الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله سراج
ولد الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله سراج بمكة المكرمة في سنة ألف ومائتين وتسعة وأربعين، وحفظ القرآن المجيد، وكثيرا من الفنون، وتتلمذ على والده شيخ علماء مكة مفتي الأحناف الشيخ عبد الله سراج، كما تلقى العلم على يد مفتي مكة الشيخ جمال عبد الله، شيخ علماء مكة الذي تولى مشيختها بعد وفاة الشيخ عبد الله سراج والد الشيخ عبد الرحمن سراج، كما درس على السيد أحمد زيني دحلان مفتي الشافعية، شيخ علماء مكة المكرمة وصاحب التآليف الشهيرة، وعلى الشيخ رحمة الله الهندي - رحمه الله - مؤسس المدرسة الصولتية وكان مجتهدا في الطلب مجدا فيه، متميزا بين الأقران، فحصل على إجازات أقطاب العلماء في زمانه، وأصبحت له حلقة في المسجد الحرام وتتلمذ عليه طلاب العلم وتخرج جماعة منهم على يديه.
وتوجه شيخه وأستاذه جمال عبد الله مفتي الأحناف لزيارة مسجد رسول الله - ﷺ - فأنابه عنه في منصب الفتوى، فقام به أحسن قيام إلى أن عاد شيخه إلى البلد الحرام.
مفتي الأحناف بمكة
ولما توفي الشيخ جمال عبد الله مفتي الأحناف ولي الشيخ عبد الرحمن سراج هذا المنصب، أسنده إليه الشريف عبد الله بن عون أمير مكة المكرمة، فسلك فيه جادة الاستقامة كما يقول صاحب كتاب "نشر النور والزهر"، ولم يعرف عنه أنه أخذ جعلا من أحد مدة توليته الإفتاء، كان الشيخ عبد الرحمن سراج شديد النزاهة كثير التحرج والورع، فقد كان يرفض الهدايا التي تقدم إليه وهو في منصب الفتيا، كما عرف بتصلبه في أمر الدين، لا تأخذه في الله لومة لائم.
اقتناء الكتب
وكان محبا للكتب وخاصة الكتب النفيسة النادرة يطلبها من مظانها، ويسعى في طلبها من الأقطار البعيدة وينسخ منها بخطه ما يرغب في الاحتفاظ به لمكتبته العامرة الزاخرة.
وعلى ذكر اقتناء الكتب أثبت هنا ما أتحفني به الصديق الأديب الأستاذ عبد العزيز الرفاعي عن اشتراك الشيخ عبد الرحمن سراج وجماعة من علماء مكة وأعيانها في طبع كتاب "خزانة الأدب" للبغدادي نقلا عن الأستاذ عبد السلام هارون الذي قام بتحقيق هذا الكتاب ونظم فهارسه، وقدم له بمقدمة ضافية تحدث فيها عن تاريخ طبعات هذا الكتاب.
وفاة الشيخ عبد الرحمن سراج
ولكن حياة الشيخ عبد الرحمن سراج آذنت بانتهاء فقد اشتد عليه المرض، فقضى غريبا عن وطنه، بعيدا عن أهله وأحبابه، وكانت وفاته في سنة 1314 للهجرة في السادسة والستين من العمر بعد حياة حافلة كان فيها مثال العالم العامل الذي يجهر بالحق والذي لا تأخذه في الله لومة لائم، والذي يأنف الظلم على العباد والذي يرفض المناصب العظيمة في إباء واعتزاز، ويؤثر ما عند الله على ما عند الناس.
يوجد له ترجمة مطولة في كتاب أعلام الحجاز، تأليف محمد علي مغربي الجزء الثالث – ص 339 - 372.