حسان بن سعيد بن حسان بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن الوليد المخزومي

أبي علي المنيعي الحاجي

تاريخ الوفاة463 هـ

نبذة

أما المنيعي فنسبة إِلَى جده منيع بن خَالِد وَأما الحاجي فلغة الْعَجم فِي النِّسْبَة إِلَى من حج يَقُولُونَ للْحَاج إِلَى بَيت الله الْحَرَام حاجي وَأَبُو عَليّ هَذَا هُوَ وَاقِف الْجَامِع المنيعي بنيسابور الَّذِي كَانَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ خَطِيبه وَقَبله أَبُو عُثْمَان الصَّابُونِي شيخ الْإِسْلَام وَكَانَ الرئيس أَبُو عَليّ من أهل مرو الروذ وَكَانَ فِي أول أمره تَاجِرًا إِلَى أَن نما مَاله وتزايدت النعم عَلَيْهِ وعلت مَنْزِلَته وَصَارَ مشارا إِلَيْهِ عِنْد السلاطين وَفقه الله تَعَالَى فحج إِلَى بَيت الله الْحَرَام ثمَّ عَاد وَأنْفق أَمْوَالًا جزيلة فِي بِنَاء الْمَسَاجِد والربط وتنوع فِي الْمَعْرُوف وَبنى جَامعا بمرو الروذ تُقَام فِيهِ الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة

الترجمة

 حسان بن سعيد بن حسان بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد ابْن منيع بن خَالِد بن عبد الرَّحْمَن بن خَالِد بن الْوَلِيد المَخْزُومِي الرئيس أَبُي عَليّ المنيعي الحاجي

أما المنيعي فنسبة إِلَى جده منيع بن خَالِد وَأما الحاجي فلغة الْعَجم فِي النِّسْبَة إِلَى من حج يَقُولُونَ للْحَاج إِلَى بَيت الله الْحَرَام حاجي
وَأَبُو عَليّ هَذَا هُوَ وَاقِف الْجَامِع المنيعي بنيسابور الَّذِي كَانَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ خَطِيبه وَقَبله أَبُو عُثْمَان الصَّابُونِي شيخ الْإِسْلَام
وَكَانَ الرئيس أَبُو عَليّ من أهل مرو الروذ وَكَانَ فِي أول أمره تَاجِرًا إِلَى أَن نما مَاله وتزايدت النعم عَلَيْهِ وعلت مَنْزِلَته وَصَارَ مشارا إِلَيْهِ عِنْد السلاطين

وَفقه الله تَعَالَى فحج إِلَى بَيت الله الْحَرَام ثمَّ عَاد وَأنْفق أَمْوَالًا جزيلة فِي بِنَاء الْمَسَاجِد والربط وتنوع فِي الْمَعْرُوف وَبنى جَامعا بمرو الروذ تُقَام فِيهِ الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة
قَالَ عبد الغافر عَم الْآفَاق بخيره وبره
وَكَانَ يدْخل نيسابور فِي أَوَائِل أمره ويعامل أَهلهَا فَلَمَّا رأى اضْطِرَاب الْأُمُور وتزايد التعصب من الْفَرِيقَيْنِ قبل أَن يجلس السُّلْطَان ألب أرسلان على سَرِير ملكه ويزين وَجه الْآفَاق بطلعة نظام ملكه انْقَطع حَتَّى انْقَطَعت مَادَّة الْأَهْوَاء وطوي بِسَاط العصبية بذب نظام الْملك عَن حَرِيم الْملَّة الحنيفية ومساعدة السُّلْطَان الَّذِي هُوَ سُلْطَان الْوَقْت المذعن إِلَى الْخَيْر المنقاد إِلَى الْمَعْرُوف ألب أرسلان وَعند ذَلِك سَأَلَ الرئيس أَبُو عَليّ السُّلْطَان والوزير فِي بِنَاء الْجَامِع المنيعي بنيسابور فَأُجِيب إِلَى مَسْأَلته فَعمد إِلَى خَالص مَاله وَأنْفق فِي بنائِهِ الْأَمْوَال الجزيلة وَكَانَ لَا يفتر آونة من ليل وَلَا سَاعَة من نَهَار مَخَافَة تغير الْأُمُور واضطراب الآراء إِلَى أَن تمّ وأقيمت الْجُمُعَة فِيهِ وَصَارَ جَامع الْبَلَد الْمَشْهُور وَهُوَ الَّذِي كَانَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ خَطِيبه
قَالَ ابْن السَّمْعَانِيّ بَلغنِي أَن عجوزا جَاءَتْهُ وَهُوَ يَبْنِي جَامع نيسابور وَمَعَهَا ثوب يُسَاوِي نصف دِينَار وَقَالَت سَمِعت أَنَّك تبني الْجَامِع فَأَرَدْت أَن يكون لي فِي النَّفَقَة الْمُبَارَكَة أثر فَدَعَا خازنه واستحضر ألف دِينَار وَاشْترى بهَا مِنْهَا الثَّوْب وَسلم الْمبلغ إِلَيْهَا ثمَّ قبض مِنْهَا الخازن ثمَّ قَالَ لَهُ أنْفق هَذِه الْألف مِنْهَا فِي بِنَاء الْمَسْجِد وَقَالَ احفظ هَذَا الثَّوْب لكفني ألْقى الله فِيهِ

