر بالغمض وأشاهده عَاصِيا لَك فى حَال طَاعَته ومحصل الْمَعْنى المُرَاد من الْبَيْت وَالله أعلم أَن الشَّيْخ أَفَادَ فى الْبَيْت الذى قبله وَهُوَ قَوْله رضي الله عَنهُ
(ذاب قلبى فَأذن لَهُ يتمناك وَفِيه بَقِيَّة لرجاكا ... )
انه على شرف الفناء وَلَكِن فِيهِ بَقِيَّة رَمق يُمكنهُ فِيهَا تمنى الْوِصَال ثمَّ سَأَلَ فى هَذَا الْبَيْت ان لم يسمح بالاذن الْمَذْكُور ان يَأْمر الغمض بالمرور بجفنه الْآن حَيْثُ يُمكن الغمض ان يطيعه فى الْمُرُور مَا دَامَت الْبَقِيَّة مَوْجُودَة لانها اذا زَالَت انْعَدم مَحل الغمض بالفناء الْمَحْض فَلَا يُمكن الغمض طَاعَته من الْمُرُور بالجفن بعد انعدامه ثمَّ بَين بقوله فكأنى بِهِ الخ أَن بَقِيَّة الرمق وان كَانَت مَوْجُودَة الْآن وَطَاعَة الغمض مُمكنَة لَكِنَّهَا قريبَة الزَّوَال وعَلى شرف الاضمحلال حَتَّى كَانَ عصيان الغمض لتحَقّق قرب وُقُوع الزَّوَال وَاقع فى حَال طَاعَته الْآن من غير امهال فعلى كَون كَانَ تقريبية أفادت أَن حَال بَقِيَّة الرمق الَّتِى يُمكن فِيهَا طَاعَة الغمض قريبَة من حَال الفناء الَّتِى يَقع فِيهَا عصيانه وتمتنع طَاعَته حَتَّى كَأَنَّهَا وَاقعَة فِيهَا وعَلى كَونهَا تشبيهية أفادت ان حَال بَقِيَّة الرمق الَّتِى يُمكن فِيهَا الطَّاعَة شَبيهَة بِحَال الفناء الَّتِى يَقع فِيهَا الْعِصْيَان حَتَّى كَأَنَّهَا هى وَكَانَ الْعِصْيَان الْوَاقِع فى تِلْكَ الْحَالة مُقَارن للطاعة الْوَاقِعَة فِيهَا انْتهى عوداً لذكر صَاحب التَّرْجَمَة وَكَانَ رَحل الى الْقَاهِرَة وَأخذ بهَا عَن الشَّيْخ سُلْطَان وَمن عاصره ثمَّ حج وجاور وَأخذ بِمَكَّة عَن ابْن عَلان الصديقى وتكرر لَهُ بعد ذَلِك السّفر الى مصر ومدح بهَا الاستاذ مُحَمَّد ابْن زين العابدين الْكُبْرَى بقصيدتين مطلع الاولى
(خليلى حطا بالركائب فى مصر ... سَقَاهَا وحياها الهزيع من الْقطر)
وَالثَّانيِة
(من لقلب من الْهوى لَا يفِيق ... وعيون انسانهن غريق)
وَاجْتمعَ بِهِ والدي بهَا فى سنة سِتِّينَ وَألف ثمَّ حج وجاور بِمَكَّة فى سنة أَربع وَسِتِّينَ وَعمل بِمَكَّة شرحا على سقط الزند لأبي الْعَلَاء المعرى وَجعله برسم الشريف زيد بن محسن وصدره بقصيدة من نظمه ثمَّ أدْركهُ الْمَرَض بِمَكَّة وَلم يكمل الشَّرْح وَالْقَصِيدَة الْمَذْكُورَة مطْلعهَا هَذَا
(خُذ يَمِين الْحمى فثم بدور ... طلعت فى دجى الشُّعُور تنير)
(كل بدر يقلهُ غُصْن بَان ... مثمر بالدلال لدن نضير)
(فقدت قَلبهَا المناطق فِيهِ ... فهى حيرى على الخصور تَدور)
(سلب الظبى لفتة ولحاظا ... ظبى أنس مرعاه منا الضَّمِير)
(كل لحظ اذا أَشَارَ بشزر ... فالمنايا تحل حَيْثُ يُشِير)
(واذا شابه الرضى فحياة ... فَهُوَ حتف طورا وطورا نشور)
(خل عَنْك الرقى فسحر ظباه ... فى نفوس الرقى لَهُ تَأْثِير)
(ان نضاه فَلَا يقيك مجن ... وَلَو ان الْمِجَن مِنْهُ ثبير)
(قد وَحقّ الْهوى وعهد التصابى ... أعوز العاشقين مِنْهُ المجير)
(بيد أَن تستجير بِالْحرم الآمن حَيْثُ الملاذ حَيْثُ النصير ... )
(حَيْثُ قطب الْمُلُوك فى فلك الْمجد عَلَيْهِ زهر الفخار تَدور ... )
يَقُول فى مديحها
(شرف المشرفى حِين رقى مَا ... رصعته من الْمُلُوك الثغور)
(من بنان الشريف فَهُوَ على الْهَام الى الله بِالسُّجُود يُشِير ... )
(فى مقَام تكَاد هام عداهُ ... قبل ان ينتضى ظباه تطير)
(نظرة أحمدية حبذا من ... آيَة الرعب للشريف نصير)
(مَعَ امضاء عَزمَة هى فى الْحَرْب اذا طاشت الْعُقُول سعير ... )
(وتراه بالبشر يعرف اذ ذَاك وَقد أنكر العشيرا لعشير ... )
(فى بنان الْيَسَار مِنْهُ عنان الطّرف وَالْمَوْت فى الْيَمين أَسِير ... )
(موطئا مِيم مهره عبن أعداه وهم فى طرس الْوَطِيس سطور ... )
(لابسا لَام طَاعَة ألف الْخَوْض ببحر الهيجاء وَهُوَ صَغِير ... )
(حَيْثُ لَا مهد غير سرج المذاكى ... وَله هَالة الشموس سَرِير)
وَهَذِه القصيدة من أَجود شعره واكتفيت مِنْهَا بِهَذَا الْقدر لَان لَهَا أَخَوَات تذكر بقَوْلهمْ لكل جَدِيد لَذَّة فَمِنْهَا مَا كتبه الى بعض خلانه من أهل مَكَّة المشرفة وَهُوَ قَوْله
(فَدَيْنَاك من خل ارق من الصِّبَا ... واعذب من ترشاف كأس لمى الثغر)
(وآخذ للالباب من سُورَة الطلا ... وانفذ فِيهَا من مخالسة السحر)
(واشهى الى الاحداق من رونق الضُّحَى ... بروض كسته الدّرّ غادية الْقطر)
(وابهج من روق الشَّبَاب زهرَة ... وَقد قذيت اجفان حَادِثَة الدَّهْر)
(واوقع للآمال من وصف معرض ... تميل الامانى ان يُبِيح سوى الهجر)
(من التّرْك فى احداقه طبعة الجدجا ... وتشرق من أطواقه طلعة الْبَدْر)
(اذا خامرته نشوة الدل وَالصبَا ... يُرِيك المنايا من لواحظة الشزر)
(رَقِيق حواشى الْحسن كالورد مترف ... يبرمه وحى الوشاح الى الخصر)
(رخيم الْمعَانى كالسلاف لطافة ... يكَاد مَعَ الارواح من لطفه يجرى)
(تدفق فى خديه مَاء جماله ... فَاطلع وردا فى خمائله الْخضر)
(وَمَال بعطفى بانة نقوية ... بريقته نشوان لَا بطلا الْخمر)
(يجر ذيول التيه فِينَا تصلفا ... فيختلس الالباب منا وَلَا ندرى)
(أما وسويعات لنا بوصاله ... نعمنا بهَا بالأمن من سطوة الهجر)
(لانت على وفْق المنى ورضا الْهوى ... وانك ملْء الْعين والسمع والصدر)
(وَلَيْسَ لصهباء المدامة موقع ... اذا رحت تملى بَيْننَا أكؤس الشّعْر)
(سأثنى على الايام مَا دمت انها ... رمتنى الى مَا لم يجل قطّ فى فكرى)
وَلما نظم هَذِه القصيدة عتب عَلَيْهِ بعض الادباء بِمَكَّة وَقَالَ ان فلَانا الذى مدحته بِهَذِهِ لَا يَسْتَحِقهَا فَكتب للمعاتب فى الْحَال يَقُول لَهُ
(يَا من تنكر وَهُوَ كالنبراس ... أَو تختفى اللألىء بَين النَّاس)
(هون عَلَيْك فَمَا كَذَلِك من جرت ... منا اليه جداول الايناس)
(وتسابقت أَرْوَاحنَا لوداده ... مرتاضة لَيست بِذَات شماس)
(فعلام أَو فيمَ التناكر بَعْدَمَا ... هَب التعارف طيب الانفاس)
(ان كَانَ ذَلِك من تجنيك اتئد ... فالقلب طود للتجنى راسى)
(أَو كَانَ من طرف الدَّلال وتيهه ... فعلى محاجرى الْقبُول وراسى)
(لَكِن أرى فى ضمن مَا أرشفتنى ... من كأس عتبك حسنها من كاس)
(عوض الْحباب قذى يكدر مَا صفا ... من سلسبيل مزاجها للحاسى)
(فالغض فِيمَا بَين اخوان الصَّفَا ... من بَعضهم من زِينَة الوسواس)
( ... وأعيذ جمعكم المنضد شَمله ... من شَرّ خلسته بِرَبّ النَّاس)
(هَذَا وَمَا نظمى القريض لانه ... فخرأتيه بِهِ على الْجلاس)
(لَكِن فِيهِ للنفوس علالة ... تخْتَار كالريحان للاكياس)
(لَا تعتقد أَنِّي أرَاهُ صناعَة ... وأعده من حليتى ولباسى)
(مَا الْفَخر الا بالعلوم وكسبها ... أفدى رقائقها بِكُل حواسى)
(فبها يجر الْمَرْء أذيال العلى ... وبغيرها عَار وان يَك كاس)
(وَأَبِيك لَا أزهو بِنِسْبَة غَيرهَا ... انى وَتلك الرَّأْس للرآس)
وَمن غزلياته أَيْضا قَوْله
(مَال كالغصن حركته الشَّمَائِل ... يتثنى تيها بلطف الشمايل)
(رشأ دب فى لواحظه الغنج وأضحى فى طرفها السحر جائل ... )
(لست أدرى أبابل هى هذى ... أم اليها بِالسحرِ تنْسب بابل)
(سل مِنْهَا على الْقُلُوب سيوفا ... مَا لَهَا غير عارضيه حمائل)
(تقتل الصب وَهُوَ يصبو اليها ... وَعَجِيب ميل الْقَتِيل لقَاتل)
(اهيف زانه الْجمال ولاحت ... بَين عطفيه للدلال دَلَائِل)
(تخذ الْعجب عَادَة فمحال ... أَن يرى فِيهِ للوصال مخائل)
(جذبتنى الحاظه فاطعت الْحبّ فِيهِ وَقد عصيت العواذل ... )
(نحلتنى فِيهِ الصبابة حَتَّى ... صَار هَذَا النحول فى مفاصل)
(خلته اذ بدا قَضِيبًا وَلَكِن ... كذبتنى بِمَا ظَنَنْت الغلائل)
(رمت مِنْهُ وَقد مددت اليه ... يَد ذلى وصلا ودمعى سَائل)
(فانثنى والصدود يعْطف مِنْهُ ... عَن وصالى عطفا يهيج البلابل)
(فهجرت الْكرَى وأوصلت سهدا ... عَنهُ قد كَانَت الجفون غوافل)
(أسهر اللَّيْل فى مسامرة النَّجْم وَنجم سامرته غير آفل ... )
(يَا رعى الله مهجتى كم تلاقى ... من قوام الحبيب والطرف ذابل)
(ورعى أضلعى فكم ذَا نقاسى ... حر وجسد لهيبه غير زائل)
(كلما قلت ذى أَوَاخِر مَا بى ... من دواعى الغرام كَانَت أَوَائِل)
وَقَوله
(هَات حدث عَن مقلة وطفاء ... بجفون مَرِيضَة الايماء)
(ومحيا كطلعة الْبَدْر نورا ... وخدود تضرجت بحياء)
(وثنايا مَا بَين خمرة ريق ... كحباب الرَّحِيق شيب بِمَاء)
(وجبين من تَحت طرة فرع ... كالهدى بعد ظلمَة الاغواء)
(قوام كَأَنَّهُ غُصْن بَان ... يتثنى كالصعدة السمراء)
(وتجن فِيهِ مخائل عطف ... تزدهيه مثل الْتِفَات الظباء)
(ووقار يجول فِيهِ التصابى ... جولان الرِّضَا خلال الْجفَاء)
(وَحَدِيث يسبى الْعُقُول اختلاسا ... كاختلاس الاجفان للاغفاء)
(بِبَيَان فِيهِ عصارة سحر ... نقشتها سلافة الصَّهْبَاء)
وَقَوله وَيخرج من أَولهَا بالالتزام اسْم درويش ومضمنا وَهُوَ
(يَمِينا بسُلْطَان الْعُيُون على الْقلب ... وسطوتها مَا حلت عَن مَذْهَب الْحبّ)
(بروحى افدى كل أغيد أهيف ... اذا لعبت خمر الدَّلال بِهِ يسبى)
(لَهُ لحظات فى محاجر جؤذر ... مدعجة الاجفان يصرعن ذَا اللب)
(جلا تَحت جنح الشّعْر غرَّة كَوْكَب ... على غُصْن بَان من معاطفه رطب)
(شغفت بِهِ رَيَّان من مَاء حسنه ... أغن يُرِيك السحر من منطق عذب)
(يُدِير بِالْمَاءِ الجفون اذا رنا ... سلافة كاسات الغرام على الصب)
(ويلعب بالافكار رونق حسنه ... وجد الْهوى يَنْمُو على ذَلِك اللّعب)
(رويدك يَا من لَام فى الْحبّ أَهله ... اليك فَمَا تجدى الْمَلَامَة فى الْحبّ)
(دع اللوم أَو فاعشق فانك ان تدق ... مطاعم أهل الْعِشْق أَقرَرت بالذنب)
(ودونك فَانْظُر من سبيت بحسنه ... ترى دون وصف من ملاحته يصبى)
(رَقِيق حواشى الْحسن مهما لحظته ... يزيدك مَا يَدْعُو الْعُقُول الى السَّلب)
(وَمهما غضضت الطّرف ناداك لطفه ... الى أَيْن عَن مغنى شمايلنا الرحب)
(يضرج خديه الْجمال فيكتسى ... نقابا من الْيَاقُوت من أَفْخَر النقب)
(ويحجبه عز الْجمال وصونه ... ومرهف جفنيه وناهيك من حجب)
(وَيَوْم توافينا على غير موعد ... طرفنا بِهِ طرق التباعد بِالْقربِ)
(ونلنا ثمار الْوَصْل يانعة وَقد ... أفمنا حاديث الْهوى مَوضِع الشّرْب)
(وَقد لَاحَ فى ثوب كطرته الَّتِى ... كوجه عذولى فِيهِ اذ لج فى عتبى)
(وَشد على أعطافه بعقيقة ... ليحرسها من أعين النَّاس والشهب)
(فَللَّه من يَوْم بلغت من الْهوى ... مناى وبرأت الامانى من الْكَذِب)
(لَئِن عَاد عيد الْوَصْل يجمع بَيْننَا ... نحرت مَتى مَا أشرقت شمسه قلبِي)
وَقَوله
(أَلا صاب كاسات الغرام أوارى ... وان كنت أخْفى حبها وأوارى)
(فَتلك هى العذب الْفُرَات على الظما ... وَمَا دونهَا عندى عصارة نَار)
(وكل عَذَاب فى الْهوى وفْق مَا اقْتَضَت ... قضاياه حكم بالتنعم جارى)
(وَمن يجتبى برد الصبابة فَهُوَ فى ... حلا الْعِزّ أَو يخلع فلابس عَار)
(وَمن يَك فى ذل الْمحبَّة مخلدا ... فَذَاك لهام الفرقدين يُبَارى)
(وَمن ولعت أيدى الغرام بلبه ... حرى بِأَن يدعى بِكُل فخار ...
