أبي النصر شمس الدين مظفر شاه بن محمود بن محمد الكجراتي
السلطان الحليم مظفر
تاريخ الولادة | 875 هـ |
تاريخ الوفاة | 932 هـ |
العمر | 57 سنة |
مكان الولادة | كجرات - الهند |
مكان الوفاة | أحمد آباد - الهند |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
السلطان مظفر الحليم الكجراتي
السلطان الفاضل العادل المحدث الفقيه مظفر بن محمود بن محمد بن أحمد ابن محمد بن المظفر الكجراتي أبو النصر شمس الدين مظفر شاه الحليم صاحب الرياستين، ولد يوم الخميس لعشر بقين من شوال سنة خمس وسبعين وثمانمائة بأرض كجرات، ونشأ في مهد السلطة ورضع من لبان العلم وترعرع وتنبل في أيام أبيه، وقرأ على مجد الدين محمد بن محمد الايجي العلامة وعلى غيره من العلماء، وأخذ الحديث عنه وعن الشيخ المحدث جمال الدين محمد بن عمر ابن المبارك الحميري الحضرمي الشهير ببحرق، وتدرب في الفنون الحربية، حتى فاق أسلافه في العلم والأدب وفي كثير من الفعال الحميدة، وقام بالملك بعد والده يوم الثلاثاء ثالث شهر رمضان سنة سبع عشرة وتسعمائة من الهجرة، وافتتح أمره بالعدل والسخاء والنجدة والجهاد وسد الثغور وإكرام العلماء.
وكان غاية في التقوى والعزيمة والعفو والتسامح عن الناس، ولذلك لقبوه بالسلطان الحليم، وكان جيد القريحة سليم الطبع حسن المحاضرة عارفاً بالموسيقى مشاركاً في أكثر العلوم والفنون، ماهراً في الفنون الحربية من الرمي والضرب بالسيف والطعن بالرماح والفروسية والمصارعة خطاطاً جيد
الخط، كان يكتب النسخ والثلث والرقاع بكمال الجودة، وكان يكتب القرآن الحكيم بيده ثم يبعثه إلى الحرمين الشريفين، وحفظ القرآن في حياة والده في أيام الشباب.
وكان يقتفي آثار السنة السنية في كل قول وفعل، ويعمل بنصوص الأحاديث النبوية، وكثيراً ما يذكر الموت ويبكي، ويكرم العلماء ويبالغ في تعظيمهم، كان لا يحسن الظن بمشايخ عصره في بداية حاله ثم مال إليهم. ولم يزل يحافظ على الوضوء ويصلي بالجماعة ويصوم رمضان، ولم يقرب الخمر قط، ولم يقع في عرض أحد، وكان يعفو ويسامح عن الخطائين، ويجتنب الإسراف والتبذير وبذل الأموال الطائلة على غير أهلها.
وكان كثير التفحص عن أخبار الناس عظمي التجسس عن أخبار الممالك، وربما يغير زيه ولباسه ويخرج من قصره آناء الليل والنهار ويطلع على الأخبار ويستكشف الأسرار. قال الآصفي: إنه وصل إليه يوماً من القاضي بجانبانير رسول الطلب وقد تظلم منه من يتجر في الخيل فكما بلغه وعلى ما كان عليه في حال الخلوة أجاب الرسول وخرج ماشياً إلى مجلس القاضي وجلس مع خصمه بين يديه، وادعى التاجر عليه أنه لم يصله ثمن أفراسه، وثبت ذلك وأبى التاجر أن يقوم من مجلسه قبل أداء الثمن وحكم القاضي به، فمكث السلطان مع خصمه إلى أن قبض التاجر الثمن، وكان القاضي لما حضر السلطان المحكمة وسلم عليه لم يتحرك من مجلسه، وما كفاه ذلك حتى أنه أمره أن لا يترفع على خصمه ويجلس معه والسلطان لا يخرج عن حكمه، ولما قبض التاجر الثمن وسأله القاضي، هل بقيت لك دعوى عليه؟ وقال: لا، عند ذلك قام القاضي من مجلسه وسلم على سلطانه على عادته فيه ونكس رأسه فيما يعتذر به، فقام السلطان من مجلسه مع الخصم وأخذ بيد القاضي وأجلسه في مجلس حكمه كما كان، وجلس إلى جنبه وشكره على عدم مداهنته في الحق حتى أنه قال: لو عدلت عن سيرتك هذه رعاية لي لانتصفت للعدالة منك وأنزلتك منزلة آحاد الناس لئلا يأتسي بك بعدك غيرك، فجزاك الله عني خيراً بوقوفك مع الحق! فمثلك يكون قاضياً، فأثنى عليه القاضي، وقال: ومثلك يكون سلطاناً.
