محمد بن عمر بن عبد الوهاب بن إبراهيم العرضي الحلبي
تاريخ الولادة | 1011 هـ |
تاريخ الوفاة | 1071 هـ |
العمر | 60 سنة |
مكان الولادة | حلب - سوريا |
مكان الوفاة | حلب - سوريا |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
مُحَمَّد بن عمر بن عبد الْوَهَّاب بن ابراهيم بن مَحْمُود بن على بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابْن الْحُسَيْن العرضى الحلبى أَنا أَقُول فى حَقه انه لم تنجب الشَّهْبَاء من مُنْذُ بنيت بِمثلِهِ كَانَ من الْفضل فى مرتبَة الْآحَاد وَمن الادب فى مرتبَة لَا تنَال بِالِاجْتِهَادِ وَحَاصِل مَا أَقُول انى عاشق لَهُ والعاشق مَعْذُور فِيمَا يَقُول وهيهات أن نستوعب مزاياه وَلَو القَوْل وَالْمقول وَكَانَ لَهُ سيادة من جِهَة أمه فَهُوَ سيد قومه وَقد ولى الْقَضَاء مُدَّة طَوِيلَة ثمَّ درس بِالْمَدْرَسَةِ الكلتاوية والسعيدية وَولى افتاء الْحَنَفِيَّة بحلب مُدَّة سِنِين ثمَّ سَافر الى الرّوم وَأقَام بهَا مُدَّة مديدة وَأخذ بهَا عَنهُ الادب جمَاعَة من الصُّدُور وقصة تولهه بِغُلَام خمار ولزومه لَهُ مُدَّة طولة وهيمانه بِهِ وشغفه مِمَّا شاع واشتهر وَلما مَاتَ أَخُوهُ أَبُو الوفا صَار مَكَانَهُ مفتى الشافعيه بحلب وواعظا بجامعها وَحصل لَهُ جذب الهى وَتكلم فى وعظه برموز ودقائق على لِسَان الْقَوْم وَوعظ أَربع مَرَّات ثمَّ مَاتَ وَذكره الخفاجى وأجاد فى مدحه وَبث فضائله ثمَّ قَالَ وَكتب لى مَعَ هَدِيَّة أهداها الى
(مولاى من يَوْم لقيَاهُ الاغر غَدا ... هَدِيَّة من زمَان قبل ضن بكا)
(لَو كَانَ تنصفنى الاقدار آونة ... وَكنت أنصف فِيمَا أرتضيه لكا)
(لَكُنْت أهْدى لَك الدُّنْيَا وَزينتهَا ... وَالشَّمْس والبدر والعيوق والفلكا)
قَالَ وَأكل عندى برشا فَلَمَّا انتشى قَالَ
(وَمَا كَانَ اكل البرش مولاى كى أرى ... بفرحة نشوان وغبطة مسرور)
(ولكننى كنت السَّلِيم ببينكم ... فَكَانَ لآلامى بِهِ بعض تخدير)
وعَلى هَذَا فَانْظُر قَوْله فى الصُّفْرَة الَّتِى وسط الْورْد
(أتظنون صفرَة وسط ورد ... عَبَثا أظهرت لنا ألوانا)
(انما خَافَ من تألم قطع ... فاحتسى قبل قطعه زعفرانا)
وَفِيه ايضا لى
(فتح الْورْد فى الرياض صباحا ... عِنْد مَا قبل النسيم خدوده)
(بلع الزَّعْفَرَان فَهُوَ لهَذَا ... ضَاحِك شقّ من سرُور بروده)
وَهَذَا فن من قرض الشّعْر من النَّوَادِر يُسمى الاغراب وَهُوَ وصف مَا لم يعْهَد وَصفه وتشبيهه وَمن أغرب مَا مر لى فِيهِ قَول ابْن رَشِيق فى ضم الاصابع اشارة للتقليل
(قبلنى محتشم شادن ... أحْوج مَا كنت لتقبيله)
(أَوْمَأ اذ حَيا بأترجة ... عرفت فِيهَا كنة تَأْوِيله)
(لما تطيرت بمعكوسها ... ضمت بنانا نَحْو تقليله)
وَأحسن مِنْهُ قولى
(وأزرار ورد لم تفتح كَأَنَّهَا ... لِمَعْنى بديع للانام تُشِير)
وَذكره البديعى وَقَالَ فى وَصفه فَاضل روض فَضله أريج دبج حدائق معلوماته أدبه البهيج وشاعر رقت طباعه وَكثر اختراعه وابداعه يسترق الْقُلُوب بألفاظه الزاهرة ويسكر الْعُقُول بمعانيه الساحره ينظم فيأتى بِكُل عجيبه ويشنف الاسماع بِكُل غَرِيبه وينثر فينفتض أبكار الدقائق بنظره الثاقب ويجلى غياهب المشكلات بفكره الصائب وَقد تقمص جلابيب المعارف فى عنفوان عمره فأسبغت عَلَيْهِ ظلها الوارف من ابْتِدَاء أمره وَقد توجه الى الرّوم مُقَدرا أَن يبلغ كل مروم وَلم يعلم أَن الحظوظ لَيْسَ بالعلوم قَالَ لما ضَاقَتْ رقاع بلادى ونفدت حقيبة زادى فوقت سِهَام الاحتيال وأجلت قداح الفال فَكَانَ معلاها السّفر