وَكَانَ أَبُو عَليّ على قدم عَظِيم من الِاجْتِهَاد فِي الْعِبَادَة والتواضع وَالْبر وَكَثْرَة الصَّدقَات وَالصَّلَاة يقوم اللَّيْل ويصوم النَّهَار ويلبس خشن الثِّيَاب مَعَ كَثْرَة الْأَمْوَال الجزيلة والجاه العريض فِي الدُّنْيَا ونفاذ الْكَلِمَة
وَلما وَقع الْقَحْط بِتِلْكَ الْبِلَاد فِي شهور سنة إِحْدَى أَو اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة أنْفق أَمْوَالًا عَظِيمَة وَكَانَ ينصب الْقدر وَيفرق أَكثر من ألف من خبْزًا كل يَوْم للْفُقَرَاء أَو ينصب الْقُدُور وَيفرق طَعَاما كثيرا كل ذَلِك غير مَا يتَصَدَّق بِهِ سرا
وَكَانَ يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى عَن الْمُنكر والملوك تسْعَى إِلَيْهِ وتحترمه حَتَّى قيل إِن السُّلْطَان ألب أرسلان قَالَ فِي مملكتي من لَا يخافني وَإِنَّمَا يخَاف من الله
مُشِيرا إِلَيْهِ
وَكَانَ كلما أقبل الشتَاء يتَّخذ الْجبَاب والقمص والسراويلات ويكسو قَرِيبا من ألف فَقير
وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ كثير المحاسن
وَقد سمع من أبي طَاهِر الزيَادي وَأبي الْقَاسِم بن حبيب وَأبي الْحسن السقا وَجَمَاعَة
روى عَنهُ محيى السّنة الْبَغَوِيّ وَأَبُو المظفر عبد الْمُنعم الْقشيرِي ووجيه الشحامي وَغَيرهم

قَالَ عبد الغافر الْفَارِسِي لَو تتبعنا مَا ظهر من آثاره وحسناته لعجزنا
توفّي فِي يَوْم الْجُمُعَة سَابِع عشرى ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة
وَمن الْفَوَائِد عَنهُ رَحمَه الله تَعَالَى
وَهُوَ الَّذِي لقنه القَاضِي الْحُسَيْن مَسْأَلَة ليغالط بهَا فُقَهَاء مرو إِذا قدم عَلَيْهِم
وَصورتهَا رجل غصب حِنْطَة فِي زمن الغلاء وَفِي زمن الرُّخص طَالبه الْمَالِك فَهَل يُطَالب بِالْمثلِ أَو الْقيمَة فَمن قَالَ إِنَّه يُطَالب بِالْمثلِ فَقَط غلط
وَمن قَالَ يُطَالب بِالْقيمَةِ غلط لِأَن فِي الْمَسْأَلَة تَفْصِيلًا إِذا تلفت الْحِنْطَة فِي يَده كَمَا هِيَ قبل الطَّحْن كَمَا إِذا احترقت وَجب الْمثل وَإِن طحن وعجن وخبز وَأكل فَعَلَيهِ الْقيمَة لِأَن الطَّحْن والعجن وَالْخبْز من ذَوَات الْقيم
وَقد نقل ذَلِك أَبُو سعد الْهَرَوِيّ فِي الإشراف والرافعي فِي الشَّرْح

طبقات الشافعية الكبرى - تاج الدين السبكي

 

الشَّيْخُ الجَلِيْلُ الحَاجُّ الرَّئِيْسُ أَبُو عَلِيٍّ حَسَّانُ بنُ سَعِيْدِ بنِ حَسَّانِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ منِيعِ بنِ خَالِدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سيف اللهِ خَالِدِ بنِ الوَلِيْدِ المَخْزُوْمِيُّ الخَالِدِيُّ المَنِيْعِيُّ المَرْوَرُّوْذِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا طَاهِرٍ بنَ مَحْمِش وَأَبَا القَاسِمِ بنَ حَبِيْبٍ وَأَبَا الحَسَنِ بنَ السقا وَطَائِفَة.
رَوَى عَنْهُ: مُحيِي السُّنَّة أَبُو مُحَمَّدٍ البَغَوِيُّ وَعبدُ الْمُنعم بنُ القُشَيْرِيّ وَعَبْدُ الوَهَّابِ بن شَاه وَآخَرُوْنَ.
قَالَ عبدُ الغَافِر: هُوَ الرَّئِيْس أَبُو عَلِيٍّ الحَاجِّي شَيْخُ الإِسْلاَمِ المَحْمُوْدُ بِالخِصَال السَّنِيَّة عَمَّ الآفَاق بخيرِهِ وَبِرِّهِ وَكَانَ فِي شبَابِهِ تَاجراً ثُمَّ عَظُمَ حَتَّى كَانَ مِنَ المُخَاطبين مِنْ مَجَالِس السّلاَطين لَمْ يَسْتَغنُوا عَنْ، رَأيه فَرغب إِلَى الخيرَات وَأَنَاب إِلَى التَّقْوَى وَبَنَى المَسَاجِد وَالرباطَات وَجَامِع مَرْوَ الرُّوْذ يَكسُو فِي الشِّتَاء نَحْواً مِنْ أَلف نَفْس وَسعَى فِي إِبطَال الأَعشَار عَنْ، بَلَده وَرَفَعَ الوظَائِف عَنِ، القُرَى وَاسْتدعَى صَدَقَة عَامَّةً عَلَى أَهْلِ البَلَد غَنِيِّهم وَفقيرِهِم فَتُدفع إِلَى كُلّ وَاحِد خَمْسَة درَاهم وَتَم ذَلِكَ بَعْدَهُ وَكَانَ ذا تهجد وصيام واجتهاد.
قال السمع: اني: كَانَ فِي شبَابه يَجْمَعُ بَيْنَ الدَّهْقنَة وَالتجَارَة وَيسلكُ طَرِيْق الفتيَان حَتَّى سَاد وَلَمَّا تَسلطن سَلْجُوْق ظهر أَمرُهُ وَبَنَى الجَامِع بِبلده ثُمَّ بَنَى الجَامِع الْجَدِيد بِنَيْسَابُوْرَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ امْرَأَةً أَتَتْهُ بِثَوْبٍ ليُنفق ثَمَنه فِي بنَاء الجَامِع يساوي نصف دِيْنَار فَاشترَاهُ مِنْهَا بِأَلفِ دِيْنَار وَسَلَّمتِ المَال إِلَى الخَازن لإِنفَاقه وَخَبَّأَ الثَّوْب كفناً لَهُ.
وَقِيْلَ: مرَّ السُّلْطَانُ بِبَابِ مَسْجده فَنَزَلَ مُرَاعَاةً لَهُ وَسلم عَلَيْهِ. وَمَنَاقِبه جَمَّة.
مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي.