عيسى بن عمر:
العَلاَّمَةُ إِمَامُ النَّحْوِ, أبي عُمَرَ الثَّقَفِيُّ, البَصْرِيُّ.
رَوَى عَنِ: الحَسَنِ، وَعَوْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي إِسْحَاقَ الحَضْرَمِيِّ، وَعَاصِمٍ الجَحْدَرِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
أَخَذَ عَنْهُ: الأَصْمَعِيُّ، وَشُجَاعٌ البَلْخِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ نَصْرٍ الجَهْضَمِيُّ، وَهَارُوْنُ الأَعْوَرُ، وَالخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ، وَعُبَيْدُ بنُ عُقَيْلٍ، وَالعَبَّاسُ بنُ بَكَّارٍ، وَوَلاَؤُهُ لِبَنِي مَخْزُوْمٍ نَزَلَ فِي ثَقِيْفٍ فَاشْتُهِرَ بِهِم، وَكَانَ صَاحِبَ فَصَاحَةٍ، وَتَقَعُّرٍ، وَتَشَدُّقٍ فِي خِطَابِه، وَكَانَ صَدِيْقاً لأَبِي عَمْرٍو بنِ العَلاَءِ، وَقَدْ أَخَذَ القِرَاءةَ عَرْضاً عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَابْنِ كَثِيْرٍ المَكِّيِّ، وَصَنَّفَ فِي النَّحْوِ كِتَابَيْ: "الإِكْمَالَ" وَ"الجَامِعَ"، وَكَانَ صَاحِبَ افْتِخَارٍ بِنَفْسِهِ قَالَ مَرَّةً لأَبِي عَمْرٍو: أَنَا أَفصَحُ مِنْ مَعَدِّ بنِ عَدْنَانَ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: هُوَ بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ.
أَرَّخَ القِفْطِيُّ، وَابْنُ خَلِّكَانَ مَوْتَهُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ، وَأَرْبَعِيْنَ، وَمائَةٍ، وَأَرَاهُ، وَهْماً فَإِنَّ سِيْبَوَيْه جَالَسَهُ، وَأَخَذَ عَنْهُ، وَلَعَلَّهُ بَقِيَ إلى بعد الستين ومائة.
سير أعلام النبلاء - لشمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي
عيسى بن عمر أبي عمر الثقفي
كان فصيحاً يتقعر في كلامه، ويعدل عن سهل الألفاظ إلى الوحشي والغريب؛ فمن ذلك أنه لما ضربه يوسف بن عمر بن هبيرة في سبب ثياب استودعها؛ قال: إن كانت إلا أثياباً في أسيفاط، قبضها عشاروك. وذلك أن بعض أصحاب خالد بن عبد الله القسري أودعه وديعة، فلما نزع خالد بن عبد الله عن إمارته بالعراق، وتقلد مكانه يوسف بن عمر، كتب إلى واليه بالبصرة أن يحمل إليه عيسى بن عمر مقيداً، فدعا به وبالحداد، وأمره بتقييده، وقال: لا بأس عليك، إنما أراد الأمير أن يؤدب ولده، قال: فما بال القيد إذن! فبقيت مثلاً بالبصرة، فلما أتى به يوسف بن عمر، سأله عن الوديعة فأنكرها، فأمر به فضرب بالسياط، فلما أخذه السوط جذع، فقال: أيها الأمير، والله إنما كانت أثياباً في أسيفاط، قبضها عشاروك؛ فرفع السوط عنه، وكل به حتى أخذ الوديعة منه.
وقال علي بن محمد بن سليمان: رأيت عيسى بن عمر طول دهره يحمل في كمه خرقة يحمل فيها سكر العشر والأجاص اليابس، وريما رأيته واقفاً عندي أو سائراً، أو عند ولاة أهل البصرة، فتصيبه نهكة على فؤاده، فيخفق عليه حتى يكاد يغلب، فيستغيث بإجاصة وسكرة يلقيهما في فمه، ثم يمتصهما فإذا ازدرد من ذلك شيئاً سكن عليه؛ فسألته عن ذلك، فقال: أصابني هذا من الضرب الذي ضربني يوسف بن عمر، فعالجته بكل شيء، فلم أجد له أصلح من هذا.