سفينة النجَاة وَالظفر طفقت أتوكأ على عَصا التسيار وأقتحم موارد القفار أفرى فلاة يبعد دونهَا مسرى النعى وألطم خدود الارض بأيدى المطى فنت فَتى قَذَفته الْحَال على بريد النَّوَى واعتنقته الهمة العاقرة وألحقت بعزمه لَو اقمح المنى أساير عَسَاكِر النُّجُوم والافلاك وَقد ركز اللَّيْل رمح السماك فأنخت بمخيم الْمجد وقرارة مَاء السعد كعبة الافاضل الا انهم يحجون اليها كل آن وسوق عكاظهم الا أَنَّهَا تنصب فِيهَا مصاقع الرّوم لَا مصاقع عدنان فَلَمَّا ألقتنى فِيهَا أرجوحة الْمَقَادِير فاذا هى فلك الْعِزّ ومطلع التَّدْبِير الا أَن حالى تقسمت فِيهَا بَين الاغتراب وَالِاضْطِرَاب والاكتئاب اثلاثا فانزلت مِنْهَا منَازِل الا حسبتها على أجداثا وسقتنى الدردى من أول دنها وَسُوء الْعشْرَة من باكورة فنها كل هَذَا وَأَنا أستلين مس خشونتها وأسيغها على كدورتها وَأَقُول اذا لم تتمّ الصُّدُور فتتم العواقب وان لم تريش القوادم فستريش الخوافى والجوانب ثمَّ أنْشد لَهُ قَوْله من قصيدة نبوية مطْلعهَا
(سقى الله ذَات الشَّيْخ وَالْعلم الفردا ... وَحيا الحيا وَجه البشامة والرندا)
(وَمَا طلبى السقيا لَهَا عَن ظما بهَا ... وَلَكِن بسقياها بقلبى أرى بردا)
وَمِنْهَا
(وحلت خيوط الغاديات يَد الصِّبَا ... على أَنَّهَا من قبل قد احكمت عقدا)
(وَقد أوقدت فى مجمر الزهر عنبرا ... يَمِين شمال من براد الندى أندى)
(ذكرت بهاريا الحبيب وَسَاعَة ... بهَا لبيض وَجه الدَّهْر من بعد مَا اسودا)
(حبيب زنت عينى بِعَين جماله ... فصيرت تَزْوِيج السهاد لَهَا حدا)
وَمِنْهَا
(وقربنى مِنْهُ وأخشى بعاده ... فَرب اقتراب جر من بعده بعدا)
(كسهم الرمايا كلما ازْدَادَ قربه ... الى صدر راميه تبَاعد وامتدا)
وَهَذَا معنى مطروق وَمن ظريفه
(مدت الى يدا تودعنى ... فَدَنَا اليها المغرم الصب)
(كالسهم راميه يقربهُ ... ولاجل بعد ذَلِك الْقرب)
وَمِنْهَا
(ترى تمترى عشب الْحجاز رواحلى ... وتلطم أيديها وُجُوه الفلا وخدا)
وَله من نبوية أُخْرَى
(مَا زلت حسانا لَهُ ولبيته ... ولصخرك ذَاك الْبَيْت كالخنساء)
(أبكى البقيع وساكنيه وليتنى ... كنت المخضب دونهم بدماء)
وَله من أُخْرَى
(مذ نشرت صحيفَة البيد سرى ... رسمت بالمنسم واللنوى)
وَمن أُخْرَى
(هاب القريض مديحه ... فانشق أنصافا سطوره)
// وَهُوَ معنى مبتكر لطيف // الى الْغَايَة وَله
(أَيهَا الريم هَل تريم بنظره ... عل يصحو الْفُؤَاد من بعد سكره)
(بأبى أَنْت غُصْن بَان تثنى ... وَغدا يمزج الدَّلال بخطره)
(ألف الْقد زانها نقطة الْخَال فأضحى وَوَاحِد الْحسن عشره ... )
قلت هى حَسَنَة والحسنة بِعشر أَمْثَالهَا
(شَارِب أَخْضَر وبيض ثنايا ... سُودًا وَجه عيشتى بعد خضره)
(أَنْت زهر غض وقلبى كمام ... فلماذا أوقدت بَيْتك جمره)
قلت وَمن شعره قَوْله
(لم يبْق منى هوى ذَاك الغزال سوى ... بَقِيَّة من حَيَاة نازعت بدنى)
(فسين طرته مَعَ نون حَاجِبه ... كِلَاهُمَا سنّ لى سَيْفا من المحن)
هَذَا من التوليد الْحسن فانه ولد من الطرة والحاجب لَفْظَة سنّ وَمثله لبَعض الشُّعَرَاء
(كَيفَ لَا يسرق الْعُقُول وَذَا الْعَارِض واللحظ مِنْهُ لَام وصاد)
وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول بعض ظرفاء الْعَجم قَالَ الزكى بن أَبى الاصبع فى تَحْرِير التحبير ان أغرب مَا سَمِعت فى التوليد
(كَأَن عذاره فى الخدلام ... ومبسمه الشهى العذب صَاد)
(وطرة شعره ليل بهيم ... فَلَا عجب اذا سرق الرقاد)
