حسن أفندي بن سليم الدجاني اليافي

تاريخ الولادة1230 هـ
تاريخ الوفاة1291 هـ
العمر61 سنة
مكان الولادةيافا - فلسطين
مكان الوفاةيافا - فلسطين
أماكن الإقامة
  • يافا - فلسطين

نبذة

السيد الشيخ حسن أفندي بن السيد سليم الدجاني الحنفي اليافي المتصل نسبه بالسيد المصطفى صلى الله عليه وسلم العالم الأديب، والنحرير الأريب، والهمام الفاضل، والإمام العامل، حبر العلوم العقلية والنقلية، وبحر درر المنظوم والمنثور والمعارف السنية، المتفنن في اللغات الثلاث العربية والفارسية والتركية، والمعتمد عليه في أمانة الفتوى الشرعية.

الترجمة

السيد الشيخ حسن أفندي بن السيد سليم الدجاني الحنفي اليافي المتصل نسبه بالسيد المصطفى صلى الله عليه وسلم
العالم الأديب، والنحرير الأريب، والهمام الفاضل، والإمام العامل، حبر العلوم العقلية والنقلية، وبحر درر المنظوم والمنثور والمعارف السنية، المتفنن في اللغات الثلاث العربية والفارسية والتركية، والمعتمد عليه في أمانة الفتوى الشرعية.
ولد في مدينة يافا سنة ألف ومائتين وحدود الثلاثين، ونشأ في حجر والده وقرأ عليه بعض الفنون، ثم انتقل إلى الجامع الأزهر المصون، فحضر دروس السادة الأكابر، إلى أن صار يفتخر به الحاضر على الغابر، ثم عاد بعد التكمل، ونال في محله أرفع مقام جليل، إلى أن ولي بيافة المحروسة أمانة الفتوى ذات البها، وكانت لا تليق إلا له ولا يليق إلا لها. ولقد اجتمعت به عام توجهي إلى الرحاب القدسية، لزيارة الأماكن العلية، فقطعنا مدة إقامتنا في يافا في مذاكرات علمية، ومطارحات أدبية.
من كل معنى يكاد الميت يفهمه ... حساً ويعشقه القرطاس والقلم
فكنا تارة نتذاكر في أخبار من سلف، وتارة نتفاكه في بدائع الملح والطرف، وآونة نجول في معاني المسائل الشرعية، وآونة في معاني الأحاديث والآيات القرآنية، وسأل مني عن المعرفة في الربع المجيب والمقنطر، وأخبرني أنه قرأ المجيب لا المقنطر فطالعته معه أياماً ولم نقض من التكميل الوطر، لأنه قد ضاق الوقت ونحن على جناح السفر، غير أنه حصل عنده إلمام، يقتدر به على تحصيل المرام. وكان جسوراً حسن الأخلاق، حقيقاً باللطف والوفاق، جميل الذات كامل الصفات، عفيفاً زاهداً، ورعاً عابداً، متحرياً للصواب، في السؤال والجواب، محبوباً عند الناس، مجلسه لا يمل لما فيه من الملاطفة والإيناس، لين الجانب متواضعاً، متذللاً لمولاه خاضعاً، حسن الأوصاف، متواصل الأضياف، له شهرة حسنة، وآثار مستحسنة، وجاه عال رفيع، وقدر سام بديع، وجلالة في القلوب، وهيبة فوق المطلوب والمرغوب، وهيئة تشهد له بفضله وعلاه، وهمة سامية تفضي له بأنه زينة الكمال وحلاه، ولما توجه حضرة العالم الأفخم، والصدر الأبهى الأعظم، سيدي الإمام الأمير السيد عبد القادر بن السيد محي الدين الجزائري إلى بيت المقدس الشريف للزيارة مر في طريقه على مدينة يافا، ونزل في دار العالم العامل الشهير الشيخ حسين الدجاني، فقدم أخوه المترجم المرقوم لحضرة الأمير السيد عبد القادر هذه القصيدة وهي:
عهدنا بغرب مطلع البدر مشرقا ... وإنا نراه الآن قد لاح مشرقا
وللغرب أصل الفضل إذ هو مطلع ... وإن يك ذاك البدر في الشرق أشرقا
رعى الله بدراً قد سرى يحمد السرى ... إلى الحرم القدسي وهام تشوقا
فلله من يوم به وصل الهنا ... وجاد بشير الأنس بالوصل واللقا
وأشرقت الدنيا بطلعته التي ... بدت شمس حن نورها قد تألقا
بروحي أفدي من علقت بحبه ... وأضحى إليه اللب بالرهن موثقا
سما في سما العليا كمالاً وبهجة ... ولطفاً وظرفاً فوق عرش البها ارتقى
لطلعته تعزى المحامد مثلما ... لحضرة محي الدين حمدي تحققا
ومرآه عيد للتهاني كمقدم ... لمولاي عبد القادر السامي مرتقى
إمام محاريب الأفاضل جامع ... لكل كمال في الأنام تفرقا
همام بيوم الحرب أثنت حرابه ... عليه وفي المحراب أضحى موفقا

