وجيه الدين عبد الرحمن بن عمر بن أحمد بن محمد العمودي

تاريخ الوفاة967 هـ
مكان الوفاةمكة المكرمة - الحجاز
أماكن الإقامة
  • مكة المكرمة - الحجاز
  • تريم - اليمن
  • عدن - اليمن

نبذة

وَفِي يَوْم الْجُمُعَة التَّاسِع عشْرين من شهر رَجَب الحارم سنة سبع وَسِتِّينَ توفّي الشَّيْخ الْكَبِير وَالْوَلِيّ الشهير قدوة العارفين وَحجَّة الله على السالكين وجيه الدّين عبد الرحمن بن الشَّيْخ عمر بن الشَّيْخ أَحْمد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان ابْن مُحَمَّد العمودي وَهُوَ الَّذِي يلتقي فِيهِ نسبه مَعَ ابْن عَمه الشَّيْخ أَحْمد ابْن عُثْمَان الَّذِي تقدم ذكره بِمَكَّة المشرفة وَدفن بالمعلاه

الترجمة

وَفِي يَوْم الْجُمُعَة التَّاسِع عشْرين من شهر رَجَب الحارم سنة سبع وَسِتِّينَ توفّي الشَّيْخ الْكَبِير وَالْوَلِيّ الشهير قدوة العارفين وَحجَّة الله على السالكين وجيه الدّين عبد الرحمن بن الشَّيْخ عمر بن الشَّيْخ أَحْمد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان ابْن مُحَمَّد العمودي وَهُوَ الَّذِي يلتقي فِيهِ نسبه مَعَ ابْن عَمه الشَّيْخ أَحْمد ابْن عُثْمَان الَّذِي تقدم ذكره بِمَكَّة المشرفة وَدفن بالمعلاه وَكَانَ من الْأَوْلِيَاء الصَّالِحين والمشيخ العارفين كثير الْعِبَادَة والإجتهاد عَظِيم اورع والزهد والمثابرة على الاعمال الصَّالِحَة مَعَ الِاشْتِغَال بالعلوم النافعة لوجه الله تَعَالَى وكاتن مشاركاً فِي كثير من فنونها وَكَانَ يحفظ الارشاد فِي الْفِقْه
وَمن مشايخه الشَّيْخ أَبُو الْحسن الْبكْرِيّ وَالشَّيْخ الْحَافِظ شهَاب الدّين ابْن حجر الهيتمي وَمَا أحسن قَول الشَّيْخ عبد الْقَادِر الفاكهي فِيهِ حِين ذكر أَنه أَخذ عَن الشَّيْخ ابْن حجر أَخذ عنه رِوَايَة أخد شيخ عَن شيخ كَمَا قيل فِي أَخذ أَحْمد عَن الشَّافِعِي ثمَّ قَالَ ولعمري أَن شَيخنَا العمودي هُوَ أجل من ايْنَ يُقَال فِي حَقه بعد انتهائ تقيذ وَيُطلق وَإِن جلّ اشيخ يَعْنِي ابْن حجر وحسبك بِمَا أَشرت إِلَيْهِ لمنصب الْمُشبه والمشبه بِهِ انْتهى
وَمن تصانيفه حَاشِيَة على الارشاد وَكَانَ أَرَادَ محوها فَمَنعه الشَّيْخ ابْن حجر من ذَلِك وَمِنْهَا النُّور المزرورو وَكَانَ كثيرا التَّعْظِيم لأهل الْعلم مَعَ الخمول المفرط والتواضع الزَّائِد والاستقامة والانقطاع إِلَى الله تَعَالَى فَلم يتَزَوَّج لذَلِك مُدَّة عمره مُقبلا على الطَّاعَة مذ نَشأ
وحكطر الفاكهي أَنه سَمعه يَقُول طلب مني الشَّيْخ أَبُو الْحسن الْبكْرِيّ الْحُضُور فِي اللَّيْل سَاعَة لاستماع درسه الْعَام فَمَا وافقته إِلَّا امتثالا لامره الأكيد قَالَ فَقلت لَهُ مَا سَمِعت فَقَالَ وقفت سَاعَة وَأَنا مَشْغُول وَلم أدر مَا يَقُول وَإِنَّمَا وقفت امتثالاً أَي لشغله بالاوراد الَّتِي لَا رخصَة عِنْده فِي تَركهَا
