طاهر بن يوسف بن ركن الدين بن معروف السندي
تاريخ الوفاة | 1004 هـ |
مكان الولادة | السند - الهند |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
الشيخ طاهر بن يوسف السندي
الشيخ العالم الكبير العلامة المحدث طاهر بن يوسف بن ركن الدين بن معروف ابن الشهاب لسندي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والحديث، ولد بقرية باتري من أرض السند، وسافر في صغر سنه مع والده وصنويه طيب وقاسم حتى وصل إلى الشيخ شهاب الدين السندي، فقرأ عليه منهاج العابدين للغزالي، وكان يريد أن يقرأ عليه شرح الشمسية في المنطق فأبى الشيخ ذلك، ثم سافر إلى كجرات سنة خمسين وتسعمائة، وأخذ الحديث عن الشيخ عبد الأول بن علي الحسيني الجونبوري ثم الدهلوي، ولازمه مدة من الزمان وأسند عنه، واستفاض في الطريقة عن الشيخ محمد غوث الكواليري صاحب جواهر خمسة ثم سافر إلى أحمد آباد بيدر من بلاد الدكن وأخذ عن الشيخ إبراهيم بن محمد الملتاني، ثم دخل بلدة إيلج بور من بلاد برار، فأقام بها مدة من الزمان، ثم راح إلى خانديس وسكن بمدينة برهان بور.
وله مصنفات كثيرة، منها مجمع البحرين في تفسير القرآن الكريم على مشرب الصوفية وذوقهم، ومنها مختصر قوت القلوب للمكي، ومنها منتخب مواهب اللدنية للقسطلاني، ومنها مختصر تفسير المدارك ومنها تلخيص شرح أسماء رجال البخاري للكرماني، ومنها كتاب مفيد له يسمى رياض الصالحين وهو يشتمل على ثلاث روضات: الأولى في الأحاديث الصحيحة، والثانية في مقالات الصوفية نحو الشيخ عبد القادر الجيلاني وحجة الإسلام الغزالي وأبي طالب المكي صاحب قوت القلوب والشيخ شهاب الدين السهروردي والشيخ زين الدين الخوافي والشيخ علي بن حسام الدين المتقي وغيرهم، والثالثة في ملفوظات أهل التوحيد كالشيخ محي الدين بن عربي والشيخ عين القضاة الهمداني والشيخ صدر الدين القونوي وغيرهم.
ومن فوائده
ومن فوائده من مجمع البحرين في تفسير قوله تعالى "في قلوبهم مرض" الخ، المرض حقيقة فيما يعرض للبدن فيخرجه عن الاعتدال الخاص ويوجب الخلل في أفعاله، ومجاز في الأعراض النفسانية التي تخل بكمالها كالجهل وسوء العقيدة والزيغة وحب المعاصي، لأنها مانعة عن نيل الفضائل ومؤدية إلى زوال الحياة الحقيقية الأبدية، والاية تحتملها فان قلوبهم كانت متألمة محزناً على ما فات عنهم من الرئاسة وحسداً على ما يرون من إثبات أمر الرسول واستعلاء شأنه يوماً فيوماً فزاد الله عنهم بما زاد في إعلاء أمره وإشادة ذكره، ونفوسهم كانت ماؤفة بالكفر وسوء الاعتقاد ومعاداة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحوها فزاد الله ذلك بالطبع أو بازدياد التكاليف وتكرير الوحي وتضاعيف النصر.
