محمد بن عمر بن مكي بن عبد الصمد الدمشقي أبي عبد الله صدر الدين

ابن الوكيل ابن المرحل

تاريخ الولادة665 هـ
تاريخ الوفاة716 هـ
العمر51 سنة
مكان الولادةدمشق - سوريا
مكان الوفاةالقاهرة - مصر
أماكن الإقامة
  • حلب - سوريا
  • دمشق - سوريا

نبذة

محمد بن عمر بن مكي، أبو عبد الله صدر الدين (ابن المرحل) المعروف بابن الوكيل: شاعر، من العلماء بالفقه. ولد بدمياط، وانتقل مع أبيه إلى دمشق، فنشأ فيها. وأقام مدة في حلب. وتوفي بالقاهرة. كانت له ذاكرة عجيبة: حفظ المقامات الحريرية في خمسين يوما، وديوان المتنبي في أسبوع.

الترجمة

مُحَمَّد بن عمر بن مكي بن عبد الصَّمد الشَّيْخ الإِمَام صدر الدّين بن المرحل
تفقه على وَالِده وعَلى الشَّيْخ شرف الدّين الْمَقْدِسِي
وَسمع الحَدِيث من الْقَاسِم الإربلي وَالْمُسلم بن عَلان وَطَائِفَة
وَقعت لنا عَنهُ أناشيد من نظمه وَلم يَقع لنا حَدِيثه
كَانَ إِمَامًا كَبِيرا بارعا فِي الْمَذْهَب والأصلين يضْرب الْمثل باسمه فَارِسًا فِي الْبَحْث نظارا مفرط الذكاء عَجِيب الحافظة كثير الِاشْتِغَال حسن العقيدة فِي الْفُقَرَاء مليح النّظم جيد المحاضرة
ولد بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا وانتقل إِلَى الْقَاهِرَة وَبهَا توفّي وتنقلت بِهِ الْأَحْوَال
وَله مَعَ ابْن تَيْمِية المناظرات الْحَسَنَة وَبهَا حصل عَلَيْهِ التعصب من أَتبَاع ابْن تَيْمِية وَقيل فِيهِ مَا هُوَ بعيد عَنهُ وَكثر الْقَائِل فارتاب الْعَاقِل
كَانَ الْوَالِد رَحمَه الله يعظم الشَّيْخ صدر الدّين وَيُحِبهُ ويثني عَلَيْهِ بِالْعلمِ وَحسن العقيدة وَمَعْرِفَة الْكَلَام على مَذْهَب الْأَشْعَرِيّ
درس بِدِمَشْق بالشاميتين والعذراوية
وَولي مشيخة دَار الحَدِيث الأشرفية وباشرها مُدَّة ثمَّ درس فِي آخر عمره بِالْقَاهِرَةِ بزاوية الشَّافِعِي والمشهد الْحُسَيْنِي وَهُوَ أول من درس بِالْمَدْرَسَةِ الناصرية بهَا
ذكره القَاضِي شهَاب الدّين بن فضل الله فِي تَارِيخه فَقَالَ إِمَام لَهُ نسب فِي قُرَيْش أعرق وَحسب فِي بني عبد شمس مثل الشَّمْس أشرق وَعلم لَو أَن الْبَحْر شطأ شبهه لأغرق وَفهم لَو أَن الْفجْر سَطَعَ نَظِيره لأحرق
وَثَبت طُنب على المجرة وَمد رواقه فتلألأ بالمسرة وَنشر رايته الْبَيْضَاء الأموية وحولها ثغور الْكَوَاكِب المنيرة وارتفع أَن يُقَاس بنظير واتضع والثريا تَاج فَوق مفرقه والجوزاء تَحْتَهُ سَرِير
وهمة دون السما لَا يقصرها وَحِكْمَة عَن سبق القدما لَا يؤخرها
مَعَ جبين وضاح وَيَمِين مِنْهَا الْكَرم يستماح وأدب أشهى من رشف الرضاب وَأحلى من رضَا الحبائب الغضاب وَخلق شرح الله صَدره ومنح فَضله أندت الرياض المخضرة انْتهى
