محمود بن فضل الله بن محمود الرومي القسطنطيني الهدائي الأسكداري
تاريخ الوفاة | 1038 هـ |
مكان الوفاة | استانبول - تركيا |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
الشَّيْخ مَحْمُود الاسكدارى قطب الاقطاب ومظهر فيوضات رب الارباب مهدى الزَّمَان ومرشد الْعَصْر والاوان
(هُوَ الدّين وَالدُّنْيَا هُوَ اللَّفْظ وَالْمعْنَى ... هُوَ الْغَايَة القصوى هُوَ الذرْوَة الْعليا)
أَصله من بَلْدَة سورى حِصَار ولد بهَا ثمَّ لزم التَّحْصِيل الى ان برع ونظم الشّعْر وَكَانَ يتَخَلَّص على عَادَتهم بهدايى وَخرج من بَلَده الى قسطنطينية فوصل الى نَاظر زَاده وتلمذ لَهُ فَلَمَّا تمت عمَارَة مدرسة السُّلْطَان الَّتِى بأدرنه وجهت ابْتِدَاء لاستاذه الْمَذْكُور فَصَارَ بهَا معيدا فى سنة ثَمَان وَسبعين وَتِسْعمِائَة ولازم مِنْهُ وَلما ولى قَضَاء الشَّام ومصر كَانَ فى صحبته وَولى بهما بعض النيابات ثمَّ فى الْمحرم سنة ثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة أعْطى الْمدرسَة الفرهادية ببروسه بهَا نِيَابَة الْجَامِع الْعَتِيق فاتفق انه عزّر بعض الصلحاء لامر دَعَا الى ذَلِك فَرَأى فى تِلْكَ اللَّيْلَة فى مَنَامه كانه جئ بِهِ للفرجة على جَهَنَّم فَرَأى فِيهَا أُنَاسًا كَانَ يظنّ انهم لِكَثْرَة صَلَاحهمْ فى صدر الْجنَّة وَمِنْهُم أستاذه نَاظر زَاده وَكَانَ اسْمه رَمَضَان وَكَانَ مَشْهُورا بالديانة والاستقامة فتأثر من هَذِه الرُّؤْيَا وَلم يخرج عَلَيْهِ النَّهَار الا وَقد بَاعَ جَمِيع مَا يملكهُ وَترك النِّيَابَة والمدرسة وَذهب الى الشَّيْخ افتاده الْمَشْهُور وَأخذ عَنهُ وجد كثيرا وَكَانَ يلازم الرياضة ويبالغ فِيهَا الى النِّهَايَة حكى عَنهُ انه قَالَ كَانَ بعض أحباب الاستاذ قد مَاتَ فرأيته بعد مُدَّة فى عَالم الْيَقَظَة وَهُوَ خَارج من بَاب الشَّيْخ فَسلمت عَلَيْهِ وَسلم على ثمَّ دخلت الى الشَّيْخ وأخبرته بذلك وَقلت لَهُ أَهَذا غلط خيال أَو وَاقعَة مَنَام فَقَالَ لى يَا ولدى قد قويت روحك بالرياضة فَمَا رَأَيْته من آثارها وَأَنا كنت أَيَّام رياضتى اذا دخلت السُّوق أَحْيَانًا أرى من الاموات أَكثر مَا ارى من الاحياء قلت وَقد نقل الشَّيْخ مَحْمُود صَاحب التَّرْجَمَة روح الله تَعَالَى روحه فى رِسَالَة لَهُ سَمَّاهَا بِجَامِع الْفَضَائِل ان بعض أهل السلوك اذا تصفى يرى الْمَوْتَى عيَانًا وَعَن بعض الْفُقَرَاء قَالَ كنت فى بداية سلوكى ببروسه المحروسه وَكَانَ بمحلتنا رجل مُؤذن بِجَامِع مَوْلَانَا الفنارى فَمَاتَ ذَلِك الْمُؤَذّن وَمضى عَلَيْهِ ايام كَثِيرَة وَذَهَبت الى شيخى قدس سره بعد صَلَاة الصُّبْح فَلَقِيت