محمد بن أحمد بن عبد الملك الفشتالي
أبي عبد الله
تاريخ الوفاة | 779 هـ |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
شيخنا الفقيه الخطيب القاضي محمد بن أحمد بن عبد الملك بن شعيب بن عبد الله بن موسى بن مالك الفشتالي
[كنيته:]
يكنى أبا عبد الله وأدركته ورأيته. وهو من أهل فاس، من بيت صلاح وعلم.
ووالده أحمد كان خطيبا بجامع قصبة فاس. واختطب أيضا بجامع مدينة سجلماسة في دولة ملكها أمير المؤمنين أبي علي عمر المريني، وكان شاعرا مجيدا. وعبد الملك والد أحمد ولي القضاء والخطابة بالمدينة البيضاء دار الإمارة في حضرة فاس، وبمحلة أمير المسلمين أبي يعقوب يوسف المريني. وشعيب والد عبد الملك كان فقيها ذا نعمة وثروة، ذا جاه من السلطان، من أهل الخير والدين. وعبد الله والد شعيب كان فقيها مفتيا مدرسا بفاس، صالحا ورعا زاهدا مكاشفا. وكان من الدين والصلاح في المحل [الذي] لا يخفى، ومكاشفاته وعلو منزلتة أكثر من أن تحصى وموسى والد عبد الله كان من أهل الصلاح الفائق والورع العظيم.
ومالك والد موسى كان صالحا ملازما للخير.
وفشتاله، قبيلته، هم قاطنون بحوز فاس. وذكر فيهم ابن أبي زرع في تاريخه أنهم فرع من صنهاجة من حمير، عرب الأصل.
وأبو عبد الله شيخنا هذا هو الآن قاضي الجماعة بفاس، وخطيب بالمدرسة التي بناها السلطان أبو عنان بإزاء باب المحروق. وهو أحد المفتين بفاس، ويدرس المدونة وغيرها بالمدرسة التي بالعطارين. وحضرت حلقته غير مرة وأخذت عنه وأجازني إجازة عامة.
حاله-سلمه الله-:
له علم بالتوثيق وصناعته، وطريق إلى صياغته في حلل براعته.
وهو مفت في المسائل الفقهية، ومتفنن في العلوم الأدبية، وله مشاركة في جميع العلوم النظرية والتعالمية. وله ذهن ثاقب، ونظر في ميدان البحث لا يجاريه فيه فقيه ولا طالب. واعتناء بالعلوم الشرعية، واقتناء بالمعالي البيانية. إلى وقار وبها، وثقوب فطنة ونهى، وهمّة سمت فوق السّها.
فمن قوله يمدح أمير المؤمنين المتوكل على الله أبا عنان
أيا إماما ندى كفّيه قد وكفا ... حسبي اعتصامي بحبل منكم وكفى!
وكيف أصرف وجه القصد عن ملك ... ما صدّ عني سنا بشر ولا صرفا
ما إن شكوت بما أضنى تطلّبه ... إلا وجدت لديه من ضناي شفا
ولا وقفت عليه منتهى أملي ... إلا قضى وطرا منه وما وقفا
في كلّ يوم له تجديد عارفة ... مهما انقضت هذه لهذه ائتنفا
وليس ممّن يرى أن لا يتيح يدا ... حتّى يقام له بالشّكر ما سلفا
وكان قد بعث إليه ذو الوزارتين الحاجب القائد الرئيس الفقيه الخطيب الكاتب صاحب القلم الأعلى أبو عبد الله محمد بن عبد الله ابن سعيد بن الخطيب السّلماني، وزير أمير المسلمين أبي الحجّاج يوسف بن عم أبينا ووزير ابنه أمير المسلمين الغني بالله محمد المخلوع رسالة، وصدّرها بأبيات، كلّ ذلك من قوله، وهما
من ذا يعدّ فضائل الفشتالي؟ … والدّهر كاتب آيها والتّالي
علم إذا التمسوا الفنون فعلمه … مرعى المسيم ونجعة المكتال
نال الّتي لا فوقها من رفعة … ما أمّلتها حيلة المحتال
وقضى قياس تراثه عن جدّه … أنّ المقدّم فيه غير التّالي
قاضي القضاة! بماذا أثني على خلالك المرتضاة ؟ أبقديمك الموجب لتقديمك، أم بحديثك الداعي لتحمّل حديثك؟ وكلاهما غاية بعد مرماها، وحام التصور حماها، والضالع لا يسام سبقا، والمنبتّ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى؟ وما الظنّ بأصالة تعترف بها الآثار وتشهد، وأبوة صالحة كانت في غير ذات الله تزهد.
وفي نيل الاتصال به تجهد، ومعارف تقرر قواعد الحقائق وتمهد، وتهزم الشبه إذا تنهد. وقد علم الله أنّ جوارك لم يبق للدّهر جورا، ولاحت من غصني ورقا ولا نورا. هذا وقد زأر عليّ أسدا وحمل ثورا، فقد أصبحت في ظل الدولة التي وقف على سيدي اختيارها، وأظهر خلوص إبريزه معيارها. تحت كنف، وعزّ مؤتنف، وجوار أبي دلف، وعلى ثقة من الله بخير خلف. وما منع [من انتسابي لما لديه] من الفضائل رحلة لم يبرك بعد جملها،
ولا فرغ عملها، وأوحال حال بيني وبين مسوّر البلد القديم مهملها ولولا ذلك لاغتبط الرّائد، واقتنيت الفوائد.
والله يطيل بقاءه حتى تتأكد القربة، التي تنسى بها الغربة.
وتعظم الوسيلة، التي لا تذكر معها الفضيلة. وأمّا ما أشار به من تقييد القصيدة التي نفّق سوقها استحسانه، وأنس باستطرافها إحسانه؛ فقد أعمل وما أهمل، والقصور باد إذا تؤمّل، والإغضاء أولى ما أمل.
فإنما هي فكرة أخمدت نارها الأيام، وغيرت آثارها اللئام. وكان الحق إجلال مطالعة سيدي عن خللها، وتنزيه رجله عن تقييد مرتجلها. لكن أمره ممتثل، و «أتى من المجد أمر لا مردّ له» مثل!
فجاوبه بقوله:
وافت يجرّ الزهو فضلة بردها ... حسناء قد أضحت نسيجة وحدها
لله أيّ قصيدة أهديت لو ... يهدى المعارض نحو غاية قصدها
لابن الخطيب بها محاسن قارعت ... عنه الخطوب ففللّت من حدّها
سرّ البلاغة منه أودع حافلا ... قد صانه حتّى فشا من عندها
في غير ما عقد نفثت بسحرها ... فلذا أتى سلسا منظّم عقدها
لم أدر ما فيها رقمت معنونا ... من طرسها أو معلما من بردها
حتّى دفعت بها لأبعد غاية ... باعي تقاصر في البلوغ لحدّها
حرّان من نظم ونثر آب من ... يلقاهما منها بذلّة عبدها
أولى يدا بيضاء موليها فما ... لي من يد في أن أقوم بحمدها
فبذلت شعري رافعا من برّها ... وهززت عطفي رافلا في بردها
ورفضت تكذيب المنى متشيّعا ... لعليّ مرآها بصادق وعدها!
خذها أعز الله جنابك، وأذلّ للأنس على الوحشة اغترابك.
كنغبة الطائر المتحفز، ونهبة السائر المستوفز ومقة اللحظ، قلقة اللفظ قد جمعت من ترامها وانقحامها بين بطمة فند، وصلود زند، ونوّعت فعلي إقدامها وإحجامها إلى قاصر ومتعد ، وليتني إذ جادت سحابة ذلك الخاطر الماطر الودق، وانجابت المعاني عن مزنة فكرتي بتقاضي الجواب انجياب الطرق، أيقنت أني قد سدّ علي باب القول وأرتج، وقلت هذه السالبة الكلية لا تنتج! فنبذت طاعة الداعية من تلكم الإمرة، ولم أفه إذ أعوزت الخلوة بالمرّة ، لكني قلت وجد المكثر كجهد المقل، والواجب قد يقع الامتثال فيه بالأقل. فبعثت بها على علاتها، وأبلغتها عذرها في أن كنيت عن شوقها بلغاتها. وهي لم تعدم من سيدي إغضاء كريم، وإرضاء مليم.
والله سبحانه يصل بالتأنيس الحبل، ويرد الألفة ويجمع الشمل.
