يحيى بن محمد بن يوسف الأنصاري أبي بكر

ابن الصيرفي

تاريخ الولادة467 هـ
تاريخ الوفاة557 هـ
العمر90 سنة
مكان الولادةغير معروف
مكان الوفاةمرسية - الأندلس
أماكن الإقامة
  • غرناطة - الأندلس

نبذة

يحيى بن محمد بن يوسف الأنصاري: يكنى أبا بكر، ويعرف بابن الصّيرفي، من أهل غرناطة. كان نسيج وحده في البلاغة والجزالة، والتّبريز في أسلوب التاريخ، والتملؤ من الأدب، والمعرفة باللغة والخبر. قال أبو القاسم : من أهل المعرفة بالأدب والعربية والفقه والتاريخ، ومن الكتاب المجيدين والشعراء المطبوعين المكثرين. كتب بغرناطة عن الأمير أبي محمد تاشفين ، وله فيه نظم حسن.

الترجمة

يحيى بن محمد بن يوسف الأنصاري
يكنى أبا بكر، ويعرف بابن الصّيرفي، من أهل غرناطة.

حاله: كان نسيج وحده في البلاغة والجزالة، والتّبريز في أسلوب التاريخ، والتملؤ من الأدب، والمعرفة باللغة والخبر. قال أبو القاسم : من أهل المعرفة بالأدب والعربية والفقه والتاريخ، ومن الكتاب المجيدين والشعراء المطبوعين المكثرين. كتب بغرناطة عن الأمير أبي محمد تاشفين ، وله فيه نظم حسن.
مشيخته: قرأ على شيوخ بلده، وأخذ عن العالم الحافظ أبي بكر بن العربي ونمطه.
تواليفه: ألّف في تاريخ الأندلس كتابا سماه «الأنوار الجلية، في أخبار الدولة المرابطيّة» ضمّنه العجاب إلى سنة ثلاثين وخمسمائة. ثم وصله إلى قرب وفاته، وكتابا آخر سمّاه «تقصّي الأنباء وسياسة الرؤساء» .
شعره: قال: أنشدت الأمير تاشفين في هلاك ابن رذمير: [البسيط]
أشكو الغليل بحيث المشرب الخضر ... حسبي وإلّا فورد ما له صدر
تجهّمت لي وجوه الصبر منكرة ... ولا حظتني عيون حشوها حذر
إني لأجزع من ذاك الوعيد وفي ... ملقى الأسنّة منّا معشر صبروا
فلّت سلاحي الليالي أيّ ظالمة ... ولو أعادت شبابي كنت أنتصر
مشيّعا كنت ما استصحبت من أمل ... كما يشيّع سهم النّازع الوتر
فها أنا وعزيز في نامسة ... تسود في عينه الأوضاح والغرر
يا حيّ عذرة، فتياكم بنازلة ... لم تنفصل يمن عنها ولا مضر
ما الحكم عندكم إذ نحن في حرم ... على جناية رام سهمه النّظر
أرعاني الشّهب في أحشاء ليلتها ... حمل من الصّبح أرجوه وأنتظر
يفترّ عن برد من حوله لهب ... أو عن نبات أقاح أرضه سقر
وبين أجفانه نهيف الأمير أبي ... محمد تاشفين أو هو القدر
سيف به ثلّ عرش الروم واطّادت ... قواعد الملك واستولى به الظّفر
وأدرك الدين بالثّأر المنيم على ... رغم وجاءت صروف الدهر تعتذر
منى تنال وأيام مفضّضة ... مذهبات العشايا ليلها سحر

وفي الذّؤابة من صنهاجة ملك ... أغرّ أبلج يستسقى به المطر
مؤيد من أمير المسلمين له هوى ... ورأي ومن سير له سير
أنحى على الجور يمحو رسم أحرفه ... حتى استجار بأحداق المهى الحور
يا تاشفين، أما تنفكّ بادرة ... من راحتيك المنايا الحمر تبتدر؟
وكم ترنّح في روض جداوله ... بيض السيوف وملتفّ للقنا شجر
هي التّرايك فوق الهام لا حبب ... والسّابغات على الأعطاف لا القدر
لك الكتائب ملء البيد غازية ... إذا أتت زمر منها مضت زمر
على ساكبها للنّقع أردية من ... تحتها جلّق من تحتها زبر
تدبّ منها إلى الأعداء سابلة ... عقارب ما لها إلّا القنا إبر
بعثتها أسدا شتّى إذا مرجت ... جنّ الوغا انقضّ منها أنجم زهر
يا أيها الملك الأعلى الذي سجدت ... لسيفه الهام في الهيجاء والقصر
أعر حرار ضلوعي برد ما نهلت ... خيل الزّبير ونار الحرب تستعر
حيث الغبار دخان والظّبا لهب ... والأسنّة في هام العدا شرر
والنّقع يطفو وبيض الهند راسية ... إن الصواعق يوم الغيم تنكدر
أعطى الزبير فتى العلياء صارمه ... لكن بسعدك ما لم يعطه عمر
ولّته أظهرها الأبطال خاضعة ... تكبو وتصفعها الهنديّة البتر
بحر من الخلق المسرود ملتطم ... يسيل من كل سيف نحوه نصر
أمّ ابن الزبير ابن رذمير بداهية ... عضّت ومسّك من أظفاره ظفر
لقد نفحت من التّيجان في محم ... وأين من فتكات الضّيغم النّمر؟
لقد نجوت طليق الركض في وهن ... من الأسنّة حتى جاءك القدر
خلعت درعا واعتضت الظّلام بها ... وخاض بحر الوغا مركوبك الخطر
ومنها:
ما بال إنجيلك المتروك ما ذمرت ... نفوس قومك منه الآي والسّور
أهديتها غير مشكور مضمّرة ... ملء الأعنّة منها الزّهو والأسر
وظلّ طفل من البولاد دانية ... سمراء ترضعه اللبّات والثّغر

وعابس للمنايا وهي ضاحكة ... من خدّه بثغور زانها أشر
وكل حارسة في الرّوع لابسها ... منسوجة من عيون ما لها نظر
أعدت للحرب إنذارا سخوت بها ... على الرّجال التي منها لها وزر
قضتك من حمير صيد غطارفة ... فضّ الرجاحة عوص الدهر ينحبر
ملثّمون حياء كلّما سفرت لهم ... وجوه المنايا في الوغا سفروا
جادوا بطعن كأسماع المحاص ... إلى ضرب كما فغرت أفواهها الحمر
وحدت عنها محيّا مروّعة ... فضت بما مجّ في أحشائك الذّعر
فرّت إلى حتفها من حتفها فمضت ... والموت يطردها والموت ينتظر
قالوا: نجا بذماء النّفس منك فما ... نجا وقد بقرته الحيّة الذّكر
توزّعت نفسا على حشيّتها ... من للوساوس يحدو جيشها السّهر؟
نصر عزيز وفتح ليس يعدله ... فتح ولله فيه الحمد والشكر
فاهنأ به ابن أمير المسلمين ودم ... للملك ما قامت الآصال والبكر
واهنأ بعيدك وافخر شانئيك به ... فإنّها نسك الأسياف لا الجزر
جاورت بحرك تغشاني مواهبه ... فمن بذاك ونظمي هذه الدّرر
وأنشد أيضا من شعره قوله، رحمة الله عليه: [الخفيف]
ركبت خيلها جيوش الضّلال ... وسرت من رماحها بذبال
ملقيات دروعها لا لوقت ... فيه تنضو الجلود رقش الصّلال
حثّ في إثرها الأمير بعقبا ... ن جياد هوت بأسد رجال
في صقيل البريك تحدث للشم ... س بعكس الشّعاع حمّى اشتعال
لاث بالريح عمّة من غبار ... ومشى للحديد في أذيال
كلّما جرّها على الصّلد أبقت ... كخطوط الصّلال فوق الرمال
لبست أمرها على الرّوم حتى ... فجئتها كعادة الآجال
أبدلت هامها قصار قدود ... بطوال من الرّماح الطوال
والذي فرّ عن سيوفك أودى ... بقنا الرّعب في ثنايا الجبال
كنت فيها وأنت في كل حرب ... مغمد النّصل في طلى الأبطال

يطلع البدر منك حاجب شمس ... ويرى الليث في إهاب هلال
يا لصنهاجة وحولك منهم ... خير جيش عليهم خير وال
ملك ليس يركب الدهر إلّا ... كلّ عالي الركاب عالي القذال
ما عرا الجدب أو علاه الخطب ... سال غيثا ولاح بدر كمال
وحفيف على أمور خفاف ... وثقيل على أمور ثقال
لاعب المعطفين بالحمد زهوا ... شيمة الرّمح هزّة في اعتدال
مسترقّ النفوس خوفا وحسنا ... إنما السيف هيبة في جمال
شيم كالغمام ينشر في الرو ... ض بأندابه صغار اللّآل
وسجايا تفتّحت زهرات ... وخلال تسدّ كل اختلال
أنت يا تاشفين والله واق ... لك شخص العلا ونفس الكمال
ليس آمال من على الأرض إلّا ... أن ترى وأنت غاية الآمال
وهنيّا بأن نهضت وأقبل ... ت عزيز النّهوض والإقبال
وعلى الكفر منك حرّ مجير ... وعلى الدّين منك برد ظلال
يا فتى والزمان نعمى وبؤس ... شرّ حال أفضت إلى خير حال
وبما تجزع النفوس من الأم ... ر له فرجة كحلّ العقال
ربّ أشياء ليس يبلغ منها ... كنه ما في النّفوس بالأقوال
غير أن الكلام إن جلّ قدرا ... وعلا كنت فوقه في الفعال
ومن شعره، وقد بيّت العدوّ محلّة الأمير تاشفين، ويذكر حسن ثباته، وقد أسلمه قومه، وهي من القصائد المفيدة، المبدية في الإحسان المعيدة : [الكامل]
يا أيها الملك الذي يتقنّع ... من منكم البطل الهمام الأروع ؟

ومن الذي غدر العدوّ به دجى ... فانفضّ كلّ وهو لا يتزعزع؟
تمضي الفوارس والطعان يصدّها ... عنه ويزجرها الوفاء فترجع
والليل من وضح التّرائك والظّبا ... صبح على هام الكماة ممنّع
عن أربعين ثنت أعنّتها دجى ... ألفان ألف حاسر ومقنّع
لولا رجال كالجبال تعرّضت ... ما كان ذاك السيل مما يردع
يتقحّمون على الرماح كأنهم ... إبل عطاش والأسنة تكرع
ومن الدّجى لهم على قمم الرّبى ... وذؤابة بين الظّبا تتقطّع
نصرت ظلام الكفر ظلمة ليلة ... لم يدر فيها الفجر أين المطلع
لولا ثبوتك تاشفين لغادرت ... أخرى الليالي وهيبة لا ترقع
فثبتّ والأقدام تزلق والرّدى ... حول السّرادق والأسنّة تقرع
لا تعظمنّ على الأمير فإنها ... خدع الحروب وكل حرب تخدع
ولكل يوم حنكة وتمرّس ... وتجارب في مثل نفسك تنجع
يا أشجع الشجعان ليلة أمسه ... اليوم أنت على التجارب أشجع
أهديك من أدب الوغا حكما بها ... كانت ملوك الحرب مثلك تولع
لا أنّني أدرى بها لكنها ... ذكرى تخصّ المؤمنين وتنفع
اختر من الخلق المضاعفة التي ... وصّى بها صنع السّوابغ تبّع

والهند وانى للرفيق فإنه ... أمضى على حلق الدلاص وأقطع
ومن الرواجل ما إذا زعزعته ... أعطاك هزّة معطفيه الأشجع
ومن الجياد الجرد كلّ مضمّر ... تشجى بأربعه الرياح الأربع
والصّمّة البطل الذي لا يلتوي ... منه الصّليب ولا يلين الأخدع
وكذاك قدر في العدو حزامة ... فالنّبع بالنّبع المثقّف يقرع
خندق عليك إذا اضطربت محلّة ... سيّان تتبع ظافرا أو تتبع
واجعل ببابك في الثّقات ومن له ... قلب على هول الحروب مشيّع
وتوقّ من كذب الطلائع إنّه ... لا رأي للمكذوب فيما يصنع
فإذا احترست بذاك لم يك للعدا ... في فرصة أو في انتهاز مطمع
حارب بمن يخشى عقابك بالذي ... يخشى ومن في جود كفّك يطمع
قبل التّناوش عبّ جيشك مفحصا ... حيث التمكّن والمجال الأوسع
إياك تعبئة الجيوش مضيّقا ... والخيل تفحص بالرجال وتمرع
حصّن حواشيها وكن في قلبها ... واجعل أمامك منهم من يشجع
والبس لبوسا لا يكون مشهّرا ... فيكون نحوك للعدوّ تطلّع
واحتل لتوقع في مضايقة الوغى ... خدعا ترويها وأنت موسّع
واحذر كمين الرّوم عند لقائها ... واخفض كمينك خلفها إذ تدفع
لا تبقين النهر خلفك عندما ... تلقى العدوّ فأمره متوقّع
واجعل مناجزة العدوّ عشيّة ... ووراءك الصدف الذي هو أمنع

