خير الدين خليل بن قاسم ابن الحاج صفا
تاريخ الوفاة | 879 هـ |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى خير الدّين خَلِيل بن قَاسم ابْن الْحَاج صفا روح الله روحه وأوفر فِي الْجنان فتوحه
هُوَ جدي لوالدي كَانَ جده الاعلى اتى من بِلَاد الْعَجم الى بلادالروم هَارِبا من فتْنَة جنكيز خَان وتوطن فِي نواحي قسطموني وَكَانَ صَاحب كرامات ويستجاب عِنْد قَبره الدَّعْوَات وَهُوَ مَشْهُور بِتِلْكَ الْبِلَاد ولد لَهُ ولد اسْمه مَحْمُود وَهُوَ حصل شَيْئا من الفقاهة والعربية وَلم يترق الى دَرَجَة الْفَضِيلَة وَولد لَهُ ولد اسْمه احْمَد وَهُوَ ايضا كَانَ عَارِفًا بِالْعَرَبِيَّةِ وَالْفِقْه وَلم يبلغ مبلغ الْفَضِيلَة وَولد لَهُ ولد اسْمه الْحَاج صفا وَهُوَ ايضا كَانَ فَقِيها وعابدا صَالحا وَلم يكن لَهُ فَضِيلَة زَائِدَة وَولد لَهُ ولد اسْمه قَاسم مَاتَ وَهُوَ شَاب فِي طلب الْعلم وَولد لَهُ ولد اسْمه خَلِيل وَهُوَ جدي مَوْلَانَا خير الدّين وَهُوَ قد بلغ مرتبَة الْفضل قَرَأَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي بِلَاده مباني الْعُلُوم ثمَّ سَافر الى مَدِينَة بروسا وقرا هُنَاكَ على الْمولى ابْن بشير الْمَار ذكره ثمَّ سَافر الى ادرنه وَقَرَأَ هُنَاكَ على أخي مَوْلَانَا خسرو وَقَرَأَ التَّفْسِير والْحَدِيث على الْمولى فَخر الدّين العجمي ثمَّ اتى مَدِينَة بروسه وقرا على الْمولى يُوسُف بالي ابْن الْمولى شمس الدّين الفناري وَهُوَ مدرس بسلطانية بروسه ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل مُحَمَّد الشهير بيكان واشتهر عِنْده بالفضيلة التَّامَّة وَكَانَ الامير وقتئذ على قسطموني اسمعيل بك نجل الامير جندار وَاتفقَ ان اكمل فِي ذَلِك الْوَقْت مدرسة مظفر الدّين الْوَاقِعَة فِي بَلْدَة طاشكبري من نواحي قسطموني فارسل الامير اسمعيل الى الْمولى يكان وَالْتمس مِنْهُ ان يُرْسل اليه وَاحِدًا من طلبته لتدريس الْمدرسَة المزبورة فَأرْسل الْمولى الْمَزْبُور جدي وَعين كل يَوْم لَهُ ثَلَاثِينَ درهما لوظيفة التدريس وَعين لَهُ كل يَوْم خمسين درهما من محصول كرة النّحاس وعاش هُنَاكَ فِي نعْمَة وافرة وَعزة متكاثرة ثمَّ ان السُّلْطَان مُحَمَّد خَان لما اخذ تِلْكَ الْبِلَاد من يَد اسمعيل بك الْمَذْكُور فرغ جدي عماعين لَهُ من محصول كرة النّحاس تورعا لمداخلة بعض الْبدع عَلَيْهَا وَلما بنى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الْمدَارِس الثمان بقسطنطينية ذكر الْمولى خير الدّين الَّذِي كَانَ معلما للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان جدي المرحوم لتدريس احدى الثمان ومدحه عِنْده وَكَانَ قد قَرَأَ على جدي فارسل اليه السُّلْطَان مُحَمَّد خَان امرا ليجيء الى قسطنطينية ويدرس فِي احدى الْمدَارِس الثمان فَلم يمتثل جدي امْرَهْ فَعَزله السُّلْطَان مُحَمَّد خَان عَن الْمدرسَة الْمَذْكُورَة وَقَالَ إِذا جَاءَ لطلب المنصب اكرهه على الْمقَام بقسطنيطنية فَلم يذهب جدي وَقَالَ بعض اغنياء اهل الْبَلدة لَعَلَّه لَيْسَ للْمولى مَال يَسْتَعِين بِهِ على السّفر ويستحيي ان يسْأَل وأفرز ذَلِك الْبَعْض عَن مَاله عشرَة آلَاف دِرْهَم وأتى بهَا الى جدي وَقَالَ اسْتَعِنْ بهَا على السّفر فَلم يقبل وَقَالَ لَا يَلِيق بِي ان اتوجه الى غير بَاب الله تَعَالَى بعد هَذَا كَانَ الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله يَقُول كَانَ معاشنا بعد هَذَا الْعَزْل اوسع وأرغد مِمَّا كَانَ فِي أَيَّام المنصب قَالَ ثمَّ ان اهالي كرة النّحاس اتوا اليه وأخذوه الى كرة النّحاس بعد تضرع كثير وابرام وافر وَكَانَ يعظ النَّاس فِي كل يَوْم جُمُعَة وَمَات هُنَاكَ وَدفن عِنْد الْجَامِع فِي سنة تسع وَسبعين وَثَمَانمِائَة قَالَ الْمولى الْوَالِد
كَانَ وَالِدي رَحمَه الله تَعَالَى مدرسا فِي الْمدرسَة المزبورة مُدَّة اربعين سنة وَكَانَ مشتهرا بعلمي البلاغة وَكَانَ لَهُ معرفَة تَامَّة بالاصولين وَالْفِقْه وَالتَّفْسِير والْحَدِيث وَكَانَ متشرعا متورعا طَاهِر الظَّاهِر وَالْبَاطِن متحرزا عَن اللَّغْو وفضول الْكَلَام وَكَانَ يكثر الِاعْتِكَاف فِي الْمَسْجِد وتلاوة الْقُرْآن وَصَوْم
التَّطَوُّع ونوافل الصَّلَاة حكى لي مَوْلَانَا مُحَمَّد بن قَاسم الشهير بِابْن الْخَطِيب قَاسم عَن رجل صوفي اسْمه عَليّ من خلفاء الشَّيْخ عبد الرحيم المرزيفوني ان الشَّيْخ عبد الرحيم اتى مَدِينَة قسطنطينية قبل الْفَتْح على حمَار وَأَنا أَمْشِي قدامه ودخلها وباحث هُنَاكَ مَعَ بعض الرهابين الساكنين فِي أيا صوفية حَتَّى أسلم مِنْهُم مِقْدَار اربعين رجلا اخفوا اسلامهم خوفًا من طاغيتهم يرْوى انه وجد مِنْهُم سِتَّة أنفس عِنْد الْفَتْح وَلما رَجَعَ الشَّيْخ الْمَذْكُور من مَدِينَة قسطنطينية مر على بَلْدَة طاشكبري وَقَالَ للخادم الْمَذْكُور ان هَهُنَا مدرسا عَالما متورعا متشرعا يجب علينا زيارته قَالَ فَلَمَّا وصلنا الى بَابه قَالُوا انه فِي الْمَسْجِد فَذهب الشَّيْخ الى الْمَسْجِد وَلما وصل الى بَاب الْمَسْجِد قَالَ للخادم الْمَذْكُور يَا عَليّ خُذ هَذَا الْخَاتم واشار الى خَاتم فِي اصبعه ان هَذَا رجل عَالم متشرع اخاف ان يُنكر عَليّ لاجله ثمَّ ان الشَّيْخ دخل عَلَيْهِ بتعظيم وتوقير وَصَاحب مَعَه زَمَانا ثمَّ ودع وَذهب هَذَا مَا سمعته من الْمولى الْمَذْكُور وَحكى الْمولى الْوَالِد عَن الْمولى خواجه زَاده انه قَالَ كَانَ الْمولى خير الدّين طَالب علم وَكَانَ سَاكِنا فِي سلطانية بروسه وَكَانَ يقرا عَلَيْهِ بعض المتأدبين قَالَ وَكُنَّا نسْمع الى درسه وَكَانَ صَاحب تَحْقِيق وتدقيق وَحسن تَقْرِير حَتَّى كُنَّا نَنْتَظِر وَقت درسه ونتلذذ باستماع تَقْرِيره قَالَ وَمَنَعَنِي حَدَاثَة السن عَن الْقِرَاءَة عَلَيْهِ نور الله تَعَالَى قَبره
الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية - المؤلف: عصام الدين طاشْكُبْري زَادَهْ.