وللشيخ صدر الدّين كتاب الْأَشْبَاه والنظائر وَمَات وَلم يحرره فَلذَلِك رُبمَا وَقعت فِيهِ مَوَاضِع على وَجه الْغَلَط مثل حكايته عَن بعض الْأَئِمَّة وَجْهَيْن فِيمَا إِذا كشف عَوْرَته فِي الْخَلَاء زَائِدا على الْقدر الْمُحْتَاج هَل يَأْثَم على كشف الْجَمِيع أَو على الْقدر الزَّائِد وَهَذَا لم أره فِي كتاب
وَذكره شيخ الأدباء القَاضِي صرح الدّين الصَّفَدِي فَقَالَ أما التَّفْسِير فَابْن عَطِيَّة عِنْده مبخل والواحدي شَارك العي لَفظه فتخيل
وَأما الحَدِيث فَلَو رَآهُ ابْن عَسَاكِر لانهزم وانضم فِي زَوَايَا تَارِيخه وانحزم
وَأما الْفِقْه فَلَو أبصره الْمحَامِلِي مَا تحمل من غرائب قَاضِي النَّقْل عَنهُ وَمَا نصب وَرجع عَمَّا قَالَ بِهِ من اسْتِحْبَاب الْوضُوء من الْغَيْبَة وَعند الْغَضَب
وَأما الْأُصُول فَلَو رَآهُ ابْن فورك لفرك عَن طَرِيقَته وَقَالَ بِعَدَمِ الْمجَاز إِلَى حَقِيقَته
وَأما النَّحْو فَلَو عاصره عَنْبَسَة الْفِيل لَكَانَ مثل ابْن عُصْفُور أَو أَبُو الْأسود لَكَانَ ظَالِما وذنبه غير مغْفُور
وَأما الْأَدَب فَلَو عاينه الجاحظ لأمسى لهَذَا الْفَنّ وَهُوَ جَاحد أَو الثعالبي لراغ عَن تصانيفه وَمَا اعْترف مِنْهَا بِوَاحِد
وَأما الطِّبّ فَهُوَ شَاهده ابْن سينا لما أطرب قانونه أَو ابْن النفيس لعاد نفيسا قد ذهبت نونه
وَأما الْحِكْمَة فالنصير الطوسي عِنْده مخذول والكاتبي دبيران أدبر عَنهُ وَحده مفلول
وَأما الشّعْر فَلَو حاذاه ابْن سناء الْملك فنيت ذخيرة مجازاته وحقائقه أَو ابْن الساعاتي مَا وصل إِلَى دَرَجَته وَلَا انْتهى إِلَى دقائقه
وَأما الموشحات فَلَو وصل خَبره إِلَى الْموصِلِي لأصبح مَقْطُوع الذَّنب أَو ابْن زهر لما رأى لَهُ السَّمَاء نجما إِلَّا هوى وَلَا برجا إِلَّا انْقَلب
وَأما البلاليق فَابْن كلفة عِنْده يتَكَلَّف وَابْن مدغليس يغلس للسعي فِي ركابه وَمَا يتَخَلَّف
انْتهى قَلِيل مِمَّا ذكره القَاضِي صَلَاح الدّين بِلَفْظِهِ
وَكَانَت للشَّيْخ صدر الدّين صدقَات دارة وَمَكَارِم حاتمية مَا أَشك أَنَّهَا كَانَت دافعة لكثير من السوء عَنهُ فلطالما دخل فِي مضايق وَنَجَا مِنْهَا
وَمن أحسن مَا بَلغنِي عَنهُ من صدقاته مَا حَكَاهُ صَاحبه الْحَافِظ شهَاب الدّين العسجدي قَالَ كنت مَعَه لَيْلَة عيد فَوقف لَهُ فَقير استجداه فَقَالَ لي أيش مَعَك فَقلت مِائَتَا دِرْهَم فَقَالَ ادفعها إِلَى هَذَا الْفَقِير فَقلت لَهُ يَا سَيِّدي اللَّيْلَة الْعِيد وَمَا مَعنا مَا ننفقه غَدا فَقَالَ لي امْضِ إِلَى القَاضِي كريم الدّين الْكَبِير وَقل لَهُ الشَّيْخ يهنئك بِهَذَا الْعِيد