واصدمه أول وهلة لا ترتدع ... بعد التقدم فالنّكول يضعضع
وإذا تكاثفت الرجال بمعرك ... ضنك فأطراف الرّماح توسع
حتى إذا استعصت عليك ولم يكن ... إلّا شماس دائم وتمنّع
ورأيت نار الحرب تضرم بالظّبا ... ودخانها فوق الأسنّة يسطع
ومضت تؤذّن بالصّميل جيادها ... والهام تسجد والصّوارم تركع
والرمح يثني معطفيه كأنه ... في الرّاح لا علق الفوارس يكرع
والريح تنشأ سجسجا هفّافة ... وهي السّكينة عن يمينك توضع
أقص الكمين على العدوّ فإنه ... يعطيك من أكتافه ما يمنع
وإذا هزمت عداك فاحذر كرّها ... واضرب وجوه كماتها إذ ترجع
وهي الحروب قوى النّفوس وحزبها ... من قوّة الأبدان فيها أنفع
ثم انتهض بجميع من أحمدته ... حتى يكون لك المحلّ الأرفع
وبذاك تعتب إن تولّت عصبة ... كانت ترفّه للوغى وترفّع
من معشر إعراض وجهك عنهم ... فعل الجميل وسخطك المتوقّع
يكبو الجواد وكل حبر عالم ... يهفو وتنبو المرهفات القطّع
أنّى قرعتم يا بني صنهاجة ... وإليكم في الرّوع كان المفزع؟
ما أنتم إلّا أسود خفيّة ... كلّ بكلّ عظيمة تستطلع

ما بال سيدكم تورّط ؟ لم يكن ... لكم التفات نحوه وتجمّع
إنسان عين لم يصبه منكم ... جفن وقلب أسلمته الأضلع
تلك التي جرّت عليكم خطّة ... شنعاء وهي على رجال أشنع
أو ما ليوسف جدّه منن على ... كلّ وفضل سابق لا يدفع ؟
أو ما لوالده عليّ نعمة ... وبكل جيد ربقة لا تخلع؟
ولكم بمجلس تاشفين كرامة ... وشفيعكم فيما يشاء مشفّع
ألا رعيتم ذاك وأحسابكم ... وأنفتم من قالة تستشنع
أبطأتم عن تاشفين ولم يزل ... إحسانه لجميعكم يتسرّع
ردّت مكارمه لكم وتوطّأت ... أكنافه إنّ الكريم سميدع
خاف العدى لكن عليكم مشفقا ... فهجعتم وجفونه لا تهجع
ومن العجائب أنه مع سنّه ... أدرى وأشهر في الخطوب وأضلع
ولقد عفا والعفو منه سجيّة ... ولسطوة لو شاء فيكم موضع
يا تاشفين، أقم لجيشك عذره ... فالليل والقدر الذي لا يدفع
هجم العدوّ دجى فروّع مقبلا ... ومضى يهينم وهو منك مروّع
لا يزدهي إلّا سواك بها ولا ... إلّا لغيرك بالسّنان يقنّع
لمّا سددت له الثّنيّة لم يكن ... إلّا على ظهر المنيّة مهيع
وكذاك للعيرات إقدام على ... أسد العرين الورد ممّا يجزع

ولقد تقفّاها الزبير وقد نجت ... إلّا فلولا إنّ منه المصرع
وغدا يعاقب والنفوس حميّة ... والسّمر هيم والصّوارم جوّع
أعطش سلاحك ثم أوردها الوغا ... كيما يلذّ لها ويصفو المشرع
كم وقعة لك في ديارهم انثنت ... عنها أعزّتها تذلّ وتخضع
النّعمة العظمى سلامتك التي ... فيها من الظّفر الرّضى والمقنع
لا ضيّع الرحمن سعيك إنه ... سعي به الإسلام ليس يضيّع
نستحفظ الرحمن منك وديعة ... فهو الحفيظ لكلّ ما يستودع
وفاته: بغرناطة في حدود السبعين وخمسمائة .
الإحاطة في أخبار غرناطة - لسان الدين ابن الخطيب.

 

 

 

ابن الصَّيْرَفي
(467 - 557 هـ = 1074 - 1179 م)
يحيى بن محمد بن يوسف الأنصاري، أبو بكر، ابن الصيرفي:
مؤرخ، من الشعراء المجيدين. من أهل غرناطة ألف " تاريخ الدولة اللمتونية " وكان من أعيان شعرائها ومُداح أمرائها، كما يقول ابن قاضي شهبة. وقال ابن الأبار في وصف تاريخه: مفيد، قصَره على الدولة اللمتونية. وله موشحات، وفي شعره رقة. توفي بأريولة (Orihuela) من أعمال مرسية .

-الاعلام للزركلي-