والسّلام
وكتب إليه أيضا ذو الوزارتين محمد بن الخطيب المذكور إثر نكبة أنكبه أمير المسلمين المستعين بالله أبو سالم إبراهيم المريني، من غير ذنب فعله، أغرى به السلطان حسدا له:
تعّرفت أمرا ساءني ثم سرّني ... وفي صحّة الأيّام لا بدّ من مرض
تغمّدك المحبوب بالذات بعد ما ... جرى ضدّه والله يكفيه بالعرض
في مثلها-أبقى الله سيدي-يجمل الاختصار، وتقرر الأنصار وتطرق الأبصار. إذ لم يتعين ظالم، ولم يتبين يقظ ولا حالم. وإنما هي هدية أجر، وحقيقة وصل عقّبت مجاز هجر. وجرح جبار، وأمر ليس به اعتبار، ووقيعة لم يكن فيها إلا غبار! وعثرة القدم لا تنكر، والله يحمد في كلّ ويشكر. وإذا كان اعتقاد الخلافة لم يشبه شائب، وحسن الولاية لم يعبه عائب، والرعي دائب، والجاني تائب، فما هو إلا الدهر الحسود لمن يسود، خمش بيد ثم سترها ، ورمى عن قوس ما أصلحها-والحمد لله-ولا أوترها.
إنما باء بشينه، وجنى من مزيد النعمة سخنة عينه. ولا اعتراض على قدر أعقب بحظ مبتدر، وورد نغّص بكدر، ثم أنّس بأكرم صدر. وحسبنا أن نحمد الدفاع من الله والذّب، ولا نقول-مع الكظم- إلا ما يرضي الرب. وإذا تسابق أولياء سيدي في مضمار، وحماية ذمار، واستباق إلى برّ وابتدار، بجهد اقتدار، فأنا-ولا فخر-متناول القصبة، وصاحب الدّين من بين العصبة، لما بلوت من برّ أوجبه الحسب، والفضل الموروث والمكتسب، ونصح وضح منه المذهب، وتنفيق راق منه الرّداء المذهب. هذا مجمل وبيانه عن وقت الحاجة مؤخر، ونبذة سرّه لتحقيقها يراع مسخر. والله أعلم بما انطوى عليه لسيّدي من إيجاب الحق، والسّير من إجلاله على أوضح الطّرق، والسلام.
فجاوبه بقوله:
وأيم الله إبرارا لأيم … لقد جلّى كتابك كلّ غمّ
وساهم في الحوادث من رمته … ففاز من الوفاء بخير سهم
يا سيّدي. أمدّ الله في أنوار تلكم الطريقة المثلى، وبارك.
وجزاها جزاء من ساهم على الحقيقة في الجلّى، وشارك. وصل كتابكم الصّادق الصفاء؛ الصادر عمن لم يرض من الوفاء باللّقاء.
فثأى من صدع الأيام ورأب. ونأى في دفع الأوهام وقرب.
وهو الدّهر-أبقاكم الله-لا تثنى فلتاته. ولا يبني على عقد صفائه يوم لوى ولائه إلاّ كدره بالنّقض مفتاته. هذا ولو حاسب الإنسان نفسه لاستحقر ما استعظم. وعلم أنّ «ما لا يرى مما وقى الله أعظم». فآه آه! ومن جني عليه فليستغفر الله. فغفرا اللهمّ غفرا. وحمدا على السراء والضرّاء، وشكرا.
وسيدي-أعزّه الله-المشكورة أياديه، المبرورة غاياته الجميلة ومباديه. والله-سبحانه-يعين على واجبكم، ويشكر في حسن الإخاء جميل مواهبكم. والسّلام.
أعلام المغرب والأندلس في القرن الثامن - إسماعيل بن يوسف الخزرجي الأنصاري النصري المعروف بابن الأحمر.
قاضي الجماعة بفاس أبو عبد الله محمد بن أحمد الفشتالي الفاسي: وسلفه من أهل الصلاح والخير الإِمام الفقيه المحقق المتفنن الخطيب الفرضي الموثق. أخذ عن أبي الحسن بن سليمان والقاضي ابن عبد الرزاق والسطي وابن آجروم وأبي عبد الله الرندي والطنجالي وأبي جعفر الزيات وابن جابر الوادي آشي وعبد المهيمن الحضرمي وجماعة، وعنه أبو زكرياء السراج ابن الخطيب القسنطيني والقباب ومن لا يعد كثرة. له تأليف في الوثائق مشهور مفيد ورسالة في الدعاء بعد الصلاة على الهيئة المعهودة. توفي سنة 779 هـ[1377م].