وروى أَنه قدم إِلَى تريم لزيارة من بهَا مكن الْمَشَايِخ فَاجْتمع بالشيخ الْكَبِير الْوَلِيّ الْعَارِف بِاللَّه شهَاب ابْن الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن بن الشَّيْخ عَليّ أَبَا عليوي فَأخْبرهُ بِأَنَّهُ اجْتمع بالامام الْغَزالِيّ فِي غرفَة بداره يقظة من طَرِيق الْكَشْف واستجاز مِنْهُ كتبه فَأَجَازَهُ بهَا فَطلب مِنْهُ الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن أَن يُجِيزهُ بهَا بِالْإِجَازَةِ الْمَذْكُورَة بذلك وَكَانَت لَهُ أَحْوَاله فاخرة وكرامات طَاهِرَة قَالَ الفاكهي ومناقبه افردتها برسالة
قلت وَهُوَ الَّذِي طلب من الشَّيْخ ابْن حجر أَن يشْرَح مُخْتَصر الْفَقِيه عبد الله أَبَا فضل فِي الْفِقْه جاور بِمَكَّة سنينا وَمَات بهَا رَحمَه الله تَعَالَى وَكَانَ لَا يقبل من أحد شَيْئا
وَحكي أَن الشريف أَبُو نمى سُلْطَان مَكَّة أرسل إِلَيْهِ بِمِائَة دِينَار فَلم يقبلهَا واستحى الرَّسُول أَن يردهَا على الشريف فَبَقيت عِنْده حَتَّى مَاتَ الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن رَضِي الله عَنهُ فَأخْبر الشريف عِنْد ذَلِك فَأمره بِأَن يَدْفَعهَا إِلَى الشريف عبد الله بن الْفَقِيه الْآتِي ذكره
قَالَ الفاكهي وَسمعت من لفظ شَيخنَا صَاحب الكرامات الباهرة والمجاهدات المعلومات الظَّاهِرَة ولي الله عبد الرَّحْمَن العمودي نفع الله بِهِ يَقُول ان شخصا من آل العمودي يخرج من مَقْبرَة المعلاه وَهُوَ من السّبْعين الْألف الشافعة وَلَا أعلم فِي المعلاة من العمودين أجل مِنْهُ وان كَانَ بهَا عَمه وَآخَرُونَ مِنْهُم بل سَمِعت مِنْهُ أَيْضا مَا دلّ دلَالَة صَرِيحَة أَن أَبَاهُ الشَّيْخ عمر المدفون بالقنفذه من السّبْعين الْألف الشافعين وَلَا يستعظم هَذِه المنقبة عَلَيْهِ وعَلى أَبِيه الأجاهل بحالهما وَلَو من مخالطيه وَمن أَرَادَ لوقوف على عنوان مناقبه وعَلى مراتبه فليقف على كتابي ارشاد الْمُغنِي وَالْفَقِير إِلَى فضل التقشف وَالرِّضَا باليسير فَانِي شرحت فِيهِ بعض أَحْوَاله وأشرت إِلَى جمع كراماته الدَّالَّة على قطبيته وكماله بل ان أَرَادَ أوسع مِنْهُ فليتطلبه فَرُبمَا يعثر عَلَيْهِ فَإِنِّي أَرْجُو جمع كتاب أوسع فِي كراماته بعد تتبعها من أهل جهاته وخصوصياته ضاماً ذَلِك إِلَى مَا عِنْدِي من كثير وَلَا ينبئك مثل خَبِير وَمن نظمه هَذِه الأبيات فِي القهوة ... أسرار قهوتنا خُذْهَا مبينَة ... تعين سالكنا فِي اللَّيْل مَا سهرا
وتشرح الْقلب والأعضء تبسطها ... وَتذهب الْهم وَالْأَحْزَان والكدرا
فَاشْرَبْ فديتك مِنْهَا مَا قدرت لَهُ ... وقم نَصَحْتُك بالأسحار مَا يسرا
واخلص لَدَى نِيَّة مهما شربت لَهَا ... وَكن كيئيساً بهَا الْخيرَات مدخرا
واقتد بشربها مِمَّن مضى خلفا ... ذَوي الصّلاح وَلَا تقتد بِمن خسرا

.. واسال آلهك ان يفضل برحمته ... على نبيك خير الْخلق والبشرا ...