طويل نجاد وافر الفضل كامل ... بسيط الندى قد فاق فهماً ومنطقا
وما هو إلا سيد وابن سيد ... له المحتد العالي من الدر منتقى
مليك إذا ما أم ساحة جوده ... أسير العنا في الحال من وأعتقا
حوى البأس والمعروف والمجد والذكا ... وحاز المعالي والمكارم والتقى
ولا عيب فيه غير أن عطاءه ... أبان لعجز الشكر لما تفتقا
سل الصارم الهندي عنه فإنه ... يحدث عن فضل به الضد صدقا
وليس لماضي عزمه من مضارع ... لعليائه الأمر انتهى وتعلقا
زهت جلق مذ رامها منزلاً له ... فزد من بروج البدر في العد جلقا
وأضحت دمشق مذ أناخ بسوحها ... كجنة خلد نشرها قد تعبقا
وكنا سمعنا من مآثر فضله ... فهمنا على حب السماع تعشقا
فكان عياناً فوق ما وصفوا لنا ... وشاهدت فرداً بالكمال تخلقا
وحاشاه أن أحصي بمدحي نعوته ... وهل يحص ودق في البرية أغدقا
وما الشعر من دأبي ولا أنا أهله ... وإن أك أحياناً به متعلقا
ولكن أياديه التي عم فضلها ... وحبي لآل المصطفى العروة الوثقى
دعاني إلى هذا القريض وإنني ... مقر بتقصير به أطلب العتقا
أمولاي محي الدين والسيد الذي ... على فضله الإجماع قام وأطبقا
هنيئاً هنيئاً بالقدوم الذي به ... لقد أقبل الإقبال واستدبر الشقا
ووافى الوفا يافا بكم وتشرفا ... وفاقت على الأمصار فخراً ورونقا
فبشراك يا بدر العلا بزيارة ... بها فتح تقريب لما كان مغلقا
ولا زلت في أوج السيادة راقياً ... ودام لك الإسعاد والعز والبقا
وهاك عروساً في مديحك قد حلت ... بحلي ثناكم جيدها قد تمنطقا
على خجل وافت تؤم رحابكم ... فمن عليها بالقبول تصدقا

وصل وسلم يا إلهي تكرماً ... على المصطفى خير الخليقة مطلقا
وآل كرام ثم أصحاب هديه ... مدى الدهر ما غصن المسرة أورقا
وما حسن نجل الدجاني قد شدا ... وقال يهنى من كنجم السهى رقى
وأضحى بيمن بالقدوم مؤرخاً ... إلى المسجد الأقصى سرى يطلب التقى
ثم قدمها إليه فحظيت منه بالقبول، ونالت من الالتفات غاية المأمول، وكان حضرة الأمير يعظم المترجم ويظهر له الحب والوداد، لما كان منطوياً عليه من الأدب واللطف وحسن المذاكرة والمحاضرة وفصاحة اللسان وحسن الهيئة وجمال الخصال الممدوحة.
وفي منتصف شوال سنة ألف ومائتين وأربع وسبعين توجه مع أخيه المرحوم العلامة الشيخ حسين الدجاني مفتي يافا إلى الحجاز وقبل توجههما نظم أخوه قصيدة يطلب بها الإذن من حضرة النبي صلى الله عليه وسلم بالحج وأولها:
يا طائر البان خذ مني مراسلة ... لروضة قد حواها أشرف الرسل
وقد شطرها المترجم وذيلها ونص الذيل قوله:
يا كعبة الجود يا شمس الوجود ويا ... بدر الشهود على علياك متكلي
بالله خذ بيدي عطفاً ومن على ... عبد مشوق قليل الحول والحيل
فارحمه يا رحمة الدارين يا سندي ... وكن شفيعي يوم العرض من خجلي
أرجو الوصال فقد طال المدى ولقد ... قل اصطباري ووجدي غير منفصل
لناظم الأصل مفتي العصر جد وعلى ... أخيه وهو أبي الإقبال يا أملي
وله تشطير بيتي أخيه الموجودين في ترجمته بعد هذه الترجمة، وله أبيات كثيرة، وقصائد شهيرة، موجودة في ديوان شعره، المحتوي على نظمه وبعض من غرر نثره، وإذا أردت الإطالة فيما له من المناقب والآثار، والفضائل وجميل الأخبار، خرجت عن المطلوب من الاختصار، عليه رحمة العزيز الغفار، مات سنة ألف ومائتين ونيف وتسعين ودفن في مقبرة يافا وقبره ظاهر مشهور يزار ويتبرك بزيارته.
حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر - ابن إبراهيم البيطار الميداني الدمشقي.