شجرة النور الزكية في طبقات المالكية _ لمحمد مخلوف
محمد بن أحمد بن عبد الملك، أبو عبد الله الفشتالي:
قاضي فاس. من العلماء بفقه المالكية والأدب، وأحد الكتّاب البلغاء في عصره. وهو الّذي خاطبه لسان الدين ابن الخطيب بأبيات أولها: " من ذا يعدّ فضائل الفشتالي " ولاه سلطان المغرب قضاء فاس، سنة 756 وكان يوجهه في السفارة عنه إلى الأندلس.
له تآليف في " الوثائق - ط " بفاس، يعرف بوثائق الفشتالي، ولأحمد ابن يحيى الونشريسي تعليق عليه سماه " غنية المعاصر والتالي - ط " على هامش الأول .
-الاعلام للزركلي-
محمد بن أحمد بن عبد الملك الفشتالي
قاضي الجماعة ببيضة الإسلام فاس، يكنى أبا عبد الله.
حاله: هذا الرجل له أبوّة صالحة، وأصالة زاكية، قديم الطلب، ظاهر التخصّص، مفرط في الوقار، نابه البزّة والركبة، كثير التهمة، يوهم به الفارّ، وصدر الصّدور في الوثيقة والأدب، فاضل النفس، ممحوض النصح، جميل العشرة لإخوانه، مجري الصّداقة نصحا ومشاركة وتنفيقا على سجيّة الأشراف وسنن الحسباء، مديد الباع في فن الأدب، شاعر مجيد، كاتب بليغ، عارف بالتّحسين والتّقبيح، من أدركه، أدرك علما من أعلام المشيخة. قدّمه السلطان الكبير العالم أبو عنان فارس، قاضيا بحضرته، واختصّه، واشتمل عليه، فاتصل بعده سعده، وعرف حقّه. وتردّد إلى الأندلس في سبيل الرسالة عنه، فذاع فضله، وعلم قدره. ولما كان الإزعاج من الأندلس نحو النّبوة التي أصابت الدولة، بلوت من فضله ونصحه وتأنيسه، ما أكد الغبطة، وأوجب الثناء، وخاطبته بما نصه: [الكامل]
من ذا يعدّ فضائل الفشتالي ... والدهر كاتب آيها والتّالي
علم إذا التمسوا الفنون بعلمه ... مرعى المشيح ونجعة المكتال
نال الذي لا فوقها من رفعة ... ما أمّلتها حيلة المحتال
وقضى قياس تراثه عن جدّه ... إن المقدّم فيه عين التالي
قاضي الجماعة، بماذا أثنى على خلالك المرتضاة؟ أبقديمك الموجب لتقديمك؟ أم بحديثك الداعي لتحمّل حديثك؟ وكلاهما غاية بعد مرماها، وتحامى المتصوّر حماها، والضالع لا يسام سبقا، والمنبتّ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى. وما الظنّ بأصالة تعترف بها الآثار وتشهد، وأبوّة صالحة كانت في غير ذات الحق تزهد، وفي نيل الاتصال به تجهد، ومعارف تقرر قواعد الحق وتمهّد، وتهزم الشّبه إذا تشهّد. وقد علم الله أن جوارك لم يبق للدهر عليّ جوارا ، ولا حتّ من غصني ورقا ولا نوّارا. هذا وقد زأر على أسد وحمل ثورا، فقد أصبحت في ظل الدولة التي وقف على سيدي اختيارها، وأظهر خلوص إبريزه معيارها، تحت كنف وعزّ مؤتنف، وجوار أبي دلف، وعلى ثقة من الله بحسن خلف. وما منع من انتساب ما لديه من الفضائل إلّا رحلة لم يبرك بعد حملها، ولا قرّ عملها، وأوحال حال بيني وبين مسوّر البلد القديم مهلها. ولولا ذلك لا غتبطت الزّائد، واقتنيت الفوائد، والله يطيل بقاءه، حتى تتأكد القربة، التي تنسى بها الغربة، وتعظم الوسيلة، التي لا تذكر معها الفضيلة.