وصنف كتابين في النحو، يسمى أحدهما الجامع، والآخر الإكمال. وفيهما يقول الخليل بن أحمد - وكان الخليل قد أخذ عنه:
ذهب النحو جميعاً كله ... غير ما أحدث عيسى بن عمر
ذاك إكمال وهذا جامعٌ ... فهما للناس شمس وقمر
وهذان الكتابان لم نرهما ولم نرَ أحداً رآهما.
وقال يحيى بن المبارك اليزيدي:
يا طالب النحو ألا فابكه ... بعد أبي عمرو وحماد
وابن أبي إسحاق في علمه ... والزبن في المشهد والنادي
عيسى وأشباهٌ لعيسى وهل ... يأتي لهم دهر بأنداد
ويونس النحوي لا تنسه ... ولا خليلا حية الوادي
وتوفي سنة تسع وأربعين ومائة.
ويشهد لهذا ما روي عن الأصمعي أنه قال: توفي عيسى بن عمر قبل أبي عمرو بخمس سنين، وكان ذلك في خلافة أبي جعفر المنصور، وكان أبو عمرو قد توفي سنة أربع وخمسين ومائة، على ما سنذكره إن شاء الله تعالى.
نزهة الألباء في طبقات الأدباء - لكمال الدين الأنباري.
عِيسَى بن عمر
مولى خَالِد بن الْوَلِيد المَخْزُومِي.
نزل فِي ثَقِيف، فَرُبمَا نُسب إِلَيْهِم.
وَأخذ النَّحْو عَن ابْن أبي إِسْحَاق.
وَفِي أَخْبَار النَّحْوِيين: أَنه اجتاز بِأبي عَمْرو بن الْعَلَاء، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَمْرو، وَكَانَ اجتاز بِهِ وَهُوَ رَاكب حمارا: كَيفَ رجلاك أَبَا عَمْرو؟ فَقَالَ لَهُ: مَا ازدادتا بعْدك إِلَّا مَثالة.
قَالَ أَبُو عَمْرو: فَمَا هَذِه المعيورا الَّتِي أَرَاك تركض!
كَانَ بلغ ابْن هُبَيْرَة أَن بعض عماله أودع عِيسَى مَالا وثياباً، فَاسْتَحْضرهُ، فَأمر بِهِ، فَيُقَال إِنَّه ضُرب نَحوا من ألف سَوط.
وَقَالَ مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْهَاشِمِي: كَانَ بعض أَصْحَاب خَالِد ابْن عبد الله الْقَسرِي استودعه وَدِيعَة، فنمى أمرهَا إِلَى يُوسُف بن عمر،
فَكتب إِلَى واليه بِالْبَصْرَةِ بِحمْلِهِ، فقَيَّده، وَقَالَ لَهُ بعد ذَلِك: لَا بَأْس عَلَيْك، إِنَّك تمْضِي تؤدِّب أَوْلَاد الْأَمِير.
قَالَ: فَمَا بَال الْقَيْد إِذا؟
فبَقَيتْ فِي الْبَصْرَة مَثَلاً.
فَلَمَّا حضر عِنْد يُوسُف سَأَلَهُ عَن الْوَدِيعَة، فَأنْكر فَأمر بِهِ، فَلَمَّا أَخذه السَّوْط، قَالَ: أَيهَا الْأَمِير، إِن كَانَت إِلَّا أثياباً فِي أسيفاط قبضهَا عشَّاروك.
وَيُقَال: إِنَّه دفع الْوَدِيعَة، وناله من الضَّرْب ألم عَظِيم.