قال الآصفي: ومن بره المستفيض لأهل الحرمين الشريفين أنه نجر مركباً وشحنه بالقماش المثمن وأرسله إلى بندر الحجاز جدة، وجعله وما فيه صلة لهم، وله بمكة المشرفة رباط يشتمل على مدرسة وسبيل وعمارة غيرها، وعين وقفاً يتجهز محصوله إلى مكة في كل موسم للمدرسين بمدرسته والطلبة وسكنة الخلاوي وخدم السبيل وما في معناه، ويتجهز سواه لأهل الحرمين، وكان ذلك مستمراً في أيامه.
ومن مآثره الحسنة بالحرمين مصحفان بخطه المنسوب كتبهما بقلم الثلث المحرر بماء الذهب وإمام الحنيفة مخصوص بالقراءة فيهما، وربعتان أيضاً بخطه كذلك، وللمصحفين والربعتين وقف مخصوص يتجهز كل عام إلى الحرمين الشريفين لقارىء المصحف وقراء الأجزاء وشيخ الربعة ومفرقها والحافظ لها والداعي له عند الختم والسقاء في الوقت والنقيب والفراش، وقد رأيت ذلك، وكان مستمراً إلى شهادة السلطان محمود.
ومن نوادر أفعاله أنه لما تغلب مندلي رأى على بلاد مالوه ضيق على المسلمين وخرج محمود شاه الخلجي صاحب مالوه من بلاده هارباً عنه إلى كجرات نهض السلطان مظفر الحليم من بلاده إلى مالوه سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة بعساكره فوصل إلى دهار ثم إلى مندو ونزل على القلعة وشرع في المحاصرة، وأما مندلي رأى فإنه لما بلغه نزول السلطان بديوله قال لأصحابه: قريب منا المظفر ولا سبيل إلى الحرب إلا إذا حر رانا سانكا صاحب جتور فاكفوني أنتم القلعة وأنا أسير إليه وأصل به، وعلى هذا ودعهم وعزم لطلبه، فلما نزل السلطان على القلعة خرج يوماً فوج فيه نخبة من رجال القلعة على أن يفتكوا بالمسلمين وكانوا حذرين فشدوا عليهم وقتلوا منهم كثيراً وهرب الباقون وتركوا السيف واعتمدوا الخديعة فطلبوا الأمان لتسليم القلعة وترددوا فيه أياماً ثم سألوا الأمان لأموالهم، فلما أجيبوا طلبوا المهلة لجمعة ثم سألوا التباعد عن القلعة ليأمنوا في الخروج، ولما فعل ذلك بلغه وصول رانا سانكا إلى أجين فغضب السلطان وركب إلى ربوة مرتفعة هناك وجلس عليها، وأما الأمراء فكل منهم في سلاحه الكامل في ظل علمه واقف تحت الربوة، فطلب من بينهم عادل خان الفاروقي صاحب برهانبور وقلده إمارة العسكر المجهز لحرب صاحب جتور وخلع عليه وقلده سيفاً وحياضة ومجناً وتسعة من الخيل وحلقة من الأفيال وأوصاه وودعه، وكذلك طلب فتح خان صاحب رادهن بور وأعطاه مثله، وكذلك طلب قوام خان ثم أوصاهما بعادل خان وودعهما، ثم استدعى عسكر هؤلاء ووعدهم جميلاً، وخص وجوه العسكر بالأقبية، وأمر بسائرهم بالتنبل على عادة الهند في الرخصة لهم، ونهض إلى منزله الأول وجد في أسباب الفتح، ودخل القلعة عنوة في ثاني يوم نزوله، وعمل السيف فيهم، وكان آخر أمرهم أنهم دخلوا مساكنهم وغلقوا الأبواب وأشعلوها ناراً فاحترقوا وأهليهم، والسلطان تحت المظلة وهكذا محمود وهما يسيران رويداً رويداً والدماء تسيل كالعين الجارية في سكك القلعة من كل جانب إلى مخارج الماء منها، وبلغ عدد القتلى من الكفرة تسعة عشر ألفاً سوى من غلق بابه