أحمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن أحمد بن يحيى بن أبي جرادة أبي الحسن القاضي العقيلي
تاريخ الولادة | 542 هـ |
تاريخ الوفاة | 613 هـ |
العمر | 71 سنة |
مكان الولادة | حلب - سوريا |
مكان الوفاة | حلب - سوريا |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
أحمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن أحمد بن يحيى بن أبي جرادة:
أبو الحسن بن أبي الفضل بن أبي غانم بن أبي الفضل بن أبي الحسن الحلبي، القاضي العقيلي، والدي، وتمام نسبه قد ذكرناه في ترجمة عم أبيه أبي الحسن أحمد بن هبة الله بن أحمد.
ولي القضاء بحلب وأعمالها في سنة خمس وسبعين وخمسمائة في دولة الملك الصالح اسماعيل بن محمود بن زنكي، ومن بعده في دولة عز الدين مسعود بن مودود، ودولة عماد الدين زنكي بن مودود، وصدرا من دولة الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، فانتقلت المناصب الدينية بحكم المذهب من الحنفية إلى الشافعية ، فعزل والدي عن القضاء في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، ووليه القاضي محي الدين محمد بن علي قاضي دمشق.
وكان عمي أبو غانم إذ ذاك مجاورا بمكة حرسها الله، فحج والدي تلك السنة، واجتمع به بمكة، وعاد إلى حلب.
وكان والدي قبل ولايته القضاء قد ولي الخطابة بقلعة حلب في أيام نور الدين محمود بن زنكي، وخطب بالمسجد الجامع بحلب في أيام ولده الملك الصالح اسماعيل نيابة عن أخيه أبي غانم، وولي أيضا قبل ولايته القضاء في أيام الملك الصالح خزانة بيت المال.
وكان رحمه الله حسن السيرة في أحكامه، جاريا فيها على أحسن قانون، متحريا في قضاياه، مقيما لناموس الشريعة المطهرة؛ وكان رحمه الله يقول لي:
يا بني والله ما أوثر لك أن تتولى القضاء، فإن عرض عليك لا تتوله فإنني ما استرحت منذ وليته حتى تركته، ولكني أوثر أن تكون مدرسا، وأن تتولى مدرسة الحلاويين، فقدر الله تعالى أن وفقني لما كان يؤثره لي بعد وفاته.
وكان رحمه الله قد سمع أباه القاضي أبا الفضل هبة الله بن محمد بن أبي جرادة، وأبا المظفر سعيد بن سهيل بن محمد الفلكي وزير خوارزم، والشيخ أبا زكريا يحيى ابن المنصور الزاهد المغربي، وأبا محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن جزي الأندلسي والشيخ محمد بن علي بن محمد التّرمذي؛ وحدث عن هؤلاء، وسمع جماعة من شيوخنا مثل: يحيى بن عقيل بن شريف بن رفاعة السعدي، وأبي اليمن الكندي، وأبي علي الأوقي، وأبي عبد الله الدربندي، وجماعة غيرهم، وكان يحضر قراءتي عليهم.
وأخبرني أن مولده بحلب سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة.
قال لي عمي أبو غانم: مما أذكره لك من فضل والدك أنني كنت مجاورا بمكة وبها الشيخ ربيع بن محمود المارديني، فقال لي في بعض الايام: يا أخي قد ألهمني الله تعالى أن أمضي كل ليلة، أو قال: كل يوم، إلى الملتزم، وأدعو الله تعالى أن يخلص أخاك أبا الحسن من القضاء، فقدر الله تعالى أن استجاب من الشيخ ربيع، وترك والدك القضاء، وحج من عامه ذلك، وجاء إلينا إلى مكة في الموسم.
ذكر لي عمي عندما توفي والدي في معرض عناية الله تعالى به حيث ألهم الشيخ ربيع بن محمود الدعاء له، واستجيب له، وكان الشيخ ربيع أحد الأولياء الظاهرة كرامتهم، واجتمعت به بحلب، ودعا لي في حياة والديّ رحمهما الله.
أخبرنا والدي أبو الحسن أحمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة قراءة عليه بحلب حرسها الله قال: أخبرنا أبو المظفر سعيد بن سهل بن محمد الفلكي إملاء بالمدرسة النوريه بحلب في يوم الأربعاء الحادي عشر من شوال سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة قال: حدثنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن أحمد ابن عبيد الله بن المديني إملاء بنيسابور قال: أخبرنا القاضي الجليل أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحيري قال: أخبرنا حاجب بن أحمد الطوسي قال: أخبرنا عبد الرحيم بن منيب المروزي قال: حدثنا يزيد بن هرون قال: أخبرنا حميد عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا عليكم أن لا تعجبوا بأحد حتى تنظروا بم يختم له فإن العامل يعمل زمانا من عمره أو برهة من دهره بعمل صالح لو مات عليه لدخل الجنة، ثم يتحول فيعمل عملا سيئا، وإن العامل ليعمل زمانا من عمره بعمل سيء لو مات عليه لدخل النار، ثم يتحول فيعمل عملا صالحا، فإذا أراد الله بعبد خيرا استعمله قبل موته» قالوا: يا رسول الله وكيف يستعمله قبل موته؟ قال: «يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه» .