الْمُؤَذّن الْمَذْكُور فى الطَّرِيق وَمَعَهُ شخص آخر لَا أعرفهُ وَكَانَ الثَّلج ينزل علينا فَسلمت ومضيت ثمَّ ذكرت الْقِصَّة للشَّيْخ فَقَالَ هَذَا بِسَبَب رياضتك اياما وَكَانَت رياضى خبْزًا يَابسا ثمَّ قَالَ الشَّيْخ قدس سره قد لقِيت أَنا بعض الْمَوْتَى فى سكَّة زقاق السلك ببروسة المحروسة وَرَأَيْت الْفَقِير فى اجازة القطب الربانى الشَّيْخ مَنْصُور الْمحلى نزيل الصابونية أجَاز بهَا بعض الْفُضَلَاء عِنْد مَا ذكر اشياخه الَّذين أَخذ عَنْهُم قَالَ وَمِنْهُم وَهُوَ أَوَّلهمْ صَاحب الدّين المتين الذى اشْتهر أَنه يقرى الْجِنّ الشَّيْخ يس المالكى وَمن أعجب مَا سَمِعت مِنْهُ انه قَالَ جاءتنى أمى فى الْمَنَام وَقَالَت لى يَابِس فى خاطرى شنبر اسود فَأخذت لَهَا شنبرا وَوَضَعته تَحت رأسى فَجَاءَت وأخذته وَمِمَّا سمعته مِنْهُ أَيْضا انه قَالَ جزت يَوْمًا بِالسوقِ فَرَأَيْت فلَانا الْمَيِّت وَاقِفًا على اللحام فَقلت لَهُ مَا الذى أوقفك هَهُنَا فَقَالَ فُلَانَة جَاءَت البارحة وَأَنا اشْترى لَهَا لَحْمًا تطبخه لنا وامثال هَذَا كثير عودا الى تَتِمَّة التَّرْجَمَة وَلما اكمل الشَّيْخ مَحْمُود الطَّرِيق على شَيْخه الْمَذْكُور ورد الى اسكدار وَاخْتَارَ الاقامة بهَا ثمَّ فى جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ بعد الالف اعطى الْوَعْظ والتذكير والتحديث وَالتَّفْسِير بِجَامِع السُّلْطَان مُحَمَّد بعد وَفَاة الشَّيْخ معيده وفى الْمحرم سنة سبع وَألف زيد لَهُ من الْوَقْف الْمَزْبُور مائَة عثمانى كل يَوْم وَلما أتم عمَارَة الْجَامِع الذى بناه بزاويته الَّتِى باسكدار اخْتَار هُوَ ايْنَ يكون خَطِيبًا فِيهِ وتفرغ عَن وعظ جَامع السُّلْطَان مُحَمَّد لبعد الْمسَافَة وَطلب وعظا بِجَامِع مهروماه الذى باسكدار فى يَوْم الْخَمِيس فَأعْطِيه وَكَانَ يعظ بِهِ الى أَن مَاتَ وَلما أتم السُّلْطَان أَحْمد جَامعه فى سنة سِتّ وَعشْرين وَألف فوض اليه فى وعظا فى نَهَار الِاثْنَيْنِ فَكَانَ يعظ فِيهِ وَكَانَ مُعْتَقدًا للسُّلْطَان أَحْمد يعظمه كثيرا وَلَا يصدر الا عَن رَأْيه وَوَقع لَهُ مَعَه مكاشفات وحكايات تثر عَنهُ فَمن ذَلِك مَا يذكر ان السُّلْطَان ذهب هُوَ وَبَعض خواصه الى أحد المنتزهات باسكدار وَطلب لَحْمًا مشويا فجِئ بِاللَّحْمِ وحفر لَهُ حفيرة وشوى بِحَضْرَتِهِ فَلَمَّا أَرَادَ التَّنَاوُل مِنْهُ حضر الشَّيْخ مَحْمُود وَنَهَاهُ عَن تنَاول شئ مِنْهُ وَقَالَ لَهُ انه كَانَ بجنبه حَيَّة وَقد احترقت وسرى سمها الى اللَّحْم وَأمر بالقاء قِطْعَة لحم الى كلب هُنَاكَ فَلَمَّا أكلهَا مَاتَ ثمَّ حفروا الْمَكَان فَرَأَوْا آثَار