فَلَمَّا رَآنِي كريم الدّين قلت لَهُ مَا قَالَه لي الشَّيْخ قَالَ كَأَن الشَّيْخ يعوز نَفَقَة فِي هَذَا الْعِيد وَدفع إِلَيّ ألفي دِرْهَم وَقَالَ هَذِه للشَّيْخ وَلَك أَنْت ثَلَاثمِائَة دِرْهَم
فَلَمَّا حضرت بِالدَّرَاهِمِ إِلَى الشَّيْخ قَالَ صدق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْحَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا) هَذِه مِائَتَان بِأَلفَيْنِ
ولد الشَّيْخ صدر الدّين سنة خمس وَسِتِّينَ وسِتمِائَة
وَتُوفِّي بِالْقَاهِرَةِ فِي سنة سِتّ عشرَة وَسَبْعمائة
أنشدنا الْحَافِظ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم بن عبد المحسن العسجدي بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ قَالَ أنشدنا الشَّيْخ صدر الدّين بن المرحل لنَفسِهِ من لَفظه
(ليذهبوا فِي ملامي أَيَّة ذَهَبُوا ... فِي الْخمر لَا فضَّة تبقى وَلَا ذهب)
(وَالْمَال أجمل وَجه فِيهِ تنفقه ... وَجه جميل وَرَاح فِي الدجا لَهب)
(لَا تأسفن على مَال تمزقه ... أَيدي سقاة الطلا والخرد الْعَرَب)
(فَمَا كسوا راحتي من راحها حللا ... إِلَّا وعروا الْهم واستلبوا)
(رَاح بهَا راحتي فِي راحتي حصلت ... فتم عجبي بهَا وازداد لي الْعجب)
وَمِنْهَا
(وَلَيْسَت الكيميا فِي غَيرهَا وجدت ... وكل مَا قيل فِي أَبْوَابهَا كذب)
(قِيرَاط خمر على القنطار من حزن ... يُعِيد ذَلِك أفراحا وينقلب)
(عناصر أَربع فِي الكأس قد جمعت ... وفوقها الْفلك السيار والشهب)
(مَاء ونار هَوَاء أرْضهَا قدح ... وطوقها فلك والأنجم الحبب)
(مَا الكأس عِنْدِي بأطراف الأنامل بل ... بالخمس تقبض لَا يحلو بهَا الْهَرَب)
(شججت بِالْمَاءِ مِنْهَا الرَّأْس مُوضحَة ... فحين أعقلها بالخمس لَا عجب)
(صفراء فاقعة فِي الكأس ساطعة ... كالتبر لامعة كاساتها سحب)
(وَإِن أقطب وَجْهي حِين تَبَسم لي ... فَعِنْدَ بسط الموَالِي يحفظ الْأَدَب)
وَهِي طَوِيلَة أنشدها العسجدي بجملتها وَقد اقتصرنا على مَا انتقيناه مِنْهَا
وَانْظُر هَذَا الْفَقِيه مَا أحلى قَوْله شججت بِالْمَاءِ الْبَيْت وَمَا أحسن استحضاره لمشكلات الْفِقْه فِي هَذَا الْمقَام وَأَحْسبهُ قصد بهَا القصيد مُعَارضَة ابْن الخيمي فِي قصيدته الغزلية الَّتِي ادَّعَاهَا ابْن إِسْرَائِيل وَهِي قصيدة بديعة غراء مطْلعهَا
(يَا مطلبا لَيْسَ لي فِي غَيره أرب ... إِلَيْك آل التقضي وانْتهى الطّلب)
(وَمَا طمحت لمرأى أَو لمستمع ... إِلَّا لِمَعْنى إِلَى علياك ينتسب)
وَمَا أَرَانِي أَهلا أَن تواصلني ... حسبي علوا بِأَنِّي فِيك مكتئب)
(لَكِن يُنَازع شوقي تَارَة أدبي ... فأطلب الْوَصْل لما يضعف الْأَدَب)
(وَلست أَبْرَح فِي الْحَالين ذَا قلق ... باد وشوق لَهُ فِي أضلعي لَهب)
(ومدمع كلما كفكفت أدمعه ... صونا لذكرك يعصيني وينسكب)
(وَيَدعِي فِي الْهوى دمعي مقاسمتي ... وجدي وحزني وَيجْرِي وَهُوَ مختضب)
(كالطرف يزْعم تَوْحِيد الحبيب وَلَا ... يزَال فِي ليله للنجم يرتقب)
وأنشدنا الْحَافِظ أَبُو الْعَبَّاس العسجدي بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ قَالَ أنشدنا الشَّيْخ صدر الدّين من لَفظه لنَفسِهِ
(يَا رب جفني قد جفاه هجوعه ... والوجد يَعْصِي مهجتي ويطيعه)
(يَا رب قلبِي قد تصدع بالنوى ... فَإلَى مَتى هَذَا البعاد يروعه)
(يَا رب بدر الْحَيّ غَابَ عَن الْحمى ... فَمَتَى يكون على الْخيام طلوعه)
(يَا رب فِي الأظعان سَار فُؤَاده ... وبوده لَو كَانَ سَار جَمِيعه)
(يَا رب لَا أدع البكا فِي حبهم ... من بعدهمْ جهد الْمقل دُمُوعه)
(يَا رب هَب قلب الكئيب تجلدا ... عَمَّن يحب فقد دنا توديعه)
(يَا رب هَذَا بَينه وبعاده ... فَمَتَى يكون إيابه ورجوعه)
(يَا رب أَهلا مَا قضيت وَإِنَّمَا ... أَدْعُو بعودهم وَأَنت سميعه)
وَمن موشحاته
(دمعي روى مسلسلا بالسند ... عَن بَصرِي أحزاني)
(لما جَفا من قد بِلَا ... بالرمد والسهر أجفاني)
(غزال أنس نافر ... نيطت بِهِ التمائم)
(وغصن بَان ناضر ... أزهاره المباسم)
(قلبِي عَلَيْهِ طَائِر ... تبْكي لَهُ الحمائم)
(وَإِن غَابَ فَهُوَ حَاضر ... بالفكر لي ملازم)
(كم قد لوى على الولا من موعد ... لم يفكر فِي عاني)
(وَقد كفى مَا قد بِلَا بالكمد ... والفكر ذَا الْجَانِي)
(أزرى بغزلان النقا ... وبانه وحقفه)
(كم حل من عقد تقى ... بطرفه وظرفه)
(لم أنسه لما سقا ... من ثغره الإلفه)
(سلاف ريق روقا ... فِي ثغره لرشفه)
(قد احتوى على طلا وسهد ... ودرر مرجان)
(ورصعا وكللا بالبرد ... والزهر للحان)
(أماله سكر الصِّبَا ... ميل الصِّبَا بقده)
(وَفك أزرار القبا ... وَحل عقد بنده)
(وسدنه زهر الرِّبَا ... وساعدي لسعده)
(وَبت أرعى زغبا ... من فَوق ورد خَدّه)
(مثل الْهوى هَب على روض ند ... من طرر ريحاني)
(قد لطفا حَتَّى علا مورد ... مزهر نعماني)
(خد بِهِ خد البكا ... فِي صحن خدي عذرا)
(ورد لما أَن شكا ... سَائل جمعي نَهرا)
(كم مغرم قد تركا ... بَين البرايا عبرا)
(يَا من إِلَيْهِ المشتكى ... الْحَال يُغني النظرا)
(وَإِذا الْهوى فانهملا دمعي الصدي ... كالمطر هتاني)
(وَمَا انطفا واشتعلا فِي كَبِدِي ... كالشرر نيراني)
(يَا فرحة المحزون ... وقرحه لمن يرى)
(إِن صلت بالجفون ... وصدت من جفني الكرا)
(فَلَيْسَ من يحمين ... سوى الَّذِي فاق الورى)
(شمس الْعلَا وَالدّين ... أبي سعيد سنقرا)
(مولى حوى كل الْعلَا ... وسؤدد من معشر فرسَان)
(وَقد صفا ثمَّ حلا فِي المورد ... للمعصر والعاني)
وَمِنْهَا
(غَدا منادينا محكما فِينَا ... يقْضِي علينا الأسى لَوْلَا تأسينا)
(بَحر الْهوى يغرق ... من فِيهِ جهلا عَام)
(وناره تحرق ... من هم أوقد هام)
(وَرُبمَا يقلق ... فَتى عَلَيْهِ نَام)
(قد غير الْأَجْسَام وصير الْأَيَّام ... سُودًا وَكَانَت بكم بيضًا ليالينا)
(يَا صَاحب النَّجْوَى ... قف واستمع مني)
(إياك أَن تهوى ... إِن الْهوى يضني)
(لَا تقرب الْبلوى ... اسْمَع وَقل عني)
(بحاره مره خضنا على غره ... حينا فَقَامَ بهَا للنعي ناعينا)
(من هام بالغيد ... لَاقَى بهم هما)
(بذلت مجهودي ... لأحور ألمى)
(فهم بالجود ... ورد مَا هما)
(وعندما قد جاد بالوصل أَو قد كَاد ... أضحى التنائي بديلا من تدانينا)
(بِحَق مَا بيني ... وَبَيْنكُم إِلَّا)
(أقررتم عَيْني ... فتجمعوا الشملا)
(فالعيش بالبين ... بفقدكم أبلى)
(جَدِيد مَا قد كَانَ بالأهل والإخوان ... ومورد اللَّهْو صَاف من تصافينا)
(يَا جيرة بَانَتْ ... عَن مغرم صب)
(لعهده خانت ... من غير مَا ذَنْب)
(مَا هَكَذَا كَانَت ... عوائد الْعَرَب)
(لَا تحسبوا البعدا يُغير العهدا ... إِذْ طالما غير النأي المحبينا)
(يَا نازلا بالبان ... بالشفع وَالْوتر)
(والنمل وَالْفرْقَان ... وَاللَّيْل إِذا يسري)
(وَسورَة الرَّحْمَن ... والنحل وَالْحجر)
(هَل حل فِي الْأَدْيَان أَن يقتل الظمآن ... من كَانَ صرف الْهوى والود يسقينا)
(يَا سَائل الْقطر ... عرج على الْوَادي)
(من سَاكِني بدر ... وقف بهم نَادِي)
(عَسى صبا تسري ... لمغرم صادي)
(إِن شِئْت تحيينا بلغ تحايينا ... من لَو على الْبعد حَيا كَانَ يحيينا)
(وافت لنا أَيَّام ... كَأَنَّهَا أَعْوَام)
(وَكَانَ لي أَعْوَام ... كَأَنَّهَا أَيَّام)
(تمر كالأحلام ... بالوصل لي لَو دَامَ)
(والكأس مترعة حثت مشعشعة ... فِينَا الشُّمُول وغنانا مغنينا)
وَمِنْهَا
(مَا أخجل قده غصون البان ... بَين الْوَرق)
(إِلَّا سلب المها مَعَ الغزلان ... سود الحدق)
(قاسوا غَلطا من حَاز حسن الْبشر ... )
(بالبدر يلوح فِي دياجي الشّعْر ... )
(لَا كيد وَلَا كَرَامَة للقمر ... )
(الْحبّ جماله مدى الْأَزْمَان ... مَعْنَاهُ بَقِي)
(وازداد سنا وَخص بِالنُّقْصَانِ ... بدر الْأُفق)
(الصِّحَّة والسقام فِي مقلته ... )
(وَالْجنَّة والجحيم فِي وجنته ... )
(من شَاهده يَقُول من دهشته ... )
(هَذَا وَأَبِيك فر من رضوَان ... تَحت الغسق)
(للْأَرْض يعيذه من الشَّيْطَان ... رب الفلق)
(قد أَنْبَتَهُ الله نباتا حسنا ... )
(وازداد على المدى سناء وسنا ... )
(من جاد لَهُ بِرُوحِهِ مَا غبنا ... )
(قد زين حسنه مَعَ الْإِحْسَان ... حسن الْخلق)
(لَو رمت لحسنه مليحا ثَان ... لم يتَّفق)
(فِي نرجس لحظه وزهر الثغر ... )
(روض نضر قطافه بِالنّظرِ ... )
(قد دبج خَدّه نَبَات الشّعْر ... )
