حفني (أو محمد حفني) بن إسماعيل ابن خليل بن ناصف:
قاض أديب، له شعر جيد. ولد ببركة الحج (من أعمال القليوبية - بمصر) وتعلم في الأزهر، وتقلب في مناصب التعليم، ثم في مناصب القضاء، وعين أخيرا مفتشا أول للغة العربية بوزارة المعارف المصرية. واشترك في الثورة العرابية بخطب كان يلقيها ويكتبها ويوزعها على خطباء المساجد والشوارع.
وكان يكتب في بعض الصحف المصرية باسم (إدريس محمدين) وقام برحلات إلى سورية والآستانة واليونان ورومانيا والنمسا وألمانيا وسويسرا والسويد وبلاد العرب. وتولى منصب النائب العمومي والقضاء الأهلي 20 عاما، وقام برئاسة الجامعة (1908) عند تكونها وكان من أوائل المدرسين فيها، كما شارك في إنشاء المجمع اللغوي الأول. وله مداعبات شعرية مع (حافظ إبراهيم) وغيره. وكان يتجنب المدح الاستجداء والفخر، في شعره. وهو والد (باحثة البادية) . توفي بالقاهرة. له (تاريخ الأدب أو حياة اللغة العربية - ط) جزآن من أربعة، و (مميزات لغات العرب - ط) ورسالة في (المقابلة بين لهجات بعض سكان القطر المصري - ط) واشترك في تأليف (الدروس النحوية - ط) أربعة أجزاء وجمع ابنه مجد الدين ناصف شعره، في ديوان سماه (شعر حفني ناصف - ط) .
-الاعلام للزركلي-
حفني ناصف
(1859 ـ 1919م)
مولده ونشأته: ولد سنة 1859م، وفي الحادية عشرة من عمره فرَّ من قريته إلى القاهرة طلباً للعلم، فالتحق بالأزهر وأكمل دراسته فيه، وقضى ثلاث عشرة سنة يدرس علوم العربية والدين، وكان شديد الميل للمطالعة، فما أضاع وقته في المجادلات كغيره، فكان راوية لأخبار العرب حافظاً أكثر تراث الشعراء، ويعتبر من أعلام النهضة الأدبية الحديثة.
في خدمة الدولة: ولما غادر الأزهر عين مدرساً في المدارس الرسمية، ثم عهد إليه بتدريس اللغة العربية والمنطق في مدرسة الحقوق، وأتاحت له ظروفه فدرس الحقوق ونال الشهادة، وعلى إثرها التحق بالقضاء، ودامت خدماته مدة عشرين عاماً، اشتهر بالعلم والتشريع، ثم نقل إلى وزارة المعارف فكان المفتش الأول للغة العربية.
آثاره العلمية: لقد ألف خمسة أجزاء في الصرف والنحو كانت تدرَّس في مدارس الحكومة، وألف بحثاً موضوعه (مميزات لغة العرب)، قدمه إلى مؤتمر المستشرقين في فيينا سنة 1886م، وجمع محاضراته التي كان ألقاها في الجامعة المصرية في كتاب سماه (حياة اللغة العربية).
شعره: هو من الشعراء المجيدين في هذا العصر، وقد بدأ بنظم الشعر وهو طالب في الأزهر، ولعله أكثر الأدباء اطلاعاً على آداب اللغة العربية، يميل في غالب شعره إلى المباسطة فيوردها بقالب جيد بديع، أما نثره فكثير التكلف في صياغته، يميل إلى السجع البديع، وله شعر كثير في الغزل والوصف والمدح، ومن شعره يصف البحيرة في جنيف بسويسرا فقال:
سل المها بين إقيانٍ ولوزان | ماذا فعلن بقلب المغرم العاني |
إذ كنَّ في الفلك كالأقمار في فلك | يشرفن منه على ألعاب نيران |
فكم من الأرض سهم للسماء وكم | سهم تسدد لي من تحت أجفان |
يعلو البحيرة من نيرانها شرر | كزفرتي حين يجري مدمعي القاني |
يذهبن بالفلك أيماناً وميسرة | فيها ويَطرَبنَ من توقيع ألحان |
سرب يغنين بالأفواه مطربة | وثلة بربابات وعيدان |
والورق في الشاطئ الأدنى تجاوبها | تبدو أفانين شدو بين أفنان |
وله ثلاثة أبيات مشهورة بعنوان (ميراث الحكماء)، وفيها يعبر عن حسرته لأنه لم يستطع أن يخلف لأبنائه ميراثاً يكفيهم شر العوز، قال:
أتقضي معي إن حان حيني تجاربي | وما نلتها إلا بطول عناء |
ويحزنني أن لا أرى لي حيلة | لإعطائها من يستحق عطائي |
إذا ورَّث المثرون أبناءهم غنى | وجاهاً فما أشقى بني الحكماء |
وفاته: أصيب بمرض، وقد ضاعف مرضه شدة حزنه على وفاة كريمته الأديبة الشاعرة (ملك) الملقبة بـ (باحثة البادية)، فلحق بها بعد سنة، وكانت وفاته سنة 1919م.
أعلام الأدب والفن، تأليف أدهم آل الجندي الجزء الثاني – ص 449.