واحترق وسوى أتباعهم، فلما وصل السلطان إلى دار سلطنة الخلجي التفت إليه وهنأه بالفتح وبارك له في الملك وأشار بيده المباركة إلى الباب وقال له: بسم الله ادخلوها بسلام آمنين وعطف عنانه خارجاً من القلعة إلى القباب، ودخل الخلجي منزله واجتمع بأولاده وأهله وسجد شكراً لله سبحانه، فلما بلغ مندلي رأى شهق شهقة وغشى عليه وسمع رانا سانكا بعادل خان وقد قرب من أجين فاضطرب وقال لمندلي رأى: ما هذه الشهقة؟ قد قضى الأمر فإن عزمت على أن تلحق بأصحابك فها عادل خان يسمع نفيره وإلا فأدرك نفسك، ثم أمر به فحمل على فيل وخرج من أجين إلى جهاته خائبا سعيه، وتبعه عادل خان إلى ديبالبور وتوقف بها حتى جاءه الطلب، ثم إن الخلجي تفقد ذخائره وهيأ الضيافة ونزل إلى مظفر شاه السلطان وسأله التشريف بالطلوع فأجابه، فلما فرغ من الضيافة دخل به العمارات التي من آثار أبيه وجده، فأعجب بها وترحم عليهم، ثم جلسا في جانب منه وشكره الخلجي وقال: الحمد لله الذي بهمتك رأيت بعيني ما كنت أتمناه بأعدائي ولم يبق لي الآن ارب في شيء من الدنيا والسلطان أولى بالملك مني وما كان لي فهو له فأسألك قبول ذلك وللسلطان أن يقيم به من شاء، فالتفت السلطان إليه وقال له: أول خطوة خطوتها إلى هذه الجهة كانت لله تعالى، والثانية كانت لنصرتك وقد نلتها فالله يبارك لك فيه ويعينك عليه! فقال الخلجي: خلا الملك من الرجال فأخشى ضياعه، فأجابه مظفر شاه المظفر الحليم وقال له: أما هذا فمقبول، سيكون آصف خان معك باثني عشر ألف فارس إلى أن يجتمع رجالك، فطلب الخلجي أن يكون عنده ولده تاج خان وألح عليه، فأجاب إلى ذلك ووعده بالنصر في سائر الأوقات وقال لآصف خان: مالك ولأصحابك كافة من الجراية والولاية عندي فهي على حالها إلى أن ترجعوا إلى منازلكم، وما يعطيكم الخلجي فهو مضاف إليه للتوسع في الوقت، وأمر للخلجي بخزانة ثم ودعه ونزل.
وقيل: إن مظفر شاه لما فتح القلعة ودخلها سأله أركان سلطنته أن يستأثر بها، فالتفت إلى الخلجي وودعه للنزول وقال له: احفظ باب القلعة برجال لا يدعوا أحداً يدخلها بعد نزولي حتى من ينتسب إلي، فالتمس الخلجي أن يمكث أياماً، فأبى ونزل، ثم بعد ثلاث أضافه الخلجي ودار به في العمائر التي ما مثلها يذكر في الهند وانتهى إلى عمارة بابها مغلق، فاستفتحه ودخل إلى حجر هناك فأمر الطواشية بفتحها واستدعاء من فيها، فإذا بنساء برزن في حلي وحلل قل أن رأت العين مثلهن وبأيديهن أصناف الجواهر، وما منهن إلا من سلمت ونثرت ما بأيديها على قدم السلطان، فلما رأى.... أشار بأن يحتجبن لعدم حلية النظر إلى الأجنبية، فقال الخلجي: كلهن ملكي وأنا مالك، والعبد وما ملك لمولاه، فدعا له وعاد إلى قبابه، وبالجملة فلما نهض للمسير راجعاً نزل الخلجي ومعه تاج خان وآصف خان، وشيعه إلى حده وسأله الدعاء ورجع، ورخص السلطان لعادل خان فرجع إلى برهانبور، ووصل السلطان بالفتح والدعاء إلى جانبانير، وكان يوم دخوله مشهوداً كثر فيه الدعاء له من سائر عباد الله تعالى.