وَكَانَ وَالِده الشَّيْخ عمر نفع الله بِهِ من كبار أهل الْعلم وَكَانَ يدرس بِبَلَدِهِ قيدون ويفتي بهَا وَحكي أَنه ارْتَفع إِلَيْهِ اثْنَان فِي دَعْوَى وَكَانَ أَحدهمَا على الْحق وَالْآخر على الْبَاطِل فَأَشَارَ عَلَيْهِمَا الشَّيْخ أَن يصطلحا سترا للْحَال فَأبى ذَلِك الرجل الَّذِي كَانَ مُبْطلًا وَقَالَ لَا أرْضى أَلا بِحكم الشَّرْع فَغَضب الشَّيْخ عِنْد ذَلِك وَقَالَ أما إِذا كَانَ هَكَذَا فشهود الملاحف مَا يجوزوا عِنْدِي وَكَانَ ذَلِك الشَّخْص أعْطى اثْنَيْنِ كل وَاحِد ثوبا حَتَّى يَشْهَدَانِ لَهُ فكاشف الشَّيْخ بذلك
وَحكي أَنه دخل عدن فِي زمَان الشَّيْخ أبي بكر العيدروس فإضافه الشَّيْخ أَبُو بكر وَبَالغ فِي ذَلِك فَلَمَّا راي الشَّيْخ عمر كَثْرَة مَا صنع خطر فِي قلبه أَن هَذَا اسراف فَالْتَفت إِلَيْهِ الشَّيْخ أَبُو بكر عِنْد ذَلِك وَقَالَ أكرمناهم قَالُوا إسارف قَالَ الشَّيْخ عمر عِنْد ذَلِك اسْتغْفر الله وَلم يعلم الْحَاضِرُونَ بِشَيْء من ذَلِك حَتَّى حكى لَهُم الشَّيْخ عمر بخاطره الَّذِي خطر لَهُ وكاشفه الشَّيْخ بِهِ
وَحكى وَلَده الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن العمودي رَحمَه الله أَنه كَانَ فِي مجْلِس وَفِيه جمَاعَة من أهل الْكَشْف فصدر من أحدهم سوء أدب عَلَيْهِ فَعُوقِبَ ذَلِك الرجل بالسلب فِي لحَال
وَحكي أَن الشَّيْخ عمر رَضِي الله عَنهُ بلغ رُتْبَة القطبية وَكَانَ قد ولي المشيخة ببلاده قيدون بعد أَبِيه على طَرِيقه سلفه فَلَمَّا آل الْأَمر فِي ذَلِك إِلَى صفك الدِّمَاء وَنَحْوه وَرُجُوع أَمر لَك امرتبة إِلَى قوانين الْملك ترك ذَلِك وعزل نَفسه زهدا فِيهَا ورغبة فِيمَا عِنْد الله من الثَّوَاب وَكَانَ فِي زَمَنه يسوس الْخلق إِلَى قوانين الشَّرْع الشريف وَلَا يحابى فِي الْحق الْقوي على الضَّعِيف فكرهنه الْعَامَّة لذَلِك وعزموا على أَنهم يقتلوه وبولوا مَكَانَهُ أَخَاهُ عُثْمَان فَأخْبرهُ بذلك فَقَالَ مَا يحْتَاج إِلَى هَذَا وتركهم وَمَا يُرِيدُونَ وعزم إِلَى مَكَّة المشرفة ففلما قفل مِنْهَا مَاتَ بالقنفذه وقبره بهَا مَشْهُور وَعَلِيهِ بِنَاء عَظِيم رَحمَه الله تَعَالَى وَقيل أَنه دَعَا عِنْد ذَلِك عَلَيْهِم أَن الله تَعَالَى يبتليهم بِسبع مثل يُوسُف فَاسْتَجَاب الله ذَلِك فمنعوا الْقطر هَذِه الْمدَّة حَتَّى أقحطت الأَرْض ولاقى النَّاس بِسَبَب ذَلِك شدَّة عَظِيمَة وَكَانَ صَاحب التَّرْجَمَة وَأَبوهُ هَذَا يكرهان مايفعله بَنو عمهم من حم لالسلاح وَنَحْوه وَكَانَ ينكران عَلَيْهِم أَشد الْإِنْكَار أعَاد الله علينا من بركتهما فِي الدَّاريْنِ آمين