فانه ولد من تَشْبِيه العذار بِاللَّامِ وتشبيه الْفَم بالصَّاد لَفْظَة لص وَولد من مَعْنَاهَا تَشْبِيه الطرة بِاللَّيْلِ وَذكر سَرقَة النّوم فَحصل توليدوا غراب وادماج وَله
(روحى الْفِدَاء الظبى ذبن فِيهِ أسى ... مؤنس الطّرف وَسنَان بِلَا وَسن)
(لم أنس اذ قَامَ للتوديع وانبسطت ... يَد الْفِرَاق لقطع الشمل بالمحن)
(يَقُول وَالِد مَعَ فى الآماق يخنقه ... يَا لَيْت معرفتى اياك لم تكن)
وَله
(وَجهه كعبة حسن ... ولماه مَاء زَمْزَم)
(خلت ذَاك الْخَال مِنْهُ ... حجر الاسود يلثم)
وَقد وقفت على أنموذج من شعره أَظُنهُ من جمعه وَفِيه كل نادرة وتحفة سَاحِرَة فاخترت مِنْهُ جله لهَذَا الْكتاب وأرجوا أَن لَا يُقَال طَال بِهِ بل طَابَ وَقد صَدره بِهَذِهِ الديباجة الْآتِيَة من انشائه النفيس وَجعلهَا مُقَدّمَة لرسالة أهداها الشَّيْخ الاسلام مصطفى الشهير ببالى زَاده فى فتح قلعة يُنَوّه على يَد الْوَزير الاعظم مُحَمَّد باشا الكوبرى فى سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَألف فَقَالَ سُبْحَانَ من جعل اندفاق امداده لاوليائه وفيضه الالهى غير مشوب بِانْقِطَاع وَلَا امْتنَاع مَعَ انه منظوم فى سلك المسلسل الْغَيْر متناهى وان كبت جِيَاد هممهم فى بعض الاحيان تداركها لطفه بنشاط فَيكون لَهَا السَّبق والاحراز فى حومة الميدان فَلَا تزَال خيولها بالمراح كالسيول متدفقه وكمائمها فى حدائق الْكَوْن عَن نوار النجاح متفتقه وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على من جعل الله بِهِ للْعَرَب الْفَخر الاشب وحوز بحبوحة النّسَب والنشب فأنزلهم من غوارب الضوامر وأكبهم متون الاسرة والمنابر فَلهم بِهِ الفخار الْبكر على سَائِر الْقَبَائِل والامم فاستأسرت لَهُم مماليك وعبيدا مُلُوك الديلم والعجم رفع الله بِهِ منار الدّين وَقطع دابر الْقَوْم الْكَافرين فالاسلام وان بُدِئَ بالذلة والاغتراب فسيعود عَزِيزًا وينقلب نُحَاس أربابه لَدَى السبك ذَهَبا ابريزا وعَلى آله وسائط القلائد واللآلى الفرائد وَأَصْحَابه مصابيح الدجى وشموس الضُّحَى ونجوم اللَّيْل اذا سجى وَبعد فَلَمَّا برز الاذن الالهى بتبرج الفتوحات الاسلامية من خدور الغيوب وجالت أَفْرَاس الافراح تركض فى ميادين الْقُلُوب ودبت حميا المسرة فى الضمائر وَقَامَت خطباء الاقلام تصدح بالبشائر وهدرت شقاشقها من أنامل الْكتاب على المنابر وزرفنت فى وجنات الصفحات بالمداد الغوالى تشرح مَا كتبته فى صُدُور الْكَفَرَة صُدُور العوالى وَذَلِكَ باقبال ظلّ الله فى الارض الفائض من وَجه البسيطة على الطول وَالْعرض وَاسِطَة عقد مُلُوك آل عُثْمَان لَا زَالَت الامور متسقة النظام مَا قَامَ لَهُ كل يَوْم ديوَان واقدام حَضْرَة الصَّدْر الْكَبِير الْقَائِم بأعياء الرأى وَالتَّدْبِير من هُوَ من فلك الوزارة بِمَنْزِلَة النير الاعظم من بَين الْكَوَاكِب السياره ويمن حَضْرَة شيخ الاسلام ودرة تَاج الْملك وفص الختام بكر عُطَارِد الْعلم وثانى الفرقد وَمن هُوَ من بَين جَوَاهِر الذَّات در التقاصير والزبرجد لَا زَالَت غرَّة الْمجد شادخة فى جَبينه وقلم الْفتيا رَاكِعا وساجدا فى محراب يَمِينه عَن لى نظم أَبْيَات براعتها التهنئة بِهَذَا الْفَتْح الْمُبين وختامها تَارِيخه من الْهِجْرَة النَّبَوِيَّة بِالسِّنِينَ ضاما الى ذَلِك رسائل علمية تبحث عَن اسْمه الشريف فَقَط وهى وان لم تبلغ الذرْوَة الْعليا من التَّحْقِيق لَكِنَّهَا كَمَا قيل خير الامور الْوسط وهى لما كَانَت كالمولود الْجَدِيد من بَين بنيات الصَّدْر تسْتَحقّ التَّسْمِيَة كَمَا تسْتَحقّ الرَّضَاع والدر سميتها بمنهل الصَّفَا على اسْم الْمُصْطَفى لَا زَالَ المسماه من هَذَا الِاسْم نصيب انه سُبْحَانَهُ قريب مُجيب ثمَّ قَالَ فلنبدأ أَولا بالقصيدة وهى هَذِه