وأمّا ما أشار به من تقييد القصيدة التي نفق سوقها استحسانه، وأنس باستظرافها إحسانه، فقد أعمل وما أمهل، والقصور باد إذا تأمّل، والإغضاء أولى ما أمّل، فإنما هي فكرة قد أخمدت نارها الأيام، وغيّرت آثارها اللّئام. وقد كان الحق إجلال مطالعة سيدي من خللها، وتنزيه رجله عن تقبيل مرتجلها. لكنّ أمره ممتثل، وأتى من المجد أمرا لا مردّ له مثل. والسلام على سيدي من معظم قدره، وملتزم برّه، ابن الخطيب، ورحمة الله.
فكتب إليّ مراجعا، وهو المليء بالإحسان: [الكامل]
وافت يجرّ الزّهو فضلة بردها ... حسناء قد أضحت نسيجة وحدها
لله أي قصيدة أهديت لو ... يهتدي المعارض نحو غاية قصدها
لابن الخطيب بها محاسن جمّة ... قارعت عنه الخطوب ففلّت من حدّها
سرّ البلاغة عنه أودع حافظا ... قد صانه حتى فشا من عندها
في غير عقد نفثنه بسحرها ... فلذا أتى سلسا منظّم عقدها
لم أدر ما فيها وقمت معاونا ... من طرسها أو معلما من بردها
حتى دفعت بها لأبعد غاية ... باعا تقصّر في البلوغ بحدّها
حدّان من نظم ونثر إنّ من ... يلقاهما منها بذلّة عبدها
أولى يدا بيضاء موليها فما ... لي مزية من أن أقوم بحمدها
ورفضت تكذيب المنى متشيّعا ... لعلي مرآها يصادق وعدها
فبذلت شعري رافعا من برّها ... وهززت عطفي رافلا من بردها
خذها، أعزّ الله جنابك، وأدال للأنس على الوحشة اغترابك، كغبّة الطائر المتجعد، ونهبة الثائر المستوفز، ومقة اللّحظ، قليلة اللّفظ، قد جمعت من سوامها وانقحامها، بين نظم قيد، وصلود زند، ونوّعت، فعلى إقدامها وانحجامها إلى قاصر ومعتد، وليتني إذا جادت سحابة ذلك الخاطر الماطر الودق، وانجاب العاني عن مزنة فكرتي، بتقاضي الجواب، انجياب الطّوق، وأيقنت أني قد سدّ عليّ باب القول وأرتحج، وقلت: هذه السّالفة الكلية فسدت لها الدّاعة من تكلّم الإمرة ولم أنه إذ أعوزت المرّة بالحلوة، لكني قلت: وجدّ المكثر كجهد المقلّ، والواجب قد يقلّ الامتثال فيه بالأقلّ. فبعثت بها على علّاتها، وأبلغتها عذرها، في أن كتبت عن شوقها بلغاتها، وهي لا تعدم من سيدي في إغضاء كريم، وإرضاء سليم. والله، عزّ وجلّ، يصل بالتأنيس الحبل، ويجمع الشّمل.
والسلام الكريم يخصّ تلك السيادة، ورحمة الله وبركاته. من محمد بن أحمد الفشتالي.
وهو الآن قاض بفاس المذكورة، محمود السيرة، أبقاه، وأمتع به.
الإحاطة في أخبار غرناطة - لسان الدين ابن الخطيب.
محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الملك الفشتالى،
القاضى أبو عبد الله.
أخذ عنه بفاس أبو العباس القبّاب صاحب «شرح القواعد» لعياض. توفى سنة 777 .
له تأليف فى الوثائق، ورسالة فى الدعاء بعد الصلاة، تولى قضاء الجماعة، وكان من كبار الفقهاء، له حظ وافر من الرواية والأدب، والشعر، والفتوى، والكتابة، وقد تردد للأندلس سفيرا؛ فذاع فضله، وعلم قدره. راجع ترجمته فى نيل الابتهاج ص 265، وشجرة النور 1/ 235 وفيهما: أن وفاته سنة 779.
ذيل وفيات الأعيان المسمى «درّة الحجال في أسماء الرّجال» المؤلف: أبو العبّاس أحمد بن محمّد المكناسى الشّهير بابن القاضى (960 - 1025 هـ)