وَكَانَت وَفَاته فِي هَذَا الْقرن وَلم أعلم تَارِيخه وَلِهَذَا لم أرجم لَهُ كماوقع لي فِي غَيره وَقد ذكرت السَّبَب فِي ذَلِك وَإِلَّا فَهُوَ حري بأنيذكر على الِاسْتِقْلَال كَيفَ وَهُوَ أحد مِمَّن تنزل الرَّحْمَة عِنْد ذكره وَهُوَ غَنِي بفضله وشهرته عَن الإطناب فِي أمره وترجمته
وفيهَا كَانَت وَفَاة أَحْمد شاه أَبَا أَحْمد آباد قَتِيلا
وفيهَا جَاءَ كنكيز خَان إِلَى سرت وَحرق دورها وخربها وَخرب أَهلهَا واستأسر ثمَّ صَالحه سرت خداوند وَذهب إِلَى بَلَده بروج سنة ثَمَانِيَة وَسِتِّينَ بعد التسْعمائَة (968) هـ
ثمَّ جَاءَ إِلَى سرت أَيْضا عَام ثَمَانِيَة وَسِتِّينَ خرب جانباً من الكوت وأخرب جمعا من أهل سرت ومنبر وَغَيرهمَا من التُّجَّار والرعية ثمَّ ذهب إِلَى بروج فِي أوار شهر رَمَضَان وَكَانَ ذهب من الكوت خُفْيَة لَيْلًا صَاحب سر خداوند خَان فَذهب إِلَى بِلَاد الْكفَّار ثمَّ وصل إِلَى أَحْمد آباد ثَانِي شَوَّال ثمَّ قتل آخر يَوْم من ذِي الْقعدَة يَوْم الثُّلَاثَاء بعد الْعَصْر قَتله بجليخان وأغا ريحَان ورستم خَان مَعَ عَسْكَرهمْ وَفِي الْعَسْكَر جمع ابْن عبيج خداوند خَان هربوا مِنْهُ منرهبته وَقد قلت فِي الْوَاقِعَة الْمَذْكُورَة شعر ... سمي حرَام ذاق الْحمام فِي مثله ... وَفعل حرَام فِي حرَام من أعظم الْوزر ...
وَمعنى الْبَيْت أَن سمي شهر حرَام يَعْنِي رَجَب ذاق الْحمام وَهُوَ الْمَوْت فِي مثله يَعْنِي فِي شهر حرَام أَيْضا وَهُوَ الْقعدَة وَفعل حرَام وَهُوَ الْقَتْل فِي شهر حرَام هُوَ الْقعدَة من أعظم الذُّنُوب وَلَا شكّ أَن الْمعاصِي إِذا وَقعت فِي مَكَان عَظِيم كمكة أَو زمَان شرِيف كالأشهر الْحرم تتضاعف من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْعقُوبَة عى مرتكبيها وَهَذَا ظَاهر
وَكَانَ خداوند رَحمَه الله تَعَالَى أَمِيرا كَبِيرا جليل الْقدر رفيع الْمنزلَة حسن الْأَخْلَاق كثير الإنفقا جميل الصُّورَة طيب السِّيرَة جواداً سخياً وشهماً أَبَيَا شَدِيد الْبَأْس محببا إِلَى النَّاس متواضعاً مملاحا لبن الْجَانِب مكشهورا فِي الْمَشَارِق والمغارب كثير الْإِحْسَان والأفضال مَقْصُودا بشد الرّحال محباً لأهل الْخَيْر والفلاح مجمعا لأهل الْعلم وَالصَّلَاح حسن العقيدة فِي الْأَوْلِيَاء وَالصَّالِحِينَ محسناً إِلَى الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين عَظِيم الصَّدَقَة وَالْمَعْرُوف كثير الإحتفال بالوفود والضيوف وَكَانَ عريق الرِّئَاسَة حسن السياسة ظريفاً لطيفاً وَفِي آخر الْأَمر أعتراه نوع من الوسواس حمله على الاستيحاش من النَّاس اخْتَلَّ بِهِ نظام تَدْبيره فخذله وزيره ومشيره وَقل مَعَه معاونه وناصره وَتَفَرَّقَتْ بِسَبَبِهِ عَنهُ عساكره والكمال لله فَكَانَ هَذَا هُوَ السَّبَب فِي زَوَال الْملك عَنهُ وظفر الْعَدو بِهِ ونفور النَّاس مِنْهُ وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وللشيخ الْعَلامَة أبي السعادات الفاكهي فِيهِ مرثية عَظِيمَة وَهِي ... الدَّهْر فِي يقظه والسهر للبشر ... وَالْمَوْت يَبْدُو ببطش البدو والحضر
والسام أصعب كأس أَنْت ذائقه ... قبل التدثر للأجساد بِالْحفرِ
لامين فِيمَا قلت لَا وَلَا ريب ... إِن كت ذَا ريب فاسأل عَنهُ وَاذْكُر
وأسأل زَمَانك عَن كسْرَى وقيصره ... كَذَا السلاطين والأقيال من مصر
أفناهم الدَّهْر حَتَّى صَار ذكرهم ... كَانُوا وَكَانُوا وَهَذَا أعظم العبر
يَا وَيْح ناع أَتَى يَوْمًا يخبرنا ... أجْرى دموعاً على الأخداد كالمطر
أَتَى بِرَأْس رَئِيس كَانَ مفخرنا ... كَأَصْلِهِ منبع الْإِحْسَان واظفر
أَبُو الأرامل والايتام والغربا ... بِمَوْتِهِ مَا صفت أَرْوَاح من كدر
أَبُو الْمَشَايِخ والأشراف والنجبا ... أَبُو الرّعية من أُنْثَى وَمن ذكر
خَان عَظِيم لَهُ رَجَب سمي رَجَب ... مرجبقد يرَاهُ الله من صفر
أكْرم بِهِ وفروع مِنْهُ قد بسقت ... وَبَيت سلمَان أهل الْخَيْر وَالظفر
هم الأكابر أصلا ثمَّ فرعهم ... أصل الفخار إِلَى حِين من الدَّهْر

.. تَبًّا لناعق بَين صَاح ينبئنا ... أبكى الدِّمَاء وأبكى الْجِنّ والبشر
أبكى الفحول مَعَ الْأَبْطَال أجمعها ... أبكى الْخُيُول كَذَا الأفيال فَاعْتبر
أبكى الْأسود مَعَ النمور مَعَ الظبا ... أبكى الديار وأعماها مَعَ الْبَصَر
أبكى الرّعية والفتوة والندا ... أبكى الْبَريَّة من ساه ومدكر
أبكى المواكب والأملاك قاطبة ... أبكى المراكب والأفلاك ذُو الدسر
أبكى الرمال كَذَا الأطلال نادبة ... أبكى القفار مَعَ الْأَنْهَار وَالْبَحْر
أما التُّجَّار فقد صَارُوا بأسرهم ... كالشاة تخشى شَرّ ذِي أشر
يَا ويحسرت مَا سرت لساكنها ... الله يحفظها من طَارق الْغَيْر
لبس السوَاد رعاياه وَلم يلموا ... لَكِن حكم القضا جَار بِلَا نكر
كَانَ شجاعته فِي كل معترك ... كَيَوْم ميران أسى من سنا الْقَمَر
وَكم خَصَائِص فِيهِ مَا لَهَا عدد ... ومكرمات بِلَا عدد لمستطر
لَو كَانَ يسمع أهل الرّوم كَيفَ جرى ... لجهزوا الْجَيْش اغارات فِي الْأَثر
لَكِن نصر إلهجل ناصرنا ... يَكْفِي وَيجْعَل من عَادَاهُ فِي عبر
تَارِيخ ميتَته سلخ لقعدتنا ... يَوْم الثُّلَاثَاء مسآء مِنْهُ فاذكر
أما السنون فَإِذا سَوف أرقمها ... بحمرة بِحِسَاب اجمل البهر
لَا غرو أَن الشَّهَادَة حازها رَجَب ... فَرد كفرد عَظِيم الْقدر فِي الشَّهْر
خُوطِبَ كأصل لَهُ مذ كَانَ فِي صغر ... خَان خداوند سَاد النَّاس فِي كبر
فأعجب لهذي الدنا لَا تحتشم أحدا ... قد أسست صفوها دأبا على كدر
فقللمغرور فِي دُنْيَاهُ كن يقظا ... لَهَا المصرع فِي غفلات محتذر