(قبُول يرود ويتلوه نجح ... وأيد لتسآل قصد تلح)
(فأهلا بنشر بشير أَتَى ... يصمخ من مسكه الروع جنح)
(كَانَ الخزامى وشيح الربى ... متون وريح الصِّبَا ذَاك شرح)
(فَللَّه بكر قد افتصها ... مهندة وَسنَان ورمح)
(وعهدى بهَا هَامة للجبال ... فأضحت بتمهيدها وهى سفح)
(وَكم طرف طرف كبا دونهَا ... لَهُ فى بحار السيادين سبح)
(وَلَكِن باقبال سلطاننا ... تَزُول الرواسى وينهد صرح)
(مليك بكلكه قد أَنَاخَ ... فانقاد صَعب وانزح جمح)
(ونكس أَعْلَام كفر عَتَتْ ... وَلما شقها عَاد صلح)
(فعيد شعانينهم مأتم ... عَلَيْهِم وابكم قد عَاد فصح)
(ففى مهرق الارض امسوا كخط ... سقيم لَهُ صارم الدّين يمحو)
(قد استله يمن سلطاننا ... وتدبير صدر توخاه نصح)
(واقبال شيخ لاسلامنا ... تخطى المعالى وحاشاه كدح)
(تصدر رغما لانف العدا ... وَلَكِن بِهِ قر طرف وكشح)
(تقدم من قبله معشر ... هم لليالى ذنُوب وقبح)
(مضوا قبله كبهيم الدجى ... وَقد جَاءَ من بعدهمْ وَهُوَ صج)
(ولابدع أقلامه ان جرت ... بغالية النَّفس وَالنَّفس شح)
(فصحف فَتَاوِيهِ من حسنها ... خدود العذارى عَلَيْهِنَّ رشح)
(وَللَّه سربدا فى علاهُ ... ومنذ تولى تولاه مدح)
(وَحَتَّى أعاديه لم ينطقوا ... بذم وان نابهم مِنْهُ ذبح)
(يُرَاعى قد طاش فى مدحه ... وثنى الْعَنَان الى الْفَتْح مرح)
(فَللَّه فتح مُبين ذَا ... وَمَا هُوَ الامن الله منح)
(لذا أنشأ الْحَال تَارِيخه ... لنصر من الله حم وَفتح)
وَقَالَ وهى من غرره
(تألق الْبَرْق لى سلاسل ... قلت وشاح على الْمنَازل)
(أَو شرد الطيف عَن جفونى ... فامتد مِنْهَا لَهُ حبائل)
(أَو أَنَّهَا قد حكت عشورا ... أخذت مِنْهَا فألا لقابل)
(أَو صارم وَالسَّمَاء قين ... غَدا لَهَا بالنسيم صاقل)
(ذكرنى بالوميض خصرا ... جال بِهِ للنطاق جائل)
(أَو انه ابتسام ثغر ... فِيهِ شِفَاء لكل ناهل)
(بل طلعة الْعَالم المفدى ... عين المعالى صدر الافاضل)
(درة تَاج المليك يزهو ... جيد بِهِ للزمان عاطل)
(يراعه شمر المعالى ... يُصِيب مِنْهُ الشبا الشواكل)
(ان يسقه النقس فَهُوَ غُصْن ... يضوع مِنْهُ شذا الخمائل)
(صريره مطرب قُضَاة ... مَا بَين راج مِنْهُم وآمل)
(يصون منا مَاء الْمحيا ... وَهُوَ بِمَاء الْحَيَاة سَائل)
(ثانى عصاة الكليم تجرى ... لنا أنابيبه جداول)
(وَلَفظه عنبر بشحر ... يقذفه الْبَحْر للسواحل)
( ... أَنْجَب دهر بِهِ أَتَانَا ... رَضِيع ضرع الْعُلُوم حافل)
(وَكَانَ من قبله عقيما ... كَذَاك ليلاته حوائل)
(فليهننا طالبى نداه ... فزنا وَرب الورى بطائل)
(أعَاد افراد من تقضى ... كالصاحب الشهم وَابْن وَائِل)
(ان رمد الطرس من جهول ... فَهُوَ بميل اليراع كاحل)
(أعر لقولى مولاى سمعا ... أشكوك دهرا على حَامِل)
(قطع أسبابنا اللواتى ... كَانَت لحاجاتنا وَسَائِل)
(تَلا محياك لى سطورا ... فِيهَا نجاح لكل سَائل)
وَمِمَّا أوردهُ قَوْله فى الرثا
(لَك الله من غاد يسير بِلَا عزم ... ومغترب فى أَهله والحمى المحمى)
(وَمن رَاقِد لَيست لَهُ هَيْئَة الْكرَى ... ونشوان رَاح لَا من التَّمْر وَالْكَرم)
(فكم نَاشد منا ويدرى مَكَانَهُ ... فَهَلا وجدنَا مَا نشدناه فى الرَّسْم)
(حبيب فَقدنَا مِنْهُ نجم سعوده ... وكوكبه الوضاح بل قر التم)
(أَقَامَت عَلَيْهِ الكائنات مآثما ... فدمع السَّحَاب الجون من بعده ميهمى)
