عبد الله المدرس الموصلي شيخ الموصل بلا مدافع ولا ممانع الشيخ الفاضل العامل ولد في حدود سنة ستين وألف واشتغل بطلب العلم حتى صار آية من آيات الله بالعلم والعمل وأخذ عنه أكثر علماء الموصل كالمولى السيد موسى والسيد يحيى المفتي والسيد حمد الجوميلي وغيرهم وفضله أشهر من أن يذكر وكان متحاشياً عن معاشرة الحكام ومجانباً للظلام ما مقصوده من لفظ للظلام هل أراد الظلمة جمع الظالم مستجاب الدعوة مكباً على التدريس خصوصاً الفقه والحديث والتفسير لا يعتني بزخارف الحكماء ودخل لدار السلطنة العلية ثم رجع وحج إلى بيت الله الحرام سنة سبع وأربعين ومائة وألف وترجمه صاحب الروض وقال في حقه أحد الفحول المعول عليه في الفروع والأصول ورع الزمان عمان لمعارف والاذعان ذو الفنون الغريبة والآثار المطربة العجيبة الداخلبيوت البلاغة من أبوابها والواصل معالم الفصاحة من رحابها تسلق إلى طرق المعارف وسلكها والتقط درر فرائد المعالي وسلكها وعرف طرق الكمال فدخلها وجاز وساغت له حقيقة الفضل والمجاز انتهى وترجمه محمد أمين الموصلي أيضاً وقال أحد أركان العلوم ووحيد الوقت بطريق المنطوق والمفهوم عالم هذه الأماكن ونحرير هذه المساكن قدوة أقرانه علامة زمانه قامع الجهل بفضله قاشع الأشكال بفكره وفهمه طرز حلل العلماء بفضائله وعلمه وفتق نور الأدب بنسمات شمائله حرست سماء مجده إذ رجمت شياطين المعضلات بشرر أفكاره وانجلت ظلمات البلادة بما أفاض على المستفيد من أنواره وتضعضعت أركان الجهالة بما ألقى عليها من مناكب أنظاره ومن لطيف آثاره هذهالمنظومة في الأشكال الأربعة وهي قوله
حمداً لرب عالم جليل ... علمنا طريقة التعليل
ثم صلاة وسلاماً كملاً ... على الذي فوق السموات علا
وآله وصحبه ذوي الهدى ... مؤيدي الحق ومهلكي الردى
وبعده فأعلم مريد العلم ... وباعثي لنظم هذا النظم
وسائلي ضابطة الأشكال ... منظومة مزيلة الأشكال
جامعة الشروط والضروب ... وما به تولد المطلوب
فاجزم بأن الأوسط المكررا ... في جزئي القياس يا من أرهرا
إن جاءت الصغرى وفيها يحمل ... والعكس في الكبرى فذاك الأول
وإن تجده فيهما محمولاً ... فذلك الثاني بلغت السؤلا
وإن تجده فيهما موضوعاً ... فقد وجدت الثالث المصنوعا
وإن وجدته بعكس الأول ... فذلك الرابع فاحفظ تكمل
والشرط في الأول للانتاج ... إن توجب الصغرى للاحتجاج
كذاك فعلتها يا من درى ... فاحفظ ودع سوء الجدال والمرا
والشرط في الكبرى من الكمية ... في كل حال جعلها كلية
وهي طويلة اختصرتها خوف الاطالة وله غير ذلك من الأشعار وكانت وفاته سنة تسع وخمسين ومائة وألف ودفن بالموصل رحمه الله تعالى وأموات المسلمين أجمعين
سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر - محمد خليل بن علي الحسيني، أبو الفضل.