عبد الرحمن بن أحمد بن محمد القاري
تاريخ الولادة | 1072 هـ |
تاريخ الوفاة | 1132 هـ |
العمر | 60 سنة |
مكان الولادة | دمشق - سوريا |
مكان الوفاة | دمشق - سوريا |
أماكن الإقامة |
|
نبذة
الترجمة
عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن علي بن عمر المعروف كأسلافه بالقاري الحنفي الدمشقي أحد الصدور من أعيان دمشق ورؤسائها كان شهماً معتبراً ماجداً سخياً جواداً ممدوحاً ذو همة علية واقدام في الأمور مع جاه عظيم وثروة باذخة وعز وسعد مقبول الشفاعة محترماً عند الصغار والكبار وكان يجل العلماء ويكرمهم وكانجسوراً متكلماً فصيح المقال آية باهرة في الأمور الخارجية وبضاعته كانت من العلم مزجاة جداً ولد بدمشق في سنة اثنين وسبعين وألف وبها نشأ في كنف والده وكان والده منفصلاً عن قضاء آمد من مشاهير الأمجاد الرؤساء وتوفي في سنة ثمانين وألف وولده المترجم ظهر شأنه وعلا قدره وتبسم ثغر اقباله وأزاحت ديجور الأدبار أنوار سعده واحلاله حتى خطبته العياء واشتهر بين أبناء الدنيا وحين قدم والياً إلى دمشق وأميراً على الحاج الوزير رجب باشا انتمى المترجم إليه وأقبل المذكور بكليته عليه وصار له عند المقام الأعلى والقدر الرفيع الأعلى فازداد تطاوله وأقدمه وتضاعفت أفعاله وأحكامه ورفض بقية الأعيان والرؤساء وكان بينه وبين المولى محمد بن إبراهيم العمادي المفتي ما كان كما هو دأب الأقران في كل أوان وتعرض بسبب انتمائه للوزير المذكور للفتيا بدمشق وعزل العمادي ثم إن الوزير المذكور عزل العمادي ووجهها عن الافتاء للمترجم وكتب عروضاً في حق العمادي للدولة العلية أخباراً ببعض افتراآت علي العمادي وصيرورة الافتاء للقاري المترجم وإن ينفي العمادي فحين وصلت العروض للدولة نفذتها للوزير أرباب الحل والعقد ورجال الدولة وصدر أمر سلطاني بنفي العمادي وتوجيه الافتاء على القاري المترجم ولما جاء الرسول المعين من طرف الدولة في نفي العمادي وتوجيه الافتاء على القاري عقد الوزير ديواناً بمجمع من الأعيان والعلماء والرؤساء وقرأ الأمر السلطاني عليهم بالاشاعة فلما انتهت قراءة الأمر السلطاني أمر الوزير بنفي العمادي واجلائه عن دمشق فقال له العمادي في المجلس أما تعفو عني فسيجئ بعد أيام أمر آخر سلطاني بعودي وكان للعمادي خبر بأنه صدر أمر سلطاني بعوده لدياره بعد الأمر السابق فلم يسمع الوزير كلامه وقال لا بد من نفيك واجلائك وكان الوزير شديد البأس وله نظر على القاري فلما خرجوا من باب السراي بالعمادي قامت أهل دمشق على خدام الوزير المذكور وضربوهم فوصل الخبر إليه فعند ذلك أمر بابقائه بشرط أن يلزم داره ثم بعد أيام قلائل ورد أمر سلطاني بالعفو عن العمادي واستقام المترجم في الفتوى ستة أشهر وبعدها عزل وعادت إلى العمادي ولم تطل مدته ومات بعد ذلك وكان المترجم تولى نيابة محكمة الباب مراراً وتولى تولية وتدريس المدرسة الظاهرية حتى إنه درس بها حين أمر والي دمشق بأن المدرسين في كل مكان يلازموا الدروس والاقراء وكان قبله أمر بذلك والي دمشق نصوح باشا وبعده حسين باشا الخازوقجي كذلك فصار كل من عليه مدرسة يباشر الافراء أو يجعل وكيلاً واستقام ذلك قليلاً ثم عاد كل لأصله وكان المترجم حين يقرئ يسرد العبارة فإذا صدر منه خلل في بعض المسائل أو غلط لا يقدر أحد على رده بل كلهم من أفاضل أجلاء صامتون ناصتون لكونه كان يبرهم باكرامه ويحسن اليهم فلا يريدون تخجيله بل يصححون له درسه قبل أن يقرأه وبعده يمليه هو سرداً وكان له عقارات وأملاك ومتعلقات كثيرة ورحل للحج والي الروم وامتدح بالقصائد الفرائد فممن امتدحه الشيخ محمد الكنجي امتدحه بقصيدة مطلعها
خذ ما استطعت علاً ومجداً ... وألبس من النعماء بردا
واستمطر الآلاء من ... مولى وزد شكراً وحمدا
وكن المقدم بالفضا ... ئل لا برحت تنال سعدا
