أبي القاسم علي بن الحسن بن أحمد

رئيس الرؤساء ابن المسلمة علي

تاريخ الولادة397 هـ
تاريخ الوفاة450 هـ
العمر53 سنة
مكان الولادةغير معروف
مكان الوفاةبغداد - العراق
أماكن الإقامة
  • بغداد - العراق

نبذة

هُوَ وَزِيْرُ القَائِمِ بِأَمْرِ اللهِ الصَّدْرُ المُعَظَّمُ رَئِيْسُ الرُّؤسَاءِ أَبُو القَاسِمِ؛ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بن الشيخ أبي الفرج بن المسلمة. استكتنه القَائِم ثُمَّ اسْتَوْزَرَهُ وَكَانَ عزِيزاً عَلَيْهِ جِدّاً وَكَانَ مِنْ خيَار الوزرَاء العَادلين. وُلِدَ سَنَةَ 397.

الترجمة

عَليّ بن الْحسن [397 - 450] ابْن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر، أَبُو الْقَاسِم الْمَعْرُوف بِابْن الْمسلمَة، الملقب برئيس الرؤساء.
وَزِير الْقَائِم بِأَمْر الله. رُوِيَ لنا عَن الْقَزاز، عَن الْخَطِيب قَالَ: كَانَ أحد الشُّهُود المعدلين، ثمَّ اسْتَكْتَبَهُ الْخَلِيفَة الْقَائِم بِأَمْر الله، ولقبه: رَئِيس الرؤساء، شرف الوزراء، جمال الورى، وَكَانَ قد اجْتمع فِيهِ من الْآلَات مَا لم يجْتَمع فِي أحد قبله، مَعَ سداد مَذْهَب، وَحسن اعْتِقَاد، ووفور عقل، وأصالة رَأْي.

وسمعته يَقُول: ولدت فِي شعْبَان من سنة سبع وَتِسْعين وَثَلَاث مئة، وَرَأَيْت فِي الْمَنَام وَأَنا حدث كَأَنِّي أَعْطَيْت شبه النبقة الْكَبِيرَة، وَقد مَلَأت كفي، وَأُلْقِي فِي روعي أَنَّهَا من الْجنَّة فعضضت مِنْهَا عضة ونويت بذلك حفظ الْقُرْآن، وعضضت أُخْرَى ونويت درس الْفِقْه، وعضضت أُخْرَى ونويت درس الْعرُوض، فَمَا شَيْء من هَذِه الْعُلُوم إِلَّا وَقد رَزَقَنِي الله مِنْهُ نَصِيبا.
قَالَ الْخَطِيب: حَدثنَا رَئِيس الرؤساء أَبُو الْقَاسِم مَرَّات كَثِيرَة، قَالَ: رَأَيْت أَبَا الْحُسَيْن ابْن الْقَدُورِيّ الْفَقِيه بعد مَوته فِي الْمَنَام، فَقلت لَهُ: كَيفَ حالك؟ فَتغير وَجهه ودق حَتَّى صَار كَهَيئَةِ الْوَجْه المرئي فِي السَّيْف دقة وطولا، وَأَشَارَ إِلَى صعوبة الْأَمر، قلت: فَكيف حَال الشَّيْخ أبي الْفرج؟ يَعْنِي: جده، فَعَاد وَجهه إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَقَالَ لي: وَمن مثل الشَّيْخ أبي الْفرج ذَاك، ثمَّ رفع يَده إِلَى السَّمَاء، فَقلت فِي نَفسِي: يُرِيد بهَا قَول الله تَعَالَى: {وهم فِي الغرفات آمنون} [سبأ: 37] ، وَكَانَ جده سمع الحَدِيث وَرَوَاهُ.