وكان فتح مندو في ثاني عشر من صفر سنة أربع وعشرين وتسعمائة، ولبعض الشعراء في تاريخه:
مظفر شاه سلطان جهانكير أساس شرع ودين از نو نهادي
كرفته قلعه مندو بشش روز طلسم اينجنين محكم كشادي
همين بس بهر تاريخش كه كويم كرفته ملك مندو باز دادي
وفيه:
مظفر شاه سلطان جهانكير آنكه تيغ أو بناي كفر را ويران ودين وشرع را نو كرد
جو از بخت همايون كرد فتح قلعه مندو بود تاريخ سال آن همايون فتح مندو كرد
وقال بعضهم في تاريخه: قد فتح المندو سلطاننا وهذا من نوادر الوقائع لا يذكر مثله لأحد من ملوك الهند وسلاطينها بل سلاطين غيرها من البلاد.
وأعجب من ذلك أن هذا الخلجي وأسلافه كانوا من أعداء دولتهم، فإن جده محمود شاه الخلجي الكبير كان - سامحه الله - يصول عليهم مرة بعد أخرى، وفي كل مرة يخسر ويخيب في أمله، وأبوه غياث الدين الخلجي خرج إلى كجرات لنصرة كفار الهنود على محمود شاه الكجراتي الكبير، وكذلك جده في أيام محمد شاه الكجراتي، سامحهما الله تعالى! ولله در من قال: هيهات أن يأتي الزمان بمثله إن الزمان بمثله لبخيل قال الآصفي: وفي سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة خرج السلطان إلى مصلى العيد للاستسقاء وتصدق وتفقد ذوي الحاجة على طبقاتهم وسألهم الدعاء ثم تقدم للصلاة، وكان آخر ما دعا به كما يقال اللهم! إني عبدك ولا أملك لنفسي شيئاً، فإن تك ذنوبي حبست القطر عن خلقك فها ناصيتي بيدك! فأغثنا يا أرحم الراحمين قال هذا ووضع جبهته على الأرض واستمر ساجداً يكرر قوله: يا أرحم الراحمين، فما رفع رأسه إلا وهاجت ريح ونشأت بحرية ببرق ورعد ومطر، ثم سجد لله شكراً ورجع من صلاته بدعاء الخلق له وهو يتصدق وينفح بالمال يميناً وشمالاً. وبعد الاستسقاء بقليل اعتراه الكسل ثم ضعف المعدة ومنه شكى ضعف الجسد، وفي خلال ذلك عقد مجلساً حفلاً بسادة الأمة ومشايخ الدين وصوفية اليقين واجتمع بهم، وتذاكروا فيما يصلح بلاغاً للآخرة إلى أن تسلسل الحديث في رحمة الله سبحانه وما اقتضاه منه وإحسانه، فأخذ يشرح ما من الله عليه من حسنة ونعمة ويعترف بعجز شكرها إلى أن قال: وما من حديث رويته عن أستاذي المسند العالي مجد الدين بروايته له عن مشايخه إلا وأحفظه وأسنده وأعرف لراويه نسبته وثقته وأوائل حاله إلى وفاته، وما من آية إلا ومن الله علي بحفظها وفهم تأويلها وأسباب نزولها وعلم قراءتها، وأما الفقه فأستحضر منه ما أرجو به مفهوم من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ولي مدة أشهر أصرف وقتي باستعمال ما عليه الصوفية وأشتغل بما سنه المشايخ لتزكية الأنفاس عملاً بما قيل من تشبه بقوم فهو منهم وها أنا أطمع في شمول بركاتهم متعللاً بعسى ولعل، وكنت شرعت بقراءة معالم التنزيل وقد قاربت إتمامه إلا أني أرجو أن أختمه في الجنة إن شاء الله تعالى، فلا تنسوني من صالح دعائكم، فإني أجد أعضائي فقدت قواها، وليس إلا رحمة الله سبحانه دواها، فدعا له الحاضرون بالبركة في العمر.