أنت الهمام المقتدي ... وبك النهى تزداد رشدا
حامي حمى الشرع الشريف ... ومن حوى الرأي الاسدا
لا غرو أن ترقى العلا ... أنت الكريم أبا وجدا
من رام جاهك في البرية ... فليمت كمداً وحقدا
لا باجتهاد تبلغ ال ... آمال إن السعد وعدا
أنت الذي نلت السيا ... دة وادعاً وسواك جدا
لم تلف يا ذا الفضل الا ... باذلاً في الخير جهدا
ولديك من جبر الخوا ... طر ما يعيد الحر عبدا
وإذا الزمان إذا قنا ... من ريبه ظلماً وكدا
لم نلق غيرك في البرية ... منهلاً عذباً ووردا
ومن استجار ببابك ... السامي فأنت له تصدى
تلقاه بالصدر الرحيب ... فلن يخيب ولن يردا
وبنى الكرام إلى ذرا ... ك تسوقهم وفداً فوفدا
وإذا وعدت بنائل ... حاشاك ما أخلفت وعدا
وإذا حييت بمنصب ... جعل العفاف عليك يردا
لم تولك الدنيا الدنية ... عن رضى مولاك صدا
تأتي اليك ذليلة ... فترى لديك غنى وزهدا
والناس تستسقي السحا ... ب وجود كفك منه أندى
يتلون ذكراك الجميل ... كأنهم يتلون وردا
وكتب للمترجم أحمد الكنجي والد المذكور لأمر اقتضى ذلك
أخا الفضل لا زالت مدى الدهر سرمداً ... هداياك تعطي للأنام وتنقل
ولا زال يا مولاي قدرك سامياً ... على كل قدر في البرية يجمل
تفضل بما أوعدت وأرسله عاجلاً ... فمهما أتى منكم على الرأس يحمل ومن مداحه
ومن مداحه عبد الحي ابن الطويل المعروف بالخال فمن مدائحه فيه قوله من قصيدة يهنيه فيها بالعافية من مرض أصابه وذلك في رمضان سنة اثنتي عشرة ومائة وألف مطلعها
روى جفني عن الجفن الروي ... وعن قلبي عن الزند الوري
عن الكبد التي ملئت غراماً ... ووجداً لا يعبر بالروي
بأن الله قد خلق المنايا ... من الطرق الكحيل البابلي
لقد نهبت ظبي الألحاظ جسمي ... من الظبي الغرير الجاسمي
هو القمر الذي قد راح يزهو ... بطلعته على البدر السني
فيا أملي من الدنيا وقصدي ... ويا رشدي ويا رشدي وغيي
امط طرف اللثام فدتك روحي ... عن الثغر الشهي السكري
منها في المدح
وحيد الفضل يحلو ما توارى ... وغيب عن مدى فهم الذكي
ويروى المجد عن سلف كريم ... كما يروى الحديث عن النبي
له الهمم التي لو صد طوداً ... بها لأندك بالعزم القوي
همام جهبذ شهم إذا ما ... ثرا أي ذل ذو القدر العلي
وإن جئناه في أمر مهم ... تلقاه ببشر أريحي
وامتدحه الشيخ صادق الخراط فمن مدائحه فيه ما قاله مهنياً له برتبة مدرسة الداخل المتعارفة بين المولى الرومية
يا ابن الأكارم والأفاضل ... يا واحداً ملك الفضائل
يا مفرد الأوصاف وال ... ألطاف يا حسن الشمائل
يا من رقى رتب المعا ... لي الغر عن ارث الأوائل
آباؤه الأمجاد من ... ملكوا الفخار ولا مجادل
ورقوا على هام العلا ... واستوطنوا تلك المنازل
يهنيك قد وافت لك ... العلياء ترفل في غلائل
تسعى ولم تمدد لها ... كفاً ولم تنصب حبائل
لا زلت ربع الفضل فيك ... أخا العلا والمجد آهل
متسربلاً حلل الكما ... ل وفي ثياب العز رافل
ما فاح نشر ثناك في ... الدنيا وما هبت شمائل
وبالجملة فقد كان المترجم القاري من صدور أعيان دمشق ورؤسائها وبلغ مرتبة من العليا سامية وقدراً من الجاه وافراً عالياً وكان خرج له في صدره دملة وعظمت حتى أخذت سائر صدره وعولجت كثيراً فلم تفد وانحلته ولم تطل مدته ومات وكانت وفاته في يوم السبت التاسع والعشرين من شعبان سنة اثنين وثلاثين ومائة وألف ودفن بتربة الباب الصغير وبعده تصدر في دارهم ولده المولى عمر القاري وبلغ شهرة وافية ورقا إلى مراقي سامية ونفذت كلمته وعلت حرمته وراس بدمشق واشتهر كذلك وبعده لم يخلفه أحد مثله منهم وكانت وفاته في يوم الجمعة سابع رمضان سنة ثمان وأربعين ومائة وألف ودفن بباب الصغير أيضاً رحمهم الله تعالى وسيأتي ذكر ابن عم المترجم محمد القاري في محله.
سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر - محمد خليل بن علي الحسيني، أبو الفضل.