(والبس أَثوَاب الْحداد الدجى أسى ... وَبدر الدجى فى وَجهه أثر اللَّطْم)
(وَقد حلقت رأسى وَأَلْقَتْ جلاببا ... وَشقت جيوبا رَوْضَة جادها الوسمى)
(وَقد لبست ثوب الصدار سماؤنا ... بغيم وَلَيْسَ الْغَيْم الا من الْغم)
(وصكت بنعل الفرقدين صدورها ... فَمن زرقة قد أثرت أثر الْخَتْم)
(عجبت لَهُ وَهُوَ الضنين بِنَفسِهِ ... يحارب عَنْهَا كَيفَ يجنح للسلم)
(بنينَا المرائى بعده وبيوتها ... وَقد صَار مِنْهُ هيكل الْجِسْم للهدم)
(عزاء بنى الامجاد والشرف الجم ... وصبرا جميلا لَا يقبح بالاثم)
(فسيف الْقَضَاء الحتم لَا يسلب المضا ... يصول بِلَا ذَنْب ويسطو بِلَا جرم)
(وَمَا أُمَّهَات الْخلق الا صوائر ... بشكل وَمَا الابناء الا الى الْيُتْم)
(لقد أنتج الْآبَاء أشكا الناسدى ... فياليت ذَا الانتاج بدل بالعقم)
(فيا رب أسْكنهُ الْجنان ممتعا ... وأسبل عَلَيْهِ ستر غفرانك الجم)
(وأبدله عَن هذى الرسوم وَأَهْلهَا ... قصورا وحورا قاصرت بِلَا نقم)
وَقَوله من قصيدة وهى من تحائفه
(على أَثلَاث الواد بَين سَلام ... وَبَعض تحايا الزائرين غرام)
(تذكرت أيامى بهَا وأحبتى ... اذ الْعَيْش غض وَالزَّمَان غُلَام)
(والمامتى بالحى حَيْثُ تواجهت ... قُصُور بِأَكْنَافِ الْحمى وخيام)
(ألام على هجرانهم وهم المنى ... وَكَيف يُقيم الْحر وَهُوَ يضام)
(همو شرعوا أَن الْجفَاء مُحَلل ... وهم حكمُوا أَن الْوَفَاء حرَام)
(وأبلج أما وَجهه حِين يجتلى ... فشمس وَأما كَفه فغمام)
(جرى طائرى مِنْهُ سنيحا فعلنى ... بدر أياد مَا لَهُنَّ فطام)
(شَردت عَلَيْهِ غير جَاحد نعْمَة ... اكلف خفا بعده وأسام)
(وَقد يسلب الرأى الْفَتى وَهُوَ حَازِم ... وينبو غرار السَّيْف وَهُوَ حسام)
(فقد وجد الواشون سوقا ونفقوا ... بضائع زورما لَهُنَّ دوَام)
(وَبَعض كَلَام الْقَائِلين تزيد ... وَبَعض قبُول السامعين أَنَام)
(فَأصْبح شَمل الانس وَهُوَ مبدد ... لَدَيْهِ وحبل الْقرب وَهُوَ ذمام)
(يقرب دونى من شهِدت وغيبوا ... ويوصل قبلى من سهرت وناموا)
(تزاور حَتَّى مَا يُرْجَى التفاته ... وَأعْرض حَتَّى مَا يرد سَلام)
(فَلَا عطف الا لَحْظَة وتنكر ... وَلَا رد إلاضجرة وسآم)
قَالَ وَمِمَّا نسجته فى حلية من نسج عَلَيْهِ العنكبوت من حليته الشَّرِيفَة وَهُوَ مثبوت
(اسْتمع حلية النبى المكنى ... من لآل فرائد ذَات معنى)
(أَبيض اللَّوْن أَنفه كَانَ أقنى ... ذُو جبين طلق وأفرق سنا)
(خافض الطّرف هَيْبَة وحياء ... وَله حَاجِب أَزجّ مثنى)
(وكثيف اللحى مجمع شعرًا ... أسود الْعين كاسر لَك جفنا)
(هدب عَيْنَيْهِ مثل أَقْدَام نسر ... وَله رَاحَة غَدَتْ وهى تثنى)
(مثل مَا رق أنملا رق قلبا ... مِثْلَمَا طَال أيديا طَال منا)
(يَا لسطر من فَوق مهرق صدر ... من شُعُور كالخز لينًا وحسنا)
(ان يسر سَار جملَة كانحطاط ... من علو يجوز ركنا فركا)
(كَامِل الْقد لم يسايره قرن ... فى مداه الا ترَاهُ ارجحنا)
(واذا رام فى مجالسه القَوْل بنصح فيوزن اللَّفْظ وزنا)
(دَائِم الْفِكر مظهر لسرور ... فى محياه وَهُوَ يكتم حزنا)
(فَعَلَيهِ الصَّلَاة كل مسَاء ... وصباح مَا صِيغ فى القَوْل معنى)
وَله ملغزا فى عيد وَكتب بهَا الى السَّيِّد بكر بن النَّقِيب الْمُقدم ذكره
(رعى الله ظَبْيًا فى الحشاشة مرعاه ... وحياه قلب لم يُفَارق محياه)
(بِوَجْه لَهُ اختطت محاريب حَاجِب ... أطلت صَلَاة اللحظ فِيهَا المرآه)
(وَقَامَ بِلَال الْخَال فِيهَا مراقبا ... صباح جبين لَا تغيب ثرياه)