(وَمن طاش فى نهج الخلاعة عقله ... فقد ملئت أثوابه بوقار)
(وَمن يمتطى طرف الْهوى يزدهى على السماك وللريح الرخَاء يجارى ... )
(يميد ارتياحا بالغرام وينثنى ... وَمَا عاقرت عطفيه كأس عقار)
(لحى الله قلبا يشتكى حرق الْهوى ... وَيرجع يستجديه جذوة نَار)
(فانى بلوت الْحَالَتَيْنِ وَبَان لى ... بِأَن خلى الْقلب مثل حمَار)
وَقَالَ أَيْضا مضمنا بَيت مهيار الديلمى 
( ... فتنت بِهِ وَالصُّبْح من فرق شعره ... بدا ولشمس الرّوح فِيهِ غرُوب)
(فكدت لما شاهدت لَوْلَا طُلُوعهَا ... بمشرق خد الْقلب مِنْهُ أذوب)
(وَلَوْلَا طُلُوع الشَّمْس بعد غُرُوبهَا ... هوت مَعهَا الارواح حِين تغيب)
وَمن خطه قَالَ بَعضهم
(وَمَا قلت آه بعدكم لمسامر ... من الْبعد الا قَالَ قلبى آها)
فَقلت ولسان الطّلب هُوَ النَّاطِق ومقتضيات الْمجْلس الى البديهة تسابق
(رعى الله أوقاتا بقربكم مَضَت ... وَلم يبْق مِنْهَا الْبعد غير مناها)
(لقد طرفت ايدى البعاد لحاظها ... فأظلم ناديها الْفَقْد سناها)
(فآه لَهَا لَو تمّ بِالْقربِ أُنْسُهَا ... سقى ربعكم صوب الهنا وسقاها)
(فَمَا سر قلبى بعْدهَا غير ذكرهَا ... وحاشاه أَن يهدى بِذكر سواهَا)
(وماقلت آه بعْدهَا لمسامر ... من الْبعد الا قَالَ قلبى آها)
وَله غير ذَلِك وَقد ذكرت لَهُ فى كتابى النفحة مُعظم احسانه وَكَانَت وِلَادَته فى سنة ثَمَان وَعشْرين بعد الالف وَتوفى يَوْم السبت قبل الزَّوَال سادس شهر رَمَضَان سنة خمس وَسِتِّينَ وَألف وَدفن بمقبرة بَاب الصَّغِير
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.

 


محمد بن نور الدين بن محمد الدرا:
أديب، له شعر. مولده ووفاته بدمشق. رحل إلى القاهرة، وجاور بالحجاز مدة.
له (ضوء الفند - خ) في شرح سقط الزند للمعري، و (ديوان شعر - خ)  .
-الاعلام للزركلي-