كَيفَ التحذر والأقدار سَابِقَة ... لَا بُد مِنْهَا على الْأَرْوَاح والصور
لَو كَانَ يفدى من الْأَمْوَات سيدنَا ... كُنَّا فديناه بالأسماك وَالْبَصَر
يارب ترحمه تغْفر لمعشره ... تجْعَل مآثره ابهى من الدُّرَر
وَأَرْض عَنهُ خصوماً أَنْت تعلمهمْ ... وَخَصه بعلا الجنات والسرر
وَعم أَهلا وأحباباً وكل فَتى ... يهوى لخير وبالخيرات مشتهر
وَخص أصلا ل أَيْضا قرَابَته ... الله يحفظهم بِالْعلمِ والسور
يارب وَارْحَمْ لميتهم فضلا وميتنا ... يارب واعمم بِخَير مِنْك وانتصر
يارب فاحرس الكوت ثمَّ ساكنه ... وأحفظ لحافظيه وصفيهم من الكدر
وأغفر لمنشئها حَقًا وسامعها ... وأرحم لراقمها فِي الطرس والسطر
يارب أحمي الْإِسْلَام وحوزته ... من الضلال وَأهل الْكفْر وَالْفَجْر
يارب وانصر لدينك وكل ناصره ... يارب وانعم بجبر كل منكسر
يارب يارب أَنْت الله مقتدر ... أَنْت الْغَنِيّ فاغني كل مفتقر
يارب وأستر بِفَضْلِك كل معترف ... بالهفو فِيمَا فَاه من عور أَو من عثر
من الفعال والأقوال أجمعها ... يارب يارب يَا ساترا على العثر
يارب يارب يَا رَحْمَن يَا صَمد ... أَغفر لمن قد مضى فِي غابر الدَّهْر
أَو أحفظ لمن قد بقى وابقية فِي رغد ... وجمل الْكل وأحمل كل ذِي الْعسر
ثمَّ الصَّلَاة على الْمُخْتَار صفوته ... خير الْبَريَّة من فهر وَمن مُضر
كَذَا السَّلَام عَلَيْهِ دَائِما أبدا ... صلى عَلَيْهِ آله الْخلق وَالْفطر
وَخص من بعده آلا وعثرته ... وَصَحبه وَالتَّابِعِينَ لَهُ فِي كل مفتخر
وَكَانَ اشيخ أَبُو السعادات الْمَذْكُور من المشمولين بعنايته والمنتظمين فِي سلك نعْمَته كَغَيْرِهِ من الْعلمَاء والصلحاء فَإِن سرت فِي أَيَّامه السعيدة كَانَت طافحة بالمشايخ والفضلاء ومشحونة بأكابر النَّاس من سَائِر الاجناس مَمْلُوءَة باعيان التُّجَّار والأكابر وشجعان الْجنُود والعساكر وَكَانَت عامرة أَشد الْعِمَارَة يجلب إِلَيْهَا سَائِر البضائع والنفائس للتِّجَارَة وَكَانَ يُسَافر مِنْهَا عدَّة من المراكب والسفن إِلَى سئر النواحي كمصر وَغَيرهَا من المدن وَكَانَت الرّعية فِي أعظم أَمَان وسرور دَائِم بِلَا أحزان وَالنَّاس فِي أرغد عَيْش وَأَنَّهُمْ بَال وَالْوَقْت فِي أطيب سناء واسترحال والقلوب مطمئنة والشرور مستكنة حَتَّى قَالَ بَعضهم سرت سرت الخواطر وقرت النواظريعني لِكَثْرَة مَا كَانَ بهَا فِي زَمَنه من الأفراح وَأَسْبَاب الإنشراح وَبَلغنِي انه كَانَ يَجْعَل لكل من يدْخل إِلَيْهَا من الغرباء مُرَتبا بِحَسب حَاله وَإِذا أَرَادَ الذّهاب كَذَلِك زوده من مَاله
وبالجمله فمحاسن هَذَا الرجل كَثِيرَة وأخباره مَعْرُوفَة فِي النَّاس شهيرة رَحمَه الله تَعَالَى وايانا آمين آمين
-النور السافر عن أخبار القرن العاشر-لمحي الدين عبد القادر بن شيخ بن عبد الله العيدروس.