(وَلم أنس اذ جاذبته طرف المنى ... وَقد نظمت عقد التهانى ثناياه)
(بجنح دجى من قبل نبت عذار ... تسربل فى شيب من الصُّبْح خداه)
(وَقد طلعت فِيهِ شموس كؤوسنا ... كَمَا أطلعت نجل الشهابى دُنْيَاهُ)
(نجيب لعين الْمجد أصبح قُرَّة ... وَأمسى قذاة فى نواظر أعداه)
(وَلَا بدع أَن يطوى لَهُ سَبَب الْعلَا ... وينشر فى سوق المفاخر رداه)
(فَمن كَانَ من نسل الشهابى عُطَارِد ... سيملك من قدح المعالى معلاه)
(فيا بكر بشرى أَنْت بشكر عُطَارِد ... وَمن لم تقف فى حومة الْبَحْث خيلاه)
(لقد جاش فى صدرى مباراة طبعكم ... وصق يمانى لَهُ لَان متناه)
(فَمَا اسْم حكى النُّعْمَان فى يَوْم بؤسه ... وَيَوْم نعيم يستطار لنعماه)
(يريق دَمًا من لَيْسَ يجنى على الورى ... وَيطْعم أُخْرَى جائعا من تَلقاهُ)
(وَلَيْسَ من الاجسام لَكِن لَهُ يَد ... وَعين على مر الجديدين ترعاه)
(اذا صحفوه فَهُوَ عبد مُقَيّد ... اذا أَطْلقُوهُ كَانَ مولى بمولاه)
(فجد بِجَوَاب نستضئ بنوره ... ونقطف ازهار الامانى جدواه)
(بقيت بأفق الْفضل وَالْمجد طالعا ... يَقُول الذى يلقاكم رَبك الله)
وَله فى وَالِد السَّيِّد بكر الْمَذْكُور وَهُوَ السَّيِّد أَحْمد الْمَار ذكره يُشِير الى خَال لَهُ كَانَ يلقب بآلا والى غُلَام كَانَ يهواه يعرف بِصَاحِب الْخَال
(من مبلغ عَنى الشهابى أحمدا ... نجل النَّقِيب الشامخ المتعالى)
(لَا تفخرن عَلَيْك بعد بَقِيَّة ... مَا لم تنلها لست بالمفضال)
(الْمَرْء يكرع من مناهل خَاله ... وشراب آلا كالسراب الْآل)
(لله قاضى دهرك الْعدْل الذى ... أَعْطَاك خالا ثمَّ صَاحب خَال)
(فبقدر مَا تهواه من ذى الْخَال قد ... أَعْطَيْت عكس هَوَاك عِنْد الخالى)
وَله من مُكَاتبَة كتبهَا وَهُوَ بالروم
(أَيهَا القاصد العواصم من أكلف شهبا ثَنَا ذَوَات النطاق ... )
(ان لى حَاجَة اليك فَهَل أَنْت ترى فى وفائها خير راقى ... )
(قل لسكان جَامع طالما طاردت بالبحث فِيهِ خيل السباق ... )
(لم جفوتم صبا لقد قَذَفته ... رَاحَة الْبَين فَوق حَوْض العناق)
(فتلافوا فُؤَاده بِكِتَاب ... فكتاب الاحباب نصف التلاقى)
وَله فى الْغُلَام الْخمار الذى كَانَ يهواه
(مهلا فعينى من بكا ونحيب ... عميت وتوجنى الْهوى بمشيب)
(فى حب بدر مَا استضأت بوصله ... الا وأعقبه الجفا بمغيب)
(أورد عينى عيسوى جماله ... الا وأدركها الْعَمى برقيب)
وَله فِيهِ أَيْضا
(وعصر بقسطينية قد قطعته ... على وفْق مَا قد كَانَ فى النَّفس والصدر)
(يمينى بهَا كراسة أجتلى بهَا ... علوما لقد زاولتها غابر الدَّهْر)
(أحرر مِنْهَا فى الطروس بدائعا ... فاملأ صدر الْقَوْم فى الْورْد والصدر)
(وطورا أحلى من زمانى عاطلا ... بِعقد نظام صاغه صائغ الْفِكر)
(معَان اذا مَا الصر در دعى لَهَا ... ترَاهُ بصر رَاح وَهُوَ بِلَا در)
(أضمنها سلوى الحز بن ورقية السَّلِيم ومأخوذ من اللحظ بِالسحرِ ... )
(وخمر شمالى للشمول متابع ... اذا حثها الساقى أذاعت لَهُ سرى)
(من العبقريين الَّذين تحملوا ... نقى كلكل الزنار فَوق وهى الخصر)
(اذا اعتم زرقاء الْيَمَامَة خلتها ... سَمَاء بهَا قد لَاحَ نورسنا الْبَدْر)
(وان قَامَ بَين الشّرْب خلت قوامه ... قِنَا ألف قَامَت على وسط السطر)
(وان أترع الكاسات خلت يَمِينه ... لجينا تحليها مَقَامِع من تبر)
(وان نظرته الْعين نظرة ى هوى ... سقانى بكاس الْعين خمرًا على خمر)
(وأدجوا بلَيْل من ذوائب شعره ... فيارب هَل فى لثمتى الثغر من فجر)
(أفكر فى يَوْم النَّوَى لَيْلَة اللِّقَاء ... فأذرى دِمَاء الْعين من حَيْثُ لَا أدرى)