توفي والدي رحمه الله ليلة الجمعة لثلاث بقين من شعبان سنة ثلاث عشرة وستمائة بمرض التراقي، وهو طلوع ظهر في ظهره بين كتفيه على محاذاة القلب، ويقال له الشقفه، ودفن يوم الجمعة بعد الصلاة في التربة المختصة بأهلنا بالقرب من مقام إبراهيم عليه السلام.
وكان رحمه الله في مرضه ذلك يطلب مني أن أقرأ له شيئا في كتاب «أدب المريض والعائد» لأبي شجاع البسطامي، ويسألني أن أورد له أشياء وردت في الصبر وما ينبغي للمريض أن يقوله ويدعو به مما ينفعه لآخرته، وكان إذا قال له أحد من الجماعة: أبشر بالعافية يقول: والله إني لا أكره الموت، من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، وأوصى بإخراج شيء من ماله وافر يتصدّق به على الفقراء والمساكين، ولما أحس بالموت جعل يقول في تلك الليلة التي توفي فيها ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم أعني على سكرات الموت» ثم استدعى بسواك فاستاك به، وسمعه من كان يتولى تمريضه من جماعتنا وهو يقول: هذا دو الكفل يصلي، وقال: أعطوني سبحة الشيخ أبي الحسن- يعني- الفاسي، وكان من أولياء الله تعالى وكبار الزهاد؛ ثم إنه طلبني، وكنت في ناحية الدار، فحضرت إليه، فالتفت فرآني واستدعاني إليه، ثم قبّل فمي، فوجدت شفتيه قد بردتا، فعلمت أنه في النزع، ولما احتضر جعلت أنا وعمي أبو غانم نلقنه الشهادة وهو يتشهد معنا، وقرأنا سورة الإخلاص فجعل يقرأها معنا إلى أن مات، وعرق جبينه عرقا باردا طيب الرائحة، ودمعت عينه، وظهر له من أمارات الخير عند موته ولله الحمد ما طيب القلوب لفقده، وكان قد سأل في الليلة التي توفي فيها: ما هذه الليلة؟ فقيل له: ليلة الجمعة، فقال: غدا أفارقكم، فمات في تلك الليلة، ودفن يوم الجمعة.
ومن عجائب ما اتفق أنه كان يجتهد في تزويجي يحثني عليه، ويقول: أشتهي أن أرى لأبي القاسم ولدا يمشي بين يدي، فاتفق أن زوجني، فولد لي ولدي أحمد الذي قدمت ذكره، فسماه والدي باسمه، وتكمل له من العمر سنة، ومرض والدي، فلما كان يوم الخميس الذي أعقبه ليلة الجمعة التي توفي فيها جئت إلى جنب الدار، فرأيت أحمد وهو يمشي خطوات أول مشيه وله سنة وشهر، فحملته وجئت إلى والدي وقلت له: يا مولاي هذا أحمد قد مشى، فنظر إليه وهو على جنبه فاستدعاه إليه فمشى إليه من باب المجلس إلى صدره، فأخذه وقبل وجهه، ودمعت عينه، وتوفي تلك الليلة، وقد أدرك ما تمناه رحمه الله.
بغية الطلب في تاريخ حلب - كمال الدين ابن العديم (المتوفى: 660هـ)
أَحْمد بن هبة الله بن مُحَمَّد بن هبة الله بن أَحْمد بن يحيى بن أبي جَرَادَة أَبُو الْحسن وَالِد الصاحب كَمَال الدّين أَبُو حَفْص عمر ابْن العديم مولده بحلب سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة سمع أَبَاهُ وَغَيره ولي الْقَضَاء بحلب فى سنة خمس وَسبعين وَخمْس مائَة قَالَ أَبُو حَفْص وَلَده توفّي وَالِدي لَيْلَة الْجُمُعَة لثلاث بَقينَ من شعْبَان سنة ثَلَاث عشرَة وست مائَة رَحمَه الله تَعَالَى
الجواهر المضية في طبقات الحنفية - عبد القادر بن محمد بن نصر الله القرشي محيي الدين الحنفي.