إمام أئمة الشافعية من صنعاء وعدن، الذي نفع الله به المسلمين وعضد به الدين، الإمام العارف، أوحد عصره وفريد دهره القاسم بن محمد بن عبد الله الجمحي القرشي .. ومات بسَهْفَنَة سنة سبع وثلاثين وأربعمائة، في دولة الكرندي وسلمه الله تعالى أن يدرك دولة الصليحي..
وهذا الفقيه القاسم، هو الذي انتشر عنه مذهب الشافعي في مخلاف الجَنَد وصنعاء وعدن ومنه استفاد فقهاء هذا المذهب في هذه البلاد، وكانت مدرسته في سَهْفَنَة، فأخذ عنه شافعية المعافر ولحج وأبْيَن وأهل الجَنَد والسحول وأُحَاظَة وَعَنَّةَ ووادي ظَبَا. وكان تفقُّهُ القاسم وتعلمه بوسط المائة الرابعة.
ودخل في بدايته إلى أبي بكر بن المُضَرِبِ إلى زبيد، فتفقه به بمختصر المزني، وشئ من شروحه..
وكانت للقاسم رحلة إلى مكة سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة، فلقي فيها أبا بكر أحمد ابن إبراهيم المروزي الفقيه، وأخذ عنه كتاب «السنن لأبي داود» عن ابن الأعرابي عن أبي داود المصنف: الحافظ سليمان بن الأشعث السجستاني رحمه الله،
وفي هذه السنة لقيَ هو وأحمد بن عبد الله الصَّعْبي، جد القاضي مسلم بن أبي بكر بن أحمد بن الحسين بن جعفر المراغي في مكة، ثم راح بهم إلى سَهْفَنَة، فأخذوا عنه بعد وصلهم معه «مختصر المزني» بروايته له عن البرذعي عن النيسابوري عن المزني.
وأخذ القاسم عن المراغي «سنن المزني» و «سنن الربيع» أيضاً، وتواليف المراغي في علم الكلام.
وكان القاسم قد جمع مع الفقه والحديث والكلام وأصول الفقه، علم القراءات ومعاني القرآن (أخذ ذلك) عن شيوخهم منهم:
الحسن بن أحمد بن محمد المقري النيسابوري عن أبي بكر الأدفوي بمصر، عن أبي جعفر، عن أبي إسحاق الصفار عن شيوخه، وسمع على الفقيه أبي بكر أحمد بن إبراهيم المروزي موطأ مالك بن أنس رحمه الله.وكان فقيهاً عالماً، جمع مجلسه القرباء والبعداء، وأخذ عنه العلم خلق كثير، منهم:
إسحاق العُشاري من المعافر، وجعفر ابن عبد الرحيم المحابي وعمر بن إسحاق المصوّع، وابنه عبد الله، وأبو الموت. وفي سوق ظبا، أبو الخير أيوب بن محمد بن كُدَيْش وإبراهيم بن أبي عمران، وعبد الملك بن أبي ميسرة وأسعد ابن خلاد، ومحمد بن سالم بن عبد الله بن زيد، فهؤلاء المشهورون من جملة أصحابه رضي الله عنهم أجمعين.
طبقات فقهاء اليمن، تأليف: عمر بن علي بن سمرة الجعدي ص: 87-88-89-90-91