قال: وفي سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة على خروجه من جانبانير ظهرت منه مخائل المستودع بفراق الأبد لها ولأهلها، وأكثر من أعمال البر فيها وفي طريقه إلى أحمد آباد، ولما نزل بها كان يكثر من التردد إلى المزارات المتبركة ويكثر من الخير بها، وكان له حسن الظن بالعلامة خرم خان فقال له يوماً: نظرت فيما أوثر به أولي الاستحقاق من الإنفاق فإذا أنا بين إفراط في صرف بيت المال وتفريط في منع أهله، فلم أدر إذا سئلت عنهما بما أجيب. وفي آخر أيامه وكان يوم الجمعة قام إلى المحل واضطجع إلى أن زالت الشمس، فاستدعى بالماء وتوضأ وصلى ركعتي الوضوء وقام من مصلاه إلى بيت الحرم، واجتمعت النسوة عيه آئسات باكيات يندبن أنفسهن حزناً على فراق لا اجتماع بعده، فأمرهن بالصبر المؤذن بالأجر، وفرق عليهن مالاً ثم ودعهن واستودعهن الله سبحانه، وخرج وجلس ساعة، ثم استدنى منه راجه محمد حسين المخاطب بأشجع الملك وقال له: قد رفع الله قدرك بالعلم وله وهي آخر خدمتك لي أريدك تحضر وفاتي وتقرأ علي سورة ياسين وتغسلني بيدك وتسامحني فيه، فامتن بما أهله به وفداه ودعا له، ثم وقد سمع أذاناً قال: أهو في الوقت؟ فأجاب أسد الملك هذا أذان الاستدعاء لاستعداد صلاة الجمعة ويكون في العادة قبل الوقت، فقال: أما صلاة الظهر فأصليها عندكم، وأما صلاة العصر فعند ربي في الجنة إن شاء الله تعالى، ثم أذن للحاضرين في صلاة الجمعة واستدعى مصلاه وصلى، ودعا الله سبحانه بوجه مقبل عليه وقلب منيب إليه، دعاء من هو مفارق للقصر مشرف على القبر، ثم كان آخر دعائه رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض، أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلماً وألحقني بالصالحين وقام من مصلاه وهو يقول: استودعك الله، واضطجع على سريره وهو مجتمع الحواس ووجهه يلتفت إلى القبلة وقال: لا إله إلا الله محمد رسول الله، وفاضت نفسه والخطيب على المنبر يدعو له، وفي ذلك عبرة لمن ألقى السمع وهو شهيد.
وكان ذلك في ثاني جمادي الأولى سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة، وحمل تابوته إلى سركهيج ودفن عند والده طيب الله ثراه!
ويحسن الاستشهاد هنا بما رثى به العماد الكاتب سلطانه الملك العادل نور الدين الشهيد رحمه الله:
يا ملكاً أيامه لم تزل لفضله فاضلة فاخرة
ملكت دنياك وخلفتها وسرت حتى تملك الآخرة
الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام المسمى بـ (نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر)
وفيهَا توفّي السُّلْطَان الْأَعْظَم مظفر شاه ابْن مَحْمُود شاه صَاحب كجرات وَكَانَ عادلاً فَاضلا محباً لأهل الْعلم وَكَانَ حسن الْخط وَكتب بِيَدِهِ جملَة مصاحف أرسل مِنْهَا مُصحفا إِلَى الْمَدِينَة الشَّرِيفَة وَخرجت روحه وَهُوَ ساجد وَالظَّاهِر أَنه هُوَ الَّذِي وَفد عَلَيْهِ الشَّيْخ الْعَلامَة بحرق الْحَضْرَمِيّ وصنف بِسَبَبِهِ السِّيرَة النَّبَوِيَّة وَإِن كَانَ اسْم الْكتاب يشْعر بِغَيْر ذَلِك فَإِنَّهُ مَا كَانَ فِي ذَلِك الزَّمَان أحد مِمَّن ولي السلطنة اسْمه أَحْمد غَيره وَلم يزل عِنْده محللا مكرما إِلَى أَن مَات -النور السافر عن أخبار القرن العاشر-لمحي الدين عبد القادر بن شيخ بن عبد الله العيدروس.