سمع أَبَا أَحْمد الفرضي، وَإِسْمَاعِيل الصرصري، وَغَيرهمَا.
قَالَ الْخَطِيب: كتبت عَنهُ، وَكَانَ ثِقَة. قَتله رَحمَه الله الْوَزير أَبُو الْحَارِث البساسيري التركي صلباً، فِي ذِي الْحجَّة سنة خمسين وَأَرْبع مئة، وانتقم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَله الْحَمد من البساسيري فَقتل وطيف بِرَأْسِهِ بِبَغْدَاد، وصلب فِي ذِي الْحجَّة أَيْضا من السّنة الثَّانِيَة انْتِهَاء سنة إِحْدَى
وَكَانَ جده أَبُو الْفرج أَحْمد ابْن الْمسلمَة وَهُوَ الَّذِي لَهُ " أمال " تروى - جَلِيلًا، عابداً اخْتلف فِي الْفِقْه إِلَى أبي بكر الرَّازِيّ الْحَنَفِيّ، وَكَانَت دَاره مألفاً لأهل الْعلم، وَكَانَ كثير الْبر والإفضال.

-طبقات الفقهاء الشافعية - لابن الصلاح-

 

 

 عَليّ بن الْحسن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر أَبُي الْقَاسِم بن الْمسلمَة وَزِير الْقَائِم بِأَمْر الله أَمِير الْمُؤمنِينَ لقبه الْقَائِم رَئِيس الرؤساء شرف الوزراء جمال الورى

وَقد حكى عَنهُ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق حِكَايَة ولقبه بِهَذَا اللقب وَتلك منقبة
ولد فِي شعْبَان سنة سبع وَتِسْعين وثلاثمائة
سمع إِسْمَاعِيل بن الْحسن بن هِشَام الصرصري وَأَبا أَحْمد الفرضي وَغَيرهمَا
وروى عَنهُ الْخَطِيب وَكَانَ خصيصا بِهِ وَقَالَ كتبت عَنهُ وَكَانَ ثِقَة قد اجْتمع فِيهِ من الْآلَات مَا لم يجْتَمع فِي أحد قبله مَعَ سداد مَذْهَب وَحسن اعْتِقَاد ووفور عقل وأصالة رَأْي
قَالَ وسمعته يَقُول رَأَيْت فِي الْمَنَام وَأَنا حدث كَأَنِّي أَعْطَيْت شبه النبقة الْكَبِيرَة وَقد مَلَأت كفي وَأُلْقِي فِي روعي أَنَّهَا من الْجنَّة فعضضت مِنْهَا عضة ونويت بذلك حفظ الْقُرْآن وعضضت أُخْرَى ونويت درس الْفِقْه وعضضت أُخْرَى ونويت درس الْفَرَائِض وعضضت أُخْرَى ونويت درس النَّحْو وعضضت أُخْرَى ونويت درس الْعرُوض فَمَا من علم من هَذِه الْعُلُوم إِلَّا وَقد رَزَقَنِي الله مِنْهُ نَصِيبا

قَالَ الْخَطِيب قتل الْوَزير ابْن الْمسلمَة فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ الثَّامِن وَالْعِشْرين من ذِي الْحجَّة سنة خمسين وَأَرْبَعمِائَة قَتله أَبُو الْحَارِث البساسيري التركي وصلبه ثمَّ قتل البساسيري وطيف بِرَأْسِهِ بِبَغْدَاد فِي يَوْم الْخَامِس عشر من ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَخمسين
شرح حَال مقتل هَذَا الْوَزير
كَانَ هَذَا الْوَزير قد ارْتَفَعت دَرَجَته وَتمكن من قلب الْخَلِيفَة وَكَانَ السُّلْطَان فِي ذَلِك الْوَقْت الْملك الرَّحِيم ابْن بويه فَفِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة وَهِي ابْتِدَاء الدولة السلجوقية سقى الله عهدها ضعف أَمر الْملك الرَّحِيم لاستيلاء أبي الْحَارِث أرسلان التركي الْمَعْرُوف بالبساسيري
والبساسيري بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَألف بَين سينين مهملتين أولاهما مَفْتُوحَة وأخراهما مَكْسُورَة بعْدهَا آخر الْحُرُوف سَاكِنة وَفِي آخرهَا الرَّاء نِسْبَة إِلَى قَرْيَة بِفَارِس يُقَال لَهَا بسا وبالعربية فسا وَالنِّسْبَة إِلَيْهِمَا بِالْعَرَبِيَّةِ فسوي وَلَكِن أهل فَارس يَقُولُونَ البساسيري
وَكَانَ هَذَا البساسيري يتحلم على الْقَائِم بِأَمْر الله واستفحل أمره وَلم يبْق للْملك الرَّحِيم مَعَه إِلَّا مُجَرّد الِاسْم ثمَّ عَن لَهُ الْخُرُوج على الْخَلِيفَة بِأَسْبَاب أكدها مكاتبات الْمُسْتَنْصر العبيدي لَهُ من مصر فَبلغ ذَلِك الْقَائِم فكاتب السُّلْطَان طغرلبك بن مِيكَائِيل بن سلجوق يستنجد بِهِ على البساسيري ويعده بالسلطنة ويحضه على الْقدوم وَكَانَ طغرلبك بِالريِّ وَقد استولى على الممالك الخراسانية وَغَيرهَا وَكَانَ البساسيري يَوْمئِذٍ بواسط وَمَعَهُ أَصْحَابه ففارقه طَائِفَة مِنْهُم وَرَجَعُوا إِلَى بَغْدَاد فَوَثَبُوا على دَار البساسيري فنهبوها وأحرقوها وَذَلِكَ بِرَأْي رَئِيس الرؤساء وسعيه وَكَانَ رَئِيس الرؤساء هُوَ الْقَائِم عِنْد الْقَائِم فِي إبعاد البساسيري وَهُوَ الَّذِي أعلمهُ بِأَنَّهُ يُكَاتب المصريين ويكاتبونه فَقدم السُّلْطَان طغرلبك فِي رَمَضَان بجيوشه فَذهب البساسيري من الْعرَاق وَقصد الشَّام وَوصل إِلَى الرحبة وَكَاتب الْمُسْتَنْصر العبيدي الشيعي الرافضي صَاحب مصر وَاسْتولى على الرحبة وخطب للمستنصر بهَا فأمده الْمُسْتَنْصر بالأموال وَأما بَغْدَاد فَخَطب بهَا للسُّلْطَان طغرلبك بعد الْقَائِم ثمَّ ذكر بعده الْملك الرَّحِيم وَذَلِكَ بشفاعة الْقَائِم فِيهِ إِلَى طغرلبك ثمَّ إِن السُّلْطَان قبض على الْملك الرَّحِيم بعد أَيَّام وَقطعت خطبَته فِي سلخ رَمَضَان وانقرضت دولة بني بويه وَكَانَت مدَّتهَا مائَة وَسبعا وَعشْرين سنة وَقَامَت دولة بني سلجوق فسبحان مبدي الْأُمَم ومبيدها وَدخل طغرلبك بَغْدَاد فِي جمع عَظِيم وتجمل هائل وَدخل مَعَه ثَمَانِيَة عشر فيلا وَنزل بدار المملكة وَكَانَ قدومه فِي الظَّاهِر أَنه أَتَى من غَزْو الرّوم إِلَى همذان فأظهر أَنه يُرِيد الْحَج وَإِصْلَاح طَرِيق مَكَّة والمضي إِلَى الشَّام من الْحَج ليأخذها وَيَأْخُذ مصر ويزيل دولة الشِّيعَة بهَا فراج هَذَا على عَامَّة النَّاس وَكَانَ رَئِيس الرؤساء يُؤثر تملكه وَزَوَال دولة بني بويه فَقدم الْملك الرَّحِيم من وَاسِط وراسلوا طغرلبك بِالطَّاعَةِ وَاسْتمرّ أَمر طغرلبك فِي ازدياد إِلَى سنة خمسين وَأَرْبَعمِائَة توجه إِلَى رحبة الْموصل ونصيبين وَغَيرهمَا واشتغل بحصار طَائِفَة عَصَتْ عَلَيْهِ وَسلم مَدِينَة الْموصل إِلَى أَخِيه إِبْرَاهِيم ينَال وَتوجه ليفتح الجزيرة فراسل البساسيري إِبْرَاهِيم ينَال أَخا السُّلْطَان يعده ويمنيه ويطمعه فِي الْملك فأصغى إِلَيْهِ وَخَالف أَخَاهُ وَسَار فِي طَائِفَة من الْعَسْكَر إِلَى الرّيّ فانزعج السُّلْطَان وَسَار وَرَاءه وَترك بعض الْعَسْكَر بديار بكر مَعَ زَوجته ووزيره عميد الْملك الكندري وربيبه أنوشروان فتفرقت العساكر وعادت زَوجته الخاتون إِلَى بَغْدَاد فَأَما السُّلْطَان فَالتقى هُوَ وَأَخُوهُ فَظهر عَلَيْهِ أَخُوهُ فَدخل السُّلْطَان همذان فنازله أَخُوهُ وحاصره فعزمت الخاتون على إنجاد زَوجهَا واختبطت بَغْدَاد واستفحل الْبلَاء وَقَامَت الْفِتْنَة على سَاق وَتمّ للبساسيري مَا دبر من الْمَكْر وأرجف النَّاس بمجيء البساسيري إِلَى بَغْدَاد وَنَفر الْوَزير الكندري وأنو شرْوَان إِلَى الْجَانِب الغربي وقطعا الجسر ونهبت الغز دَار الخاتون وَأكل الْقوي الضَّعِيف ثمَّ دخل البساسيري بَغْدَاد فِي ثامن ذِي الْقعدَة بالرايات المستنصرية عَلَيْهَا ألقاب الْمُسْتَنْصر فَمَال إِلَيْهِ أهل بَاب الكرخ لرفضهم وفرحوا بِهِ وتشفوا بِأَهْل السّنة وشمخت أنوف الرافضة وأعلنوا بِالْأَذَانِ بحي على خير الْعَمَل وَاجْتمعَ خلق من أهل السّنة أَيَّام إِلَى الْقَائِم بِأَمْر الله وقاتلوا مَعَه ونشبت الْحَرْب بَين الْفَرِيقَيْنِ فِي السفن أَرْبَعَة أَيَّام وخطب يَوْم الْجُمُعَة ثَالِث عشر ذِي الْقعدَة بِبَغْدَاد للمستنصر العبيدي بِجَامِع الْمَنْصُور وأذنوا بحي على خير الْعَمَل وَعقد الجسر وعبرت عَسَاكِر البساسيري وتفلل عَن الْقَائِم أَكثر النَّاس فَاسْتَجَارَ بِقُرَيْش بن بدران أَمِير الْعَرَب وَكَانَ مَعَ البساسيري فأجاره وَمن مَعَه وَأخرجه إِلَى مخيمه وَقبض البساسيري على وَزِير الْقَائِم رَئِيس الرؤساء أبي الْقَاسِم بن الْمسلمَة وَقَيده وشهره على جمل عَلَيْهِ طرطور وعباءة وَجعل فِي رقبته قلائد كالمسخرة وطيف بِهِ فِي الشوارع وَخَلفه من يصفعه ثمَّ سلخ لَهُ ثَوْر وألبس جلده وخيط عَلَيْهِ وَجعلت قُرُون الثور بجلدها فِي رَأسه ثمَّ علق على خَشَبَة وَعمل فِي فِيهِ كلابان وَلم يزل يضطرب حَتَّى مَاتَ وَنصب للقائم خيمة صَغِيرَة بالجانب الشَّرْقِي فِي المعسكر ونهبت الْعَامَّة دَار الْخلَافَة وَأخذُوا مِنْهَا أَمْوَالًا جزيلة

فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة رَابِع ذِي الْحجَّة لم تصل الْجُمُعَة بِجَامِع الْخَلِيفَة وخطب بِسَائِر الْجَوَامِع للمستنصر وَقطعت الْخطْبَة العباسية بالعراق ثمَّ حمل الْقَائِم بِأَمْر الله إِلَى حَدِيثَة عانة فاعتقل بهَا وَسلم إِلَى صَاحبهَا مهارش وَذَلِكَ لِأَن البساسيري وقريش بن بدران اخْتلفَا فِي أمره ثمَّ وَقع اتِّفَاقهمَا على أَن يكون عِنْد مهارش إِلَى أَن يتَّفقَا على مَا يفْعَلَانِ بِهِ
ثمَّ جمع البساسيري الْقُضَاة والأشراف وَأخذ عَلَيْهِم الْبيعَة للمستنصر صَاحب مصر فَبَايعُوا قهرا وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَكَانَ ذَلِك بِسوء تَدْبِير حَاشِيَة الْخَلِيفَة الْقَائِم واستعجالهم على الْحَرْب وَلَو طاولوا حَتَّى ينجدهم طغرلبك لما تمّ ذَلِك على مَا قيل
وَذكر أَن رَئِيس الرؤساء كَانَ لَا يدْرِي الْحَرْب وَكَانَ الْأَمر بِيَدِهِ فَلم يحسن التَّدْبِير ثمَّ لما انْهَزمُوا لم يشْتَغل بِنَفسِهِ بل بالخليفة فَإِنَّهُ صَاح يَا علم الدّين يَعْنِي قُريْشًا أَمِير الْمُؤمنِينَ يستدنيك فَدَنَا مِنْهُ فَقَالَ قد أنالك الله منزلَة لم ينلها أمثالك أَمِير الْمُؤمنِينَ يستذم مِنْك على نَفسه وَأَصْحَابه بذمام الله وذمام رَسُوله وذمام الْعَرَب فَقَالَ قد أَذمّ الله تَعَالَى لَهُ
قَالَ ولي وَلمن مَعَه قَالَ نعم وخلع قلنسوته فَأَعْطَاهَا للخليفة وَأعْطى رَئِيس الرؤساء مخصرة ذماما فَنزل إِلَيْهِ الْخَلِيفَة وَرَئِيس الرؤساء فسارا مَعَه فَأرْسل إِلَيْهِ البساسيري أتخالف مَا اسْتَقر بَيْننَا وَاخْتلفَا ثمَّ اتفقَا على أَن يسلم إِلَيْهِ رَئِيس الرؤساء وَيتْرك الْخَلِيفَة عِنْده

وَسَار حَاشِيَة الْخَلِيفَة على حامية إِلَى السُّلْطَان طغرلبك بِالْخَيرِ مستفزين لَهُ ثمَّ أرسل البساسيري رسله بالبشارة إِلَى صَاحب مصر وإعلامه الْخَبَر
وَكَانَ وَزِير مصر أَبَا الْفرج ابْن أخي أبي الْقَاسِم المغربي وَكَانَ سنيا وَهُوَ مِمَّن هرب من البساسيري فذم فعله وَخَوف من سوء عاقبته فَتركت أجوبته مُدَّة ثمَّ عَادَتْ بِغَيْر الَّذِي أمله وَصَارَ البساسيري إِلَى وَاسِط وَالْبَصْرَة فملكهما وخطب للمصريين
وَأما طغرلبك فَكَانَ مَشْغُولًا بأَخيه إِلَى أَن انتصر عَلَيْهِ وَقَتله وكر رَاجعا إِلَى الْعرَاق وَقد بلغه الْأَخْبَار فجَاء لَيْسَ لَهُ هم إِلَّا إِعَادَة الْخَلِيفَة إِلَى رتبته فَلَمَّا وصل إِلَى الْعرَاق وَكَانَ وُصُوله إِلَيْهَا فِي سنة إِحْدَى وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة هرب جمَاعَة البساسيري وَانْهَزَمَ أهل الكرخ
وَكَانَت مُدَّة أَيَّام البساسيري سنة كَامِلَة
ثمَّ بعث السُّلْطَان الإِمَام أَبَا بكر أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَيُّوب بن فورك إِلَى قُرَيْش ليَبْعَث مَعَه أَمِير الْمُؤمنِينَ ويشكره على مَا فعل فَكَانَ رَأْيه أَن يَأْخُذ الْخَلِيفَة وَيدخل بِهِ الْبَريَّة فَلم يُوَافقهُ مهارش بل سَار بالخليفة فَلَمَّا سمع السُّلْطَان طغرلبك بوصول الْخَلِيفَة إِلَى بِلَاد بدر بن مهلهل أرسل وزيره عميد الْملك الكندري والأمراء والحجاب بالسرادقات الْعَظِيمَة والأهبة التَّامَّة فوصلوا وخدموا الْخَلِيفَة فوصل النهروان فِي رَابِع عشرى ذِي الْقعدَة وبرز السُّلْطَان إِلَى خدمته وَقبل الأَرْض وهنأه بالسلامة وَاعْتذر عَن تَأَخره بعصيان أَخِيه وَأَن قَتله عُقُوبَة لما جرى مِنْهُ من الوهن على الدولة العباسية

وَقَالَ أَنا أمضي خلف هَذَا الْكَلْب يَعْنِي البساسيري إِلَى الشَّام وأفعل فِي حق صَاحب مصر مَا أجازى بِهِ فقلده الْخَلِيفَة سَيْفا كَانَ فِي يَده وَقَالَ لم يبْق مَعَ أَمِير الْمُؤمنِينَ من دَاره سواهُ فَنزل بِهِ أَمِير الْمُؤمنِينَ وكشف غشاء الخركاه حَتَّى رَآهُ الْأُمَرَاء فخدموه وَدخل بَغْدَاد وَكَانَ يَوْمًا مشهودا ثمَّ جهز السُّلْطَان عسكرا خلف البساسيري فَثَبت لَهُم البساسيري وَقَاتل إِلَى أَن جَاءَهُ سهم ضربه بِهِ قُرَيْش فَوَقع فَنزل إِلَيْهِ دوادار عميد الْملك فحز رَأسه وَحمل على رمح إِلَى بَغْدَاد وطيف بِهِ ثمَّ علق فِي السُّوق

طبقات الشافعية الكبرى - تاج الدين السبكي

 

 

هُوَ وَزِيْرُ القَائِمِ بِأَمْرِ اللهِ الصَّدْرُ المُعَظَّمُ رَئِيْسُ الرُّؤسَاءِ أَبُو القَاسِمِ؛ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بن الشيخ أبي الفرج بن المسلمة.
استكتنه القَائِم ثُمَّ اسْتَوْزَرَهُ وَكَانَ عزِيزاً عَلَيْهِ جِدّاً وَكَانَ مِنْ خيَار الوزرَاء العَادلين.
وُلِدَ سَنَةَ 397.
وَسَمِعَ: مِنْ جدّه وَابْن أَبِي مُسْلِم الفَرَضِي، وَإِسْمَاعِيْل الصَّرْصَرِي.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْب، وَكَانَ خِصِّيْصاً بِهِ، وَوَثَّقَهُ وَقَالَ: اجْتَمَع فِيْهِ مِنَ الآلاَت مَا لَمْ يَجتمع فِي أَحَد قَبْله، مَعَ سَدَادِ مَذْهَب، وَوُفور عَقْلٍ، وَأَصَالَة رَأْي.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: وَزر أَبُو القَاسِمِ فِي سَنَةِ ثلاث وأربعين، ولقب جمال الورَى، شرف الوزرَاء. وَلَمْ يَبْقَ لَهُ ضِدٌ إلَّا البسَاسيرِي؛ الأَمِيْر المُظَفَّر أَبُو الحَارِثِ التُّرْكِيّ، فَإِنَّ أَبَا الحَارِث عظُم جِدّاً وَلَمْ يَبْقَ لِلملك الرَّحِيْم بن بُويه مَعَهُ سِوَى الاسْم ثُمَّ إِنَّهُ خلع القَائِم وَتَملَّك بَغْدَاد وَخَطَبَ بِهَا لصَاحِب مِصْر المُسْتنصر فَقَتَلَ رَئِيْس الرُّؤَسَاء أَبَا القَاسِمِ بن المُسلمَة.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الهَمَذَانِيّ: أُخرج رَئِيْسُ الرُّؤَسَاء وَعَلَيْهِ عبَاءة وَطُرْطُور وَفِي رَقبتِهِ مخْنَقَةُ جُلُود وَهُوَ يقرأ: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ} ... [آل عمران: 26] وَيُرَدِّدهَا فَطِيْفَ بِهِ عَلَى جمل ثُمَّ خِيط عَلَيْهِ جلد ثَوْر بقرنِيْنَ وَعُلِّقَ وَفِي فَكَّيه كَلُّوبَان وَتَلِفَ فِي آخِر النَّهَار فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
قُلْتُ: كَانَ من علماء الكبراء ونبلائهم.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ أَخْبَرَنَا، الفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ أَخْبَرَنَا، مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّرَائِفِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ قَالُوا: أَخْبَرَنَا، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ المُعَدِّلُ أَخْبَرَنَا، عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ أَخْبَرَنَا، جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا، قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ حَدَّثَنَا، أَبُو عَوَانَةَ عَنْ، قَتَادَةَ عَنْ، أَنَسٍ عَنْ، أَبِي مُوْسَى الأشعري: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ؛ رِيحُهَا طَيِّب وَطَعْمُهَا طَيِّب".
وَبِهِ: إِلَى الفِرْيَابِيِّ: حَدَّثَنَا، هُدْبَةُ حَدَّثَنَا، هَمَّامٌ حَدَّثَنَا، قَتَادَةَ عَنْ، أَنَسِ بنِ مَالِكٍ عَنْ، أَبِي مُوْسَى: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ كمثل الأُتْرُجَّة". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
مَاتَ مَعَ ابْنِ المسلمَة السُّلْطَانُ أَلب آرسلاَن السَّلْجُوْقِي وَعَائِشَةُ ابْنَة أَبِي عُمَرَ البِسْطَامِي وَأَبُو الغَنَائِمِ بنُ المَأْمُوْن وَأَبُو القَاسِمِ بنُ القُشَيْرِيّ وَصُردرّ شَاعِرُ وَقته أَبُو مَنْصُوْرٍ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ وَالحَافِظُ أَبُو سَعْدٍ السُّكَّرِيّ وَكَرِيْمَةُ المروزِيَّة وَأَبُو عُثْمَانَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ وَرْقَاء وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ الْمُهْتَدي بِاللهِ وَأَبُو المُظَفَّرِ هنَّاد النسفِي.
سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي.

 

 

علي بن الحسن بن أبي الفرج أحمد، أبو القاسم، العروف برئيس الرؤساء ابن المسلمة: من خيار الوزراء علما وعدلا. من بيت رياسة ومكانة ببغداد. سمع الحديث في صباه، وتضلع من علوم كثيرة وصار أحد المعدّلين. واستكتبه القائم بأمر الله العباسي، ثم استوزره (سنة 437 هـ ولقبه " جمال الدين، شرف الوزراء، رئيس الرؤساء " وكان سديد الرأي وافر العقل. يرى بعض المؤرخين أنه بسياسة التقرب من زعماء التراك، والاستعانة بهم، أفسد خطط الفاطميين في القضاء علي الخلافة العباسية. واستمر إلى أن كانت فتنة استيلاء البَسَاسِيري (أرسلان بن عبد الله) على بغداد، ودعوته للفاطميين، وكان شديد البغض لابن المسلمة، لأمور سبقت بينهما، فقبض عليه ومثل به أفظع تمثيل ثم صلبه حتى مات، وله من العمر 52 سنة و 5 أشهر، ومدة وزارته 12 سنة وشهر .

-الاعلام للزركلي-