(فأمسح فى كافورة الْجيد مقلتى ... عَسى ان بالكافور دمعى لَا يجرى)
(فَمَا زَالَ فى ثوب الخلاعة ظاهرى ... وقلبى بِذكر الله يفتر عَن در)
(الى أَن قذفت الشّرك عَن صفو خاطرى ... كَمَا تقذف الادناس عَن لجة الْبَحْر)
وَمن غزلياته قَوْله
(الصخر رق لحالتى يَا ذَا الْفَتى ... مذ صرت خنساء وقلبى قد عتا)
(يأيها الريم الذى ألحاظه ... سلت على العشاق سَيْفا مُصْلِتًا)
(عطفا على بنظرة أَو لفتة ... اذ عَادَة الآرام أَن تتلفتا)
(كم ذَا اعانى فِيك أهواء وَكم ... أصلى بنيران الْهوى والى مَتى)
(الله أعلم لم أبح بهواكم ... لكنما العينان فِيهَا نمتا)
(أَتَرَى زَمَانا مرحلوا بالحمى ... هُوَ عَائِد والعيش غض ثمنا)
(مَا كَانَ فى ظنى الْفِرَاق وانما ... قاضى الغرام على ذَلِك أثبتا)
(كم لَيْلَة للوصل قربت الْكرَى ... عطس الصَّباح وَلم أجبه مشتما)
(وعَلى الذى نطق الْكتاب بمدحه ... وأتى الْخطاب لَهُ بِسُورَة هَل أَتَى)
(منى صَلَاة أجتنى نوارها ... من جنَّة عيناى فِيهَا نامتا)
وَمن بدائعه قَوْله من قصيدة
(مَا الْخَال مسكاً فت فى الاجياد ... بل انه بقيا فتيت فؤادى)
(أَو أَنه شحرور رَوْضَة وَجهه ... قد جاوبته بلابل الانشاد)
(أَو عَابِد لبي المسوح وقدرفى ... من سحر عَيْنَيْهِ بِسُورَة صَاد)
(وَأقَام فى محراب حَاجِبه الْهدى ... يحْكى بِلَالًا للصَّلَاة يُنَادى)
(بل انه كرة تجول بسالف ... كالسيف يسكن فى حَشا الاغماد)
(أَو ان وجنته صحيفَة مهرق ... قلم الاله أمدها بمداد)
(أَو نقطة وَلها العذار حمائل ... أَو كالكمام بغصنه المياد)
(بل انه حبب طفا وخدوده ... قدح تطفح من دم الاكباد)
(أَو مَرْكَز والخد دَائِرَة المنى ... خطت ببيكارا الْجمال البادى)
(بل حَبَّة نصبت لصيد حشاشتى ... بل قَطْرَة من نقس عبد الهادى)
وَمن مقاطيعه قَوْله
(ريحَان خدك نَاسخ ... مَا خطّ ياقوت الخدود)
(وَقع الْغُبَار بهَا كَمَا ... وَقع الْغُبَار على الْوُرُود)
وَقَوله
(تِلْكَ الثنايا واشقائى بهَا ... باتت ترينى عِنْد لثمى الطَّرِيق
(تبددت من غيرَة عِنْدهَا ... سبْحَة در نظمت من عقيق)
(يَا لَيْلَة طَالَتْ على عاشق ... بَات من الوجد على جمر)
(كليلة الميلاد فى طولهَا ... تسبح فِيهَا الْعين بالقطر)
(كَأَنَّهَا ثَكْلَى جَنِين لَهَا ... أغر قد سمته بِالْفَجْرِ)
وَله فى شرِيف
(لما تعمم بالخضرة ذُو شرف ... قوامه سيغ من تبر وَمن صلف)
(أيقظت صحبى وَعين النَّجْم ساهرة ... قومُوا انْظُرُوا يحكم للبدر فى الشرق)
وَله
(ارفقوا فالفؤاد لَيْسَ بجلد ... وارحموا اذلتى وَطول عويلى)
(ان شحاذ حسنكم وعيونى ... يَا غناة الْجمال كالكشكول)
وَله فى يَتِيم
(ان ذَاك الرشأ الخشف الذى ... مَاتَ عَنهُ وَالِد فَهُوَ كظيم)
(زَاده موت أَبِيه قيمَة ... كَانَ درا فغدا الْيَوْم يَتِيم)
وَله فى أرمد
(ذَاك الذى طلت دمى عَنهُ ... وَرَاح يُسمى أرمد الِاسْم)
(لما رآنى لدمى ثائرا ... عصبها بالطرف الْمعلم)
(قُولُوا لَهُ يكْشف عَن عينه ... فان فِيهَا نقطا من دمى)
وَله فى جراح
(لحا الله الطَّبِيب لقد تعدى ... وَجَاء لقلع ضرسك بالمحال)
(أعاق الظبى قد شلت يَدَاهُ ... وسلط كلبتين على غزال)
وَله فى حَامِل قنديل
(وشادن والقنديل فى يَده ... مَا بَيْننَا وظلام اللَّيْل معتكر)
(كَأَنَّهُ فلك وَالْمَاء فِيهِ سما ... وَالنَّار شمس بِهِ وَالْحَامِل الْقَمَر)
وَله فى موشم
(أفدى غزالا تعرى من ملابسه ... والجسم من ترف أضحى كفالوذج)
(كَأَنَّهُ وطراز الوشم دَار بِهِ ... جسم من الدّرّ فِيهِ نقش فيروزج)
وَله
(ان خَال الحبيب لما دهانى ... وشجانى منا الجفا والمطال)
(قلت اذ زَاد نكهة وصفاء ... قُم أَرحْنَا بقبلة يَا بِلَال)
وَله
(ويلاه من جيد كَمَاء الحياه ... حف بِهِ زيق كشط الفراه)
(كَأَنَّمَا أطواقه حوله ... فوارة تمطر مَاء الحياه)
وَله
(لم أزل من صحيفَة الْقلب أمْلى ... فى دجا الاغتراب سطر مثالك)
(ناصبا هدب جفن عينى شباكا ... فَعَسَى أَن أصيد طير خيالك)
وَله فى الْعُيُون المستعارة للنَّظَر
(قَالَ لى الْحبّ لم وضعت على الانف عيُونا وفى عيونك مقنع ... )
(قلت مذ خطّ كَاتب الْحسن فى ثغرك نونا كحاجبين وأبدع ... )
(فجعت الْعُيُون أَربع على ... ان أرى يَا رشا حواجب أَربع)
وَله
(وجنة كالشقيق مرآتها الْيَوْم صفت من قذاة عين الرَّقِيب)
(خضبت من دم الرَّقِيب فَمَا ... تبصر الا تعلّقت بالقلوب)
وَله
(عَابَ قوم شربى المدام وَلَا يَد ... رون أَن التعييب عين الْعُيُوب)
(جبر قلب الاقداح بِالرَّاحِ خير ... فى اعتقادى من كسر كاس الْقُلُوب)
وَلما طَال مكثه بالروم قَالَ
(شيبت فود سيد الرُّسُل هود ... وَلَقَد شيبت فؤادى الرّوم)
وَرجع الى وَطنه فَأخذ ينْدب أوقاته الْمَاضِيَة فَمَا قَالَه فى ذَلِك المعرض
(مَا قصرت تِلْكَ الليالى الَّتِى ... فى جنحها بت سمير الملاح)
(لَكِن أشواقى لذاك الرشا ... مَا عاجلتنى خوف وَشك البراح)
(شققت جيبا كالدجا حالكا ... عَن صَدره فانجاب لى عَن صباح)
وَقَالَ
(قد ألفت الهموم لما تجافت ... عَن وصالى الافراح وازددت كربه)
(فديار الهموم أوطانى الغر ... وَدَار الافراح لى دَار غربه)
وَقَالَ
(أَلا قل لقسطنطينية الرّوم انى ... أعادى لقسطنطين اسْمك والرسما)
(لقد غيبته فى الثرى غير وَاجِد ... محبا يفاديه الحشاشة والجسما)
(وَقد تركتنى ساهر الطّرف بعده ... مشتت شَمل البال أرتقب النجما)
(سأهجر فِيهِ خلة الكاس والهوى ... وأجتنب اللَّذَّات ان عدن لى خصما)
وَقَالَ
(كَانَ لى فى الحظوظ بدرة عَيْش ... بدرتها يَد الشبيبة نثرا)
(لَيْت حكم النهى حماها فَكَانَت ... لى فى فاقة الكهولة ذخْرا)
(قَالُوا عهدنا غُصْن عمرك بالصبا تَدْنُو قطوفه ... )
(فذوى بمغبر المشيب وطالما روى نزيفه ... )
(فأجبتهم ضيف ألم بنادجى لم لَا نضيفه ... )
(وربيع ذَاك الْعُمر سَار فليت لَو يبْقى خريفه ... )
وَلما لزم الزهاد شرع فى عمل الاشعار الْمُتَعَلّقَة بالانكفاف والتوسل والمناجاة فَمن جملَة مَا صنعه قَوْله
(دواتى كاسى وَالْكتاب حديقتى ... وساقى مدام الْفِكر قَامَ على قدم)
(صرير يُرَاعى مطربى فَكَمَا نما ... سطورى أوتار ومضرابها الْقَلَم)
وَقَوله
(أَلا ان حبى لطول الْحَيَاة لَيْسَ لاجل حظوظ مضاعه ... )
(وَلَكِن لَا شهد لطف الا لَهُ ... فأزداد شكرا وأزداد طاعه)
وَقَوله
(أيا رب نفسى أتعبتنى حظوظها ... وتسويلها الايقاع فى زلَّة الْقدَم)
(فيا رب ان كنت السقى بِفِعْلِهَا ... فَمَا أَنا الا السن يقترع النَّدَم)
(وَلست باياها وحاشاى اننى ... من الرّوح ذَات الْقُدس لى أوفر الْقسم)
وَقَوله
(اليك رَسُول الله وجهت وجهتى ... وأرسيت فى تيار بَحر الرجا فلكى)
(فَكُن شافعى يَا من يشفع فى غَد ... بسترى فى الدَّاريْنِ من فاضح الهتك)
وَقَوله
(قيل لى كم وَكم ترى تتمادى ... فى الْهوى وَالطَّرِيق وعرقصى)
(قلت ظنى بِاللَّه ظن جميل ... وبخير الانام جدى على ... )
(ان لله رَحْمَة تسع الْخلق جَمِيعًا فَمن هُوَ العرضى ... )
وَكَانَت وَفَاته فى صفر سنة احدى وَسبعين وَألف وَبلغ من الْعُمر نَحْو سِتِّينَ سنة
ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر.