لطف الله التوقاتي
مولانا لطفي
تاريخ الوفاة | 904 هـ |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى لطف الله التوقاتي الشهير بمولانا لطفي
قَرَأَ رَحمَه الله على الْمولى سِنَان باشا وَتخرج عِنْده وَلما أَتَى الْمولى عَليّ القوشجي ببلادالروم ارسله الْمولى سِنَان باشا اليه وقرا عَلَيْهِ الْعُلُوم الرياضية وَحصل سِنَان باشا الْعُلُوم الرياضية بوساطته ورباه سِنَان باشا حَال وزارته عِنْد السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فَجعله افينا على خزانَة الْكتب واطلع بوساطته عِنْده على غرائب من الْكتب وَلما جرى على الْمولى سِنَان باشا مَا جرى وَنفي عَن الْبَلدة الى سفريحصار صحب مَعَه الْمولى لطفي وَلما جلس السُّلْطَان بايزيدخان على سَرِير السلطنة اعطاه مدرسة السُّلْطَان مرادخان بِمَدِينَة بروسه ثمَّ اعطاه مدرسة فلبه ثمَّ اعطاه مدرسة دَار الحَدِيث بادرنه وَعين لَهُ كل يَوْم اربعين درهما ثمَّ اعطاه احدى الْمدَارِس الثمان ودرس فِيهَا مُدَّة من الزَّمَان ثمَّ اعطاه مدرسة جده السُّلْطَان مرادخان ببروسه وَعين لَهُ كل يَوْم سِتِّينَ درهما كَانَ رَحمَه الله فَاضلا لَا يجارى وعالما لَا يُبَارى وَكَانَ يُطِيل لِسَانه على اقرانه وعَلى السّلف ايضا ولكثرة فضائله حسده اقرانه ولاطالة لِسَانه ابغضه الْعلمَاء الْعِظَام وَلِهَذَا نسبوه الى الالحاد والزندقة حَتَّى فتشوه وَلم يحكم الْمولى افضل الدّين باباحة دَمه وَتوقف فِيهِ وَحكم الْمولى خطيب زَاده باباحة دمة فَقَتَلُوهُ وَقَالَ المؤرخ فِي تَارِيخه وَلَقَد مت شَهِيدا
يحْكى ان الْمولى خطيب زَاده لما حكم بقتْله واتى منزله قَالَ خلصت كتابي من يَده وَكَانَ يسمع انه يقْصد ان يزيف كِتَابه وَلَقَد سمعنَا مِمَّن حضر قَتله انه كَانَ يُكَرر كلمة الشَّهَادَة ونزه عقيدته عَمَّا نسبوها اليه من الالحاد حَتَّى قيل انه تكلم بِكَلِمَة الشَّهَادَة بعد مَا سقط رَأسه على الارض وَكَانَ عمي رَحمَه الله يَقُول كنت اقْرَأ عَلَيْهِ وَهُوَ يروي صَحِيح البُخَارِيّ وَكَانَ عِنْد فتح الْكتاب يَقُول كنت أَقرَأ عَلَيْهِ وَهُوَ يروي صَحِيح البُخَارِيّ وَكَانَ عِنْد فتح الْكتاب ينزل دموع عَيْنَيْهِ على الْكتاب وَكَانَ يبكي الى ان يخْتم الْكتاب قَالَ وَحكى يَوْمًا وَهُوَ يبكي ان عَليّ بن ابي طَالب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ضرب فِي بعض الْغَزَوَات بِسَهْم فَبَقيَ نصله فِي بدنه فجزع عِنْد قصد اخراجه فصبروا حَتَّى اشْتغل بِالصَّلَاةِ فاخرجوه وَلم يحس بذلك قَالَ عمي وَقد حكى الْمولى لطفي هَذِه الْحِكَايَة ثمَّ قَالَ وَهُوَ يبكي هَذِه هِيَ الصَّلَاة حَقِيقَة واما صَلَاتنَا فَهِيَ قيام وَانْحِنَاء فَلَا فَائِدَة فِيهَا قَالَ عمي رَحمَه الله تَعَالَى احْلِف بِاللَّه تَعَالَى اني سَمِعت هَذِه الْحِكَايَة مِنْهُ على هَذَا الْوَجْه قَالَ وَحين اخذوا الْمولى الْمَذْكُور شهد شُرَكَاء الدَّرْس عَلَيْهِ بانه قَالَ الصَّلَاة قيام وَانْحِنَاء لَا عِبْرَة بهَا قَالَ عمي رَحمَه الله تَعَالَى انْظُرُوا ايْنَ مَا قَالَه مِمَّا شهدُوا بِهِ عَلَيْهِ رُوِيَ ان الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ محيي الدّين القوجوي لما سمع قَتله قَالَ اني اشْهَدْ بَان الْمولى الْمَذْكُور بَرِيء من الالحاد والزندقة وَكَانَ يلبس الالبسة الرَّديئَة وَكَانَ يركب دَابَّته وَيَجِيء