القمّار (1210 - 1285 هـ) (1800 - 1874 م).
أحمد بن حسين القمّار (بالقاف المعقودة) الكافي، ينحدر من أسرة نبيهة في بلد الكاف تداول أفرادها المناصب السياسية المحلية، ومال هو إلى طلب العلم فبعد حفظه للقرآن الكريم قرر الالتحاق بجامع الزيتونة، ولبى والده رغبته فانتقل مع العائلة إلى السكنى بتونس للقيام بضروريات ابنه الذي اختار السكنى بمدارس الطلبة، فسكن بالمدرسة السليمانية، واختص بشيخها محمد الطاهر بن مسعود، وقرأ عليه الفقه، والنحو، والبلاغة، والأصول، والمنطق، ولما توفي شيخه هذا انتقل إلى السكنى بمدرسة يوسف صاحب الطابع، وصار مواظبا على حضور الدروس العلمية التي تلقى بجامع يوسف صاحب الطابع، فلازم الشيخ إبراهيم الرياحي، وقرأ عليه تفسير البيضاوي، وشرح القسطلاني على البخاري، ومختصر خليل في الفقه، وأجازه بما في ثبت الأمير، وثبت أحمد الصباغ الإسكندري، وقرأ على أحمد الأبي الشرح المختصر في البلاغة على التلخيص لسعد الدين التفتازاني، وغالب شرح جمع الجوامع للمحلي فيه أصول الفقه، وقرأ على غيرهما.
ويبدو من هذا أن جامع صاحب الطابع في طوره الأخير كانت تلقى في دروس المرحلة العالية.
وبعد استكمال تحصيله وتخرجه طلبه شيخه إبراهيم الرياحي ليقرئ ابنه الطيب النحو وغيره، وكان يعرف منزلته، ويشهد له بالتقدم، فامتثل أمر شيخه وقال له: تأتيه كل يوم إلى الدار، فقال له
العلم يؤتى إليه ولا يأتي، فتأدب مع شيخه وقال له: لا نقرئ بجامع صاحب الطابع وأنت المدرس به فاختار مسجدا قربه، واستفاد منه ابن شيخه ومن معه من الطلبة أي استفادة، ثم عزم على العودة إلى بلده الكاف، وعز على شيخه إبراهيم الرياحي خروج مثله من الحاضرة، وتسبب له قاضي الجماعة محمد البحري بن عبد الستار في توليته قاضيا بالكاف فقبل الخطة على كره، وذلك سنة 1248/ 1832.
ولما توفي شيخه إبراهيم الرياحي رئيس المفتين (كبير أهل الشورى) في سنة 1266/ 1850 قال المشير أحمد باي: «لا يسد هذا الثلم إلاّ مثل الشيخ أحمد بن حسين الكافي» فاستقدمه وأولاه خطط شيخه عدا إمامة جامع الزيتونة، فباشر بجد وكفاءة ما أسند إليه، ودرس بجامع صاحب الطابع، واستفاد منه جماعة، منهم أبنه حسين المدرس بجامع الزيتونة.
وابتلي قبل وفاته بموت أكبر أولاده الذي كان ينوبه في الخطابة بجامع أبي محمد.
كان عالي الهمة، نزيه النفس، يغلب عليه الصمت وحب العزلة، وكان فقيها ضليعا محققا إماما في المعقول والمنقول.
توفي ليلة الاثنين غرة شعبان 1285/ 16 نوفمبر 1874 ودفن بتربة أعدها لنفسه بدرب عسّال قرب داره.
مؤلفاته:
اختصار شرح الشيخ صالح الكواش لقصيدة محمد الرشيد باي التي طالعها:
أمولاي إن النفس لما تعودت … جميلك راحت بالفواضل تنطق
تقارير على شرح التاودي لتحفة ابن عاصم.
تقارير على شرح الدردير لمختصر خليل.
فتاوى.
كتاب تراجم المؤلفين التونسيين - الجزء الرابع - من صفحة 115 الى صفحة 117 - للكاتب محمد محفوظ