(فالورد حواه ناعم الريحان ... بالطل سقِِي)
(وَالْقد يمِيل مَيْلَة الأغصان ... للمعتنق)
(أَحْيَا وأموت فِي هَوَاهُ كمدا ... )
(من مَاتَ جوى فِي حبه قد سَعْدا ... )
(يَا عاذل لَا أترك وجدي أبدا ... )
(لَا تعذلني فَكلما تلحاني ... زَادَت حرقي)
(يستأهل من يهم بالسلوان ... ضرب الْعُنُق)
(الْقد وطرفه قناة وحسام ... )
(والحاجب واللحاظ قسي وسهام ... )
(والثغر مَعَ الرضاب كأس ومدام ... )
(والدر منظم مَعَ المرجان ... فِي فِيهِ نقي)
(قد رصع فَوْقه عقيق قان ... نظم النسق)
وَمِنْهَا
(قَالُوا سلا واسترد مضناه ... قلبا أخذا)
(لَا وَالَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ ... مَا كَانَ كَذَا)
(عشقته كوكبا من الصغر ... أأترك الوجد وَهُوَ كَالْقَمَرِ)
(دبج ديباجته بالشعر ... بَدَت طرازا كالرقم بالإبر)
(لَا وَالَّذِي زانه فَأعْطَاهُ ... حسنا وشذا)
(على البرايا إِنَّه الله ... مَا كَانَ كَذَا)
(وَلَو تقاس الكئوس بالثغر ... وبالثنايا الْحباب كالدرر)
(لفضل الثغر صِحَة النّظر ... وَالصرْف فِي مطعم وَفِي عطر)
(لَو قيس مَا فاق من حمياه ... أَو مَا نبذا)
(إِلَى رضاب حوته عَيناهُ ... مَا كَانَ كَذَا)
(كل دم النَّاس فَوق وجنته ... قد سفكتها سِهَام مقلته)
(الْعَفو من نبلها وحدته ... لَو صب بهْرَام كل جعبته)
(وَاخْتَارَ من نبلها ونقاه ... سَهْما نفذا)
(فِي الأَرْض من حرقة رماياه ... مَا كَانَ كَذَا)
(وسودها يَا حَلِيم خُذ بيَدي ... أمضي من الْبيض مَعَ بني أَسد)
(لَو قيس مَا فك مُحكم الزرد ... من كل ماضي الْقُرُون غير صد)
(إِلَى حسام نضته عَيناهُ ... مَاض شحذا)
(على مسن أبدته صدغاه ... مَا كَانَ كَذَا)
(قد سبى الظبي حسن لفتته ... كَمَا سبى الْغُصْن حسن خطرته
(وَالشَّمْس خجلى من حسن طلعته ... والبدر فِي حسنه وبهجته)
(لَو قيس أَيْضا إِلَى محياه ... فِي الْحسن إِذا)
(حفت بِهِ هَالة عذاراه ... مَا كَانَ كَذَا)
طبقات الشافعية الكبرى - تاج الدين السبكي

 

 

محمد بن عمر بن مكي، أبو عبد الله صدر الدين (ابن المرحل) المعروف بابن الوكيل:
شاعر، من العلماء بالفقه. ولد بدمياط، وانتقل مع أبيه إلى دمشق، فنشأ فيها. وأقام مدة في حلب. وتوفي بالقاهرة. كانت له ذاكرة عجيبة: حفظ المقامات الحريرية في خمسين يوما، وديوان المتنبي في أسبوع. ولي مشيخة دار الحديث الأشرفية بدمشق سبع سنين. قال ابن حجر: كان لا يقوم بمناظرة ابن تيمية أحد سواه. وصنف (الأشباه والنظائر - خ) في فقه الشافعية. وشرع في شرح (الأحكام) لعبد الحق ابن الخراط، فكتب منه ثلاثة مجلدات تدل علي تبحره في الحديث والفقه والأصول. وله شعر وموشحات رقيقة جمعها في ديوان سماه (طراز الدار).