الى الْمدرسَة وعلف الدَّابَّة بِيَدِهِ فَينزل فِي بَاب الْمدرسَة ويربط الدَّابَّة بِحَلقَة الْبَاب ويلقي قدامها الْعلف ثمَّ يدرس الى وَقت الْعَصْر ثمَّ يركب دَابَّته وَيذْهب الى زَاوِيَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى ابْن الْوَفَاء قدس سره ويروي هُنَا صَحِيح البُخَارِيّ الى اذان الْمغرب ثمَّ يذهب الى بَيته وَكَانَ هَذَا دأبه كل يَوْم وَمن نوادره العجيبة انه كَانَ على جبل بروسه حِين كَانَ مدرسا بهَا فَذهب يَوْمًا مَعَ اصحابه فِي التَّنَزُّه الى جنب عين جَارِيَة فِي ذَلِك الْجَبَل وَلما جَلَسُوا جَاءَ رجل من اهل الْقرى وَبِيَدِهِ خطام دَابَّة وعَلى عُنُقه مخلاة فَشرب من المَاء ثمَّ اسْتلْقى على ظَهره فَقَالَ الْمولى لطفي لاصحابه بعد مَا تَأمل سَاعَة ان هَذَا الرجل من قَصَبَة ابْنة كول وَقد ضلت دَابَّته وَهُوَ فِي طلبَهَا ثمَّ تَأمل سَاعَة وَقَالَ اسْم الرجل سوندك ثمَّ تَأمل سَاعَة وَقَالَ ان فِي مخلاته نصف خبْزَة وَقطعَة جبن وَثَلَاث بصلات وتعجب اصحابه من ذَلِك الحكم ثمَّ طلبُوا الرجل فَقَالُوا لَهُ من ايْنَ انت قَالَ من ابْنه كول قَالُوا أَي شَيْء تُرِيدُ هَهُنَا قَالَ اطلب دَابَّتي وَقد ضلت فِي الْجَبَل قَالُوا لَهُ مَا اسْمك قَالَ سوندك قَالُوا أَي شَيْء فِي مخلاتك قَالَ طَعَام الْفُقَرَاء فاستخرجوه فاذا فِيهَا نصف خبْزَة وَقطعَة جبن وَثَلَاث بصلات كَمَا أخبر بِهِ الْمولى لطفي فتعجبوا من ذَلِك غَايَة التَّعَجُّب وَهَذَا فِي الْوَاقِع امْر عَجِيب لَوْلَا اني سمعته من الثِّقَات لم اصدقه الا ان الله تَعَالَى جعل فِي عابده اسرار لَا يطلع عَلَيْهَا غَيره وَمن جملَة نوادره ان السُّلْطَان مُحَمَّد خَان امْر المدرسين بالمدارس الثمان ان يجمعوا بَين الْكتب السِّتَّة من علم اللُّغَة كالصحاح والتكملة والقاموس وامثالها وَكَانَ فِي ذَلِك الْعَصْر مولى يُسمى بِشُجَاعٍ وملقبا باوصلي وَهِي كلمة رُومِية وَمَعْنَاهَا الْحمار الضخم فَاجْتمع مَعَ الْمولى لطفي فِي الْحمام وَقَالَ لَهُ كَيفَ حالك مَعَ اللُّغَة قَالَ اضع عَلامَة الشَّك فِي كل سطر فَقَالَ الْمولى لطفي انا اضع عَلامَة الشَّك فِي كل صحيفَة فانت اشك مني وَلَفْظَة اشك بالتركية بِمَعْنى الْحمار وَله امثال هَذَا عجائب ونوادر لَا يسع ذكرهَا هَذَا الْمُخْتَصر وَفِي الْمثل القطرة تنبىء عَن الغدير صنف حَوَاشِي على شرح الْمطَالع وَأورد فِيهَا فَوَائِد وتحقيقات خلت مِنْهَا كتب الاقدمين وَمن طالعها يعرف مِقْدَار فَضله وَله ايضا حواش على شرح الْمِفْتَاح للسَّيِّد الشريف وَلَقَد حل فِيهَا الْمَوَاضِع المشكلة من الْكتاب بِحَيْثُ يتحير فِيهَا اولو الالباب وَله ايضا رِسَالَة سَمَّاهَا بالسبع الشداد وَهِي مُشْتَمِلَة على سَبْعَة اسئلة على السَّيِّد الشريف فِي بحث الْمَوْضُوع وَلَقَد ابدع فِيهَا كل الابداع واجاد كل الاجادة وَلَو لم يكن لَهُ تصنيف غير هَذِه الرسَالَة لكفته فضلا وشرفا وَأجَاب عَن تِلْكَ الاسئلة الْمولى غداري الا انه لم يقدر على دَفعهَا وَالْحق احق بَان يتبع وَله ايضا رِسَالَة ذكر فِيهَا اقسام الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة والعربية حَتَّى بلغت مِقْدَار مائَة علم واورد فِيهَا غرائب وعجائب لم تسمعها آذان الزَّمَان
الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية - المؤلف: عصام الدين طاشْكُبْري زَادَهْ.
لطف الله التوقاتي: لطف الله المولى العالم الفاضل الشهير بمولانا لطفي التوقاتي الرومي الحنفي. تخرج بالمولى سنان باشا، ولما دخل المولى علي القوشجي بلاد الروم قرأ عليه العلوم الرياضية بإشارة المولى سنان، ولما كان سنان وزيراً عند السلطان محمد خان بن عثمان رباه عنده، فجعله السلطان محمد أميناً على خزانة الكتب، فاطلع على الغرائب منها، ثم لما ولي السلطنة أبي يزيد خان أعطاه مدرسة السلطان مراد خان الغازي بمدينة بروسا، ثم رقاه حتى أعطاه، إحدى الثماني، ثم ولاه مراد خان ثانياً، وأقام ببروسا، وكان ذكياً، فطناً، خاشعاً، يقرأ عليه في صحيح البخاري: فيبكي حتى تسقط دموعه على الكتاب حتى ختم القراءة، وكان فاضلاً عالماً غير أنه كان يطيل لسانه على أقرانه حتى أبغضه علماء الروم، ونسبوه إلى الإلحاد والزندقة، وفتش عليه واستحكم في قتله المولى أفضل الدين، فلم يحكم، وتوقف في أمره فحكم المولى خطيب زاده بإباحة دمه، فقتلوه قال في الشقائق: ولقد سمعنا من حضر يحكي أنه كان يكرر كلمتي الشهادة، وينزه عقيدته مما نسبوه إليه من الإلحاد حتى قيل: أنه تكلم بالشهادة بعدما سقط رأسه على الأرض. قال: وروي أن الشيخ العارف بالله تعالى الشيخ محيي الدين القوجوي لما سمع بقتله. قال: أشهد أنه بريء من الإلحاد والزندقة، ومن نوادره العجيبة أنه كان مع أصحابه على جبل بروسا حين كان مدرساً بها، فجاءه رجل من أهل القرى، وبيده خطام دابة، وعلى عنقه مخلاة، فشرب من عين جارية هناك، ثم استلقى على ظهره، فقال المولى لطفي لأصحابه بعدما تأمل ساعة: إن هذا الرجل من قصبة إينه كول، وقد أخذت دابته، وهو في طلبها، ثم تأمل ساعة، وقال: اسم الرجل سوندك، ثم تأمل ساعة. فقال: إن في مخلاته نصف خبزة، وقطعة جبن، وثلاث بصلات، فتعجب أصحابه من ذلك، ثم طلبوا الرجل، فقالوا له: من أين أنت؟ قال: من إينه كول. قالوا له:. ما اسمك؟ قال: سوندك. قالوا: أي شيء في مخلاتك. قال: طعام الفقراء، فاستخرجوه، فإذا فيه نصف خبزة وقطعة جبن وثلاث بصلات كما أخبر المولى المذكور، وله من المؤلفات حواشي شرح المطالع، وحواش على شرح المفتاح لسيد الشريف، ورسالة سماها بالسبع الشداد مشتملة على سبعة أسئلة على السيد الشريف في بحث الموضوع، ولو لم يؤلف إلا هذه الرسالة لكفته فضلاً، ورسالة ذكر فيها أقسام العلوم الشرعية والعربية بلغ فيها مقدار مائة علم أورد فيها غرائب وعجائب، وكان قتله في سنة أربع وتسعمائة - رحمه الله تعالى - وقيل في تاريخه: ولقد مات شهيداً.
- الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة -
لطف الله " لطفي " بن حسن التوقاتي الرومي الحنفي:
فاضل. تركي الأصل والمنشأ. تفقه بالعربية. وأقامه السلطان محمد بن عثمان بن أمينا على خزانة الكتب. ثم ترقى. وأقام في " بروسة "
وألّف " المطالب الإلهية - خ " رسالة في العلوم الشرعية والعربية، بلغ فيها نحو مئة علم، و " السبع الشداد - خ " رسالة مشتملة على سبعة أسئلة، قيل: لو لم يؤلف سواها لكفته فضلا، و " مراتب الموجودات - خ " و " مباحث البرهان - خ " ورسالة في " الفرق بين الحمد والشكر - خ " و " شرح المواقف - خ " ورسالة في " تعريف الحكمة - خ " وله " حواش " على شروح المطالع والمفتاح. وكان عنيفا في المناقشة، أو كما قال مترجموه: " يطيل لسانه على أقرانه " فأبغضه علماء الترك ونسبوه إلى الإلحاد والزندقة، وحكموا بإباحة دمه، فقتلوه .
-الاعلام للزركلي-