الْحَيَّة كَمَا اخبر وَحكى أَن السُّلْطَان كَانَ عزل أحد وزرائه الْعِظَام وارسل ختم الوزارة الى وَزِير كَانَ مُقيما باسكدار فغرق الرَّسُول وَمَعَهُ الْخَاتم فَلَمَّا بلغ السُّلْطَان ذَلِك توجه الى الشَّيْخ مَحْمُود وَذكر لَهُ الامر فَكَانَ جَوَابه أَنه كشف السجادة وناوله الْخَاتم من تحتهَا وَمن اللطائف الَّتِى تنقل عَنهُ أَنه قَالَ لَهُ السُّلْطَان الْمَذْكُور بلغنى أَنَّك صرت فى ابْتِدَاء أَمرك نَائِبا فَقَالَ نعم صرت نَائِبا فى عدَّة بِلَاد وَلم أدر أَن أحدا وضع لى نقطة يُشِير الى سَلَامَته من ادناس النيابات ثمَّ وضعت أَنا لنفسى نقطة فصرت تَائِبًا بعد ان كنت نَائِبا وَحكى السَّيِّد الْفَاضِل الاديب يحيى ابْن عمر العسكرى الحموى قَالَ كنت رحلت فى ابْن الصِّبَا الى الرّوم وَكنت قَلِيل الجدوى فاذا احتجت الى شئ من قسم الْمَأْكُول أَخَذته من عِنْد أربابه فيجتمع لَهُم فى ذمتى حِصَّة من المَال وَكنت أرد مورد الشَّيْخ مَحْمُود الاسكدارى فيعطينى نَفَقَة من عِنْده فاذا أدّيت مَا يكون على لَا يبْقى على وَلَا لى شئ ويأتى الْمبلغ رَأْسا بِرَأْس وَله غير ذَلِك نَوَادِر وأخبار وَمن آثاره الشَّرِيفَة مجَالِس تَفْسِير كَانَ يحررها قريبَة التَّمام وَله الرسَالَة الَّتِى سَمَّاهَا جَامع الْفَضَائِل وقامع الرذائل وَله رسائل كَثِيرَة وديوان شعر منظوم ومنثور الهيات وكل ذَلِك مَشْهُور متداول عِنْد الرّوم وَكَانَت وَفَاته فى سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَألف وَدفن بالتربة الَّتِى أعدهَا لنَفسِهِ فى جوَار زاويته باسكدار وَاسْتقر مَكَانَهُ بالزاوية خَلِيفَته الاستاذ الْكَامِل النير الْخَيْر الصَّالح سميه الشَّيْخ مَحْمُود الشهير بغفورى وَكَانَ من الْعلمَاء الكمل وفضله وزهده أشهر من من ان يذكر وَكَانَ شَاعِرًا مطبوعا لَهُ شعر سَائِر وَولى الْوَعْظ بِجَامِع السُّلْطَان مُحَمَّد واعتقده جلّ النَّاس وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ من خير صلحاء وقته وَكَانَت وَفَاته بعد السّبْعين وَألف وَدفن بتربة شَيْخه باسكدار رحمهمَا الله تَعَالَى
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر للمحبي الحموي.
محمود (أو عزيز محمود) بن فضل الله بن محمود الرومي القسطنطيني الهدائي الأسكداري:
واعظ رومي حنفي من مشايخ (الجلوتية) له تصانيف بالعربية والتركية. تنسب اليه زاوية (الجلوتية) في أسكدار.
من كتبه (خلاصة الأخبار في أحوال النبي المختار - خ) مختصر، في شستربتي (5463) و (حياة الأرواح ونجاة الأشباح - خ) و (جامع الفضائل وقامع الرذائل - خ) و (كشف القناع عن وجه السماع - خ) .
-الاعلام للزركلي-