-الاعلام للزركلي-

 

 

صدر الدين بن الوكيل الناظم 
الأديب الحجة.
مما كتب به إلى الأمير جمال الدين-يتوجع له، ويندب أيامه بدمشق، ومقامه بالقصر الأبلق-هذه القصيدة:
أيا جيرة بالقصر كان لهم مغنى … رحلتم فصار القصر لفظا بلا معنى 
وأظلم لما غاب نور جمالكم … وقد كان من شمس الضّحى نوركم أسنى
يعزّ علينا أن نرى الدار بعدكم … وما نحن فيها سادتى مثلما كنّا
لقد كانت الدنيا بكم في نضارة … ونعمى فأعفى الله بيتا به بتنا
 … سقيت ديار الظاعنين مدامعى
وقد سحّ ماء المزن يا ليته أغنى
وعيشكم والعيش منذ رحلتم … بغيض ولا أمنا لقينا ولا منّا
ولا تحسبوا أنّ الديار أطيبها … زمانكم لا والذى أذهب الحسنا؟ !
ولا غنّت الأطيار فوق غصونها … ولا نهر يجرى ولا روضة فنّا
بروحى أفدى الظاعنين وإن هم … أبوا أن نومى بعدهم يألف الجفنا 
يعز عليهم بعد دارك عنهم … وقد كنت منهم قاب قوسين أو أدنى 
وإنّي لألقى ما لقيت من الأذى … لقلبى قد أشجى وجسمى قد أضنا 
لقد كنتم يا جيرة الحىّ رحمة … أياديكم تمحو الإساءة بالحسنى
فرعتم جميع الناس فضلا وما دروا … بمقداركم حتى ترحّلتم عنا 
 … تركتم لنا من أن دعونا يؤمّنوا
وإن هم دعوا أن يجمع الشمل أمّنّا
وعدنا إلى الرحمن خير الأعدة … يقود لنا إنابة يحبس الظنا ؟ !
فإن ترجع الأيام تجمع بيننا … سجدنا لرب العالمين وشكرنا
ولما قدم الأمير سيف الدولة إلى حلب امتدحه بقصيدة منها قوله:
 … يا عاذلى لو رأيت صبا عانى
بكاء عليك من الغرام يعانى 
حيران قد ضاقت عليه طريقه … الله يؤنس وحشة الحيران
وقد رأيت صبابتى لرحمتنى … ولهان عندك رحمة الولهان
نهبوا القلوب، فليتهم إذا قسّموا … حبّاتها عطفوا على الغلمان
أغنتهم ألحاظهم وقدودهم … عن حمل كلّ مثقّف وسنان
سكنت بقلب خافق فاعجب لها … من ساكن في دائم الخفقان
 … قالت يجود الورد عج بفريقنا
حتى ترى فعلى مع الضّيفان
لو أنّ لى فلسا عجبت وليس لى … من بعد هذا القلب قلب ثان 
ولقد رأيت على الأراك حمامة … تبكى وتسعدنى على أحزانى
تبكى على غصن وأندب قامة … فجميعنا ببكى على الأغصان
صرع الزمان وجيدها فتألّقت … من بعده بالنّوح والأشجان 
قالت: أطلت النّوح في أغصانهم … هذا الوفاء لغادر خوّان
فأجبتها دينى مراعاة الهوى … وتذكّر الأوطار والأوطان 
يا جار سير عهودنا بالمنحنى … والركب منعطف على نعمان
بانوا فجسمى قد أقام بحبّهم … فالقوم بين هوادج الأظعان
قالت وعبرتها بصحن خدودها … كالطّلّ فوق شقائق النعمان
أفما يخوّفك الزمان فقلت لى … بسيوف سيف الدين كان أمانى
توفى سنة 710.
ذيل وفيات الأعيان المسمى «درّة الحجال في أسماء الرّجال» المؤلف: أبو العبّاس أحمد بن محمّد المكناسى الشّهير بابن القاضى (960 - 1025 هـ‍)