وَلم يخْتَلف فِي وَفَاته سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَة.
وَكَانَ فِي زَمَانه: مسلمة بن عبد الله الفِهري، وَكَانَ يُقَال لَهُ مسلمة النَّحْو.
وَبكر بن حبيب السَّهْمِي.
وَلم يشتهرا اشتهار غَيرهمَا من النَّحْوِيين، وَلَكِن لَا غنى بالواقف على هَذَا الْكتاب أَن يعرف غير الْمَشْهُورين.
تاريخ العلماء النحويين من البصريين والكوفيين وغيرهم-لأبو المحاسن المفضل التنوخي المعري.
عيسى بن عمر الثقفي بالولاء، أبو سليمان:
من أئمة اللغة. وهو شيخ الخليل وسيبويه وابن العلاء، وأول من هذب النحو ورتبه. وعلى طريقته مشى سيبويه وأشباهه. وهو من أهل البصرة. ولم يكن ثقفيا وإنما نزل في ثقيف فنسب إليهم، وسلفه من موالي خالد بن الوليد المخزومي. وكان صاحب تقعر في كلامه، مكثرا من استعمال الغريب.
له نحو سبعين مصنفا احترق أكثرها، منها " الجامع " و " الإكمال " في النحو، قال الأنباري: لم نرهما ولم نر أحدا رآهما .
-الاعلام للزركلي-
من أخبار عيسى بن عمر الثقفي
ومن مولى بني مخزوم، كثير السماع من العرب كثير الرواية عالماً بالنحو، أخذ عن أبن أبي إسحاق. وقال القحذمي: عيسى بن عمر مولى لخالد بن الوليد.
وأنكر وديعة فأتي به يوسف بن عمر، فأمر بضربه، فاعترف وقال: أيها الأمير، إنما كانت أثياباً في أسيفاط قبضها عشاروك! فوكل به حتى أخذها منه.
تؤفي عيسى بن عمر رحمه الله سنة تسع وأربعين، وقيل: خمسين ومائة.
وسئل الأصمعي عن معنى قول ذي الرمة " من الطويل ":
يقاربن حتى يطمع اليافع الصبي … وتشرع أحشاء القلوب الحوائم
حديث كطعم الشهد حلو صدوره … وأعجازه الخطبان دون المحارم
فقال: سألت عيسى بن عمر عن ذلك، فقال: هنّ لعفتهن شهد إذا أمن الحرام، وخطبان إذا خشينه، والخطبان خضر الحنظل. فعرضت هذا على خلف، فقال: أراد أن صدور حديثه حلوة لشغف اللقاء والتلسيم، وأعجازه مرة لحين الفراق والتوديع، وما في الحالتين تعرض لمحرم. قال الصولي: فأخذه أبو العميثل فقال " من الطويل ":
أتيت ابنة السهمي زينب عن عفر … ونحن حرام مسي عاشرة العشر
فكلمتها ثنتين كالثلج منهما … وأخرى على لوح أحر من الجمر
فسئل ثعلب وأنا حاضر عن معنى هذين البيتين، فقال: الأولى الباردة كلام السلام، والأخرى الحارة كلام الوداع، فظننت أن أبا العميثل لم يسبق إلى هذا المعنى، ولاسبق ثعلب إلى تفسيره حتى سمعت خبر الأصمعي.
من كتاب نور القبس - أبو المحاسن يوسف بن أحمد بن محمود اليغموري (ت 673هـ)
عيسى بن عمر الثقفي، النحوي البصري المعروف، أستاذ الخليل بن أحمد.
وفاته: توفي في الكوفة، على الأرجح.
تفصيل: مع أنه بصريّ النشأة والعلم، فقد انتقل إلى الكوفة في أواخر حياته، وتوفي بها.
قال الزبيدي في طبقات النحاة: "وكان آخر أمره بالكوفة، ومات بها."