إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ الطَّبَرِيّ
طبقات الشافعية الكبرى - تاج الدين السبكي
إبراهيم بن علي بن الحسين الطبري، كان فقيهاً مجوّداً، ومن أصحابه صهره على ابنته، الفقيه ثَبْتُ ابن عبد الله، وقال أبي عبيد، قَدِمَ على الفقيه زيد بن عبد الله اليفاعي إلى الجند.
قال الفقيه عبد الله بن يحيى الصَّعبي: سألت الفقيه ثَبْت بن عبد الله في مدرسة الجَنَد، بحضرة الإمام زيد بن عبد الله اليفاعي، عن الفقيه إبراهيم بن علي بن الحسين الطبريّ، كيف بلوغه في الفقه، قال: «إنه مُجَوّد ولولا أنه اشتغل بالعبادة مع الصوفية، لكان في الفقه إماما، وفي الخلاف كاملا».
فقلت له: وطريقته والله هذه غير ملومة ولا مكروهة، فقال لي: كان الشيخ - يعني الحسين الطبري - يكره ذلك ويقول: اشتغال العالم بالعبادة فرار من العلم، فأعجبت بهذه الحكمة، وقلت هذا صحيح، لأن الحرص في العلم يقوم مقام العبادة، ولو كان فيه بعض قساوةٍ. وعُرض ذلك على بعض الأصحاب فقال: ما قاله هو وجه الصواب فاستحسنه.
وقلت: وهذا صحيح، لأنه رُوي عن النبي ﷺ، أنه دخل المسجد، فرأى مجلسين، أحدهما يذكرون الله تعالى، والآخر يتذاكرون الفقه، فقال كِلا المجلسين خيرٍ، وهذا أحب إليّ، وعدل إلى الفقه.
وفي رواية أنه قال: كِلا المجلسين على خير، وأحدهما أفضل من صاحبه، أما هؤلاء فيدعون الله ﷻ، ويرغبون إليه إن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم، وأما هؤلاء فيتعلّمون ويعلِّمون الجاهل، هؤلاء أفضل، ثم جلس معهم، وقال ﷺ: «ألا أنبئكم بالفقه كل الفقه؟ قالوا: بلى يا رسول الله!
قال: من لم يُقنط الناس من رحمة الله ولم يُؤَيِّسْهُمْ من روح الله، ولم يُؤمِّنهم من مكر الله، ولم يدع القرآن رغبة عنه إلى ما سواه، أَلَا لَا خَيْرَ فِي عِبَادَةٍ لَيْسَ فِيهَا فقه وَلَا عِلْمٍ لَيْسَ فِيهِ تَفَهُّمٌ وَلَا قِرَاءَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَدَبُّرٌ».
طبقات فقهاء اليمن، تأليف: عمر بن علي بن سمرة الجعدي ص: 150-151