وفي الرحماني في قلوبهم مرض: هو تفريطهم في القوة الحكمية وإفراطهم في الشهوية، وفي الإحياء: إعلم أن جندي الغضب والشهوة قد ينقادان للقلب انقياداً تاماً فيعيناه على طريقه الذي يسلكه، وقد يستعصيان عليه استعصاء بغي وتمرد حتى يملكاه ويستعبداه، وفيه هلاكه وانقطاعه عن سفره الذي به وصوله إلى سعادة الأبد، وللقلب جند آخر وهو العلم والحكمة والتفكر، وحقه أن يستعين بهذا الجند، فانه حزب الله تعالى على الجندين الآخرين، فانهما قد يلحقان بحزب الشيطان، فان من ترك الاستعانة وسلط على نفسه جندي الغضب والشهوة هلك هلاكاً يقينياً وخسر خسراناً مبيناً، وذلك حال أكثر الخلق فان عقولهم صارت مسخرة لشهواتهم في استنباط الحيل لقضاء الشهوة، وكان ينبغي أن تكون الشهوة مسخرة لعقولهم.
أما بيان علامات مرض القلب فكما أن كل عضو من أعضاء البدن خلق لفعل خاص به، ومرضه أن يتعذر عليه فعله الذي خلق لأجله، كذلك مرض القلب أن يتعذر عليه فعله الذي خلق لأجله وهو العلم والحكمة والمعرفة وحب الله تعالى أو عبادته والتلذذ به وإيثار ذلك على شهوة سوء، وخاصية النفس التي هي للآدمي ما يتميز به عن البهائم، ولم يتميز بها بقوة الأكل والوقاع بل بمعرفة الأشياء على ما هي عليه، وأصل الأشياء موجدها ومخترعها الذي جعلها شيئاً هو الله تعالى، فإذا عرف كلشيء ولم يعرف الله تعالى فكأنه لم يعرف شيئاً، فان الناس كلهم قد هجروا هذه العلوم واندرست في هذه الأعصار واشتغلوا بتوسيط الخلق في الخصومات الثائرة من اتباع الشهوات وقالوا: هو الفقه،
وأخرجوا هذا العلم الذي هو فقه الدين من جملة العلوم، وتجردوا لفقه الدنيا الذي ما قصد به إلا رفع الشواغل ليتفرغ لفقه الدين، وكان فقه الدنيا من فقه الدين بواسطة هذا الفقه. وفي بعض الكتب: اعلم أن القلب في الحقيقة بمنزلة القالب في الشريعة، ولا معول إلا على القلب، لأنه موضع نظر الله تعالى إليها، كما قال عليه السلام إن الله لا ينظر إلى صوركم، إلخ فللقلب علل وأمراض مثل أمراض الأشخاص، فان القلب إنسان حقيقي وله من الأعضاء حقائق، فللقلب رأس يحيى به كما يحيى البدن برأسه، فإذا جز رأس البدن لا يحيى فكذلك القلب، ورأس القلب إدراكهطائف الغيب، وهذا الإدراك ينقسم مثل إنقسام حواس الرأس، وأقسامه البصيرة والتذكر والمراقبة والتميز والتفكر، فالبصيرة عين القلب، والتذكر لسان القلب، والمراقبة سمع القلب، والتفكر خيال القلب، والتميز تجاربه وفعله، فإذا أراد الله تعالى بعبد خيراً فتح عينه وقلبه وشرح لسانه وسمع أذنه، وإذا أراد الله بعبد شراً ختم على سمعه وبصره ومنعه عن إدراكاته، وذلك المنع مرض روحاني يكون صداع القلب منه، ومهما زاد تولدت الغفلة، والغفلة للقلب بمنزلة الصرع، وغلبة الظنون الفاسدة مثل الماليخوليا للرأس، فان الرأس إذا يبتلي به يتخبط أعماله، والقلب إذا انفعل بالظنون الفاسدة تظهر فيه تخبطات كثيرة، ويصير كالمجنون المتحير الممنوع من معرفة الله تعالى وحسن الظن به وامتلأ القلب بفضول الطمع، والطمع به يورث الاستسقاء في القلب حتى أنه يروى من المال والجاه، والدخان الغفلة يورث عمي البصيرة، فان البصيرة تظلم ويقل نورها بدخان الهوى، كما يظلم البصر ببخار الهواء في عالم الدنيا، انتهى.
وكانت وفاته في سنة أربع بعد الألف، كما في كلزار أبرار.
الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام المسمى بـ (نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر)