أحمد ابن أبي السعود
تاريخ الولادة | غير معروف |
تاريخ الوفاة | غير معروف |
الفترة الزمنية | بين 870 و 970 هـ |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
وَمِمَّنْ رزق التَّمْيِيز والاشتهار فِي انواع الْفضل وضروبه لَكِن عانق ظُهُوره بخفائه وطلوعه بغروبه شمس الدّين احْمَد ابْن ابي السُّعُود عَامله الله بِلُطْفِهِ فِي دَار الخلود
ولد رَحمَه الله وآثار السِّيَادَة من ناصيته ظَاهِرَة وأنوار السَّعَادَة فِي جَبينه باهرة يُتْلَى من بَيَاض غرته وصحيفة خَدّه آيَات نجابة ابيه وَعزة جده ويروى من سلسلة هَذَا النجل النبيه حَدِيث الْوَلَد سر ابيه فَلَمَّا وصل اوان التَّحْصِيل وَأَبَان التَّكْمِيل اجْتهد فِي احراز الْفَضَائِل والمعارف واتقان النَّوَادِر واللطائف واستضاء هلاله من شمس ابيه فَصَارَ بَدْرًا واستمد نهره من سواكب مزنه فَأصْبح بحرا وَحصل المعارف الجليلة فِي الازمنة القليلة وَوصل الى فنون عدَّة فِي ادنى مُدَّة وَبِالْجُمْلَةِ لما كَانَت مرْآة طبعه مجلوة اصبحت صور فَضَائِل ابيه فِيهَا مخبوة واشتغل ايضا على الْمولى طاشكبري زَاده ثمَّ صَار معيد الدَّرْس ابيه واكمل كل مَا يهمه ويعنيه وَصَارَ فِي الاشتهار كَالشَّمْسِ فِي وسط النَّهَار وَلما وصل صيته الى سمع الْوَزير الْكَبِير رستم باشا احب رُؤْيَته واستدعاه فَلَمَّا اجْتمع بِهِ اعجبه حسن كَلَامه فاحسن اليه من نفائس الْكتب وتبناه ثمَّ اعطاه مدرسته الَّتِي بناها فِي قسطنطينية بِخَمْسِينَ وسنه اذ ذَاك سَبْعَة عشر فشرع فِي القاء الدُّرُوس واظهر امورا خَارِجَة عَن طوق الْبشر ثمَّ نقل الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى مدرسة السُّلْطَان مُحَمَّد ابْن السُّلْطَان سُلَيْمَان وَتُوفِّي رَحمَه
الله وَهُوَ مدرس بهَا فِي شهر جُمَادَى الاولى من سنة سبعين وَتِسْعمِائَة وَمَا بلغ عمره ثَلَاثِينَ سنة وَكَانَ سَبَب مَوته انه خالط بعض الاراذل ورغبه فِي اكل بعض المعاجين فاليه وَمَا اصدق قَول من قَالَ ... لعمرك مَا الايام الا معارة ... فَمَا اسطعت من معروفها فتزود
عَن الْمَرْء لَا تسْأَل وَأبْصر قرينه ... فَكل قرين بالمقارن يَقْتَدِي ...
فَلَمَّا ادام اكله تغير مزاجه فركدت انهاره الْجَارِيَة واصبحت حدائقه من النضارة عَارِية ومالت ازهاره الى الذبول وطوالعه الى الْغُرُوب والافول وباخرة طارت عنادله وانطفت قنادله وَقَامَت قافلته الى السَّبِيل ونادى مُنَادِي الْحَيّ الرحيل ولاحظه الزَّمَان بِعَين القهرفاي نعيم لَا يكدره الدَّهْر واي نَهَار لم يعقب بِاللَّيْلِ واي سرُور لم يثن بِالْوَيْلِ فانك لَو ملكت ملك شَدَّاد وَعَاد اليك قدرَة العمالقة وَعَاد ونصرت فصرت فِي تخريب الْبِلَاد وايذاء الْعباد كتيمور وَبُخْتنَصَّرَ وَكسرت كسْرَى وهدمت قصر قَيْصر وتبعك تبع الْيَمَان وَاجْتمعَ على خوانك الخان والخاقان الْيَسْ غَايَة قواك الفتور وَآخر سكناك الْقُبُور ... هَب ان مقاليد الامور ملكتها ... ودانت لَك الدُّنْيَا وَأَنت همام
جبيت خراج الْخَافِقين بسطوة ... وفزت بِمَا لم تستطعه انام
ومتعت باللذات دهرا بغبطة ... الْيَسْ بحتم بعد ذَاك حمام
فَبين البرايا وَالْخُلُود تبَاين ... وَبَين المنايا والنفوس لزام ...
وَكَانَ رَحمَه الله اعجوبة الزَّمَان ونادرة الاوان فِي الْخط والفراسية والشمول والاحاطة صَاحب اذعان صَحِيح ولسان طلق فصيح وَكَانَ رَحمَه الله غَايَة فِي جَرَاءَة الْجنان وسعة
التَّقْرِير وَالْبَيَان وَاتفقَ انه سَافر متنزها وَهُوَ مدرس بمدرسة ابْن السُّلْطَان الى بروسه فَجمع من كَانَ فِيهَا من المدرسين والاعيان وَعقد مَجْلِسا فِي الْجَامِع الْكَبِير فَنقل من كتاب البُخَارِيّ واظهر الْيَد الْبَيْضَاء فِي اتقان وتحرير وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ رَحمَه الله بِحَيْثُ لَو عَاشَ وامتد لَهُ مُدَّة الانتعاش لبلغ مبلغ الكمل من الرِّجَال ويشد اليه من الاقطار الرّحال وَمَا ظَفرت على شَيْء من نتائج طبعه الْكَرِيم سوى مَا كتبه
من غير تسويد على حَاشِيَة القصيدة الَّتِي انشأها ابوه الْمُفْتِي ابو السُّعُود الَّتِي اولها ... لمن الدنا وتضعضعت اركانها ... وانقض فَوق عروشها جدرانها ...
فَجرى لَهَا مجْرى الشَّرْح وَالْبَيَان فَلَا علينا من ان نثبته فِي هَذَا الْمَكَان وَهَذِه صورته افاد اولا ادام الله عزته ان اقبال دولة الدُّنْيَا على صَاحبهَا بِحَيْثُ ذلت رِقَاب الاقيال لبلوغها ذرا الْحسن وَالْجمال ومباشرتها لثياب الْعِزّ والاجلال وازر الْمجد والكمال وَالنَّاس عطاش الاكباد لزلال الفاظها الرائقة وسلسال عبارتها الفائقة حَتَّى صَارَت بِحَيْثُ يشار اليها بالبنان وتترقبها عُيُون الاعيان اقمار الْحسن فِي وَجههَا طالعة وغصون الْبَهْجَة فِي بساتين جمَالهَا يانعة وَارْتَفَعت مكانتها الى حَيْثُ يناغي البرجيس ويعادل عرش بلقيس ثمَّ لما اعْرِض عَنْهَا الزَّمَان ودهاها الْحدثَان وصب على جراثيم ازهار حسنها مياه المصائب وَتَتَابَعَتْ عَلَيْهَا الرزايا والنوائب وجر على عروشها اذيال البلى وخرعوا الى قصرهَا بانواع المحنة والبلى وَجَرت على هَذَا الاسلوب الازمان والدهور والاحقاب والعصور وتفرق عاكفو بَابهَا المنيع ومجاورو مَسْكَنهَا الرفيع وَقد اقتضاهم من اوجدهم ان يفنوا وخلت عَنْهُم الديار كَأَن لم يغنوا آل امرها الى حَال تَغَيَّرت عَلَيْهَا الشؤون والاحوال فسبحان من لَا يعتري ملكه التبدل والانتقال وَلَا يجْرِي فِي سُلْطَانه تفرق وانفصال وَبعد ذَلِك اشار الى مَالا يخْطر ببال اُحْدُ من الفرائد وبدائع الْفَوَائِد ليَكُون على الْمَطْلُوب حجَّة نيرة وَاضِحَة الْمكنون وَآيَة لقوم يعْقلُونَ
العقد المنظوم فِي ذكر افاضل الرّوم على هامش الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية - المؤلف: عصام الدين طاشْكُبْري زَادَهْ.